الجزيرة:
2025-01-22@11:01:36 GMT

الصناعة الأهم.. صناعة الإنسان الفلسطيني المقاتل

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

الصناعة الأهم.. صناعة الإنسان الفلسطيني المقاتل

ما من شكّ أنّ الإنسان يقف متعجبًا ومفتخِرًا بهذه الصناعات العسكرية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية؛ رغم أنّها تعيش تحت الحصار منذ أكثر من 17 عامًا. وبالرغم من ضنك قلة الإمكانات وصعوبة الظروف الأمنية، أبدعت المقاومة وقامت بإنتاج أسلحة محلية أثبتت قدرتها على تكبيد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة من خلال الفتك بآلياته العسكرية، مواجِهةً أسلحته التي تعد خلاصة خطوط إنتاج عسكرية تكنولوجية متقدمة.

وفي الحقيقة يقف خلف فكرة الصناعة العسكرية المحلية عقلية تمتلك إرادة قوية جدًا، وتدرك في الوقت نفسه أهمية الاستقلالية، وامتلاك القدرة على الصناعة وتطويرها واستخدامها ومفاجأة العدو عبرها، وهذه العقلية هي اللبنة الأولى في بناء مشروع الصناعات العسكرية، وما من شكّ أنها أيضًا مرّت بعملية صناعة أخرى، وبخطوط إنتاج نوعية.

يعتبر مفهوم القوة مفهومًا جوهريًا في العلاقات والصراعات، ومع تقسيم القوة إلى قوة صلبة وقوة ناعمة، وحديثًا إلى قوة ذكية تجمع بين القوتَين: الصلبة والناعمة، فإننا نجد هنا أن عنصر الإرادة هو العامل المشترك بين كل أنواع القوة

كما أفادت المقاومة، عبر بياناتها، فإن جُلّ الصناعات التي قامت بها المقاومة- من صواريخ، ومضادات للدروع، وراجمات ومدافع، وقنابل بمختلف أنواعها، وبنادق القنص، وحتى الرصاص- هي من الصنع المحلي، ومع ذلك تقرّ المقاومة بأنّ هذه الصناعات لم تكن لتجدي نفعًا – أمام الترسانة الأميركيّة الهائلة التي تواجهها المقاومة في أيدي مرتزِقة الصهاينة في الميدان – لولا صناعة أخرى أهم أسماها الناطق باسم كتائب القسام "أبوعبيدة" صناعة الإنسان الفلسطيني المقاتل الذي لا تقف أي قوة في الأرض أمام إرادته وإصراره على مواجهة قاتلي أجداده وآبائه ومدنّسي مسراه ومحتلّي تراب وطنه.

وفي الوقت نفسه، يترافق مع بناء المقاتل الميدانيّ العسكري- الذي لديه الاستعداد والإيمان للبقاء في عقدته الدفاعية لأشهر ينتظر العدوّ- بناءُ إنسان فلسطيني لديه القدرة على الصمود، ولديه الوعي بأهمية المقاومة وقدسية المعركة من أجل المقدسات والأرض، والوعي بالمخططات الخبيثة والحرب النفسية التي توجه لتدميره معنويًا، ولديه الجاهزية للتضحية بأعز ما يملك في سبيل الأهداف العليا.

الإرادة والقوة الصلبة

إن الحديث هنا عن دور الإرادة في عملية الصمود، والحديث هنا ليس عن أمر عاطفي ومعنوي فحسب، بل إنّ الإرادة هي من مكوّنات القوة الشاملة، وعلى سبيل المثال فإن كارل فون كلاوزفيتز- وهو عالم عسكري ألماني قد تركت كتاباته حول الفلسفة والتكتيك والإستراتيجية أثرًا عميقًا في المجال العسكري في البلدان الغربية، وما زالت تدرّس أفكاره في العديد من الأكاديميات العسكرية – رأى أنّ الإرادة هي أحد المكوّنات الأساسية للقوة العسكرية.  بل إنّ كلاوزفيتز اقترح معادلة لحساب القوة العسكرية لدولة ما بأنها حاصل ضرب الإرادة والإمكانات.
ورأى أنّ الإرادة هي الرغبة في القتال والنصر، بينما الإمكانات هي الموارد المادية والبشرية المتاحة للدولة. وعند هذه النقطة يمكننا القول بلا أدنى شك؛ إن إرادة التحرر والانتصار لدى المقاومة والشعب الفلسطيني أكبر بكثير من تلك الموجودة لدى جيش الاحتلال.

أما جوزيف فرانكفورت- وهو عالم أميركي- فرأى أن القوة هي حاصل ضرب الإرادة والموارد والشرعية. وعرف الشرعية بأنها الاعتراف بسلطة الدولة من قِبل الشعب. وهنا أيضًا تجد الإرادة موضعها المتقدم بجانب الموارد والشرعية، ويمكننا القول في الحالة الفلسطينية أيضًا؛ إن معامل الإرادة هنا يعمل كرافعة لحاصل مجموع القوة، بحيث يغطي جزءًا من العجز عند المقارنة بين الإمكانات المادية.

