أبوظبي: عماد الدين خليل

تحت رعاية سموّ الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، انطلق صباح أمس الاثنين المؤتمر المصاحب لمعرضي الأنظمة غير المأهولة «يومكس» والمحاكاة والتدريب «سيمتكس»، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك».

وشهد المؤتمر الذي يقام تحت شعار «الأنظمة غير المأهولة.. الارتقاء إلى فضاءات جديدة للتقنيات الناشئة والتأثيرات غير المسبوقة» وتنظمه مجموعة «أدنيك»، بالتعاون مع وزارة الدفاع في دولة الإمارات، ومجموعة «إيدج» الشريك الاستراتيجي، مشاركة دولية واسعة، بحضور نخبة من كبار الخبراء وصانعي القرار والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والبعثات الدبلوماسية من قطاع الأنظمة غير المأهولة.

الصورة

واستهلت أعمال المؤتمر بكلمة افتتاحية ترحيبية لمحمد بن مبارك المزروعي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، تلتها كلمة لعمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة.

26 متحدثاً

وشارك في المؤتمر 26 متحدثاً من خبراء الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي من كل أنحاء العالم، ناقشوا بحضور أكثر من 200 وفد، الاتجاهات المستقبلية للقطاع.

وخلال كلمته الترحيبية، قال المزروعي: «إن دولة الإمارات تفتخر باستضافة مثل هذه الفعاليات، التي تنطلق بمنظومة العمل نحو آفاق جديدة من التطور والنمو، في صناعات الأنظمة غير المأهولة والروبوتات والذكاء الاصطناعي، والمحاكاة والتدريب والاستخدامات في القطاعات العسكرية والمدنية. نطمح خلال هذا الحدث الأول في منطقة الشرق الأوسط، إلى تحقيق أهدافنا الاستراتيجية لمواكبة الطفرة المعلوماتية، ووضع بصمتنا الرقمية لتحقيق مستقبل أفضل بدعم من قيادتنا الرشيدة. والمؤتمر يهدف إلى توفير منصة عالمية، تجمع المسؤولين وأصحاب القرار، إلى جانب أصحاب العقول المبتكرة في المجالات العلمية وصناعات الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي، للتباحث في موضوعات الثورة الصناعية الرابعة والطفرة المعلوماتية، ودور الذكاء الاصطناعي في نقل الأنظمة المسيرة آفاق جديدة. كما نضيء على أحدث التطورات العلمية والتقنية في هذه المجالات، ونشارككم أفضل الممارسات المتبعة في هذه القطاعات، حيث إن الوقوف على آخر التطورات العلمية والتقنيات الحديثة في هذا القطاع الحيوي خلال الدورة السادسة من هذا الحدث، يعزز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً لاستضافة المعارض والمؤتمرات المتخصصة في الأنظمة غير المأهولة والمحاكاة والتدريب».

منصة استراتيجية

وقال اللواء الركن مبارك الجابري، رئيس اللجنة العليا المنظمة للمعرضين «يسهم المؤتمر المصاحب للمعرضين في توفير منصة استراتيجية تحتضن تحت مظلتها أبرز الخبراء والمتخصصين، وصنّاع القرار والمسؤولين من كافة أنحاء العالم، لمناقشة آفاق نمو صناعة الأنظمة غير المأهولة، بتبادل وجهات النظر والأفكار واستشراف فرص التطوير والنمو والمستقبل لهذه الأنظمة، ويعد المعرضان والمؤتمر المصاحب لهما، الحدثين الوحيدين في منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال الحيوي والواعد في المستقبل، ما يعكس أهمية الأنظمة غير المأهولة ودورها المحوري في دعم عمليات السلام والأمن الدوليين، كما أن لهذه الصناعة وابتكاراتها دوراً رئيسياً في دعم مسارات التنمية المستدامة للاقتصادات الوطنية، ولا تقتصر استخداماتها فقط على التطبيقات الدفاعية، وإنما تشمل الاستخدامات التجارية والمدنية المتعددة».

وأوضح حميد مطر الظاهري، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لمجموعة أدنيك: «شهدنا اليوم إطلاق الدورة الأكبر للمؤتمر المصاحب للمعرضين منذ انطلاقهما عام 2015، وحظي المؤتمر بحضور رفيع من صنّاع القرار والبعثات الدبلوماسية وقادة الصناعة والمسؤولين والخبراء والباحثين في قطاع الأنظمة غير المأهولة والمحاكاة والتدريب، ما يواكب استراتيجياتنا في «أدنيك» لدعم القطاعات الحيوية الواعدة، ويعزز تنافسية الشركات الوطنية محلياً وعالمياً».

