مؤرخ إسرائيلي: نحن أمام دولة ثنائية القومية ولكن بنظام فصل عنصري
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
نشر المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند، مؤلف الكتاب المثير للجدل "كيف تم اختراع الشعب اليهودي" عملا جديدا بعنوان "شعبان لدولة واحدة؟" يدعم فيه الفكرة، التي دافع عنها العديد من المثقفين الصهاينة منذ نهاية القرن الـ19، وهي إنشاء دولة ثنائية القومية للإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال ساند -في مقابلة معه لخصتها جولي كونان لصحيفة لاكروا الفرنسية- إن ما يحدث في قطاع غزة خطير لأنه لا أحد في السلطة الإسرائيلية يعرف ماذا يفعل، ولأن الحروب التي لا هدف لها خطيرة، وتكاد تتحول إلى إبادة جماعية.
وعند سؤاله لماذا يرفض بالتحديد مصطلح "الإبادة الجماعية"؟ أوضح أنه يعتقد أن إسرائيل ترتكب جرائم قتل في قطاع غزة، ولكن الإبادة الجماعية عمل يهدف إلى القضاء على شعب بأكمله، وهذه ظاهرة نادرة جدا.
وضرب مثلا على ذلك بما ارتكبه النازيون حين قرروا القضاء على اليهود والغجر، وبما حدث في رواندا عندما قرر الهوتو القضاء على التوتسي وكادوا ينجحون.
لكنه لفت إلى أن الفرنسيين قاموا بتصفية نصف مليون جزائري، ولم يعتبر ذلك إبادة جماعية، بل جرائم حرب، وما تقوم به إسرائيل الآن هو جرائم حرب في غزة، لا تميز فيها بين المدنيين والجنود إلا قليلا.
انتحار
وأبرز المؤرخ ما قال إن الفيلسوفة حنة أرندت تبنته عام 1948، حين قالت إنه إذا كانت هناك دولة يهودية حصرية، فستكون هناك حرب كل 10 سنوات.
وهو ما علق عليه ساند بالقول إن على إسرائيل، بعد 75 عاما من الحرب المستمرة تقريبا، أن تدرك أن محاولة الاستمرار في العيش كدولة يهودية في الشرق الأوسط العربي هي انتحار.
وأوضح المؤرخ الإسرائيلي أنه لم يؤيد مطلقا دولة ثنائية القومية ولم يكن ضدها، أما بعد حرب 1967 فقد أيد حل الدولتين.
ولكن بعد كل هذه السنوات من الاستيطان، أصبحت فكرة حل الدولتين جوفاء أكثر فأكثر، لأننا نعيش منذ نصف قرن في دولة ثنائية القومية في ظل نظام فصل عنصري واضح، يعيش فيها الناس جنبا إلى جنب ولكن بحقوق مختلفة، على حد تعبيره.
قادة حماس من أرض إسرائيل
وعند السؤال عن حل الدولتين، قال ساند "أنا لا أؤمن بالحب بين العرب الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود، لكن الوضع التاريخي يجبرهم على العيش متجاورين. أنا أؤمن بالدولة الفدرالية أكثر من الدولة الفلسطينية المستقلة، كما يدافع عنها الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن.
ورأى ساند أن أوروبا هي التي تقيأت اليهود على عرب فلسطين، ولهذا السبب "يزعجني كثيرا" سلوك الأوروبيين.
وأضاف متحدثا إلى الأوروبيين "أنتم مسؤولون عن المآسي الطويلة الأمد. وطوال عمري أستغرب أن الناس الذين يزعمون أنهم انتزعوا من أرضهم منذ ألفي عام لا يعترفون بحقوق من انتزعوا من أرضهم قبل 75 عاما. إسرائيل لا تريد الاعتراف بذلك، رغم أن جميع قادة حماس، مثل يحيى السنوار والشيخ أحمد ياسين يأتون من أرض فلسطين القديمة، من عسقلان وأشدود التي تعتبر أرض إسرائيل".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة
الجديد برس|
في تحليل موسع نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي، تم التأكيد على أن التهديد الذي تمثله قوات صنعاء ضد “إسرائيل” ليس مجرد انعكاس للحرب في غزة، بل هو عنصر متداخل معها بشكل مباشر.
وأشار التقرير إلى أن الهجمات الصاروخية من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على قطاع غزة، وهو ما يضع تحديات جديدة على المستوى الأمني والاستراتيجي في المنطقة.
كما لفت المعهد إلى أن صنعاء تتمتع بقدرة كبيرة على المناورة والاستقلالية العسكرية، ما يجعلها قوة صاعدة يصعب ردعها أو إيقاف تصعيدها بالوسائل التقليدية.
ـ صنعاء: قوة غير قابلة للتوجيه أو الاحتواء:
وفقًا للتقرير، تبرز صنعاء كقوة إقليمية تتمتع بقدرة عالية على الاستقلال في اتخاذ القرارات العسكرية، مما يصعب على إيران أو أي قوى أخرى، حتى الحليفة لها، فرض سيطرتها أو توجيه سياساتها بشكل كامل.