القوة الناعمة للمقاومة

يعتبر مفهوم القوة مفهومًا جوهريًا في العلاقات والصراعات، ومع تقسيم القوة إلى قوة صلبة وقوة ناعمة، وحديثًا إلى قوة ذكية تجمع بين القوتَين: الصلبة والناعمة، فإننا نجد هنا أن عنصر الإرادة هو العامل المشترك بين كل أنواع القوة.

ولهذا عندما ننظر إلى معادلة العالم السياسي الأميركي كينيث ويلز لحساب القوة الناعمة للدولة، فإنه يتجاهل الإمكانات المادية تمامًا، ويرى أنها حاصل ضرب الإرادة والجاذبية. ويعتبر الإرادة أنها الرغبة في تحقيق الأهداف السياسية، والجاذبية هي القدرة على جذب الآخرين لهذه الأهداف.

وفي سياق الحديث عن القوة الناعمة هنا للمقاومة الفلسطينية، فإننا نقول بكل وضوح؛ إنها تجاوزت الجغرافيا الفلسطينية لتصل إلى كامل الجغرافيا العالمية، وربما لم تحصل حركة تحرر خلال الأربعة عقود الماضية على مثل هذا التضامن والرغبة في الدعم، كما أنها حققت حالة من الجاذبية من خلال أدائها العسكري والإعلامي والأخلاقي وصلابتها وتكتيكاتها.

كما أنّ الشخصية الأبرز للمقاومة الفلسطينية حاليًا والأكثر جذبًا هي شخصية الناطق العسكري "أبوعبيدة" والذي ما فتئ يشحن بطاريات الإرادة للشعب في حديثه، ويشير إلى صمود الشعب وتضحياته الأسطورية كمصدر طاقة متجدد لأداء المقاومة في الميدان. وقد أصبح "أبوعبيدة" رمزًا عالميًا يتطلع إليه الجيل الصاعد في كل أنحاء المعمورة، ويتشوقون لكل خطاب جديد منه، وهو ما يسمى في أدبيات القوة الناعمة بكسب العقول والقلوب.

وفي هذا السياق، نستحضر نظرية العالم جوزيف ناي الذي أشار لقدرة القوة الناعمة على تحقيق الأهداف من خلال الجاذبية والتأثير، ولعل القيم والأخلاق والثقافة التي رآها الناس في تعامل المقاومة مع الأسرى -على سبيل المثال- ساهمت في كسب المقاومة للعقول والقلوب على مستوى عالمي.

الإنسان الفلسطيني والقوة الشاملة

ولكن بكل الأحوال فإن النموذج العام لحساب القوة الشاملة، هو حاصل ضرب الإرادة والإمكانات، وعوامل أخرى، مثل: الثقافة والقيادة والإستراتيجية والشرعية والجاذبية، وعليه فإن الإرادة هنا تكون قيمتها واحدًا أو صفرًا، وبالتالي ليس من المستغرب أن تنتصر فئة قليلة على فئة كثيرة العدد والعتاد والإمكانات.

إن صناعة الإنسان الفلسطيني المقاتل- سواء على المستوى العسكري، أو على المستوى المدني- هي صناعة يفتخَر بها، فذلك الإعلامي الفلسطيني الذي يقاتل في مجاله وتغطيته- رغم كل هذه الأهوال- هو صناعة فريدة ويمكن الحديث- على سبيل المثال- عن مراسل الجزيرة وائل الدحدوح، وإصراره على المواصلة برغم كل شيء. ويمكن الحديث عن الطبيب الفلسطيني منير البرش وزملائه من العاملين في القطاع الصحي والإغاثي، ويمكن الحديث عن الأم الفلسطينية، والطفل الفلسطيني، فهذه هي الصناعة الأهم.

أمام هذا العطاء والصمود والعظمة والإيمان بعدالة القضية، لن تفعل التكنولوجيا التي يمتلكها الاحتلال شيئًا في تغيير مسار هذا الشعب نحو التحرير، ولو تم ضرب مصانع الصواريخ والقذائف، فإن مصانع إنتاج الفلسطيني المقاوم لا يمكن ضربُها.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإنسان الفلسطینی القوة الناعمة مفهوم ا إلى قوة

إقرأ أيضاً:

"قمة العرب الطيران 2025" ترسم تحول الصناعة في ظل رؤية "السعودية 2030"