أربعة عروض

ويتضمن المؤتمر هذا العام أربعة عروض رئيسية، وثلاث جلسات نقاشية، ومحادثة جانبية، وقدّم الروّاد في القطاع العروض التي تتمحور حول مجالات اختصاصهم.

وانطلق المؤتمر قبيل انعقاد «يومكس» و«سيمتكس»، المزمع انطلاق فعالياتهما يوم الثلاثاء 23 إلى 25 يناير 2024، ويركّز على موضوع «مستقبل الأنظمة المستقلة.. المسعى الإنساني نحو عالم رقمي». حيث تنتظر المشاركين تجربة ديناميكية وغنية بالمعلومات تتميز بمزيج بين الرؤى التقنية والعملية والمناقشات الاستشرافية حول دمج الأنظمة غير المأهولة ومستقبلها عبر مختلف القطاعات.

اختتام المؤتمر

واختتمت أعمال المؤتمر المصاحب لمعرضَي الأنظمة غير المأهولة «يومكس»، والمحاكاة والتدريب «سيمتكس» 2024 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك»، بعد سلسلة من الكلمات والورش النقاشية التي قدمها مجموعة من كبار الخبراء وصنّاع القرار والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والبعثات الدبلوماسية، لاستشراف الفرص والتحديات في قطاع الأنظمة غير المأهولة.

وقال عمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، خلال كلمته الرئيسية «علينا مراعاة الآثار التي قد تتركها التكنولوجيا، وأن نقود هذه التكنولوجيا ونوظفها في مصلحة البشرية، والتعامل مع التحديات والتهديدات المختلفة. كما من المهم عدم تجاهل السياسات الخارجية للتكنولوجيا، والأخذ في الحسبان تطور الأنظمة غير المأهولة وذكائها، فنحن نقرر تصنيف الاستخدام المسؤول والصحيح وغير المسؤول للتطبيقات غير المأهولة في المجالات العسكرية، أو الميدانية».

وقدم البروفيسور فخر الدين كراي، أستاذ التعلم الآلي لدى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، عرضاً بعنوان «الذكاء الاصطناعي.. إطلالة على المشهد الحالي وتأثير الذكاء الاصطناعي في مستقبل الأنظمة غير المأهولة»، تناول خلاله أسس الذكاء الاصطناعي وأدوات التكنولوجيا، والتطبيقات، والفرص والتحديات. مشيراً إلى قوة الذكاء الاصطناعي وأثره الكبير الذي قد يضاهي الثورة الصناعية الرابعة، ولذلك يجب التعاون بين أنماط التكنولوجيا والخضوع للرقابة، للتأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تضر بالمجتمعات والشعوب.

وناقش المشاركون في الجلسة الحوارية الأولى «توظيف التقنيات الناشئة.. القدرات الكامنة للتقدم التكنولوجي في تطور الأنظمة غير المأهولة»، استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات في الأنظمة غير المأهولة، وأهمية هذه الأنظمة في خدمة الإنسان، ودور الذكاء الاصطناعي في مساعدتنا على فهم دور الأنظمة غير المأهولة التي ستؤدي المهام التي نقوم بها.

وقدم الدكتور يحيى المرزوقي، مستشار الرئيس التنفيذي بمجلس التوازن الاقتصادي، عرضاً تقديمياً بعنوان «نظرة مستقبلية عن تأثير الأنظمة المسيرة في التقنيات والتوظيفات غير الدفاعية»، متحدثاً عن مختلف التطبيقات المدنية للأنظمة غير المأهولة واستخداماتها، وأثرها في تلبية احتياجات المجتمع، مؤكداً أن الروبوتات أصبحت تؤدي أدواراً مهمة في قطاعات الصناعة، والتجارة والزراعة، والرعاية الصحية، والتعليم، والتدريب، والرياضيات، وفي القطاع الصناعي.

وناقش المشاركون في جلسة بعنوان «تقنيات وتكتيكات الأسلوب الأمثل للتصدي لخطر تهديد الأنظمة غير المأهولة» التي أدارها العقيد الركن الدكتور راشد الظاهري، أهمية توسيع فهمنا لهذه الأنظمة للتصدي لمخاطرها، لا سيما على المستوى التكتيكي، حيث إنها غيرت قواعد اللعبة في الحروب الحديثة، مع زيادة احتمالية إساءة استخدام هذه التقنيات في ظل تطورها المتسارع.

