والدة أسير إسرائيلي تتهم جنود الاحتلال بقتل ابنها ورفاقه بالغاز السام الذي ضخه في أحد أنفاق غزة
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
الجديد برس:
كشف الإعلام الإسرائيلي أن جيش الاحتلال انتشل من نفق في جباليا شمال قطاع غزة جثث الجنديين رون شيرمان ونيك بايزر والمدني إيليا توليدانو، اللذين أسرتهما المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر.
وأثار مقتلهما أسئلة لدى الإسرائيليين، وصفها الإعلام الإسرائيلي بـ”الصعبة والمقلقة، وتتطلب توضيحاً وكشفاً عاماً”.
هذه الأسئلة أثارتها الإسرائيلية معيان شيرمان، والدة الجندي الإسرائيلي رون، بعدما اتهمت في منشور نشرته في صفحتها في فيسبوك جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل ابنها بالغاز السام الذي ضخه في النفق.
وقالت والدة رون: “ابني قُتل بالفعل.. لكن ليس من قبل حماس.. وليس في إطلاق نار عن طريق الخطأ، وليس في نيران صديقة، قتل مع سبق إصرار وتصميم.. عبر قصف مع غازات سامة”، موضحةً أن “أصابع ابنها وجدت مسحوقة، ربما بسبب محاولاته اليائسة للخروج من قبر السم”.
وأضافت: “تم أسر رون بسبب إهمال إجرامي من كل مسؤولي الجيش والحكومة الفاسدة الذين أعطوا الأمر بتصفيته من أجل تصفية حسابات” مع حماس.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي رد على اتهمات والدة رون بـ”مراوغة”، وكان جوابه يعد “تملصاً”، ويهدف إلى “إسكات النقاش وإثارة الشكوك في أقوال الأسرة من دون إنكارها مباشرة”.
وبحسب قولها، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال: “لم يكن من الممكن تحديد سبب موت الأسرى الثلاثة. وفي هذه المرحلة، لا يمكن استبعاد أو تأكيد أنهم قتلوا نتيجة الاختناق أو الخنق أو التسمم أو عواقب هجوم للجيش الإسرائيلي أو عملية لحماس”.
ورأت صحيفة “هآرتس” أنه “يجب عدم قبول تهرب” المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي من اتهامات والدة رون. وسألت الصحيفة: “هل استخدم الجيش الإسرائيلي الغازات السامة في قطاع غزة لقتل الذين كانوا في الأنفاق؟ وهل أخذ “الجيش” حياة الأسرى بعين الاعتبار أصلاً عند اتخاذ قرار التعامل مع الأنفاق أم أن الاعتبار الوحيد في هذا الأمر هو الحاجة العملياتية لضرب عناصر حماس؟”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
فتح المخطوفة.. هل ينجح العالول ورفاقه في تحريرها؟
صمت مطبق لف أركان قيادة السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) عقب تنفيذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، نسبته مصادر صحفية إلى تعليمات مباشرة من الرئيس محمود عباس لقادة الصف الأول في الحكومة واللجنة المركزية لحركة فتح، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعدم إصدار أي تصريحات لوسائل الإعلام حول الأحداث في قطاع غزة.
تيار أضعف الإيمانلم يكد يمضي الأسبوع الأول، حتى كسر القيادي في حركة فتح وعضو اللجنة المركزية، عباس زكي، الصمت حول ما يجري في القطاع، مشيدًا بعملية طوفان الأقصى التي قال إنها أعادت النهوض بالقضية الفلسطينية، موجهًا الشكر لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي على النجاح الذي حققته العملية، وهو ما قوبل برد فوري من حركة فتح التي قالت في بيان منسوب لمصدر لم يصرح باسمه عبر وكالة الأنباء الرسمية "وفا" إن تصريحات زكي تمثل نفسه ولا تعبر عن موقف حركة فتح أو منظمة التحرير.
مع مرور الأسابيع والشهور، وتصاعد الجدل في قيادة حركة فتح ومنظمة التحرير عن الموقف من حرب الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة، وانقسام الآراء في الدور المنوط بالحركة، لوحظ إعلاميًا انقسام الصف الفتحاوي إلى تيارين: يضم الأول كلًا من عباس زكي، محمود العالول، وجبريل الرجوب، الذين أطلقوا في نهاية 2023 ومطلع 2024، تصريحات إعلامية تشيد بعملية طوفان الأقصى دون التطرق لحركة حماس تلميحًا أو تصريحًا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شابه أباه فظلم.. من أين جاء سموتريتش وماذا يريد؟list 2 of 2يوم أدار حنظلة ظهره لماجد فرجend of list إعلانوتزعم حسين الشيخ وماجد فرج التيار الثاني الذي سعى إلى ترسيخ النأي بالنفس عن كل ما يجري، بل ودفع السلطة الفلسطينية إلى قمع أي حراك مناصر لغزة على الأرض، وتصعيد المواجهة أمنيًا ضد الشارع الفلسطيني والتي بلغت ذروتها بإطلاق الحملة الأمنية ضد مجموعات المقاومة في مخيم جنين.
وبالعودة إلى الانقسام من عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فقد تواترت تصريحات لمحمود العالول في ديسمبر/كانون الأول 2023، قال فيها وعبر التلفزيون الرسمي للسلطة الفلسطينية، إن "ما جرى في 7 أكتوبر، مبرر بسبب الاحتلال وجرائمه المتواصلة"، وسبق ذلك التصريح، لقاء للعالول مع صحيفة القدس العربي في نوفمبر من ذات العام نفسه تمنى فيه أن "يتعلّمَ الجميع درس 7 أكتوبر"، مضيفًا أن ما حصل سيتكرر بعد عامين أو خمسة أعوام إن لم يُعط الأمل للشعب الفلسطيني والسعي نحو أفق سياسي للحل"، وفي ذات الفترة وصف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب عملية "طوفان الأقصى" بأنها "زلزال وحدث غير مسبوق، وحربا دفاعية مليئة بالملاحم والبطولات ، يخوضها الشعب الفلسطيني".
ابن الجرمق.. رجل فتح التوافقي
حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان ينظر إلى العالول في سيناريوهات ما بعد عباس، بأنه قد يكون المرشح التوافقي لأقطاب حركة فتح لتولي رئاسة السلطة الفلسطينية، وإبقائها ضمن نفوذ وسيطرة حركة فتح، وتجنيب الحركة مواجهة داخلية واقتتال قد يفضي إلى تمزق سيطرتها على المشهد الفلسطيني، وضياع مكتسباتها أمام صعود الغريم السياسي المتمثل في حركة حماس.
إذ إن مجرد توزيع المناصب التي كان يمسك عباس بزمامها على عدد من قيادات الحركة، لا يعني نزع فتيل المواجهة المرتقبة بعد رحيله بين هؤلاء القادة، في معركة الخلافة، وهو ما يقود للاعتقاد بأن خطاب الرجل الإعلامي، مرتبط بتعزيز حضوره الميداني لدى قواعد حركة فتح، وتقديمه كشخصية توافقية تحظى بإجماع الكل الفتحاوي، إذا ما كان إقصاء بعض وجوه المشهد الحالي، أو تصاعد حالة الرفض التنظيمي والشعب لها، خيارًا واردًا في قادم الأيام.
ولد محمود عثمان راغب العالول في الحادي عشر من ديسمبر /كانون الأول عام 1950 سليلًا لعائلة من أعيان مدينة نابلس، وتلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدارسها، قبل أن يرتحل إلى بيروت لينال درجة البكالوريوس في الجغرافيا من جامعة بيروت العربية.
إعلانوالتحق مبكرا بصفوف حركة فتح، ونشط داخل الأرض المحتلة، حتى اعتقاله عام 1968 ثلاث سنوات في سجون الاحتلال، الذي قرر عام 1971 إبعاده إلى الأردن، ليلتحق هناك بقواعد الحركة، ويتولى مناصب قيادية، قبل أن يغادرها قسرًا نحو لبنان عام 1973، بعد تدهور العلاقة بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير إثر أحداث أيلول الأسود.
وهناك شارك في تأسيس وقيادة الكتيبة الطلابية "كتيبة الجرمق" إحدى التشكيلات العسكرية التابعة لحركة فتح، التي ضمت نخبة الطلاب الفلسطينيين في جامعات العالم، وخاضت معارك شرسة ضد جيش الاحتلال وعملائه منذ السبعينيات، كان أشهرها معركة "الطيبة" و"قلعة شقيف" إبان الغزو الإسرائيلي للبنان.