الرياض- فايزة الكلبانية 

أعلنت قمة العرب للطيران (AAS)، الحدث الرائد في صناعة الطيران والسياحة بالمنطقة، عن انعقاد نسختها الثانية عشرة يومي 17 و18 فبراير 2025 في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، تحت شعار " اتحاد القادة يبني مستقبل الطيران العالمي “، وذلك برعاية معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج، في خطوة تعزز التعاون والابتكار في قطاع الطيران والنقل الجوي ، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
وتُعد القمة منصة استراتيجية تجمع قادة صناعة الطيران من كبار المسؤولين الحكوميين، وقادة القطاع الخاص، ورواد الأعمال والمبتكرين؛ لتبادل الأفكار وبناء شراكات استراتيجية. ويعكس انعقادها في مدينة الرياض الدور الذي تؤديه المملكة في دعم التكامل الاقتصادي وتطوير البنية التحتية لقطاع الطيران إقليميًا ودوليًا، مما يرسخ مكانتها كمركز عالمي للنقل الجوي والابتكار. كما تحظى "قمة العرب للطيران" بدعم ومشاركة المنظمات دولية مثل الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) والاتحاد العربي للنقل الجوي(AACO)، إضافة إلى شركات التصنيع والتقنيات المتقدمة مثل "إيرباص"، و"CFM International"، و"كولينز إيروسبيس"، وبجانب شركات الاستثمار والخدمات الجوية مثل "AVILEASE"، و"THC"، وبرامج حكومية داعمة كـبرنامج الربط الجوي السعودي.
وفي هذا الإطار، صرّح غابرييل سيميلس رئيس شركة "إيرباص" لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط، قائلًا: "تعكس مشاركتنا وتعاوننا مع قمة العرب للطيران التزام إيرباص بدعم مستقبل صناعة الطيران في المملكة والمنطقة، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. ونواصل التعاون مع شركائنا في القطاع؛ لبناء مستقبل أكثر استدامة، ودعم النمو المستدام طويل المدى للمنطقة".
ومن جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي السعودي، ماجد خان، قائلًا: "تُعد قمة العرب للطيران 2025 منصة استراتيجية لتعزيز النقل الجوي العالمي للمملكة، من خلال تعاون القطاعين العام والخاص، لإطلاق فرص جديدة تدعم السياحة وتعزز النمو الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، وترسيخًا لموقع المملكة كمركز عالمي للطيران واللوجستيات".
وستُسهم القمة من خلال شركائها في تقديم أحدث الابتكارات في صناعة الطيران، وتشغيل المطارات، ,والتمويل، وتعزيز تجربة العملاء، وتطوير حلول النقل الجوي المتقدم، مع التركيز على أحدث الحلول المبتكرة لتعزيز الاستدامة البيئية في عبر أنظمة الطيران الذكية وتطوير الوقود النظيف؛ إلى جانب استعراض جهود الشركات العالمية في تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة ، بما يعكس أهمية المؤتمر ودوره الريادي في دفع الابتكار. كما ستتضمن القمة جلسات حوارية وورش عمل متخصصة تناقش التحول الرقمي، والابتكار، وتطوير البنية التحتية للطيران.
وتأتي استضافة الرياض لقمة العرب للطيران 2025 ضمن إطار التزام المملكة العربية السعودية بتطوير قطاع الطيران وتعزيز دورها كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي، مما يسهم في دعم أهداف النمو الاقتصادي وتنمية الكفاءات الوطنية في القطاع. وتواصل المملكة، من خلال استضافة هذا الحدث المرموق في قطاع لطيران، ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار والاستدامة في صناعة الطيران.
يُشار إلى أن قمة العرب للطيران، مبادرة تهدف إلى تطوير قطاعي الطيران والسياحة في العالم العربي عبر تعزيز الحوار البنّاء والتعاون بين القطاعين العام والخاص. وتُعرف القمة بأنها "صوت القطاع"؛ إذ تجمع نخبة المدراء التنفيذيين وصنّاع القرار في مجالات الطيران والسياحة والإعلام لمناقشة التحديات واستكشاف الفرص. وتسعى القمة سنويًا في رفع الوعي والمساهمة في تسليط الضوء على التجربة الناجحة للنمو الاقتصادي في الدولة المستضيفة.
 

مقالات مشابهة

  • «التصديري للأثاث وغرفة الأخشاب» ينظمان ورشة عمل لتعزيز جودة الصناعة
  • التصديري للأثاث وغرفة الأخشاب ينظمان ورشة عمل لتعزيز جودة الصناعة
  • «التصديري للأثاث» و«غرفة الأخشاب» ينظمان ورشة عمل لتعزيز جودة الصناعة
  • وزير الإسكان يبحث مع شركات فرنسية نقل خبرات صناعة مولدات الكهرباء
  • «النشامى» و«حماس» في القارب نفسه
  • صناعة الشيوخ توافق على اقتراح بإحلال وتطوير شركة النصر للمسبوكات
  • حزب الله يبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل القوى التي ساندت غزة الانتصار الكبير
  • قمة العرب للطيران 2025 تناقش تحول الصناعة في ظل رؤية السعودية 2030
  • "قمة العرب الطيران 2025" ترسم تحول الصناعة في ظل رؤية "السعودية 2030"
  • أكاديمي تونسي: اليمن سيحتل مكانة استراتيجية في المنطقة