ماذا لو كان اقتحام تلفزيون الإكوادور مفبركًا؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
عندما انتشرَ مقطع فيديو لاقتحام مسلّحين أستوديو بثّ مباشر في تلفزيون رسمي في الإكوادور منذ أسبوعَين – وأشهروا أسلحتَهم أمام كاميرات التصوير في نشرة الثانية ظهرًا – وقف الإكوادوريّون على حقيقة انهيار الدّولة، وعاشت البلاد حالةً من الصدمة والجزع، دفعت أهلها إلى مغادرة أماكن الدراسة والعمل، والتوجه نحو منازلِهم؛ احتماءً بها.
ورغم أنّ تلك الحادثةَ غير المسبوقة، تعكس حالة تمرّد ممنهجة من قبل العصابات، فإنَّ البعض أصبح يشكّك في إقدام المسلّحين على فعلِها وحدَهم، ويرى أنّها إما مفبركة أو مقصودة لنشر الرّعب بين المواطنين، وتمرير أجندة سياسيّة معيّنة، لا سيما بعد حدوث مستجدّات على صلة بالحادثة، مثيرة للتساؤل.
الضرب بيد من حديدفي البداية، وحين شككت بعض الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، في مصداقية ما حصل في التلفزيون؛ انطلاقًا من مقطع فيديو قصير غير الذي تم تداولُه، من داخل الأستوديو، قُوبلت هذه القراءة بوابل من الشتائم، والاتّهام بالسعي لتأليب الرأي ضد الحكومة في لحظة حسّاسة.
وهو ما أدّى إلى تراجع أصوات التّشكيك، أمام ارتفاع موجة مناشدة الحكومة لنشر الجيش في الشوارع والضرب بيد من حديد على كل مشتبه به، للقضاء على حالة الخوف التي استبدّت بالجميع.
ويتمثل مقطع الفيديو الذي نشره المشكّكون في تحدث المسلحين في الأستوديو مع بعض الإعلاميين بـ "هدوء" مُريب، وهم يقسمون أدوار إخراج المشهد على المباشر، بشكل يوضح كيفية تركيع المسلحين للموظفين، الذين بدوا لساعات، منهم من يبكي ومنهم من يرتعد؛ خوفًا من انطلاق أي رصاصة صوبه.
وكانت النقطة التي أثارت استغراب المشككين، هي الراحة التي بدت على وجوه بعض الإعلاميين، وهم يعلّمون المسلحين كيفية التعامل مع الكاميرا. إضافة إلى التساؤل عن كيفية اقتحام حوالي 30 مسلحًا مبنى تلفزيون حكومي، يقع في محيط محميّ بثلاثة معابر تفتيش، وعلى بعد 500 متر من مركز أمن، لاسيما أن الإكوادور تعيش حالة استنفار أمني منذ هروب "فيتو" أخطر سجين، قبل الحادثة بيومَين.
نزاع مسلحبعد يوم من الحادثة، خرج رئيس البلاد ليعلن دخول البلاد في مرحلة "نزاع مسلح مع العصابات، وتصنيف عناصرها في خانة الإرهابيين"، وأصدر مرسومًا يمنح قوات الشرطة والجيش عدم الملاحقة القضائية في حال ارتكابهم أفعالًا جنائية ضد "الإرهابيين"، حسب وصف الرئيس.
وبالتوازي مع ذلك، رحّبت الحكومة باستعدادات الدول الصديقة لتقديم الدعم اللوجيستي والعسكري للإكوادور، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، والمملكة والمتحدة.
وفي السياق نفسه، قدّمت الحكومة الأسبوع الماضي، مقترحًا للبرلمان، يتعلق بإصلاحات اقتصادية، من أهمها رفع نسبة القيمة المضافة من 12% إلى 15%، بشكل دائم؛ من أجل توفير إيرادات للميزانية لتغطية كلفة "الحرب على الإرهاب"، ويبدو أنّ المقترح لن يحصل على أغلبية أصوات البرلمان.
لكن الحكومة مستمرة في إقناع الأحزاب، ووصل الأمر بالمتحدث باسم الرئاسة إلى التصريح بالتالي: "أقولها بكل ألم، نحن في مرحلة يبلغ فيها الوعي في الشارع الإكوادوري، مستوى أعلى من الوعي في البرلمان! الشعب يعلم ضرورة رفع القيمة المضافة ومستعد للتضحية، وبعض الأحزاب تعارض ذلك".
ورغم أن المعارضة اشترطت على الحكومة، مقابل موافقتها، اعتمادَ رفع النسبة لمرحلة مؤقتة فقط، وطالبتها بالشفافية في الكشف عن إدارة هذه الإيرادات التي ستبلغ قرابة مليار و300 مليون دولار خلال السنة الجارية، فإنَّ الحكومة رفضت.
حضور أميركيومع وصول وفد أميركي من كبار المسؤولين إلى الإكوادور هذا الأسبوع – يتقدمهم السفير الأميركي للاجتماع بالرئيس دانييل نوبوا ووزراء الدفاع والداخلية والاقتصاد، لبحث تفاصيل التنسيق العسكري الأميركي الإكوادوري – استعادت رواية "التشكيك" في مصداقية حادثة اقتحام التلفزيون، عافيتَها، وعادت بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى طرح الموضوع.
ونبّه البعض إلى أنّ تصريح الرئيس في الأسبوع الأخير، بأن إنشاء برامج عسكرية بتنسيق دولي أمر ممكن، يمثل عنوانًا واضحًا لتحضير الرأي العام لاستيعاب فكرة فتح الباب للدعم الأميركي في المقام الأول.
يُضاف إلى ذلك، أن وزارة الدفاع أكدت أنها ستسمح للبعثات العسكرية الأميركية بمزاولة مهامها، في مساحات على ملك الوزارة، من باب "الاستئجار"، وليس التملُّك، وهو ما يُذكّر بالمشهد الكولومبي، الذي تستقرُّ فيه سبع قواعد عسكرية أميركية منذ سنة 2000، "لكنها لاترفع العلم الأميركي"، كما كان يبرر اليمين ذلك.
عقيدة الصدمةعلى صعيد آخر، ومنذ إعلان الرئيس الحرب على العصابات، دأبت قوات الشرطة والجيش على إغراق شبكات نشرات الأخبار بمقاطع فيديو توثق إلقاءها القبض على عناصر بعض العصابات، والتنكيل بهم أمام الكاميرات ومصادرة أسلحة هنا وهناك، والكشف عن مخازن للمخدِّرات، وأخبار متفرقة تشفي غليل العامة من الشعب.
لكن فئة صغيرة من الرأي العام كانت تشكك في نجاعة الأداء الأمني، وتنبّه إلى أن تلك الحملات شعبوية محضة، وأن السلطات لو كانت قادرة فعلًا على دحر العصابات، لقبضت على "فيتو" الهارب" وحوالي 50 سجينًا آخرين هربوا بعده، ولتوجّهت إلى مصادرة المخدِّرات التي تُهرّب في شحنات الموز والسمك من الموانئ. لكن لا صوت يعلو فوق صوت "إلى الأمام سيدي الرئيس في حربك على الإرهابيين".
عودة إلى المشككين في مصداقية الهجوم، أو فبركته أو تسهيل طريق المسلحين قصدًا، لحدوثه، يرى هؤلاء، أن كل ما يحدث يدخل في إطار "عقيدة الصدمة"، استنادًا إلى الكتاب الشهير؛ "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث" للمؤلفة الكندية ناعومي كلاين، والصادر سنة 2009.
رأسمالية الكوارثومن بين الأفكار التي يطرحها الكتاب، كيف يقوم مذهب رأسمالية الكوارث على استغلال كارثة ما، سواء كانت انقلابًا، أو هجومًا إرهابيًا، أو انهيارًا للسوق، أو حربًا، أو زلزالًا، من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية ترفضها الشعوب في الحالة الطبيعية، وفي حال وجود غازٍ أو عصابات داخلية مثلًا، يلتحم الشعب مع إرادة الحاكم الموجود، ويغفر له كل سياساته؛ من أجل مواجهة هذا العدوّ، وهو ما يحدث حاليًا في الإكوادور، حسب هؤلاء المشككين!
ما يثير الاستغراب، أنه وفي غمرة اليقظة الأمنية، وفي ظل حالة الطوارئ، شهدت الإكوادور جريمة تصفية من الحجم الثقيل، راح ضحيتها المدعي العام المكلف بالتحقيق في حادثة اقتحام التلفزيون، الأسبوع الماضي، بعد تعرضه إلى 20 طلقة نارية في وضح النهار، وعلى بعد 100 متر من مركز أمن.
حادثة دفعت وزير داخلية سابق إلى نشر تغريدة، قال فيها: في هذا البلد، إما أن تخرسَ، أو يُخرسوك، أو يقتلوك!
تطورات مثيرة، تمنح نظرية المشككين في عفوية ما حدث، الحقّ في طرح قراءتهم، بكل ثقة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وزارة الإعلام تحتفي بمرور 50 عامًا على بدء بث تلفزيون سلطنة عُمان
العُمانية: تحتفي وزارة الإعلام ممثلةً بتلفزيون سلطنة عُمان غدًا بمرور 50 عامًا على بدء بث تلفزيون سلطنة عُمان والذي صادف السابع عشر من نوفمبر عام 1974 م، ويُشكل محطة تاريخية مُهمة في مسيرة الإعلام العُماني ويعكس الاهتمام الذي توليه سلطنة عُمان لهذا القطاع منذ بدايات النهضة المباركة.
وقد تمكّن تلفزيون سلطنة عُمان على مدار خمسين عامًا من القيام بدور محوري في المشهد الإعلامي المحلي والعربي، ونجح في ترسيخ دوره كمؤسسة إعلامية وطنية بفضل توجهاته الاستراتيجية في تطوير المحتوى والتقنيات وتعزيز دوره كمنبر إعلامي يعكس رؤية سلطنة عُمان نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتطورًا.
وبدأ تلفزيون سلطنة عُمان مسيرته بعد أربع سنوات من انطلاق النهضة العُمانية بقيادة المغفور له السُّلطان قابوس بن سعيد /طيّب الله ثراه/ ليصبح نافذة إعلامية تنقل صوت عُمان ورؤيتها إلى العالم، وتعكس الهوية الثقافية والاجتماعية والسياسية وتعزز التواصل مع أبناء الوطن وتدعم مشاركتهم في البناء والتطوير، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، شهد تلفزيون سلطنة عُمان تحولات كبيرة في المحتوى والتقنيات، ومرّ بمراحل تطور مختلفة، ليواكب التغيرات التكنولوجية، وليؤدي أدوارًا رئيسة في نقل الأحداث وتعزيز الوعي الوطني.
وقد بدأت أولى خطوات تلفزيون سلطنة عُمان ببثٍّ محدود في مسقط وبعض المناطق المجاورة باستخدام أجهزة بسيطة قدم من خلالها التلفزيون نشرات الأخبار المحلية، وخطابات السُّلطان، وبرامج تثقيفية للتعريف بالمفاهيم الحديثة للنهضة العُمانية، وعلى مدار السنوات الخمسين الماضية مرّ بمحطات رئيسة أعقبت مرحلة التأسيس وهي مرحلة التوسع التي امتدت لعشر سنوات منذ العام 1980م حيث شهدت توسيع شبكة البث لتغطي أغلب محافظات سلطنة عُمان، كما تم تطوير المحتوى لتقديم برامج تثقيفية وترفيهية، وتطوير البنية الأساسية لشبكة الإرسال.
وفي عام 1990م بدأت مرحلة التحول الرقمي باستخدام تقنيات البث الرقمي لتعزيز جودة الصورة والصوت، مع دخول العالم عصر العولمة، حيث عمل تلفزيون سلطنة عُمان على تحسين نوعية الإنتاج، من خلال إطلاق برامج حوارية تغطي القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وواصل تلفزيون سلطنة عُمان مسيرة تطوره من خلال مرحلة البث الفضائي؛ ما مكّنه من وصول القنوات إلى جميع أنحاء العالم، فيما تم إطلاق قنوات متخصصة مثل عُمان الثقافية، وعُمان مباشر، الأمر الذي أتاح تنوع المحتوى ليشمل الأخبار، والثقافة، والرياضة، والتغطيات المباشرة للأحداث الرسمية؛ حيث تجاوز عدد ساعات البث أكثر من 100 ألف ساعة بث سنويًّا تشمل مختلف أنواع البرامج.
ومنذ تأسيس تلفزيون سلطنة عُمان كان له الدور وما يزال في تعزيز الهوية الوطنية عبر بث البرامج التي تُعنى بتراث عُمان وتاريخها العريق، وأدى مهمّته في نقل الأحداث الوطنية الكبرى والخطابات السامية التي عززت روح الانتماء الوطني، وربط مختلف محافظات سلطنة عُمان ببعضها، كما أسهم في نشر الوعي المجتمعي من خلال برامجه التوعوية، ودعم الإنتاج الفني المحلي من خلال الدراما العُمانية وبرامج الترفيه، ونشر الثقافة والتراث العُماني عبر برامج وثائقية وتغطيات المهرجانات التراثية إلى جانب حضوره الرقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما ساعد على الوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور.
وقد أكد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام في مقابلة مع إذاعة الشباب على أن تلفزيون سلطنة عُمان واكب كل مراحل التطور في المسيرة الطويلة لتطور الإعلام العُماني وقام بأدوار جليلة في تثقيف وتنوير الإنسان العُماني ونشر الوعي، وفي تطوير الفن والترفيه وبث الفعاليات في مختلف المجالات وإنشاء قنوات متخصصة مثل القناة الرياضية والقناة الثقافية وانتهاءً بتطوير المنصات الإلكترونية.
وقال سعيد بن تمان العمري المكلف بأعمال مدير عام تلفزيون سلطنة عُمان: إن تلفزيون سلطنة عُمان حرص طوال مسيرته على إعلاء قيم ومبادئ نهضة عُمان، وأسهم في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم النبيلة، وإبراز النجاحات والإنجازات التي تفخر بها عُمان، مبينًا أنه مع تطور الإعلام وتنوع أدواته ظل تلفزيون سلطنة عُمان حصنًا ومساهمًا يُعتمد عليه لمواجهة الشائعات والتضليل، فهو "صوت الحق والحقيقة والمنطق".
وأضاف أنه على مدى العقود الماضية، لم يكن تلفزيون سلطنة عُمان مجرد قناة تنقل الأخبار، بل كان نافذة على ثقافات متنوعة، وساحة تحتضن المُبدعين والفنانين، لنقل رسائلهم ورؤاهم إلى جمهور واسع، وجسرًا يوصل عبق الحضارة ويعزز التفاهم بين الأمم ومرآة تعكس التنمية في سلطنة عُمان؛ حيث قام بدور مهم في توثيق مختلف الإنجازات التي حققتها البلاد في مختلف المجالات.
وبيّن أن إطلاق قنوات متخصصة في الجانبين الثقافي والرياضي يعد تأكيدًا على تطور تلفزيون سلطنة عُمان، حيث إن الرياضة تجمع القلوب وتعزز الروح الجماعية، فقد كان للتلفزيون دور في تغطية البطولات المحلية والدولية، ورفع العلم الوطني عاليًا في المحافل الرياضية، بالإضافة إلى الحضور وتغطية مختلف الفعاليات الثقافية التي تستهدف المُبدعين والأدباء والمفكرين.
وقال المهندس سعيد بن سالم الشريقي مدير عام الهندسة بوزارة الإعلام: "إن التجهيزات الفنية لاستوديوهات أنظمة بث الإذاعة والتلفزيون في تطور مستمر ومتسارع، ووزارة الإعلام مواكبة لهذه التطورات، وكانت هناك محطات مختلفة للتطور التقني والهندسي لتلفزيون سلطنة عُمان؛ فقد بدأ تلفزيون سلطنة عُمان في عام ١٩٧٤م بتجهيزات ملوّنة مغايرًا لتلفزيونات المنطقة آنذاك التي كانت تبث بالأبيض والأسود، وكان في مبنى يحتوي على أربعة استوديوهات وبمحطات إرسال أرضي في المدن الرئيسية، وباستخدام كاميرات سينمائية وأجهزة تشغيل سينمائية، وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي بدأت أجهزة الفيديو (2 بوصة) وتطورت إلى (1 بوصة) ثم إلى أجهزة البيتكام بأشرطة نصف بوصة، وفي عام 2000م بدأ البث عن طريق الأقمار الاصطناعية التي تغطي كافة المنطقة العربية عن طريق أقمار العرب سات، بعدها وقّعت الوزارة اتفاقية أخرى مع العرب سات لإيصال بث القناة العامة لإذاعة وتلفزيون سلطنة عُمان إلى مختلف قارات العالم".
وأوضح أن أبرز المحطات في تطور تلفزيون سلطنة عُمان كانت بافتتاح مجمع الاستوديوهات الرقمية في عام 2013 والذي بُنِي على مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 21 ألف متر مربع ويحتوي على أربعة استوديوهات للإنتاج البرامجي، أكبرها بمساحة 700 متر مربع، وثلاثة استوديوهات للبرامج الأخبارية، ومركز أخبار مع ثلاثة استوديوهات للتحكم بالقنوات العامة والرياضية وعُمان مباشر، استخدمت فيها أحدث التقنيات في ذلك الوقت، وهي: تقنية التلفزيون عالي الوضوح HD، مع وجود مكتبة رقمية تتسع لأكثر من ٤٠ ألف ساعة تلفزيونية تعمل في بيئة رقمية خالية من الأشرطة".
وتطرق في حديثه إلى تقنيات البث والنقل التلفزيوني وقال: أصبح بالإمكان نقل الفعاليات عن طريق الأقمار الاصطناعية بدلًا من خطوط الألياف البصرية، كما تم اقتناء تجهيزات ربط عبر شبكة الجيل الرابع والخامس من أي منطقة تتوفر فيها هذه الشبكة، بالإضافة إلى تطبيق يمكن استخدامه عبر الهواتف الخلوية لعمل المقابلات التلفزيونية مع الأشخاص الذين يتم استضافتهم في النشرات الإخبارية أو البرامج التلفزيونية واستخدم هذا التطبيق في أثناء جائحة كورونا".
وقال علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام السابق: "بدايتي مع التلفزيون كانت في منتصف عام 1980م حين التحقت بالعمل كمذيع ربط وكنت قد أنهيت المرحلة الإعدادية، إذ كانت وسائل الإعلام العُمانية تستقطب أبناء البلد مهما كانت أعمارهم وثقافتهم ثم تبدأ في تدريبهم وإكسابهم المهارات اللازمة وهذا ما حدث معي حيث خضعت لدورات تدريبية داخلية ثم خارجية، أسهمت في تكوين خبراتي كمذيع مع استمراري في الدراسة، وفي تلك المرحلة كان هناك جيلان من المذيعين بدأوا مرحلة العطاء مع انطلاق التلفزيون في عام 1974م".
وأضاف: "تلفزيون سلطنة عُمان بدأ بثّه مباشرة بالبث الملون ولكن أجهزة استقبال ذلك البث لم تكن متوفرة في ذلك الزمن فكان معظم الناس يملكون أجهزة تلفزيون غير ملونة خاصة في الولايات التي لم تكن وصلتها الكهرباء".
وبيّن أن التلفزيون من أقوى الوسائل في ترسيخ الكثير من المفاهيم والمساعدة على نشر توجهات الدولة بكل تفرعاتها؛ إذ إن التعليم الحديث بدأ بالانتشار بعد عام 1970م فضلًا عن عدم مقدرة الصحف على الوصول إلى كل ربوع سلطنة عُمان.
وكذلك الحال بالنسبة للإذاعة، ولذلك أسهم التلفزيون إسهامًا كبيرًا في تعزيز مفاهيم الثقافة وإيصال مضامين توجهات الدولة في سعيها الحثيث لترسيخ المبادئ التي انتهجتها في مسيرة نهضتها، ثم اكتملت مسارات الإعلام بأذرعها الثلاث في تأصيل نظرة الدولة لأوجه الحياة واحتياج المجتمع.
وقال الإعلامي عبدالعزيز بن علي السعدون، مستذكرًا الأيام الأولى لبدء بث تلفزيون سلطنة عُمان: "إنه يوم لا يُنسى في مسيرة الخير والعطاء، يوم خالد في تاريخ عُمان الحديث، كان بداية مرحلة الانطلاقة للإعلام العُماني المرئي، بعد أربعة أعوام على انطلاق البث الإذاعي من بيت الفلج"؛ مضيفًا: "كانت مرحلة محملة بآمال كبيرة لتعريف العالم بنهضة عُمان وشعبها وما حققته خلال السنوات الأربع الماضية".
وأشار عبدالعزيز السعدون، الذي يُعَدُّ من أبرز الإعلاميين الذين عملوا في الإذاعة والتلفزيون منذ البدايات، إلى أن "تلفزيون سلطنة عُمان مر بالعديد من المحطات منذ انطلاقته، واكب خلالها التحولات السياسية والاجتماعية والفنية".
وحول الدور الوطني للإعلام العُماني، أكد السعدون أن "تلفزيون سلطنة عُمان أسهم بجانب الإذاعة والصحافة في تعزيز الوعي والحس الوطني لأمجاد عُمان، وتراثها الثقافي والحضاري عبر التاريخ، ليرسخ الهوية الوطنية في وجدان الناشئة والمجتمع، وذلك من خلال البرامج التنموية والثقافية والوثائقية، وبرامج الأسرة والطفل والتربية والتعليم".
وقال المخرج سعيد المالكي: إن تلفزيون سلطنة عُمان مثّل نقلة مهمة في المجتمع العُماني في بدايات عهد النهضة المباركة، وكان التلفزيون يبث الإرسال لساعات معدودة وكان مع الإذاعة الوسيلتان انقل أخبار الوطن للداخل والخارج.
وأضاف أن التلفزيون قام بأدوار محورية في تعزيز الثقافة العُمانية ونقل تفاصيلها للمشاهدين والمتابعين من خلال برامج متنوعة، ومن بينها البرامج الوثائقية عبر إنتاج أعمال لنقل الواقع الثقافي المادي والتاريخي لهذا الوطن بمختلف محافظاته وولاياته أظهرت عزيمة المواطن العُماني في الإسهام في البناء الوطني.
وأشار إلى أن الإعلام العُماني في بداياته واجه تحديات كثيرة، منها الواقع الجغرافي الصعب والمتنوع لهذا الوطن العزيز ومواقعه مترامية الأطراف من مسندم إلى ظفار، وكيف أن العمل كان شاقًّا لإيصال بث التلفزيون لكل شبر من أرض الوطن، بالإضافة إلى التحديات في حجم الإمكانات والأجهزة المتاحة للبث وتوفير الأجهزة التلفزيونية المطلوبة في شتى تخصصات العمل التلفزيوني، إلى جانب التحدي الأهم وهو تدريب الكوادر العُمانية التي دخلت هذا المجال والتي أثبتت بعد ذلك قدرتها على قيادة هذا الجهاز الإعلامي المهم بمختلف الكوادر من فنيين ومعدّين ومذيعين ومهندسين. معبرًا عن فخره واعتزازه بكل تلك السنوات والبدايات التي تطورت شيئًا فشيئًا لتصبح ما هي عليه الآن".