الصورة

جلسة حوارية

وأدار البروفسيور دانيال بالترو سايتس، العميد الأسبق بكلية الدفاع الوطني الإماراتية، جلسة حوارية بعنوان «مستقبل العمليات العسكرية، دمج الأنظمة التقليدية والأنظمة الذكية غير المأهولة»، بمشاركة اللواء لي بو يونغ، قائد عمليات الطائرات المسيّرة من كوريا الجنوبية، وجيمس موريس، الرئيس التنفيذي ل«أكاديمية ربدان»، ونائب الأدميرال براد كوبر، قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية، وروبرت سادوسكي، رئيس وحدة الروبوتات وأنظمة المركبات غير المأهولة.

وبيّن نائب الأدميرال براد كوبر، دمج الفريق الآلي والبشري، بعد عامين من إنشاء منصة القوات البحرية، ما أسهم في تطوير نموذج عمل جديد، وتوفير 60 ألف ساعة عمل بدمج الخبرات، وإجراء 30 تجربة، ونشر القدرات المشتركة لمراقبة الأنشطة العدوانية، ومواجهة الصواريخ على مساحة بحرية تصل إلى 80 ألف كيلومتر مربع بالطائرات المسيّرة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ما أسهم في توفير الكثير من الأموال في جمع البيانات وحماية السفن التجارية.

وشارك اللواء لي بو يونغ، قائد عمليات الطائرات المسيّرة من كوريا الجنوبية، تجربة كوريا الجنوبية الناجحة في استخدام الأنظمة غير المأهولة في العمليات الدفاعية التي تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي لتعزيز دمج الأنظمة الإلكترونية والبشرية، وتحسين التشغيل بينهما. مشيراً إلى التحديات التي تعيق عمل هذه الأنظمة، خاصة في ما يتعلق بالتطور السريع للقدرات التي تمتلكها الجهات المعادية.

وأوضح روبرت سادوسكي، أن الأنظمة غير المأهولة تسهم في تحسين الأنشطة البشرية، حيث يعمل الإنسان والآلة يداً بيد لإنجاز المهام المختلفة، واتخاذ القرارات المناسبة بروح الفريق الواحد، ما يساعدنا على إنجاز المهام المتعددة بشكل أفضل.

وقدم الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي، عرضاً لطرح رؤيته بشأن «مستقبل القوانين المنظمة لاستخدامات الأنظمة غير المأهولة»، حيث أوضح أن هذه الأنظمة قد تقع في أيد غير آمنة، ما يعرّضنا جميعاً للخطر، لا سيما في ظل ما تشكله الأسلحة تلقائية التصويب من خطر داهم على البشرية، داعياً إلى منع الروبوتات من اتخاذ القرارات من دون تدخل بشري، مع وضع المعايير الأخلاقية لاستخدامها.

محمد الكويتي: التقنيات المستقلة ستغير ملامح المستقبل

أشار الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني، إلى أن التقنيات المستقلة ستغير ملامح المستقبل في كثير من جوانب حياتنا، وعلينا أن نتكيف مع هذه التقنيات لكن هناك حاجة ماسّة لوضع التشريعات الناظمة لعمل هذه الأنظمة لوجود العديد من الجهات، الحكومية وغير الحكومية، الفاعلة في هذا القطاع الحيوي، مع تطبيق أفضل الممارسات الدولية، مضيفاً أن الأفكار الإبداعية التي شاركت خلال هذا المؤتمر، ستثري الحوار في هذه الأنظمة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان الإمارات أدنيك مركز أبوظبي الوطني للمعارض الذکاء الاصطناعی المؤتمر المصاحب هذه الأنظمة

إقرأ أيضاً:

الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي

 

تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز الدول الرائدة في تبني وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث تسعى بخطى ثابتة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. وتؤدي الشراكات الاستراتيجية الدولية دوراً محورياً في تحقيق أهدافها الطموحة في هذا المجال، حيث أدركت الدولة أهمية التعاون مع الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك الشركات التكنولوجية العملاقة، والجامعات المرموقة، والمراكز البحثية المتخصصة، لدفع عجلة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن توقيع “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” والذي تم توقيعه خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، لفرنسا يوم 6 فبراير 2025، قبل قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في باريس يومي 10 و11 من الشهر نفسه بمشاركة نحو 100 دولة، للتركيز على إمكانات الذكاء الاصطناعي. ويناقش هذا المقال الجهود الإماراتية لتعزيز شراكاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها في رؤية الدولة للريادة في هذا المجال.

