عربي21:
2025-03-17@14:33:05 GMT

هل يفعلها الرئيس بايدن... دولة فلسطينية؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

الحروب الكبيرة مفتاح التحولات الكبيرة. ما يجري في قطاع غزة وجبهات أخرى خارجه، يُعد بشكل أو بأخر مثالاً على حرب كبيرة، بين دولة إقليمية مدعومة من القوة الكبرى في النظام الدولي وحلفاء كثيرين، في مواجهة منظمات مسلحة تؤمن بالحق المطلق في مقاومة الاحتلال. وعلى الرغم من فارق القوة بين أطراف معادلة الصراع، فالحرب ولمدة أكثر من 110 أيام متواصلة تجعلها حرباً كبيرة، لا بد أن تفضي إلى تغيرات كبرى.

والمعضلة تكمن في تحديد اتجاه هذه التغيرات، وإلى أي مدى ستؤدي إلى شرق أوسط جديد في تفاعلاته وفي مساراته.

طوال أيام الحرب والعدوان الإسرائيلي، وعلى الرغم من الضغوط الآتية من اتجاهات مختلفة لوقف إطلاق النار، وإتاحة الفرصة لمعالجة إشكاليات تبادل الأسرى وبدء مرحلة جديدة في غزة من حيث تأمين متطلبات الحياة للأهالي وطبيعة الإدارة الجديدة والإعمار، وما قد يليها من عملية سياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ما زالت الولايات المتحدة تؤمن بأن الوقت لم يَحنْ بعد لوقف إطلاق نار كامل، لكنها لأسباب مختلفة، منها ما هو داخلي يؤثر في مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومنها ما هو دولي وإقليمي لا سيما مظاهر التوسع في الصراع التي تنذر بانفجارات غير محسوبة، بدأت تتحدث عن عملية شاملة تؤدي إلى تغيرات كبرى، تمزج بين حل الدولتين كما يشترط العرب، وبين أمن الدولة العبرية من جانب واندماجها في المحيطين العربي والشرق أوسطي عبر منهجية تطبيع محددة من جانب آخر.

تحولات البيت الأبيض جاءت متدرجة، بدأت بالضغط لتغيير «التكتيكات» الحربية الإسرائيلية التي تؤدي إلى قتل المدنيين بعشوائية مفرطةالمحادثة الهاتفية بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي قبل أربعة أيام، والتي لخّصها الرئيس الأميركي في جملة ذات دلالة مفادها أن حل الدولتين في ظل وجود نتنياهو ليس مستحيلاً، مضيفاً بأن هناك أنماطاً من الدول ليس لديها جيوش، ومن قبل حديث بلينكن في «دافوس» حول أهمية حل الدولتين لأمن إسرائيل، ما يوحي، وإن لم يكن الأمر موثوقاً تماماً، بأن البيت الأبيض نجح في تغيير قناعة رئيس وزراء إسرائيل الرافض تلك الفكرة مبدئياً، بقبول حل الدولتين، إحداهما تملك كل مقومات القوة العسكرية، وأخرى لا تملك منها شيئاً، وبالتالي يتحقق امن إسرائيل الموعود، والذي يتجذر أكثر وأكثر وفق المؤشرات الأميركية الجديدة نسبياً، من خلال دمجها إقليمياً عبر عملية تطبيع كبرى مع الدول العربية، وليس بالضرورة أن تشمل الجميع، بل يكفي رموز عربية ذات وزن سياسي ومعنوي كبير ومؤثر، يفتح الباب أمام عملية موسعة لإعمار غزة، بمشاركة عربية وأوروبية، دون مسؤولية على من تسبّب في دمار القطاع وتخريبه ومأساة أهله.

والمؤكد هنا أن الرئيس بايدن يواجه إشكاليات كبرى، لا سيما توجهات الأجيال الشابة الجامعية الغاضبة، والتي تفضح يومياً الانتهاكات الإسرائيلية وتغوص في مأساة أهل غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك في نطاق حزبه الديمقراطي الرافض سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل، وكلا السببين دفعا الرئيس بايدن للتركيز على معادلة جديدة قديمة، تتضمن تقديم إسرائيل بعض التنازلات بشأن الدولة الفلسطينية، نظير الاندماج في الإقليم. ومن ثم احتواء تداعيات أي قرارات قد تصدر عن محكمة العدل الدولية ضد دولة إسرائيل، أو المحكمة الجنائية الدولية مستقبلاً ضد قيادات الحرب الإسرائيلية.

تحولات البيت الأبيض جاءت متدرجة، بدأت بالضغط لتغيير «التكتيكات» الحربية الإسرائيلية التي تؤدي إلى قتل المدنيين بعشوائية مفرطة، قادت إلى التفكير في الخروج من أزمة غزة بتحقيق أهداف أبعد من مجرد القضاء على «حماس» ومثيلاتها، وبناء حالة جيو - سياسية مختلفة عما كان عليه الإقليم قبل الحرب، وتُعيد بناء معادلات جديدة تحقق أمن إسرائيل، وتحتوي أسباب الامتناع الإقليمي ولو جزئياً عن قبولها كدولة شأن غيرها في الإقليم.