وذكر التقرير أن هذه الاستقلالية هي ما يجعل محاولات إسرائيل وحلفائها للتصدي لأنشطة قوات صنعاء العسكرية في البحر الأحمر والمضائق المجاورة أكثر تعقيدًا.
فبينما كانت إسرائيل تأمل في تقليص نفوذ صنعاء من خلال استهدافها في أماكن معينة، كانت هناك محاولات لتطويق الأنشطة البحرية للحوثيين، إلا أن قوات صنعاء تمكنت من التصعيد بفعالية، لتظهر قدرتها على إزعاج العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وتغيير مسارات السفن التجارية، بما في ذلك السفن الإسرائيلية.
هذا الوضع بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل في وقت حساس بالنسبة لها، حيث ترى أن الحصار البحري الذي فرضته صنعاء على السفن الإسرائيلية يهدد ممرات التجارة الحيوية التي تمر عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.
كما أن التهديدات الصاروخية الحوثية قد تستمر في التأثير على حركة السفن الإسرائيلية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، في وقت يعاني فيه من تبعات الحرب في غزة.
ـ “إسرائيل” أمام معضلة استراتيجية مع صنعاء:
تعامل إسرائيل مع تهديد صنعاء يعكس مأزقًا استراتيجيًا كبيرًا، فهي تجد نفسها أمام معركة مزدوجة بين التصعيد العسكري أو الرضوخ لمطالب صنعاء. من جهة، تبقى إسرائيل على قناعة بأنها لا يمكن أن تتحمل تعطيل حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصادها.
لكن من جهة أخرى، فإن زيادة التدخل العسكري ضد قوات صنعاء قد يعرضها لفتح جبهة جديدة يصعب احتواؤها في وقت حساس بالنسبة لتل أبيب، خاصة في ظل التحديات العسكرية التي تواجهها في غزة ولبنان.
التحليل الذي قدمه معهد الأمن القومي الإسرائيلي لم يغفل المأزق الذي تواجهه “إسرائيل” في هذا الصدد.
ففي أعقاب فشل محاولات البحرية الأمريكية في توفير حماية فعالة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، بدأت تل أبيب في البحث عن حلول بديلة من خلال التنسيق مع الدول الخليجية التي تشاركها مخاوف من تصاعد تهديدات صنعاء.
كما أوصى المعهد بتوسيع نطاق التنسيق الإقليمي لمواجهة هذا التهديد المتزايد، وهو ما قد يتطلب استراتيجيات جديدة قد تشمل تحالفات متعددة وتعاون أمني موسع.
ـ تحولات استراتيجية: هل تجد “إسرائيل” الحل؟:
يبدو أن التهديد الذي تمثله صنعاء لا يقتصر على كونه تهديدًا عسكريًا فقط، بل يشمل أيضًا تداعياته الاقتصادية والسياسية. فالتأثير المباشر الذي فرضته الهجمات الصاروخية الحوثية على السفن الإسرائيلية، سواء عبر تعطيل التجارة أو من خلال محاولات الحد من حرية الملاحة في البحر الأحمر، قد يعيد التفكير في خيارات الرد الإسرائيلية.
وإذا كانت إسرائيل قد فشلت في ردع القوات الحوثية بالوسائل العسكرية التقليدية خلال الأشهر الماضية، فإنها قد تكون أمام خيارات محدودة في المستقبل.
ويشدد معهد الأمن القومي على أن أي تدخل عسكري ضد صنعاء قد يؤدي إلى تصعيد واسع في المنطقة.
فالحرب في غزة قد تكون قد أظهرت ضعفًا في الردع العسكري الإسرائيلي، في حين أن التصعيد ضد قوات صنعاء قد يُفضي إلى فتح جبهات متعددة تكون إسرائيل في غنى عنها، خاصة مع التوترات القائمة في جبهات أخرى مثل لبنان.
ومع ذلك، فإن إسرائيل لا يمكنها تجاهل تأثير الحصار البحري على اقتصادها، وهو ما يجعلها تبحث عن استراتيجية جديدة للحد من هذا التهديد، سواء عبر تكثيف التنسيق الإقليمي أو من خلال حلول عسكرية أكثر شمولًا.
ـ ماذا ينتظر “إسرائيل” في المستقبل؟:
في خضم هذا الواقع المعقد، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن إسرائيل من إيجاد استراتيجية فعالة لمواجهة تهديدات صنعاء، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا أكبر يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع؟. التحديات العسكرية والدبلوماسية في هذا السياق قد تكون أكبر من أي وقت مضى، خاصة إذا استمرت صنعاء في التصعيد والتمسك بمواقفها العسكرية.
ومع غياب ردع أمريكي فعال، وتزايد دعم القوى الإقليمية مثل إيران، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة خيارات صعبة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة على الصعيدين العسكري والسياسي في المنطقة.