شراكة مع فرنسا:

يرسم “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” مساراً واعداً لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في هذا المجال الحيوي الذي سيُعيد تشكيل العالم في السنوات المقبلة. وينص هذا الاتفاق الإطاري على التعاون بين البلدين في العديد من مجالات العمل المشترك في الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك التخطيط لاستثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في فرنسا، ومن المُقرر أن يتكون هذا المجمع من 35 مركزاً لتجميع معلومات وتأمين قدرات حوسبة هائلة يتطلبها الذكاء الاصطناعي. كما ينص على بناء شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي واستكشاف فرص جديدة للتعاون في المشروعات والاستثمارات التي تدعم استخدام الرقائق المتطورة والبنية التحتية لمراكز البيانات وتنمية الكوادر، إضافة إلى إنشاء “سفارات بيانات افتراضية” لتمكين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في كلا البلدين.

ويأتي هذا التعاون في إطار توسع دولة الإمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، وبصفة خاصة في إنشاء وتطوير مراكز البيانات، حيث تستثمر بالفعل في مشروعات ضخمة مثل مشروع “ستار غيت” لإنشاء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، ويحظى هذا المجال تحديداً باهتمام خاص بالنظر إلى أن مراكز البيانات تمثل الوقود الذي تحتاجه عملية تطوير الذكاء الاصطناعي.

وستخدم هذه الشراكة المصالح الإماراتية الفرنسية، حيث إن بناء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا سيساعد على جمع بيانات أكثر ومعالجتها بشكل دقيق؛ ومن ثم تسخيرها في تطوير وتعليم برامج الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يعزز مكانة ودور البلدين في هذا المجال ويسهم في جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي متاحة لمزيد من الدول، فضلاً عن خلق برامج ذكاء صناعي تحترم المواثيق الدولية والأوروبية.

كما توفر الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية لتطوير البنية التحتية الرقمية في البلدين، حيث يستفيد كل منهما من الاستثمارات الضخمة لإنشاء مجمعات متطورة للذكاء الاصطناعي؛ مما يعزز قدرتها على معالجة البيانات الضخمة وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. ويتيح الاتفاق أيضاً تبادل الخبرات مع باريس، خصوصاً في مجالات الرقائق المتقدمة ومراكز البيانات؛ مما يسهم في تسريع تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتحقيق تقدم استراتيجي في القطاعات الحيوية. إضافة إلى ذلك، يعزز الاتفاق تنمية الكوادر الإماراتية؛ مما يدعم تنشئة جيل جديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، ويعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد في هذا المجال.

وتعكس هذه الخطوة التزام دولة الإمارات بتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي. فيما تسعى فرنسا إلى ترسيخ مكانتها في هذا المجال بالرغم من التحديات التي تواجهها في منافسة الشركات الأمريكية والصينية. وقد أكدت الرئاسة الفرنسية أن نطاق الأنشطة وحجم تطوير البنية التحتية المقررة في إطار اتفاقية الإطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين فرنسا ودولة الإمارات، يوضح ثراء وديناميكية العلاقة بين البلدين، ويضع فرنسا في موقع رائد في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا، مشيرة إلى أن الزعيمين اتفقا على مراقبة تطور مشروعات التعاون المختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب في الأشهر المقبلة.

شراكة مع الولايات المتحدة:

تُعد الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي الأهم في هذا المجال، حيث شهد التعاون بين البلدين تنامياً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، في ضوء التفوق الأمريكي في هذا المجال. وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2024، تتويجاً لهذا التطور المتنامي بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي.

وخلال العامين الأخيرين، تم توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. ففي ديسمبر 2024، أعلنت حكومة الإمارات عن شراكة استراتيجية مع شركة “يو آي باث” (UiPath)، التي يقع مقرها الرئيسي في نيويورك والمتخصصة في مجال الأتمتة المؤسسية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز حلول “الأتمتة الوكيلة” – النهج المبتكر للأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير الأتمتة الذكية، وتدريب الكوادر الإماراتية بمهارات متقدمة. كما تشمل تنفيذ مشروعات تجريبية وورش عمل لتعزيز وعي الجهات الحكومية بفوائد الذكاء الاصطناعي، وبما يتماشى مع رؤية الحكومة لأن تصبح دولة الإمارات رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.