الرهان الأميركي الأكبر هو التطبيع غير المقيد، ولو بتدرج قائم على فرضية سياسية شديدة الاضطراب، مفادها أن جائزة التطبيع سوف تحاصر اليمين الإسرائيلي، وسوف تدفع رموز الاعتدال إلى البروز مرة أخرى؛ مما يضعف أي معارضة لحل الدولتين. ونقطة الضعف الرئيسية هنا تكمن في أن المجتمع الإسرائيلي بات يمينياً للنخاع، شديد الميل إلى العنف ضد كل ما هو فلسطيني، مُحملاً بأوهام القوة التي لا تقهر، عاجزاً عن إدراك الكارثة الإنسانية التي وصل إليها قطاع غزة، وغارقاً في حالة انفصام شخصية بين امتلاك قوة عسكرية جبارة لم تردع حركة مقاومة مسلحة محدودة العدد والتسليح، ولم تسقط بعد كل الضربات التي وجّهت إليها، مُشبعاً برغبة غير مسبوقة في الانتقام بلا حدود لتجاوز حالة العجز عن تحقيق الأهداف المُعلنة. فضلاً عن الغياب الكامل لأي صوت عقلاني مؤثر ينادي بمراجعة أسباب العجز رغم القوة، وغالباً إن وجد فلن يجد سوى حفنة محدودة قد تتجاوب معه وتقدّر ما ينادي به.


هذه الحالة غير المسبوقة في الميل إلى العنف نخبة ومجتمعاً، لم تكن لتصل إلى هذه الدرجة المَرضية الجماعية إلا نتيجة الموقفين الأميركي والأوروبي، سياسياً ودعائياً وإعلامياً وتأييد ما وصُف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وإعطائها صك البراءة مسبقاً من كل الانتهاكات التي تحدث في القطاع بشراً وحجراً، والتجاهل التام لكل مفردات حقوق الإنسان، والدفاع غير المبرر عن استمرار العدوان ورفض وقف إطلاق النار، بحجة أنه قد يفيد «حماس» وحسب، وتجاهل الأبعاد الإنسانية الأخرى للشعب الفلسطيني، وهي كلها عوامل أسهمت في تصاعد درجة العنف والانتقام في السلوك الإسرائيلي في غزة وفي الضفة معاً. ولا ننسَ مناهج التعليم الإسرائيلية التي تولّد العنصرية ورفض الآخر الفلسطيني في نفوس الإسرائيليين منذ الصغر، ويتجاهلها الغرب تماماً.

حالة المجتمع الإسرائيلي في حاجة ماسة إلى ما يشبه الثورة السلوكية والقيمية، والانقلاب على حالة هوس الانتقام دون رادع، إلى حالة رشادة وعقلانية سياسية تؤمن بأن الحق في الأمن هو لكل الأطراف وفي المقدمة الفلسطينيون، وتلك بدورها في حاجة إلى وقت وجهد إن لم تمنحه الولايات المتحدة حقه في الاهتمام وفق استراتيجية تغيير السلوك القومي، كالتي اتبعتها في حالتي ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فمن المتعذر أن نرى طموح البيت الأبيض في دولة فلسطينية إلى جانب الكيان العبري ماثلاً أمام الأعين.

المصدر: الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال بايدن امريكا غزة الاحتلال بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البیت الأبیض الرئیس بایدن حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين

واشنطن بوست عن مصادر:

إسرائيل ستطبق قواعد جديدة تشمل التأشيرات وتسجيل المنظمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية. الضوابط الإسرائيلية الجديدة تأتي في إطار جهود أوسع لتقليص مساحة عمل المنظمات الإنسانية. ضوابط إسرائيل تشمل مراجعة إن كانت منظمات الإغاثة أو موظفوها قد دعوا لمقاطعة إسرائيل. منظمات إغاثة: القيود الإسرائيلية الجديدة تقوض جهودنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. منظمات إغاثة: قلقون بشكل خاص من إلزامنا بتقديم أسماء وأرقام هويات موظفينا الفلسطينيين. بيان إسرائيلي: الرقابة على منظمات الإغاثة ستضمن تنفيذ أعمالها بطريقة تتسق مع مصالح إسرائيل. وزير الشتات الإسرائيلي: النظام الجديد يهدف لمنع استغلال العمل الإنساني لتقويض الدولة. مصدر قانوني: المكلفون بتطبيق الضوابط الجديدة لا يفهمون التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. منظمات إغاثة بالأراضي الفلسطينية: هذا الوقت من أكثر اللحظات إثارة للقلق منذ فترة طويلة. منظمات إغاثة: قيود إسرائيل قد تجبرنا على التوقف عن العمل وهذا لن يكون في صالح أحد. محامون: إسرائيل تعتبر من يدافع عن تطبيق القانون الدولي مناهضا لها. عمال إغاثة: قيود إسرائيل الجديدة يمكن استخدامها لمعاقبة من انتقد سلوكها في غزة. موظف إغاثة كبير: ضوابط إسرائيل الجديدة خطيرة بالنسبة لغزة وسابقة على مستوى العالم. موظف إغاثة كبير: لا نعلم إن كنا سنبقى هنا بعد بضعة أشهر والوضع محبط للغاية ولا نعرف ماذا سنفعل. إعلان

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق: يجب تغيير حكومة نتنياهو بأسرع وقت
  • غزة ولبنان وايقاف العدوان .. ردع منابع الخطر في قطر .. هل يفعلها انصار الله
  • الرئيس السيسي من أكاديمية الشرطة: التطوير في مصر حالة لا تنتهي
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • فصائل فلسطينية تعليقا على الهجوم الأمريكي على اليمن : دعم وقح لـ “إسرائيل” 
  • الناطق الرسمي لأنصار الله: الغارات الأمريكية على اليمن عدوان سافر على دولة مستقلة وتشجيعاً لكيان العدو الإسرائيلي (إنفوجرافيك)
  • فصائل فلسطينية تعقب على القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • بيان مجموعة السبع لم يؤكد على الالتزام بحل الدولتين للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان