على خطى إسرائيل .. معادلة أمريكية فاشلة في اليمن
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
في ظل العدوان والحصار الصهيوني على قطاع غزة، والذي حصد أرواح الآلاف من الفلسطينيين، وأحال الأحياء والمدارس والمستشفيات إلى ركام من حديد وحجارة، تقف الولايات المتحدة الأمريكية على حافة الهاوية. فبينما تمد يدها وعينها لحليفتها إسرائيل، وتحاول تزييف الحقائق، وإيهام العالم بأن العدوان حق مشروع للكيان الصهيوني وضرورة حتمية، تواجه ردود فعل قوية من قبل اليمن، الذي يعتبر نفسه جزءا من المقاومة الإسلامية ضد الصهيونية والاستعمار.
عندما طلب الأمريكيون من حكومة بنيامين نتنياهو شرح استراتيجية الخروج من حرب غزة، كانوا يتجاهلون دورهم في هذه العدوان، ومسؤوليتهم عن نتائجه. إلا أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرحوه على أنفسهم: ما هي استراتيجيتهم للخروج من مأزق اليمن الذي ورطوا أنفسهم فيه؟
في الحقيقة لا تزال الإدارة الأمريكية تغض الطرف عن دروس الحرب الإسرائيلية على غزة، التي اندلعت دون تقدير للعواقب أو استراتيجية واضحة لإنهائها. كانوا يظنون أن الغارات الجوية العنيفة ستحطم مقاومة الشعب الفلسطيني، وستجبر أهالي غزة ومجاهديها الأبطال على الرضوخ والاستسلام. ولكنهم وجدوا أن الواقع مخالف لتوقعاتهم، فالمقاومة استمرت في الصمود والرد بالصواريخ والعمليات البطولية، والشعب الفلسطيني في القطاع وقف خلفها بكل تضحية وصبر. ولما فشل القصف الجوي في تحقيق أهدافه، لجأ الإسرائيليون إلى الغزو البري، متوهمين أنهم سيسيطرون على غزة بسهولة، وسينهون عدوانهم بانتصار. ولكنهم واجهوا مفاجآت كبيرة، فالمقاومة كانت تنتظرهم بالكمائن والأنفاق والعبوات والصواريخ المضادة للدروع. ودخلوا في حرب استنزاف، تكبدهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأثارت الرعب والهلع في صفوفهم. وهكذا أصبح الإسرائيليون عالقين بين نارين: نار الخوف من التوقف عن العدوان، ونار العجز عن مواصلة العدوان. فالتوقف عن العدوان يعني الاعتراف بالهزيمة والفشل، والإقدام على المواصلة يعني المزيد من الخسائر والمخاطر.
وفي الوقت نفسه، شن الأمريكيون غارات على اليمن، بذات الطريقة التي بدأت فيها العدوان على غزة. فقد زعموا أن الهدف من العدوان على اليمن، والذي أطلقوه بكل تسلط وغرور، هو لتعطيل قدرات الأنصار على مواصلة الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل وإضعاف تلك القدرات، وأنهم بذلك يحمون المصالح العالمية في منطقة البحر الأحمر. والأصل من وراء ذلك لم يكن إلا محاولة لإخماد تضامن اليمن مع غزة، ومنعه من الاستمرار في تنفيذ قراره بإغلاق مضيق باب المندب أمام السفن الإسرائيلية.
لا شك أن الإدارة الأمريكية لم تحسب حساب الرد اليمني، الذي كان قويا وحاسما. فالحقيقة التي تشهدها العيون وتسمعها الآذان هي أن القوات المسلحة اليمنية ما زالت بوتيرة عالية، وبكل شجاعة وبأس، تنفذ العمليات النوعية وتستهدف سفن العدو الإسرائيلي في خليج عدن والبحر الأحمر. وهذا ما يجعل ذلك الهدف وكل تلك التصريحات التي أطلقوها تبدو مثيرة للسخرية والاستهزاء. فالبحر الأحمر لم يصبح ممراً آمناً للسفن المرتبطة بإسرائيل كما ظنوا، بل العكس من ذلك تماماً، أصبح ميداناً للمواجهة والتحدي لا سيما مع دخول السفن الأمريكية والبريطانية ضمن بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية.
وهكذا أصبح الأمريكيون في مأزق مماثل لمأزق الإسرائيليين، فهم بين خيارين صعبين: إما اللجوء إلى التدمير الواسع وقصف اليمن بلا هوادة، على طريقة الصهاينة في غزة، أو الانطلاق إلى فكرة الغزو البري، على طريقة الجيش الإسرائيلي في غزة. إن كلا الخيارين يحملان مخاطر كبيرة، وعواقب وخيمة. فالتدمير الواسع لن يحقق لهم شيئا. فاليمن لم يبق فيه شيء إلا وتعرض للتدمير بفعل العدوان السعودي. وإذا ما اختار الأمريكان اللجوء للغزو البري لليمن، فهم في هذه الحالة سيواجهون ما هو أشد وأقسى وأصعب من الذي يواجهه الإسرائيليون في غزة. فاليمن بلد كبير ووعر، يمتلك مساحة وعدد سكان ومقدرات قتالية وجيشاً على قدر كبير من التجارب والخبرات. وربما يصح القول أن فيتنام ستكون أهون عليهم مما ينتظرهم في اليمن. فهم سيدخلون في حرب لن يجدوا فيها حلفاء أو متعاونين، بل سيجدون مقاومة شعبية، تستخدم كل الوسائل والأساليب لصد العدوان والدفاع عن السيادة والكرامة.
