حول الجهود الدولية المبذولة في قضية التغير المناخي
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
حول الجهود الدولية المبذولة في قضية التغير المناخي
شهاب الدين عبد الرازق عبد الله
تعرف الأمم المتحدة تغير المناخ بأنه التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. ومنذ الثورة الصناعية تفاقمت ظاهرة الإحتباس الحراري الناتج من النشاط البشري، حيث يعيق تراكم غازات الإحتباس الحراري في الغلاف الجوي الإنعكاس الحراري من سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي، وبذلك تظل الحرارة حبيسة الغلاف الجوي للأرض، مما يرفع درجة حرارة الكوكب.
ومع تزايد تركيز غازات الإحتباس الحراري في الجو، وأهمها غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن إحتراق الوقود الأحفوري (البترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي ) تتزايد العلامات والكوارث المرتبطة بالتغير المناخي، وتبدو أبرز علامات التغير المناخي في إرتفاع درجات الحرارة في كل أنحاء العالم، وقد زادت درجة حرارة الأرض، وأصبحت أكثر دفئا بنسبة 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه في القرن التاسع عشر، وتشمل عواقب وكوارث تغير المناخ الجفاف والحرائق والفيضانات وتقلص مساحة اليابسة والعواصف وتدهور التنوع البيولوجي والإنتاج الغذائي.
وقد كانت أبرز الخطوات القانونية للأمم المتحدة بشأن قضية تغير المناخ هو إنجاز إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الموقعة في العام 1992 فيما يعرف بقمة الأرض والتي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، وصادقت عليها حتى الآن 196 دولة إضافة للاتحاد الأوروبي، وتهدف الي منع التدخل البشري الخطير علي النظام المناخي، وأنبثق من هذه الاتفاقية مؤتمر الأطراف وهو هيئة إتخاذ القرار، ويُعقد مؤتمر الأطراف الذي يضمُّ جميع الدول الأطراف في الاتفاقية كلَّ عام بهدف تقييم تطبيق الإتفاقية، والتفاوض علي إلتزامات جديدة تدعم تنفيذ أهداف الإتفاقية الإطارية.
أعقب ذلك توقيع بروتوكول كيوتو للمناخ الموقع في العام 1997 والمصادق عليه من 195 دولة، وبروتوكول كيوتو في اليابان أول خطوه تنفيذية لانزال إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ علي أرض الواقع بهدف خفض إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري خاصة ثاني أكسيد الكربون، إلا أن بروتوكول كيوتو لم يحقق أهدافه لعدم توقيع الولايات المتحدة الأمريكية عليه، وانسحاب بعض الدول الاخري منه مثل روسيا وكندا واليابان وغيرها، وتمت الاستعاضة عن بروتوكول كيوتو الذي إنتهي أجله في 2020 بإتفاقية باريس للمناخ الموقعه في أبريل من العام 2016 والموقع عليها حتي الأن من قبل 194 دولة بالاضافة إلى الاتحاد الأوروبي وتهدف الي تعزيز إستجابة العالم لخطر تغير المناخ من خلال تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي الحد من ارتفاع درجة الحرارة الي 1.5 درجه مئوية، ومراجعة التزامات الدول بشأن خفض الإنبعاثات كل خمس سنوات، وأخيرا توفير التمويل المتعلق بالمناخ للدول النامية.
وقد طالب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر في أكتوبر من العام 2018 العالم بضرورة الحد من الإحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية وأن ذلك بحسب نص التقرير “يتطلب تحولات سريعة وبعيدة المدى في الأرض والطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن”، وأنه يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية الصافية الناتجة عن إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 45% عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، لتصل إلى “صافي الصفر” في حوالي عام 2050، وهذا يعني إزالة أي إنبعاثات متراكمة ومعلقه لثاني أكسيد الكربون في الهواء.
وقد أشارت إحصائيات الأمم المتحدة الي أن التحول للإقتصاد المراعي للبيئة يمكن أن يؤدي الي مكاسب إقتصادية تقدر بـ26 تريليون دولار حتي عام 2030 مقارنة بالاقتصاد المعتاد، كما يمكن أن تنتج 24 مليون وظيفة مقارنة بفقدان 6 ملايين وظيفة نتيجة للتحول الي الطاقة المتجددة والمباني الموفرة للطاقه وتصنيع المركبات الكهربائية.
وقد أسفرت الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف، التي عقدت في نوفمبر من العام 2021 في مدينة غلاسكو باسكتلندا، علي الإتفاق على قواعد تطبيق إتفاق باريس للمناخ أو ما يعرف بلائحة قواعد باريس، والتفاصيل التشغيلية للاتفاق.
