كتبت غادة حلاوي في" نداء الوطن": كان «استبعاد إيران من الخماسية الدولية» يعتبر من الأسباب الأساسية لإخفاقها في الإحاطة بحلول رئاسية قابلة للتطبيق ومقبولة من جميع الأطراف، لكن في أعقاب اللقاء الذي جمع سفيرَ المملكة السعودية وليد البخاري بنظيره الإيراني مجتبى أماني، يُفترض أنّ الرؤية والأفكار الإيرانية للحلول صارت على طاولة «الخماسية».

تطوّر يُبنى عليه لتحقيق خرق في جدار الفراغ الرئاسي، ليس معزولاً عمّا يشهده الإقليم من مفاوضات أميركية - إيرانية تحصل في عُمان، وسعودية إيرانية ترجمة للقاء بكين الشهير. 
وفيما كثّف سفير المملكة نشاطه ولقاءاته، برز حراك مماثل للسفير أماني الذي أطلّ في مقابلة متلفزة على محطة «أو تي في» التلفزيونية، التابعة لـ «التيار الوطني الحر»، يتحدث الى المجتمع المسيحي على امتداد ثمانين دقيقة، ثم كانت دعوته رئيس الحزب الإشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى مأدبة عشاء سياسية، سبقتها زيارة الزعيم الدرزي السفارةَ الإيرانية.
بحسب ما توحي به المصادر الخاصة، فإنّ إيران لمست تعديلاً في موقف «الخماسية» أو لنقل في الموقف السعودي لناحية ربط الملف الرئاسي اللبناني باستحقاقات أخرى كشرط الإصلاحات وسلاح «حزب الله» وغيرها من الموضوعات السياسية. تطوّر ارتأت أن تلاقيه إلى منتصف الطريق لتفرج عن الملف المعطّل بسبب تمسّك حليفها في لبنان أي «حزب الله» بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، ولكن ما ليس معلوماً، وما لم تفصح عنه مصادر الجانبين، هو هل معنى القول إنّ إيران حاضرة بأفكارها في «الخماسية» وهو استعداد «الخماسية» للبحث في ترشيح فرنجية أو إنّ ايران لم تعد تمانع فكرة البحث عن مرشح ثالث؟.
بحسب المطلعين، فإنّ فرض فرنجية ليس شرطاً ولا عكسه أيضاً، فالبحث في الأسماء لم ينل حيزاً واسعاً من النقاش أو أنّه بقي مرهوناً بما ستتبلّغه «الخماسية» من نتائج الحوار الأميركي مع إيران أو حوار الأخيرة مع المملكة، وكلاهما كفيل بأن يلقي بظلاله على الإستحقاق، لكن قبل غزة أو بعدها؟ أو قبل الحرب التي تهدّد بها إسرائيل لبنان أو بعدها؟ أم أن المطلوب انتخاب رئيس في أسرع وقت ليواكب التطوّرات الكبرى في المنطقة؟
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الإيرانية.. مفاجآت وحيوية وصناعة نموذج

 

تُسقِط الانتخابات الإيرانية، جولة بعد أخرى، الدعاية الغربية التي كانت تسوق لفكرة أنَّ الانتخابات في إيران معلبة وموجهة ومطبوخة، وأن النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير ديمقراطي.
محاولات التشويه التي لم تتوقف، أفشلتها إيران من خلال تكريسها رسالة الثورة الإسلامية القائمة على أساس التوليف بين المبادئ الإسلامية والآليات الديمقراطية، جمعت الثورة بين مفهومين لم يكن متصوراً أن ينصهرا، هما الجمهورية والإسلامية في بوتقة واحدة.
هذه التوليفة أنتجت حيوية سياسية مفتقدة في أغلب دول المنطقة، وقد أدت الانتخابات المتوالية دوراً كبيراً في هذا المجال، وساهمت في تجديد حيوية المجتمع الإيراني ونخبته السياسية من دون أن يتعرض النظام للاهتزاز أو للانكشاف أمام الخارج.
الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة منذ انتصار الثورة الإسلامية، تأتي في هذا السياق، وهي تدفع إلى التوقف عند مجموعة استنتاجات ومعطيات:
أولاً: لقد أضفى وجود مرشحين ينتمون إلى التيارات المتباينة والمختلفة (تحت سقف الثورة) حيوية على المشهد، وجاءت المناظرات التلفزيونية التي حصلت لتطرح القضايا والعناوين التي تهم الناخب الإيراني، وليدلي كل مرشح بدلوه بهدوء واحترام متبادل بعيداً عن الشتائم والاتهامات والشخصنة والفضائحية التي تشهدها الانتخابات في عدد من الدول الغربية، بدليل المناظرة الرئاسية الأمريكية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.
ثانياً: لقد جرت مراحل هذه الانتخابات بسلاسة لافتة مع أنها أتت في ظروف استثنائية بعد رحيل مفاجئ للرئيس رئيسي. حصلت التحضيرات خلال فترة لا تتخطى 50 يوماً، ما يعكس قدرة إدارية عالية لدى الدولة الإيرانية، كما حظيت بتغطية إعلامية داخلية جيدة، وعكست الصحف الإيرانية نبض الشارع ومزاجه، فكان الإعلام مرآة عاكسة لما يجري، وأتيحت للمتنافسين فرص متكافئة ومجانية في الإطلالات الإعلامية.
ثالثاً: جرت الانتخابات وسط ترقب نتائج غير محسومة، أجمع المراقبون والمحللون والخبراء الانتخابيون على أن الشعب الإيراني سيصنع هذه المرة أيضاً المفاجآت الانتخابية، وما يؤكد هذا الأمر أن الشعب هو المقرر، وأن الانتخابات ليست مبرمجة أو معلبة، وكما هو معلوم، كلما ارتفع منسوب عدم اليقين قبل أي انتخابات، وكلما كانت النتائج مفاجئة ومغايرة للتوقعات، ازدادت الثقة بنزاهتها.
أما عندما صدرت نتائج الدورة الأولى، فقد تبين أنها أبعد ما تكون عن نسب التسعين % المتداولة في العديد من دول المنطقة، وانتقلت الانتخابات إلى مرحلة الجولة الثانية التزاماً بالقوانين، ما يؤكد أن الدولة الإيرانية هي دولة مؤسسات وقانون.
رابعاً: شكَّل تعدد المرشحين حتى ضمن التيار الواحد، وخصوصاً التيار المبدئي، دليلًا على عدم وجود “مايسترو” أو مبرمج للانتخابات التي كانت ترجمة طبيعية للمشاريع والبرامج والمقاربات المختلفة والمتنوعة في الساحة السياسية الإيرانية.
خامساً: تجري الانتخابات الايرانية في ظل منسوب جيد من الاستقرار الأمني والسياسي؛ ففي وقت يحذر الرئيس الفرنسي، الذي تخوض بلاده انتخابات تشريعية، من حصول حرب أهلية في فرنسا على خلفية الانقسامات الواقعة في بلاده، وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية ازدياد القلق من الانعكاسات الخطيرة للانتخابات الرئاسية على السلم الأهلي الأمريكي، تخوض إيران الانتخابات في جو من التنافس الصحي، وفي ظل ضوابط تضمن استقرار البلاد، وفي إطار مبادئ النظام الإسلامي التي تكرست عبر الاستفتاء الشعبي.
في إيران، لا حديث عن حروب أهلية في زمن الانتخابات، بل تظهر التجربة الديمقراطية الإيرانية أن هناك إمكانية لتنظيم معارضة من دون أن يراق على جوانبها الدم أو يُزج نشطاؤها في السجون ويطاردون حتى الموت، كما هو سائد في العديد من الدول في العالم.
سادساً: لا يمكن فصل المشهد الانتخابي عن واقع وحقيقة أن إيران من أكثر الدول استهدافاً، وبشكل معلن، من الولايات المتحدة الأمريكية. تتعرض إيران لحجم من التهديدات والضغوط الإعلامية والاقتصادية غير المسبوقة في التاريخ، ورغم كل هذا، يحافظ النظام على ثباته ويتحقق الانتظام الدستوري.
صمدت طهران في وجه التحديات على مدى 45 عاماً. منذ العام 1979م، تغيرت صورة العالم الإسلامي من المغرب إلى إندونيسيا، انقلبت أنظمة، واختفت حكومات، وتغيرت الأولويات والتحالفات في عدد من الدول العربية، لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتغير، وحافظت على مبادئها الاستراتيجية ومواقفها تجاه القضايا الأساسية، وها هي اليوم، وعلى الرغم من الأعاصير التي تعصف بالمنطقة، تنجز الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة محافظة على حضورها الفاعل والوازن في الإقليم.
تنتظر إيران رئيسها الجديد ليمسك بالزمام ويعين السفينة على الصمود والثبات في وجه التحديات التي لم تتوقف، والتي لا تزال تلوح في الأفق، وعلى هذا الطريق، تقدم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأفكار وتصنع النموذج الذي يحتذى ويحترم.

إعلامية لبنانية

مقالات مشابهة

  • دول الخليج تهنّئ الرئيس الإيراني المنتخب
  • نقل مواطن من تركيا إلى المملكة بطائرة إخلاء للعلاج
  • خبير بالشأن الإيراني: فوز «بزشكيان» في الانتخابات الرئاسية مفاجأة لم يتوقعها أحد
  • الإخلاء الطبي ينقل مواطنًا من طرابزون التركية إلى المملكة
  • من هو مسعود بزشكيان رئيس إيران الجديد؟
  • الانتخابات الإيرانية.. مفاجآت وحيوية وصناعة نموذج
  • السفارة الايرانية في بيروت فتحت أبوابها أمام الناخبين
  • إبراهيم نور الدين يوضح موقفه من الجدل حول عزومة عشاء للحكام
  • السفارة الإيرانية في العراق تحدد 6 مراكز للجولة الثانية من انتخابات الرئاسة
  • تحريك الملف الرئاسي مجددا عبراللجنة الخماسية