ولذا فإن محاولة واشنطن أن تفرض عبر الغارات الجوية والبحرية معادلة كسر إرادة الشعب اليمني وإجباره على الاستسلام، هي معادلة فاشلة لا تخدم مصالحها إطلاقاً، بل تعكس قوة اليمن وضعف أعدائه. فاليمن يربح بالنقاط في كل مواجهة، مستفيداً من خبرته وإبداعه وتنوعه في الأسلحة والتكتيكات، والعدو الأمريكي سيخسر بالضربات القاضية، معرضاً نفسه لخطر تدمير حاملات طائراته، وإغراق السفن المرتبطة به بصواريخ اليمن الدقيقة والموجهة. وهكذا، تجد الإدارة الأمريكية نفسها في حال حرب، لا تملك فيها استراتيجية واضحة للخروج منها، بل وستدفع ثمنا باهظا لمغامرتها العسكرية، التي لم تخدم مصالحها، ولن تزيد المنطقة إلا اتساعا في رقعة الصراع، وهذا ما تخشاه بالضبط.
لا شك أن عجور البيت الأبيض « بايدن » يعيش في وهم أنه يستطيع فرض شروطه على اليمن بالقوة والعنف، ويتجاهل الحقائق التاريخية والجغرافية والإنسانية التي تؤكد عكس ذلك، فاليمن شعب مقاتل وصامد، لم يستسلم للمستعمرين ولم ينكسر أمام الطغاة، على مر التاريخ، وأنصار الله حركة مقاومة وثورة، لم تخضع للنظام السابق، ولم ترضخ للعدوان الحالي، واليمن بلد متماسك ومنسجم، لم يتفتت بالفتن، ولم يتشتت بالخيانات. وبهذا فإن بايدن يسير على خطى الاحتلال الإسرائيلي في التفكير والتصرف، وعلى خطى التجربة السعودية كذلك، متناسياً أن النتيجة ستكون واحدة: الفشل والهزيمة. فكما أن الكيان الصهيوني لم ينجح في اقتحام غزة بالحرب البرية، ولم يستطع الخروج منها بالحرب الجوية، كذلك العدوان الأمريكي لن يغير بالقصف الجوي والبحري في اليمن شيئاً، ولن يتمكن من السيطرة عليه حتى وأن خاض حرباً برية. فاليمن ليست فيتنام ولا أفغانستان ولا العراق، بل هي أكثر من ذلك بكثير. هي مدرسة الصمود والردع، ومعبر لرحيل قوى الهيمنة والاستكبار.
وهنا لابد أن يتعقل العدو الأمريكي، ويترك الحماقة جانباً، ويعيد حساباته لتيمكن من إدراك حقيقة اليمن وقوة شعبه وكرامة قيادته، فما من حل أمامه لوقف صنعاء عن استهداف ومنع السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة. ومع ذلك فإن الواقع يظهر أن الحمقى هم من يتخذون القرارات في البيت الأبيض، ولذلك فإن الحكمة تقتضي منا أن نبقي باب الاحتمالات مفتوحاً للحماقات، وفي كل الأحوال، فإن اليمن سينتصر بإذن الله وبتضحيات شعبه وحكمة قيادته.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دقت ساعة الصفر.. معلومات تكشف الخطة الأمريكية السعودية للتصعيد ضد اليمن وتاريخ بداية الهجوم والقوات التي أستلمت خطة الحرب
مقالات مشابهة تابع الآن.. مباراة مانشستر يونايتد وباوك اليوناني في الدوري الأوروبي 2024-2025 والقنوات الناقلة تعليق حفيظ دراجي
دقيقتين مضت
ur.gov.iq رابط التسجيل في استمارة المعين المتفرغ العراق 2024 عبر منصة اور والشروط والاوراق المطلوبة للتسجيل5 دقائق مضت
لهذا السبب .. إغلاق طريق الملك فهد بن عبد العزيز الرئيسي بالاتجاهين في هذا اليوم9 دقائق مضت
سعر ومواصفات كيا سبورتاج 2025 الجديدة في مصر12 دقيقة مضت
تردد قناة الفجر الجزائرية 2024 لمتابعة مسلسل قيامة عثمان وكيفية تنزيل القناة16 دقيقة مضت
بعد تسريب غرفة الفار قرار صارم من اتحاد الكرة المصري ضد لجنة الحكام24 دقيقة مضت
كشفت معلومات جديدة عن تاريخ بداية الهجوم ضد اليمن، وتفاصيل الخطة العسكرية، والقوات التي تم تكليفها بالتنفيذ وشروطها التي وضعتها قبل البدء في خوض المعركة.
وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف والمكونات اليمنية الموالية للتحالف، بوتيرة متصاعدة على تحشيد قواتها، تمهيداً لتصعيد عسكري ضد قوات صنعاء .
وحسب الكثير من المؤشرات والمعطيات، تهدف هذه التحشيدات إلى الهجوم على الحديدة، وهي ضغوط عسكرية واقتصادية نظراً لعجز الولايات المتحدة تماماً عن وقف عمليات قوات صنعاء البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، رغم الغارات التي يشنها الطيران الأمريكي والبريطاني على مناطق حكومة صنعاء، وهو ما وضع أمريكا في موقف محرج أمام العالم، ولأجل ذلك لجأت إلى تحريك المكونات اليمنية وفي مُقَدَّمِها حكومة عدن والتشكيلات العسكرية التي تتبعها.
وفي هذا السياق كشفت وسائل إعلام، نقلاً عن مصادر عسكرية مطلعة تتبع ألوية العمالقة، أن قائد هذه القوات أبو زرعة المحرمي، وهو أيضاً عضو المجلس الرئاسي، التقى خلال الأيام الماضية، في الرياض، ضباطاً في الاستخبارات السعودية، وكان هدف اللقاء تسليمه خطة الهجوم المزمع على الحديدة، كما أطلعوه أيضاً على موعد بدء الهجوم.
يعزز ذلك ما قاله أحد قيادات صنعاء، في منشور على مواقع التواصل، بأن عدداً كبيراً من الآليات العسكرية شوهدت قبل أيام قليلة وهي تعبر منفذ الوديعة الحدودي قادمةً من السعودية باتجاه اليمن.
المصادر ذكرت أن موعد الهجوم سيكون في 25 من شهر نوفمبر الجاري، موضحةً أن الخطة تتضمن تحرُّك قوات العمالقة بقيادة حمدي شكري- الذي يعد أحد القيادات السلفية التي تدعمها وتمولها الرياض- باتجاه مواقع قوات صنعاء في الحديدة، على أن تؤَمِّن السعودية غطاء جوياً كثيفاً.
وأضافت المصادر أن شكري اشترط مقابل موافقته على قيادة الهجوم أن يتم استبعاد قوات طارق صالح، التي تمولها الإمارات، من المشاركة، مؤكدةً أن هذا الشرط قوبل بموافقة السعودية، مرجحةً أن يكون الحادث الذي تعرض له طارق صالح- المتواجد حالياً في الإمارات- جزءاً من مسرحية الإبعاد عن المشاركة، نزولاً عند شرط المحرمي.
وخلال الأيام الماضية، أبلغت قيادة العمالقة أفرادها الغائبين في إجازات رسمية بأنها ألغت كل الإجازات واستدعت الجميع، كما أصدرت تعليمات ببقاء الأفراد والضباط داخل معسكراتهم وحظرت عليهم المغادرة، ضمن الاستعدادات للهجوم على الحديدة، وفقاً للمصادر العسكرية.
يؤكد ما سبق، التحذير الذي وجهه أحد أبرز قيادات المقاومة الجنوبية، الثلاثاء الماضي، لمشائخ وأعيان المحافظات الجنوبية، من الزج بأبنائهم إلى محارق الموت التي تشعلها دول التحالف، حيث دعا الشيخ سالم الخليفي، في منشور على صفحته بمنصة إكس، جميع مشائخ شبوة وبقية المحافظات إلى الحفاظ على أبنائهم والامتناع عن الزج بهم إلى معارك عبثية في الشمال، معتبراً هذه النصيحة إبراءً للذمة، حسب وصفه.
الشيخ الخليفي أكد أن المعركة عبثية لا ناقة لأبناء المحافظات الجنوبية فيها ولا جمل، مضيفاً: “يكفي ما قدمه أبناء الجنوب من تضحيات مع التحالف في الساحل الغربي وغيره، ثم استلمها طارق عفاش ليتم التنكيل بأبناء الجنوب في الوازعية والصبيحة ولا يزال ينكل بهم”، في إشارة إلى المواجهات التي حدثت خلال الشهر الماضي بين قوات طارق صالح وبعض التشكيلات الجنوبية في المناطق المذكورة، وأكد الخليفي تحذيره بالقول: “حافظوا على أبنائكم، دماء أبناء الجنوب غالية علينا”.
وكان المعهد الديمقراطي الأمريكي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أشرفا على إشهار ما أطلق عليه “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية”، الثلاثاء الماضي في عدن، بهدف التصعيد ضد قوات صنعاء، وتم الإشهار بعد اجتماعات عدة عقدت خلال الفترة السابقة، في إطار المساعي الأمريكية التي بدأت منذ أواخر العام الماضي، لحشد الأطراف المحلية من أجل التصعيد العسكري ضد قوات صنعاء، لإجبارها على وقف عملياتها العسكرية ضد الملاحة الإسرائيلية والسفن الأمريكية والبريطانية.
ذات صلة