وأكدت كل الدول المشاركة علي ضرورة الالتزام بخفض درجات الحرارة العالميه الي اقل من درجتين مئويتين والسعي للحد منها إلى 1.5. كما تعهدت الدول المشاركة في الالتزام بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45% للوصول إلى صافي صفري في 2050م، كما أتفقت الدول المشاركة علي أهمية التخلص التدريجي من الاعتماد على الوقود الأحفوري المسبب للإحتباس الحراري، وإن شكك ناشطون في مجال البيئة علي صدق وجدية إلتزام هذه الدول في الايفاء هذا الالتزام.
كما توافقت الدول المشاركة على ضرورة الحوار لمناقشة الترتيبات الخاصة بتمويل الأنشطة المكافحة لتقليل الأضرار السالبة لتغير المناخ. وقد كان موضوع التمويل أحد نقاط الخلاف الرئيسية في مؤتمر غلاسكو، حيث تراجعت دول الشمال عن تعهدات إتفاق باريس للمناخ الذي ينص على دعم مالي يقدر بـ100 مليار دولار سنويا لدول الجنوب بداية من عام 2020 في إطار دعم دول الجنوب للتحول لمصادر الطاقة النظيفة ومعالجة أضرار التغير المناخي، وقد دعا المؤتمر الدول الغنية لمضاعفة تمويلها المالي للتعامل مع تغير المناخ بحلول عام 2025م.
وقد أثمر المؤتمر عن تعهدات واتفاقات بين عدد من الدول فيما يخص الحفاظ علي الغابات والغطاء النباتي وقد التزمت 137 دولة بذلك، كما التزمت مؤسسات مالية بالقضاء علي كل الاستثمارات المرتبطة بإزالة الغابات، كما التزمت 103 دولة بالحد من إنبعاثات غاز الميثان أحد الغازات المتسببة في الإحتباس الحراري، وتخفيضه بنسبة 30% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2020، كما تم الالتزام بين أكثر من 30 دولة وست شركات تصنيع سيارات علي أن تكون جميع مبيعات السيارات خالية من الانبعاثات علي مستوي العالم بحلول عام 2040. كما أنشئ تحالف في غلاسكو بين مؤسسات القطاع الخاص والبنوك المركزية بأصول مالية تقدر 130 تريليون دولار بهدف تحقيق صافي إنبعاثات صفرية علي مستوي العالم استثمارا في المعرفة والعلم والتقنيات للوصول لتحقيق هذا الهدف.
كما تم عقد شراكة بين دولة جنوب أفريقيا وعدد من الدول المتقدمة للانتقال بجنوب أفريقيا من الإعتماد علي الفحم الي مصادر طاقة بديلة منخفضة الكربون وقد رصدت لذلك ميزانية تقدر بثمانية ونصف مليار دولار.
وبرغم ماتحقق من تعهدات في مؤتمر غلاسكو للمناخ في قمة الأطراف ٢٦ ، الإ أن رئيس قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26 السيد (ألوك شارما) وصف ما تحقق في غلاسكو بأنه: “انتصار هش”.
وفي مؤتمر المناخ كوب 27 المنعقد في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية في نوفمبر 2022 تم إقرار صندوق الخسائر والاضرار لمساعدة البلدان الفقيرة على معالجة آثار التغيرات المناخية كما تم اضافة مصطلح الحلول المستندة للطبيعة كتعزيز الغابات وحمايتها حيث تعهد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالتوقف عن إزالة غابات الأمازون بحلول عام 2030 كما تم مناقشة ازمات التنوع البيولوجي وعلاقتها بأزمات التغير المناخي، وزادت عدد من الدول والمنظمات تعهداتها المالية لمواجهة مخاطر التغير المناخي. لكن يبقى المحك الحقيقي هو مدي التزام هذه الدول والمنظمات بما وعدت به، والوفاء بهذه الإلتزامات المالية التي يمكن أن تساهم في تخفيف آثار التغيرات المناخية. أيضاً تم مناقشة ضرورة التخفيف من الانبعاثات الكربونية وضرورة ان تتحول الشركات والدول الي مصادر الطاقه المتجددة.
وفي مؤتمر المناخ كوب 28 الذي أنعقد في نوفمبر من العام الماضي في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى مدار اسبوعين، وبحضور أكثر من 80 الف شخص، حيث تم إنشاء صندوق “ألتيرا” للتمويل المناخي من قبل دولة الإمارات برأس مال قدره 30 مليار دولار، وصندوق ألتيرا صندوق إستثماري خاص صمم لسد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة معقولة، ويهدف إلى جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030. بالاضافة إلى ذلك تعهد مؤتمر كوب 28 بأكثر من 85 مليار دولار كالتزامات مالية تجاه قضايا المناخ. كما تم تفعيل صندوق الخسائر والاضرار الذي تم إقراره في قمة شرم الشيخ للمناخ (كوب 27) بتعهدات مالية لا تقل عن 792 مليون دولار مساعدة للبلدان الفقيرة للتعامل مع الآثار الكارثية لتغير المناخ.
كما تم التوصل إلى اتفاق يقضي بضرورة الانتقال من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة متدرجة وفعالة وعادلة، لتحقيق هدف صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.
كما انتقد مؤتمر المناخ كوب 28 الدول الغنية لعدم التزامها بتعهداتها المالية السابقة والتي قطعتها على نفسها منذ سنوات خلت وتقدر بـ100 مليار دولار سنويا. حيث تقدر حاجة دول الجنوب لمبلغ 2.4 تريليون دولار سنويا للتعامل مع تحديات تغير المناخ.
ما سبق محاولة لعرض أبرز المحطات والجهود الدولية المبذولة في قضية التغير المناخي التي تمثل أكبر تحد يواجه كوكبنا ويهدد إستمرار الحياة فيه ، وقضية التغير المناخي قضية ذات طبيعة عالمية، وتحتاج الي أكبر تعاون وتضامن دولي ممكن، وهي إمتحان صعب يواجه المنظومة الدولية من أجل تلافي الآثار الكارثية لتغير المناخ علي حاضر ومستقبل الحياة والناس في كوكب الأرض، والمقال دعوة لكل الناشطين ولصناع الرأي للاهتمام والتنوير بقضية التغير المناخي وقضايا البيئة على وجه العموم، ووضعها في صدارة إهتمامات الرأي العام المحلي والعالمي، خاصة مع إرتفاع أصوات التيارات التي تدعو للنمو الإقتصادي الذي لايراعي ضمان سلامة البيئة والمحافظة علي صحة وحياة كوكب الأرض.
الوسومالأمم المتحدة الاحترار العالمي الاقتصاد المراعي للبيئة تغير المناخ خفض الانبعاثات شهاب الدين عبد الرازق عبد الله كوب 28المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الاحترار العالمي تغير المناخ خفض الانبعاثات كوب 28 قضیة التغیر المناخی ثانی أکسید الکربون الإحتباس الحراری الدول المشارکة الأمم المتحدة بحلول عام 2030 ملیار دولار تغیر المناخ فی مؤتمر من العام کما تم
إقرأ أيضاً:
التحرك المناخي العالمي ضحية لرسوم ترامب الجمركية
أثارت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانقلابية على الاقتصاد العالمي مخاوف من أن يصبح العمل المناخي ضحية للحرب التجارية.
وفي الأسبوع الذي أعقب “يوم التحرير” ، حذر خبراء اقتصاديون من أن موجة التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، مع عواقب بعيدة المدى على المستثمرين – بما في ذلك أولئك الذين يقفون وراء مشاريع الطاقة الخضراء اللازمة لتحقيق أهداف المناخ.
وقد أدت المخاوف من ركود عالمي طويل الأمد إلى انخفاض أسعار النفط والغاز، مما جعل التلوث أرخص وأكثر صعوبة في تبرير الاستثمار في البدائل النظيفة مثل المركبات الكهربائية والتدفئة منخفضة الكربون للأسر المتضررة ماليا.
ولكن من بين المخاوف الرئيسية قرار ترامب بفرض أقوى التعريفات الجمركية التجارية على الصين ــ أكبر مصنع في العالم لتقنيات الطاقة النظيفة ــ وهو ما يهدد بخنق الاستثمار الأخضر في الولايات المتحدة، ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية في العالم.
مأساة للولايات المتحدة
من المتوقع أن تتخلف الولايات المتحدة أكثر عن بقية دول العالم في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، وذلك بمنعها من الوصول إلى تقنيات الطاقة النظيفة الرخيصة المُطورة في الصين.
ويُعد هذا ضربة جديدة لمطوري الطاقة الخضراء في الولايات المتحدة، الذين لا يزالون يعانون من وطأة تعهد إدارة ترامب بإلغاء الحوافز الخضراء التي قدمتها إدارة بايدن .
وقالت ليزلي أبراهامز، نائبة المدير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، إن الرسوم الجمركية من المرجح أن تعيق طرح الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة وتدفع البلاد إلى هامش السوق العالمية.
على وجه التحديد، من المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع تكلفة تطوير الطاقة النظيفة، لأن الولايات المتحدة تعتمد حتى الآن اعتمادًا كبيرًا على استيراد تقنيات الطاقة النظيفة.
وأضافت: “لا يقتصر الأمر على استيراد السلع النهائية فحسب، بل حتى التصنيع الذي نقوم به في الولايات المتحدة يعتمد على مكونات مستوردة”.
هدف الحكومة الأمريكية المتمثل في تطوير قاعدتها الصناعية من خلال فتح مصانع جديدة قد يجعل هذه المكونات متاحة محليًا، ولكن من المرجح أن يستغرق الأمر وقتًا.
كما أن ذلك سيكون مكلفًا للغاية، لأن المواد المستوردة عادةً لبناء هذه المصانع – الأسمنت والصلب والألمنيوم – ستخضع هي الأخرى للرسوم الجمركية، وفقًا لأبراهامز، وأضافت: “في الوقت نفسه، هناك تداعيات اقتصادية عالمية أوسع نطاقًا قد تُصعّب الحصول على رأس مال رخيص للبناء”.
ومن المرجح أن يتردد المستثمرون الذين أبدوا اهتمامًا سابقًا بالولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن المؤيدة للبيئة في مواجهة الرسائل المعادية للبيئة الصادرة عن البيت الأبيض.
قالت أبراهامز، إن هذا سيعني تراجعًا في الإقبال على الاستثمار في مشاريع الطاقة الخضراء في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وفي البحث والتطوير لتقنيات الطاقة النظيفة في مراحلها المبكرة.
وأضافت، أن هذا من المرجح أن يكون له تداعيات طويلة المدى على مكانة الولايات المتحدة في سوق الطاقة الخضراء العالمي، ما يعني أنه “سيؤدي إلى فقدان بعض حصتنا السوقية المحتملة في الخارج”.
بدلاً من ذلك، من المرجح أن تُحوّل دولٌ مثل الصين مبيعات تقنياتها في مجال الطاقة النظيفة من الولايات المتحدة إلى دولٍ أخرى راغبة في تطوير الطاقة الخضراء، كما أشارت أبراهامز.
وأضافت: “من جهة، يُفترض أن يُسهم ذلك في تسريع اعتماد الطاقة النظيفة في تلك الدول، وهو أمرٌ جيدٌ للانبعاثات، ولكن بالنسبة للولايات المتحدة، فإن هذا يُمثّل خسارةً لحصةٍ سوقيةٍ مستقبلية”.
الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافها، مع أو بدون ترامب
ومن المهم التمييز بين الولايات المتحدة وبقية العالم، وفقاً لكينزميل بوند، وهو استراتيجي في مؤسسة إمبر البحثية المتخصصة في الطاقة.
كلما انعزلت الولايات المتحدة عن بقية العالم، ازدادت قدرتها على اللحاق بالركب، وستتخلف الولايات المتحدة عن الركب، هذه مأساةٌ لصناعة الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، لكن ثمة فرصًا سانحة للجميع، كما قال.
توصل تحليل أجرته منظمة حملة المناخ 350.org إلى أنه على الرغم من ارتفاع التكاليف وانخفاض الاستثمار الأخضر في الولايات المتحدة، فإن الحرب التجارية التي يشنها ترامب لن تؤثر على التحول في مجال الطاقة وتجارة الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
وأضاف، أن الولايات المتحدة “مجرد طرف ثانوي، وليست لاعباً عالمياً” في سباق إنهاء استخدام الوقود الأحفوري.
وأوضحت، أن 4% فقط من صادرات الصين من التكنولوجيا النظيفة تذهب إلى الولايات المتحدة، في قطاع تجاري شهد نمواً في حجم المبيعات بنحو 30% العام الماضي.
قال أندرياس سيبر، المدير المساعد في منظمة 350.org “لن تُبطئ رسوم ترامب الجمركية التحول العالمي في مجال الطاقة، بل ستُلحق الضرر بالمواطنين العاديين فقط، وخاصةً الأمريكيين”.
وأضاف: “لا يُمكن إيقاف التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، سواءً بوجوده أو بدونه. خطوته الأخيرة لن تُؤثر كثيرًا على سوق الطاقة النظيفة المزدهر، بل ستُعزل الولايات المتحدة وستُزيد من تكاليف المستهلكين الأمريكيين”.
وقال أحد كبار المديرين التنفيذيين في شركة أوروبية كبيرة للطاقة المتجددة إن المطورين من المرجح أن يمضوا قدما في مشاريعهم الحالية في الولايات المتحدة ولكنهم في المستقبل ربما يستثمرون في أسواق أخرى.
قال المسؤول التنفيذي: “لذا لن نخفض جهودنا، بل سنتجه إلى مكان آخر”، وأضاف: “لا يوجد نقص في الطلب على مشاريع الطاقة النظيفة عالميًا، لذا لن نتراجع عن طموحاتنا، واستبعاد الولايات المتحدة قد يُسهّل إدارة سلاسل التوريد المُرهقة”.
الدول المستفيدة من استثمارات الطاقة الجديدة
من الدول التي يُتوقع أن تستفيد من الاهتمام الجديد من مستثمري الطاقة المتجددة، أسواق جنوب شرق آسيا الناشئة، حيث لا يزال الاعتماد على الوقود الأحفوري مرتفعًا والطلب على الطاقة يتزايد بسرعة هائلة.
كما برزت أستراليا والبرازيل كدولتين مرشحتين للاستفادة من هذا الاهتمام.
في مثل هذه الأوقات، ستسعى الدول بشكل متزايد إلى إيجاد حلول محلية، كما قال بوند، “وهذا يعني الطاقة النظيفة وسلاسل التوريد المحلية، هناك دائمًا أسباب مناخية تدفعنا إلى تبني نهج أخضر، ولكن هناك الآن أيضًا أسباب تتعلق بالأمن القومي.”
التحدي الذي يواجه الحكومات التي تأمل في اغتنام الفرصة التي يوفرها التراجع الأخضر في الولايات المتحدة يتمثل في طمأنة المستثمرين المتوترين بأنها توفر مكاناً آمناً للاستثمار في أجندة المناخ.
قال دارا فياس، الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة البريطانية (Energy UK)، وهي الهيئة التجارية المعنية بقطاع الطاقة في المملكة المتحدة: “لطالما كان اليقين هو ما يقول المستثمرون إنهم بحاجة إليه، تُعتبر المملكة المتحدة دولة مستقرة ذات حكومة مستقرة، ولكننا الآن، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى مضاعفة جهودنا لتوفير اليقين للمستثمرين”.
ووافق بوند قائلاً: “يُحب المستثمرون اليقين، لكنهم يُحبون أيضًا النمو والفرص، ولذلك هناك بعض الثقة في أنهم سيواصلون استثمار رؤوس أموالهم في هذا القطاع”.
الولايات المتحدة لا تزال مهمة
ورغم أن تباطؤ الاستثمار الأخضر ربما يقتصر إلى حد كبير على الولايات المتحدة، فإن هذا لا يزال يثير المخاوف بشأن التقدم المناخي العالمي، وفقا لمارينا دومينجيز، رئيسة الطاقات الجديدة في شركة الاستشارات ريستاد إنرجي.
الولايات المتحدة دولةٌ تُصدر كمياتٍ كبيرةً من الانبعاثات، لذا، فإن كل ما تفعله الولايات المتحدة لا يزال يُؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على التحوّل العالمي في مجال الطاقة وكيفية حساب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ، كما قالت.
تُعدّ الولايات المتحدة ثاني أكثر دولةٍ مُلوّثةٍ في العالم، بعد الصين، التي تُنتج ما يُقارب ثلاثة أضعاف انبعاثاتها الكربونية.
لكنّ تراجع الولايات المتحدة عن تبني الطاقة الخضراء يأتي في وقتٍ كانت تُخطّط فيه لزيادة الطلب المحلي على الطاقة بشكلٍ كبير.
بعد سنوات من الطلب المستقر نسبيًا على الطاقة، تتوقع شركة ريستاد نموًا بنسبة 10% في استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة نتيجةً لازدهار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وحدها.
ومن المرجح أيضًا أن يحتاج الاقتصاد إلى مزيد من الطاقة لدعم زيادة التصنيع المحلي مع تراجع الواردات من الصين.
في ظل غياب صناعة طاقة متنامية، من المرجح أن يأتي هذا من الوقود الأحفوري، مما يعني تزايد انبعاثات المناخ.
ومن المتوقع أن تستفيد الولايات المتحدة من وفرة الغاز الصخري لديها، لكنها تخطط أيضًا لاستخدام المزيد من الفحم في المستقبل.
في الأسبوع نفسه الذي فرض فيه ترامب تعريفاته الجمركية، وقع على أربعة أوامر تنفيذية تهدف إلى منع الولايات المتحدة من التخلص التدريجي من الفحم، وهو ما وصفه نشطاء المناخ في منظمة 350.org بأنه “إساءة استخدام للسلطة”.
وقالت آن جيلما، المديرة التنفيذية للمجموعة: “إن المحاولة الأخيرة للرئيس ترامب لفرض الفحم على الولايات المتحدة هي خيال خطير يعرض صحتنا واقتصادنا ومستقبلنا للخطر”.