وفي بلاد الأرز، تدرج "أبو جهاد" في المناصب القيادية لحركة فتح، حيث عمل برتبة عميد ضمن القطاع الغربي تحت إمرة الشهيد خليل الوزير وتولى إدارة مكتبه، كما كان أحد أعضاء المجلس العسكري لمنظمة التحرير بين أعوام (1975 – 1982).
خلال معارك اجتياح لبنان عام 1982، تولى العالول قيادة مجموعة فدائية لحركة فتح في البقاع وطرابلس، وتمكنت من أسر 8 جنود من جيش الاحتلال، تم إطلاق سراح 6 منهم في صفقة تبادل أسرى جرى بموجبها إطلاق سراح 4700 أسير فلسطيني ولبناني من سجن الخيام في لبنان، و65 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال داخل الأرض المحتلة.
عقب مغادرة قوات منظمة التحرير الفلسطينية لبنان، واصل العالول عمله برفقة الشهيد خليل الوزير في تونس، وكُلف برئاسة مكتب حركات التحرير الذي يضطلع بالتنسيق مع حركات التحرر العالمية، وتولى بعد اغتيال أبو جهاد عام 1988، منصب أمين سر لجنة الأرض المحتلة المكلفة بدعم الانتفاضة الأولى حتى عام 1994.
بعد عام كامل من توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل"، عاد العالول إلى الضفة الغربية بعد أن كان اسمه ضمن لائحة القيادات الفلسطينية الذين رفض الاحتلال عودتهم إلى قطاع غزة والضفة الغربية، وبدأ فصل جديد في سيرة الرجل ومسيرته، بتعيينه أول محافظ لمدينة نابلس في عهد السلطة الفلسطينية عام 1995 واستمر في منصبه لمدة 10 سنوات كاملة، إضافة لتوليه مسؤولية مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح، ورئاسة التنظيم في الضفة الغربية.
إعلانولم تكد تمضي 5 سنوات على تولي "أبو جهاد" منصب محافظ نابلس، حتى كان الرجل في أتون شرارة انتفاضة الأقصى التي انفجرت أحداثها على امتداد الأراضي الفلسطينية، ليودّع في ثالث أيامها بتاريخ الأول من أكتوبر/تشرين الأول نجله البكر جهاد، الذي ارتقى برصاص جيش الاحتلال في مواجهات على نقاط التماس في المدينة.
أصبحت نابلس في عين عاصفة الاجتياحات الإسرائيلية، وهدفًا دائمًا لعدوان الاحتلال الذي كان يصنفها كـ "عاصمة للإرهاب" في شمال الضفة، نظرًا لعدد العمليات الفدائية التي انطلقت منها، فتوالت عليها الإغلاقات وأيام الحصار ومنع التجول، ومنع وصول المنتجات الزراعية والمواد الخام، أو السماح بنقل منتجاتها، إضافة إلى تدمير مئات البيوت والمحال التجارية والمدارس والمساجد، واستهداف بلدتها القديمة.
خلال سنوات الاشتباك في نابلس، كان العالول إضافة إلى كونه محافظ المدينة، أحد مؤسسي "اللجنة الأهلية لدعم انتفاضة الأقصى"، والتي تشكلت كجهد شعبي تكافلي، لتقديم المساعدات لأهل المحافظة، والعمل على ترميم ما دمره الاحتلال، ودعم ورعاية عائلات الشهداء والجرحى.
وفي ذات السياق، كانت نابلس عنوانًا ونقطة انطلاق لكل محاولات وأد الانتفاضة والسيطرة عليها ميدانيًا، إذ شهدت منذ أواخر التسعينيات وحتى الشهور الأولى من انتفاضة الأقصى، ضربات قاسية للعمل العسكري، وكان سجن
الجنيد (الفلسطيني) في المدينة، محطة اعتقال وتوقيف ومحاكمة مرّ عليها السواد الأعظم من مطاردي شمال الضفة الغربية بتهم الانتماء للأجنحة العسكرية وتصنيع المتفجرات وحيازة السلاح، وحفظت جدرانه لشهور طويلة أسماء العشرات من الشهداء من محمود أبو الهنود* مرورًا بالجمالين(جمال منصور وجمال سليم) ودروزة والسركجي ومهند الطاهر وغيرهم الذين انطلقوا من الزنازين إلى حياة المطاردة والاشتباك والاستشهاد، بعد أن أطلقت السلطة الفلسطينية سراحهم عقب الغارات التي شنها الاحتلال على مقراتها مطلع الانتفاضة.
إعلان
سجن الجنيد المركزي، سيعود مجددًا للذاكرة الفلسطينية بعد رحيل العالول عن منصب محافظ نابلس، كعنوان لضرب البنية التحتية لحركة حماس في شمال الضفة بعد أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، حيث شهد اعتقال المئات من أنصار الحركة وكوادرها، وشهد وفيات منها فادي حمادنة من حركة حماس الذي قالت الحركة إنه قتل تحت التعذيب في أغسطس/آب 2009، بينما زعمت رواية السلطة أنه انتحر داخل زنزانته، إضافة إلى حادثة قتل "أبو العز حلاوة" ضربًا على يد أفراد من الأمن الفلسطيني عقب أحداث مخيم بلاطة عام 2016.
الحرس القديم.. صعود الرجل الثاني
برحيل عرفات وانتهاء انتفاضة الأقصى، وتولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، واصل محمود العالول صعوده إلى قمة الهرم السياسي الفلسطيني، بمراحل متتابعة، كانت بدايتها فوزه بمقعد في المجلس التشريعي عن حركة فتح في دائرة نابلس عام 2006، ثم توليه في مارس 2007 حقيبة وزارة العمل ضمن حكومة الوحدة الوطنية "حكومة هنية الثانية" التي أقالها عباس بعد 3 شهور إثر سيطرة حماس على قطاع غزة، وكلّف سلام فياض بتشكيل حكومة طوارئ، تسلّم فيها سمير عبد الله حقيبة العمل من العالول، الذي عاد إلى ممارسة مهامه التنظيمية داخل أطر حركة فتح، لتكون هذه آخر محطات العالول في المناصب الرسمية ضمن هيكل السلطة الفلسطينية حتى هذه اللحظة، وعودته إلى العمل التنظيمي في حركة فتح.
مع انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح في أغسطس 2009، انتُخب العالول عضوًا في اللجنة المركزية للحركة، ومفوضًا للتعبئة والتنظيم في المحافظات الشمالية، ليصبح أحد وجوه الحرس القديم ضمن اللجنة المركزية إلى جانب أبو ماهر غنيم وسليم الزعنون وعثمان أبو غربية وآخرين، في مقابل "كوتة" الحرس الجديد التي ضمت حسين الشيخ وجبريل الرجوب ومحمد اشتية وغيرهم، وحافظ العالول على هذه العضوية لدورة ثانية عقب المؤتمر السابع الذي انعقد في نوفمبر 2016، قبل أن يخطو خطوة متقدمة بانتخابه نائبًا لرئيس حركة فتح عام 2017 وهي المرة الأولى التي يُستحدث فيها هذا المنصب داخل حركة فتح، غير المرتبط برئاسة السلطة الفلسطينية.
"اتفاقية أوسلو انتهت ولم يبق منها إلا الاسم، وأن كل شيء مع هذا الاحتلال انتهى"
– محمود العالول
استحداث منصب نائب رئيس حركة فتح، جاء في حينه وسط تكهنات بإعلان الرئيس عباس عن استحداث منصبي نائب رئيس الحركة ونائب رئيس السلطة الفلسطينية، كمحاولة لتقسيم سيطرته على مفاصل منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة الفلسطينية وتفرده بقيادة هذا الثالوث منذ سنوات، وشاع في حينه -أي قبل انعقاد المؤتمر- أن منصب نائب قائد الحركة سيسند للأسير مروان البرغوثي كعنوان جامع لتيارات حركة فتح، وتحدثت مصادر صحفية أن عباس يفكر في تكليف اللواء ماجد فرج قائد جهاز المخابرات بمنصب نائب رئيس السلطة الفلسطينية، وأن هذا القرار قوبل باعتراض أوروبي، ونفت مصادر من حركة فتح صحة هذه الأقاويل.
إعلانصعود العالول إلى منصب الرجل الثاني داخل حركة فتح، تقاطع مع سيل من التصريحات الحادة التي كان يطلقها الرجل تعليقًا على أحداث المشهد الداخلي الفلسطيني، فقد وصف في ديسمبر 2017، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة بأنه "اغتيال لكل المعاهدات السابقة"، مضيفًا في تصريحات صحفية أن "اتفاقية أوسلو انتهت ولم يبق منها إلا الاسم، وأن كل شيء مع هذا الاحتلال انتهى".
وهو التصريح الذي قوبل بهجوم إسرائيلي على العالول، واتهامه بـ "التحريض على العنف والإرهاب"، وصل حد التهديد المباشر من منسق أعمال حكومة الاحتلال، يوآف مردخاي الذي خاطب العالول بالاسم في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك" قائلًا له "ممنوع التفوه بتصريحات تندم عليها لاحقًا".
غير أن مفردات "التمسك بكافة أشكال المقاومة"، باعتبارها حقًا مشروعًا للشعب الفلسطيني، بقيت تتكرر في تصريحات نائب القائد العام للحركة، علاوة على موقفه الثابت بالدعوة إلى إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية مع حركة حماس، ودعوتها والجهاد الإسلامي إلى حضور اجتماعات مركزية لحركة فتح في عدة محطات، رغم أن العالول سبق ووصف في أبريل/نيسان 2019، ما اصطلح على تسميته بـ "تفاهمات إنهاء مسيرات العودة" التي توصلت لها حماس بوساطات قطرية مصرية مع الاحتلال بأنها "مقدمة لتمرير صفقة القرن"
خريف السلطة.. زمن الكتيبة والعرينيواظب "أبو جهاد" على تعزيز حضوره وتواجده الميداني على الأرض، ولا تغيب عن الأخبار المحلية، تصريحاته في اللقاءات أو الفعاليات الرسمية والتنظيمية، حيث يشكل الرجل ما يمكن وصفه بالرافعة الشعبوية لحركة فتح، على نقيض وجوه الحرس الجديد، المرتبطين بالسلطة الفلسطينية، ومهامهم الرسمية، وارتباطاتهم محليًا وإقليميًا، وليس أدل على ذلك من تبعات جريمة اغتيال الناشط نزار بنات في يونيو/حزيران 2021، وانفجار مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة في رام الله ضد السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية.
إعلانوقد ردت عليها حركة فتح بالمشاركة المباشرة في قمع المظاهرات بعنف مفرط، والاستعانة بأبناء التنظيم والشبيبة على الأرض بزيهم المدني للمشاركة في مواجهة المتظاهرين على المنارة، ليأتي تعليق العالول على هذه الأحداث بإطلاق تهديد علني لمعارضي السلطة الذين وصفهم بـ "الآخرين"، قائلًا في مظاهرة مضادة نظمتها حركة فتح في رام الله بتاريخ 10-07-2021، "نرجوكم ألا يستفز أحدكم فتح، وإذا استفززتم فتح فإنها لن ترحم أحداً"، والتي عاد العالول للاعتذار الخجول عنها في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، قائلًا "إنّنا لسنا أنبياء، فنحن بشر، وواردٌ أن نخطئ، وجاهزون لأن نصلح الخطأ".
حضور العالول على الأرض، تواصل مع اشتداد زمن الاشتباك، وتمدد مجموعات المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وظهور تشكيلات "كتيبة جنين" و"عرين الأسود" التي شكّل أبناء فتح ثقلا نوعيًا فيها، وسجلوا حضورًا بارزًا في صفوف المقاتلين وقوائم الشهداء، وبينما كانت السلطة تجرب خيارات معالجة ظاهرة العرين، بالمساومات والاعتقالات، ومحاولات شق الصفوف وكسر النواة الصلبة لهذه التشكيلات، كان العالول حاضرًا بتصريحاته الداعية إلى تصعيد المقاومة ضد الاحتلال بكافة الوسائل، موجهًا رسائله إلى كوادر "فتح" بالدرجة الأولى.
وكانت لافتة زيارته إلى بيوت عزاء الشهداء الثلاثة في مسقط رأسه نابلس "مبروكة والدخيل والمبسلط" 2022/8/2، ونقله عبر هاتفه الشخصي كلمة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى أهالي الشهداء وحضور بيت العزاء، توعد فيها بـ "رد الصاع صاعين للعدو الصهيوني الغاشم". وهي الخطوة التي نظّر لها محللون في حينه بأنها قد تحمل إشارات غير معتادة من قيادة السلطة تجاه تصاعد اعتداءات الاحتلال، والتي عاد الواقع ونسفها بعد مشاركة السلطة في قمتي العقبة وشرم الشيخ، ممثلة بالوجه الصاعد للحرس الجديد، حسين الشيخ، أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأحد عناوين مرحلة ما بعد أبو مازن.
