جديد الموقف الروسي من الحرب على غزة
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
جديد الموقف الروسي من الحرب على غزة
تتحرك روسيا ببطء رغم فشل اميركا والكيان وانسداد طريقهما مما يحول دون تحقيق إي من الاهداف العسكرية و السياسية المعلنة.
هل تنخرط موسكو بشكل اكثر فاعلية في المواجهة؟ وهل تشارك في الحوارات لما بعد الحرب؟ وما خياراتها ورؤيتها للحرب وما بعدها؟
موسكو معنية باطالة أمد الحرب؛ ومعنية بان لا تنفرد أميركا بطرح الحلول السياسية للحرب وما بعدها، وهي الرؤية التي يمكن استبناطها من جولة الاستطلاع الروسية.
روسيا لاترى معنى للنقاشات حول مستقبل غزة بدون المقاومة الفلسطينية التي تقاتل للشهر الرابع دون أي نجاح تحققه أميركا وإسرائيل سوى ارتكاب جرائم ابادة جماعية.
* * *
للمرة الثانية يزور وفد من حركة المقاومة حماس روسيا برئاسة موسى أبو مرزوق ملتقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
الزيارة جاءت في وقت تناقش فيه واشنطن مع حليفتها (اسرائيل) مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب؛ ما يجعل من الزيارة الصورة التي تمثل انخرط روسيا في المواجهة الدائرة في فلسطين المحتلة والمستقبل المتوقع لغزة.
فروسيا لاترى معنى لهذه النقاشات بدون حركة المقاومة الفلسطينية حماس؛ التي تقاتل للشهر الرابع دون اي نجاح تحققه الادارة الامريكية والاحتلال الاسرائيلي سوى وضع نفسيهما في قفص الاتهام؛ بارتكاب جرائم ابادة جماعية.
تصريحات أبو مرزوق لوكالة سبوتنك الروسية من ناحية اخرى كشفت عن طبيعة الاهتمامات الروسية، فابو مرزوق قدم رسائل طمانة واضحة لموسكو بان اسلحة المقاومة صناعة محلية بسيطة لاتحتاج الى تقنيات معقدة او موارد كبيرة لانتاجها، والتي عبر عنها بالقول: قدرتنا على الاستمرار في القتال أعلى من قدرة الجيش الإسرائيلي، رغم عدم وجود وجه مقارنة بين ترسانتهم وأسلحتنا.
الاهتمامات الروسية لا تقتصر على قدرات حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بل وعلى امكانية لعب روسيا دورا في هندسة المشهد الفلسطيني عبر الوساطة بين فتح وحماس؛ وهو ما ابدى موسى ابو مرزوق انفتاحا لدى الحركة للتعاطي مع اي طروطات مؤكدا انه لايوجد اتصالات بين الحركتين.
روسيا بعد دخول الحرب شهرها الرابع لازالت تعيش حالة الاستشكاف والاستطلاع لابعاد المعركة وافاقها، ورغم انخرطها المؤثر عبر مجلس الامن في وضع حدود وقيود للصيغ الامريكية الهادفة لادانة المقاومة او الاستفراد بالمشهد السياسي؛ إلا أنها تتحرك ببطء رغم فشل اميركا والكيان طريقا مسدودا يحول دون تحقيق إي من الاهداف العسكرية و السياسية المعلنة.
ختاما .. موسكو معنية باطالة أمد الحرب؛ ومعنية بان لا تنفرد أميركا بطرح الحلول الدبلوماسية والسياسية للحرب وما بعدها وهي الرؤية التي يمكن استبناطها من جولة الاستطلاع الروسية ؛ لكن ومع اقتراب دخول الحرب شهرها الخامس؛ هل تنخرط موسكو بشكل اكثر فاعلية في المواجهة، و هل تشارك في الحوارات لما بعد الحرب؛ وما هي خياراتها ورؤيتها للحرب وما بعدها، أسئلة كثيرة لازالت الاجابة عليها غير واضحة او انها غير متوفرة.
*حازم عياد كاتب صحفي من الأردن
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أميركا روسيا المقاومة حماس غزة الحرب على غزة الكيان الصهيوني مستقبل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بدء العد التنازلي لنتنياهو
لم يكن بنيامين نتنياهو في وضع أسوأ من وضعه الحالي، فكل شيء في المنطقة يجري عكس ما يشتهي نتنياهو، ولا يوجد ما يشير إلى أنه سوف يستطيع استعادة زمام المبادرة، بعدما كان الانخراط الأمريكي المباشر في الحرب الذي حصل عليه في صيف العام الماضي وتعزّز بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قد أنقذه من مأزق محتوم كان واضحاً أن حرب الطوفان والإسناد قد وضعته فيها حتى تموز 2024م، قبل زيارة واشنطن، حيث كان القتال في غزة يسجل إنجازات للمقاومة، بينما كان الشمال يشتعل بصواريخ المقاومة، وكان عدد المتظاهرين طلباً لوقف الحرب قد بلغ نصف مليون متظاهر، وقد انقلب المشهد كلياً بعدما استردّ نتنياهو زمام المبادرة عبر عمليات اغتيالات طالت قادة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وتفجيرات البيجر واللا سلكي وكلها تبدو البصمات الأمريكية واضحة عليها، وقد تتابعت بسرعة خلال شهرين ما بين اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية أواخر تموز، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أواخر أيلول، بعد عودة نتنياهو من واشنطن، هذه المرّة تبدو واشنطن من جهة عالقة في البحر الأحمر ولا ينقذها إلا وقف الحرب على غزة وفق اتفاق تقبله المقاومة، ويعتبر اليمن أن سبب إقفال الممر المائي الاستراتيجي أمام السفن المتجهة نحو موانئ كيان الاحتلال قد زال، وتعتبر واشنطن أن مبرر حربها قد زال بالمقابل، وتبدو واشنطن من جهة ثانية منخرطة في مفاوضات جدّية مع إيران، قبلت واشنطن خلالها تجاوز شروط مسبقة شكّلت عناوين احتجاج الرئيس الأمريكي على الاتفاق السابق ومبررات الانسحاب منه، وفي طليعتها البرنامج الصاروخي الإيراني ودور إيران في الإقليم ودعمها لحركات المقاومة، وبالرغم من التجاذبات المتوقعة في المفاوضات التقنية يتحدّث الرئيس دونالد ترامب عن تفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق دون الأخذ بطلبات نتنياهو، ولا بصيحات الحرب التي يطلقها، بعدما كشفت الحرب الأمريكية على اليمن محدودية القدرة العسكرية الأمريكية في تغيير المشهد السياسي في المنطقة، وتحولت إلى رسالة لأمريكا حول ما ينتظرها في الحرب على إيران بدلاً من أن تكون رسالة أمريكية لإيران حول ما ينتظرها إن رفضت شروط واشنطن التفاوضية، وأمريكا مستعجلة للتخفف من ملفات تعيق تفرغها لمعركة مفتوحة تجارياً مع الصين حتى لو تمّ التوصل إلى اتفاق تفاوضي ينهي أزمة الرسوم الجمركية، حيث تعود الأولوية الأمريكية للاقتصاد، في السياق ذاته الذي تجري فيه الحركة الأمريكية نحو روسيا، خصوصاً أن واشنطن ضمنت بتدخلها رفع التهديد عن “إسرائيل”، بينما انتقل ضغط الملف الإنساني في غزة وضغط قضية الأسرى الى البيت الأبيض، بينما تبدو حرب نتنياهو قفزة في المجهول بلا أفق، بالتوازي مع التبدل في اتجاه المشهد الأمريكي، تغيّر في اتجاه المشهد العسكري، حيث القتل والتدمير بوحشية استنفد اختبارات التأثير على الرأي العام وظهرت الحركات التي يمكن إطلاقها بوجه المقاومة، رغم المساهمات العربية والفلسطينية، هشة وضعيفة وهامشية، بينما بدت المقاومة أكثر تشدداً في مطالبها، خصوصاً مع الإعلان عن تمسك المقاومة بصفقة شاملة ورفض السير مجدداً باتفاق على مراحل، ما جعل العمل العسكري البرّي ضرورة لا غنى عنها. وهنا بدأت بالظهور صور متعاكسة للجانبين، فعلى الجانب الفلسطيني ظهرت مقاومة منظمة بروح معنوية عالية، وقد ضمّت إلى صفوفها آلاف الشباب الجدد، ومقابلها على الجانب الإسرائيلي هناك عجز في الوحدات المقاتلة وتمرّد في الاحتياط وعرائض احتجاجية لآلاف العسكريين ضد الحرب، والنتيجة عودة النزيف بقوة إلى صفوف جيش الاحتلال، وهذه نتيجة مرشحة للتصاعد كلما استمرت الحرب.
في الداخل الإسرائيلي هناك مزيد من الاتساع في دائرة الاحتجاج، وتصاعد في الملفات القضائية التي تلاحق نتنياهو وحكومته، خصوصاً أمام المحكمة العليا، وانضمام الرئيس السابق للشاباك رونين بار إلى صفوف شهود الخمسة نجوم المستعدين للذهاب إلى النهاية في مطاردة نتنياهو بملفات محكمة، بينما تشير استطلاعات الرأي العام الى تراجع مريع في شعبية الحرب التي صارت هي نفسها شعبية نتنياهو، وقد كان لافتاً ما نقلته القناة 13 عن أن “25,1 % فقط من الإسرائيليين يؤيّدون استمرار الحرب على قطاع غزة، و63,7% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى”، وهي نسبة غير مسبوقة، حيث بقيت نسبة مؤيدي نتنياهو والحرب عند عتبة 38% في أسوأ المراحل السابقة بالنسبة لنتنياهو.. دوائر التأثير الثلاث تتحرّك على إيقاع عناصر ثابتة تزيدها زخماً، حيث يخسر نتنياهو مزيداً من الاستعداد الأمريكي لتغطية حربه التي تريد توظيف القدرة الأمريكية لتحقيق انتصار وليس لرفع تهديد كما كان الحال من قبل، كما سوف يظهر مزيد من نزيف جيش الاحتلال وتراجعه مقابل تصاعد ما تظهره المقاومة من فعالية وحضور، بينما الوضع الداخلي يشهد وسوف يشهد مزيداً من الحصار لخيارات نتنياهو في ضوء الأفق المسدود أمام حربه في تحقيق إنجازات من جهة، والكلفة العالية المترتبة عليها من جهة مقابلة.
*رئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية