عامان على حرب أوكرانيا.. كيف تغيرت حياة مسلمي خاركيف؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
خاركيف- مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2021، أغلقت جميع المساجد أبوابها في خاركيف شرقي البلاد بعدما نزح معظم المسلمين كغيرهم من السكان، لا سيما وأن القتال وصل سريعا إلى داخل المدينة.
وبعد سيطرة روسيا على المدينة في سبتمبر/أيلول 2022، عاد بعض المسلمين، وعاد شيء من الحياة إلى مساجدهم، لكنها حياة تختلف جذريا عما كان عليه الحال قبل الحرب.
وتتجلى هذه الحالة في قلة ملحوظة في أعداد المسلمين، فصلاة الجمعة بالكاد تجمع 150 شخصا في مسجد المركز الثقافي الإسلامي، في حين كان العدد يصل 800 مصل قبل الحرب، وانعكس ذلك أيضا على مساجد أخرى ومصليات صغيرة في أسواق وأماكن متفرقة، أغلقت أبوابها أمام رواد غائبين.
يقول رئيس مجلس مسلمي أوكرانيا سيران عريفوف للجزيرة نت "لا توجد إحصائية دقيقة لعدد مسلمي خاركيف، فهم نحو 50 ألفًا بحسب إدارة المدينة، لكن الأعداد الحقيقية قد تكون أكثر من ذلك بكثير، فالمدينة ضمت عشرات آلاف المقيمين المؤقتين من طلاب وتجار وعمال من دول مسلمة".
ويتابع "الأعداد اليوم تقدر بالمئات، وربما بآلاف قليلة فقط، لأن المدينة نالت نصيبا أكبر من القصف وتداعيات الحرب، مما دفع كثيرا من المسلمين إلى النزوح أو اللجوء دون عودة".
المساجد في خاركيف تشهد حالة غياب للأطفال وخاصة في صلاة الجمعة (الجزيرة) نشاط متواضعوأمام هذا الواقع، تبدو المساجد عاجزة عن العودة إلى طبيعة نشاطها السابق في مجالات ثقافية وتعليمية ودعوية، ليقتصر عملها على الصلوات المفروضة، في وقت تشهد فيه صلاة الجمعة غياب الأطفال والنساء إلا قليلا منهم.
مع ذلك لا تغفل خطب المساجد الإشارة إلى الحرب وتداعياتها، كما يستعرض المسلمون في أحاديثهم المستجدات والتوقعات بعد كل صلاة، وسط مخاوف وهواجس لا ينكرها أحد.
أما مدارس تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية الخاصة بغير المسلمين -والتي عرفت بنشاط مسلميها- فقد توقفت، كما توقف أي نشاط ترفيهي أو رياضي. وبالنسبة للشوارع المحيطة فلم تعد تشهد أي ازدحام ولا أسواق شعبية لبيع المأكولات والحلويات واللحوم الحلال كما جرت العادة.
يقول إمام المركز الثقافي الإسلامي رستام حسن الدينوف للجزيرة نت "لم تبق في المدينة أعداد تذكر من الأسر التي تضم أطفالا. الآباء يخافون على أبنائهم، والحرب أغلقت كثيرًا من المساجد، وأُغلقت المدرسة الخاصة بأبناء العرب والمسلمين في مدينة خاركيف".
الإمام رستام حسن الدينوف: معظم الأسر غادرت والمدارس الخاصة بالمسلمين أغلقت (الجزيرة) أشبه بيوم القيامةتروي نتاليا -وهي مسلمة أوكرانية- قصة بقائها في المدينة، وتقول للجزيرة نت "لم أستطع الخروج من المدينة عندما بدأت الحرب، فأمي مقعدة يصعب حملها، وباءت جميع محاولات طلب المساعدة بالفشل، فاضطررت للبقاء".
وتتابع "أحسست حينها بأنانية الناس، واشتد هذا الإحساس مع أصوات الانفجارات، لكني أعذر الجميع اليوم، فبداية الحرب كانت أشبه بيوم القيامة فعلا، حيث يفكر كل شخص في نفسه والأقربين".
وترى نتاليا أن الوضع اليوم أفضل بكثير مما كان، "نعم نحن الآن 3 أو 6 مسلمات يجتمعن بدلا من 30 أو 50، ولكني أشعر أن الروح عادت إلى المكان، والأمور ستكون أفضل إن شاء الله".
نتاليا: بداية الحرب كانت أشبه بيوم القيامة وكان الكل يفكر في إنقاذ نفسه والأقربين (الجزيرة) عمل تطوعي مزدهرفي خاركيف، ينشط كثير من المسلمين في الجيش ومجالات العمل التطوعي المختلفة، واللافت أن بعضهم دخل هذه المجالات من باب إنساني بحت.
نتاليا تعمل أسبوعيا مع عدد من مسلمات المدينة على حياكة شبكات لتمويه الآليات والمواقع العسكرية، وإعداد شموع ومواقد للجنود من مواد بدائية تستخدم على نطاق واسع لنشر الدفء وطهو الطعام في الخنادق والخيام، على حد قولها.
ويشتهر في مجتمع خاركيف وجيشها "بوبوي شيخ" (هكذا اسمه)، وهو متطوع في جيش أوكرانيا من أصول طاجيكية، يطبخ يوميا 140 كلغ من الأرز لإعداد طعام "بيلاف" الشعبي للجنود والمحتاجين في أكثر أحياء المدينة تضررا.
يقول شيخ للجزيرة نت "دخلت في بداية الحرب إلى قبو يضم مدنيين، فذكّرني حالهم بمشاهد مأساوية رأيتها في طاجيكستان منذ عشرات السنين. عندها قررت البقاء وخدمة هؤلاء، ثم التحقت بالجيش رسميا".
بوبوي شيخ يطبخ 140 كلغ من الأرز للجنود والمحتاجين يوميا (الجزيرة)ويمكن تقسيم مسلمي خاركيف اليوم إلى 3 فئات: عائدون قليلون بعد النزوح واللجوء، وباقون لم يغادروا لأسباب مختلفة، ومتطوعون رفضوا الخروج رغم أنه سهل ومتاح لهم.
أنور تاجر تركي عاد إلى خاركيف قبل أشهر لمتابعة الإشراف على مطعم يملكه في المدينة. يقول للجزيرة نت "عدت وتركت أسرتي مؤقتا في مدينة إيفانوفرانكيفسك (غربي أوكرانيا)، حيث يوجد عدد لا بأس به من المسلمين. الوضع ليس آمنا بعد في خاركيف، ولكني مضطر للتردد عليها والاطمئنان على بيتي والعمل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت فی خارکیف
إقرأ أيضاً:
مناهضة لدعم أوكرانيا.. من هي تولسي جابارد مرشحة ترامب لقيادة الاستخبارات الوطنية؟
أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، ترشيح النائبة الديمقراطية السابقة تولسي جابارد "مديرة للاستخبارات الوطنية"، مشيدًا بخبرتها كمحاربة قديمة، و"دعمها الواسع من كلا الحزبين"، حتى مع انتقاد جابارد للديمقراطيين منذ تركها للحزب وظهورها كشخصية مثيرة للجدل في مسائل السياسة الخارجية.
وتركت جابارد الحزب الديمقراطي في عام 2022 لتصبح مستقلة، وقالت في ذلك الوقت إن الديمقراطيين "عصابة نخبوية من دعاة الحرب"، قبل الانضمام إلى الحزب الجمهوري في أكتوبر الماضي.
وقال ترامب في بيانه، إن جابارد "على مدى أكثر من عقدين، ناضلت من أجل وطننا، ومن أجل حريات جميع الأمريكيين".
واعتبر ترامب أنها "تحظى بدعم واسع من كلا الحزبين" مشيراً إلى ماضيها في الحزب الديمقراطي. وقال إنها الآن "جمهورية بفخر"، مضيفًا: "أعلم أن تولسي ستجلب الروح الشجاعة التي ميزت مسيرتها المهنية اللامعة إلى مجتمع الاستخبارات لدينا، وستدافع عن حقوقنا الدستورية، وستحقق السلام من خلال القوة".
بعد اختياره للمنصب.. أول تصريح لـ وزير الخارجية في إدارة ترامب بعد فوز ترامب | مسئول امريكي: حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة..ماذا يحدث؟وتعتبر تولسي جابارد من أبرز منتقدي السياسة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك المساعدات لأوكرانيا.
وبعد وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا، قالت إن الحرب كان من الممكن تجنبها لو ضمن الرئيس جو بايدن وغيره من القادة عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وفي وقت لاحق، تسببت جابارد في ضجة بعدما رجّحت أن أوكرانيا تستضيف مختبرات للأسلحة البيولوجية بتمويل من الولايات المتحدة، وفق مجلة "بوليتيكو".
وقالت جابارد لاحقاً إن تصريحاتها "أسيء فهمها"، مشيرة إلى أنها كانت تعبر عن قلقها بشأن وجود مختبرات بيولوجية تتعامل مع مسببات الأمراض الخطيرة في منطقة حرب.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن اختيار جابارد مديرة للمخابرات الوطنية يشير إلى نية ترامب إعطاء أدوار السياسة الخارجية لـ"المتشككين بشدة في فعالية التدخل العسكري الأمريكي في الخارج".
وتعرضت جابارد في عام 2017، لانتقادات بعد زيارتها لسوريا ولقاءها بالرئيس بشار الأسد، وقالت في ذلك الوقت إنها فعلت ذلك "لأنني شعرت أنه من المهم إذا كنا حقاً نهتم بالشعب السوري ومعاناته، أن نكون قادرين على مقابلة أي شخص نحتاج إليه إذا كان هناك احتمال لتحقيق السلام".
وبعد عامين، وخلال ترشحها للرئاسة، رفضت غابارد وصف الأسد بأنه "مجرم حرب"، وقالت إنه "ليس عدواً للولايات المتحدة، لأن سوريا لا تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة".
ولم تعط جابارد إجابة مباشرة، خلال حملة ترشحها، عندما سُئلت عما إذا كانت ستثق في مجتمع الاستخبارات الأمريكي إذا انتُخبت، قائلة: "لدينا، في ماضينا القريب، موقف حيث كذبت حكومتنا على الشعب الأميركي، وعلى الأمم المتحدة في هذا الشأن، لشن حرب"، في إشارة إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.