ما بعد عبّاسفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، وتعقيبًا على مجزرة الاحتلال في نابلس والتي ارتقى فيها 5 شهداء، منهم القيادي في "عرين الأسود"، الشهيد وديع الحوح، استضاف تلفزيون فلسطين محمود العالول للتعليق على الحدث، وطوال 46 دقيقة من عمر اللقاء، لفّ الغموض والحذر أجوبة العالول عن الأسئلة، مشيرًا في إجابته عن سؤال عن الرد الفلسطيني المتوقع، بأن لجنة من أعضاء تنفيذية المنظمة ومركزية فتح ووزراء حكومة اشتية، ستسلم الرئيس عباس توصيات حول اعتماد قرارات سابقة للمجلس الوطني بخصوص العلاقة مع الاحتلال، وسحب الاعتراف بـ "إسرائيل" ووقف التنسيق الأمني.
إعلانلكن ما أثار الانتباه في حديث العالول، إشارته لمن وصفهم بـ "البعض" من اتخاذ وتطبيق القرارات، وحملت إشارة إلى خلاف حقيقي داخل قيادة السلطة وفتح، وتعدد الوجهات والقناعات في الموقف من الاحتلال والمقاومة المسلحة، وهو أمر لا يخفى على الشارع والمراقب للأمور، ولوجوه السلطة التي تقود مساعي التهدئة، وإحياء التنسيق الأمني مع الاحتلال، وإعادة المشهد إلى مربعه الأول.
الخلافات ذاتها، هي محو نظرة الاحتلال وغيره لمرحلة ما بعد عباس، والترشيحات والافتراضات الإسرائيلية للشخصية التي يمكن أن تتولى مقاليد رئاسة السلطة بعد موت أبو مازن، لا يحضر العالول فيها بصفته من الأسماء الثقيلة في هذا الصراع، إلا أن تقارير إسرائيلية كانت قد أشارت إلى فرصة محتملة له على لسان المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل عام 2018، الذي أشار في مقال له إلى أن تخمينات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، تشير إلى العالول ضمن ثلاثة أسماء تمتلك فرصًا منطقية منها جبريل الرجوب، وماجد فرج صاحب الحظوظ المتدنية في المنافسة على خلافة عباس.
وترى تقارير أخرى أن الأسماء المرشحة فعليًا هي حسين الشيخ بعد أن أسند إليه الرئيس عباس عام 2022 منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وروحي فتوح رئيس المجلس الوطني الذي قد يتولى رئاسة المرحلة الانتقالية كما تولاها سابقًا عقب وفاة الرئيس ياسر عرفات، تمهيدًا لإسنادها للاسم الذي يمكن الاتفاق عليه لاحقًا، غير أن صعود أسهم الشيخ وفرصه، ليست بعيدة عن صراع الأجنحة في حركة فتح، والذي أشار إليه تقرير لقناة الحرة الأميركية وصفت فيه العالول بأنه "لا يقل أهمية ولا تأثيرًا" عن حسين الشيخ، مضيفة أنه "يتقلد موقع نائب رئيس حركة فتح، التي لن تخرج الرئاسة من تحت مظلتها، ويراه فتحاويون أكثر قوة داخل الحركة، وأكثر تعبيرا عن مواقفها، وخطها التاريخي".
إعلانسيناريوهات ما بعد عباس، تفترض مشهدين أولهما رئيس يمسك بكافة السلطات والمناصب في الحركة والمنظمة والسلطة كحال "أبو مازن" اليوم، وهو ما يطمح إليه الشيخ، والثاني يقتضي توزيع التركة على قادة فتح والسلطة، بفصل منصب قائد الحركة عن منصبي رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة الفلسطينية سعيًا لتفتيت محاور صراع المتنافسين، وهي الرؤية التي يتبناها العالول -الذي يعتقد أنه الأولى تاريخيًا وتنظيميًا بخلافة عباس من حسين الشيخ- وتتضمن عودة جميع المفصولين، وجمع الشتات الفتحاوي، وتقاسم المناصب بين القيادات الفتحاوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* 18 مايو 2001، كان محمود أبو الهنود يقضي عقوبة بالسجن لـ 12 عامًا في مقر المقاطعة في نابلس بتهمة الانتماء لكتائب القسام وبعد اعتقاله فور إصابته من السلطة الفلسطينية عام 2000، حيث تعرض مقر المقاطعة لقصف من طائرات "إف-16" في محاولة لاغتيال أبو الهنود، قتل فيها 11 شرطيًا فلسطينيًا، وتمكن أبو الهنود من النجاة حيا من تحت الأنقاض والعودة لحياة المطاردة.