وفي سبتمبر الماضي، وقّعت دولة الإمارات ثلاث اتفاقيات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، شملت “اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي” باستثمارات ستصل إلى 100 مليار دولار، وقّعتها شركة “إم جي إكس” (MGX) الإماراتية وشركات “بلاك روك” و”غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” و”مايكروسوفت”، إلى جانب اتفاقية بين شركة “جي 42” (G42) وشركة “مايكروسوفت” لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية أخرى بين “جي 42″ و”إنفيديا” لتأسيس مركز عمليات جديد ومختبر للمناخ التقني في أبوظبي؛ لتطوير التكنولوجيا المناخية وتحسين توقعات الطقس والمناخ لمساعدة ملايين البشر على الاستعداد للظواهر المناخية والكوارث الطبيعية قبل حدوثها.

وفي يونيو 2024، وقعت شركة “وورلد وايد تكنولوجي” (World Wide Technology)، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة، اتفاقية استراتيجية مع (NXT Global)، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر بدولة الإمارات، الذي سيكون أحد أكثر التطورات الحضرية استدامة في العالم.

كما أعلنت “مايكروسوفت” و”جي 42″، في مايو الماضي، عن مجموعة واسعة من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا الرقمية في كينيا، وجاءت هذه الخطوة كجزء من مبادرة بالتعاون مع وزارة المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في جمهورية كينيا، حيث تقود “جي 42″، في إطار شراكة مع “مايكروسوفت” وشركاء رئيسيين عدة، مبادرة طموحة لضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار، وتهدف هذه الاستثمارات إلى تنفيذ مشروعات رئيسية ضمن حزمة شاملة من الاستثمارات تشمل إنشاء مركز بيانات بيئي متطور في كينيا، والذي ستشرف على بنائه شركة “جي 42” وشركاؤها من أجل تشغيل خدمات “مايكروسوفت أزور” ضمن منطقة سحابية جديدة تخدم شرق إفريقيا. وفي إبريل الماضي، أعلنت “مايكروسوفت” عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة “جي 42″؛ مما يعزز التعاون المتزايد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، تصدر ملف الذكاء الاصطناعي أجندة التعاون والشراكات الإماراتية مع مختلف دول العالم مثل الصين والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.

تعزيز ريادة الإمارات:

يُشكل بناء الشراكات الدولية جزءاً رئيسياً في استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الدولة من خلال هذه الشراكات إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المحلية والعالمية، وتعزز كفاءة القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والطاقة، والنقل، فضلاً عن تعزيز اقتصادها القائم على المعرفة والابتكار، والاستفادة منها في جذب الخبرات الدولية، وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال المهم.

وتخدم الشراكات الدولية بصورة خاصة تحقيق مختلف أهداف استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف أن تصبح الدولة رائدة عالمياً في توظيف الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% بحلول عام 2031 في مختلف الخدمات وتحليل البيانات؛ مما يعزز الإنتاجية ويخفض التكاليف التشغيلية. وتشمل هذه الأهداف أن تكون حكومة الإمارات الأولى عالمياً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، بجانب استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة.

وكان لهذه الشراكات، ضمن الرؤية الشاملة لدولة الإمارات، دورها في تعزيز ريادة الدولة في هذا الملف، حيث أصبحت الإمارات من أكثر الدول جذباً للمهارات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مع زيادة عدد المتخصصين في هذا المجال بنحو 40% منذ عام 2022. كما أحرزت الدولة مركزاً ريادياً ضمن قائمة أفضل 10 دول عالمياً، من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، وذلك وفقاً لمؤشر تنافسية الذكاء الاصطناعي العالمي الصادر عن المنتدى المالي الدولي “آي إف إف” (IFF) ومجموعة المعرفة العميقة.

خلاصة الأمر، تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، مستندة إلى رؤية طموحة تدعم الابتكار والتطوير المُستدام. ومن خلال استراتيجيتها الوطنية وشراكاتها الدولية الكبيرة، تفتح الدولة آفاقاً جديدة للاستثمار والتنافسية، مع التركيز على تنمية المواهب والبنية التحتية المتقدمة. وبالرغم من التحديات، يبقى التزام دولة الإمارات بتطوير التشريعات وتعزيز الاستدامة عاملاً رئيسياً في ريادتها؛ مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به في مستقبل الذكاء الاصطناعي.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • الأهلي يسخر من قرعة الذكاء الاصطناعي
  • ذبح الخنازير.. كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي الاحتيال المالي إلى كارثة عالمية؟
  • الذكاء الاصطناعي تكلفة عالية على البيئة
  • كيف سيغير وكلاء الذكاء الاصطناعي هجمات سرقة بيانات الاعتماد
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي
  • تأخير مرتقب في تطوير سيري الذكية .. تحديات تواجه الذكاء الاصطناعي في آبل
  • الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة