نتنياهو بين فكى المعارضة وتراجع الحلفاء
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
دراكولا العصر نتنياهو فقد أعصابه، وبات مهتزًا ومترنحًا بصورة كبيرة بعكس ما يحاول إظهاره للمحيطين من أنه الأقوى، وأنه سوف يستمر، وأن خطته فى غزة تؤتى ثمارها، وكل شيء مدروس تمامًا، وأن المعركة سوف تحقق أهدافها، وتصبح إسرائيل ملاذًا أمنًا ليهود العالم، انطلاقًا إلى الحلم الأكبر المزعوم من المحيط إلى الخليج.
هذه الأوهام مردود عليها بالحجة والدليل ونبين خلال السطور التالية الأسباب الكامنة وراء الأرض المهتزة التى باتت تزلزل عرش رئيس وزراء الاحتلال.
أولًا: نتنياهو فى بداية المعركة على غزة قال إن قواتنا ذاهبة فى نزهة نقضى خلالها على حركة حماس تمامًا وتدمير غزة وتهجير الغزيين إلى دول الجوار، وغرته قوته وقوة داعميه، حيث وضع مخططًا زمنيًا مدته 15 يومًا فقط لإنجاز العملية الحربية بنجاح، ونحن الآن وبعد 108 أيام ما زالت إسرائيل فى غيها والمقاومة الفلسطينية تزداد قوة والرهائن اليهود فى خبر كان.
ثانيًا: نتنياهو الذى يدعى القوة والجبروت يحاول تحقيق أى نصر فى غزة، وفتح بؤر صراعات جديدة فى المنطقة ليهرب من مطاردة المعارضة والجبهة الداخلية وأهالى الرهائن ومطالبتهم له بإنهاء الحرب فورًا وتقديمه وقادة الجيش إلى محاكمات عاجلة بسبب الإخفاق فى القطاع، علمًا بأن نهاية هذه المحاكمات محسومة وقدما بأنها سوف تقضى فى أقل خسائرها على مستقبله السياسى إلى الأبد.
ثالثًا: صمود المقاومة الفلسطينية طوال هذه الأيام فى مواجهة حرب الإبادة الجماعية والدعم اللا محدود من أمريكا وأوروبا، وتصديها لترسانة الأسلحة والحرب جوًا وبرًا وبحرًا، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، والرد بقوة وضرب أهداف استراتيجية فى قلب تل أبيب، أصاب رئيس وزراء الاحتلال فى مقتل، وكشفت تقديراته الخاطئة تجاه المقاومة التى أشعلت مسارات المعركة فوق الأرض وتحتها وما زال فى جعبتها الكثير وتعمل وفق تكتيكات عسكرية وأنها دربت تدريبًا أربك صفوف الاحتلال.
رابعًا: ظهور خلاف كبير ومتصاعد بين الحكومة والجيش فى إسرائيل، حيث تحمل الحكومة الجيش المسئولية كاملة عن طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر وتبرئ نفسها، كما ينتقد وزراء بالحكومة أعضاء لجنة شكلها الجيش للتحقيق فى الهجوم الذى تعرضت له إسرائيل، وفى الوقت ذاته الجيش يعارض تعديلات نتنياهو للحد من سلطة القضاء.
خامسًا: بدأت الخلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية تتسرب إلى العلن، وبات الصراع واضحًا داخل مركز صناعة القرار بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، والقائد السابق للجيش الإسرائيلى بينى غانيتس، ويدور الصراع المحتدم حول نقطتين جوهريتين وهما: ما إذا كانت إسرائيل مطالبة بالتفاوض لإنهاء الصراع وتحرير الرهائن، والنقطة الثانية والأهم من يحكم القطاع المنكوب بعد انتهاء العرب؟
سادسا: مع تصاعد الضغوط من قبل واشنطن لتخفيف الهجمات على غزة لوقف بحور الدماء استجابة للرأى العالمى الشعبى المتصاعد، خاصة بعد فشل الحكومة الإسرائيلية فى مهمتها بالقطاع حتى الآن، فقد نتنياهو أعصابه حتى تجاه بايدن الحليف الأقوى والأبدى لإسرائيل، وبدأ يراهن على عدم استمرار إدارة بايدن فى الحكم وبالتالى لن تكون قادرة على اتخاذ أى قرار يؤثر على إسرائيل سلبا، مؤكدا أن فوز بايدن فى الانتخابات الرئاسية المقبلة أمر مستحيل بسبب تدنى شعبيته بعد موقفه مؤخرا من حرب غزة، وأن التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل فى حربها على غزة سيبقى مستمرا ولن يتأثر بتغير الإدارة الحالية.
باختصار.. نتنياهو يعيش أسوأ أيامه فقد تراجعت شعبيته بصورة كبيرة لأول مرة فى الداخل الإسرائيلى، كما أن خلافاته الحادة مع أعضاء الحكومة وخاصة وزير الدفاع الذى حاول اقتحام مكتبه ظهرت للعلن، وكادت الأوضاع تتدهور نحو شجار بالأيدى، فى الوقت ذاته بلغت خلافاته مع بايدن ذروتها وبدأت العلاقات تشهد تدهورا غير مسبوق، كما أنه يواجه ردود أفعال داخلية متصاعدة وصلت إلى دعوات للاعتصام المفتوح أمام منزله خلال الساعات المقبلة اعتراضا على الإخفاق الذى تعرض له الجيش فى غزة.
تبقى كلمة.. سيناريوهات الحرب فى غزة تسير جميعها فى اتجاه إنهائها قريبا، ونأمل أن يبقى مصير غزة وإدارتها فى أيدى أبنائها دون وصاية يهودية أو غربية تحت أى ظرف من الظروف، وإذا تطلب الأمر مساعدة لبسط الأمن وإعادة الاستقرار فى المرحلة الأولى فليكن الحل عربيا، فجراحنا لا تحنو عليها إلا أيدينا.. عاشت فلسطين عربية ودامت عربية أبد الآبدين.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة حرب غزة باختصار رئيس وزراء الاحتلال فى غزة
إقرأ أيضاً:
مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: أولوية حكومتنا «تحييد طيران الجيش» .. قال إن الحكومة الجديدة ستفرض السلام… وستعلن من الخرطوم
قال مستشار أول قائد «قوات الدعم السريع»، عز الدين الصافي، إن «حكومة السلام والوحدة» المزمع تشكيلها في السودان في غضون شهر من التوقيع على الميثاق السياسي التأسيسي والدستور المؤقت المقرر السبت، في نيروبي، ستعمل على امتلاك الآليات المتاحة لحماية المدنيين من القصف الجوي العشوائي الممنهج و«غير المسبوق»، الذي ظل يشنّه طيران الجيش السوداني على المدنيين، وأودى خلال أشهر قليلة بحياة أكثر من 5000 شخص.
وشدَّد الصافي في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، «على أن واجب الحكومة المقبلة هو وقف هذا القصف». وردّاً على سؤال ما إذا كانت «قوات الدعم السريع» تسعى لامتلاك أنظمة دفاعية متطورة مضادة للطيران، قال: «الحكومة ستوقع على كل البروتوكولات المعنية بامتلاك الأسلحة، التي لا تستطيع أن تمتلكها المنظمات العسكرية غير الحكومية»، وأضاف: «سيكون هناك جيش وطني وحكومة تخاطب الحكومات حول العالم، بما يُمكنها من استقطاب الدعم العسكري».
سنفرض السلام
وأشار الصافي إلى أن الامتياز العسكري الوحيد للجيش الذي «اختطف المؤسسات الحكومية»، هو سلاح الجو، «وإذا استطاعت الحكومة المقبلة تحييد سلاح الجو فسيتم فرض السلام، ولن يكون أمام الجيش خيار رفض التفاوض، وسيخضع لذلك، سواء كان التفاوض مع (قوات الدعم السريع)، أو بين حكومتين»، مشدداً على أن التأسيس الجديد سيفرض السلام في البلاد.
وقال مستشار «الدعم السريع» إنه لا يمكن أن يجزم بإمكانية تقديم بعض الدول دعماً عسكرياً للحكومة، ولا نتطلع إلى ذلك، وأضاف: «نحن قادرون على توفير كل الأدوات اللازمة لحماية مواطنينا، وما نتطلع إليه أن تساعدنا الدول في تحقيق السلام ووقف الحرب، ومعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها».
الاعتراف بالحكومة
وبشأن ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستجد اعترافاً، ذكر الصافي، أن حكومة بورتسودان «غير شرعية»، ولا تعترف بها أي دولة -على حد وصفه- لكنها باختطاف مؤسسات الدولة السودانية، استطاعت أن تحصل على كل أنواع الأسلحة.
وتابع: «الحكومة الجديدة ستطرح رؤيتها لتحقيق السلام، ونتطلع للتعاون مع حكومات الإقليم التي تدعم العملية السياسية السلمية لوقف الحرب، وأن تعترف بهذه الحكومة التي ستُمثل الشرعية في البلاد».
وقال: «الاعتراف الحقيقي سنحصل عليه من جماهير الشعب السوداني الذي حرم لأكثر من 24 شهراً (منذ اندلاع الحرب) من الخدمات والمساعدات الإنسانية، واستخدم كل من الجيش السوداني والميليشيات الإسلامية سلاح التجويع ضد المدنيين، ما أنتج عنه فجوات غذائية ومجاعة في كثير من مناطق البلاد». وأضاف: «الحكومة المزمع تشكيلها ستكون قادرة على القيام بواجباتها الأساسية في توفير الحماية والأمن وكل الخدمات للمواطنين». وأشار إلى أن «الدول الصديقة والشقيقة والأوروبية الحريصة على السلام والمنظمات ستتعاون معنا، وستقدم المساعدات الإنسانية، وتسهم في تعمير ما دمرته الحرب، بغض النظر عن الاعتراف السياسي بالحكومة».
إعلان الحكومة من الخرطوم
وكشف مستشار «الدعم السريع» «عن أن إعلان الحكومة الجديدة سيكون من داخل العاصمة الخرطوم»، مؤكداً أنها لن تكون حكومة منفى، أو تعلن في كينيا، أو في أي دولة أخرى. وقال إن ما يجري في كينيا مشاورات سياسية بين القوى السياسية والمجتمعية للتوافق على ميثاق سياسي تأسيسي، وسبق لدولة كينيا أن احتضنت محادثات السلام التي جرت بين الأطراف السودانية في السنوات الماضية، ونجحت وساطتها في توقيع اتفاق «نيفاشا» للسلام الشامل في السودان 2005.
وقال: «تمت إجازة الميثاق السياسي التأسيسي للحكومة، ويجري حالياً وضع اللمسات النهائية للدستور المؤقت، (سيتم التوقيع عليه السبت) في نيروبي كما تم اعتماد البرنامج الإسعافي للحكومة».
وأضاف نحن الآن في المرحلة النهائية من المشاورات بشأن تشكيل الحكومة من داخل السودان، تعقبه تسمية أعضاء السلطة في مستوياتها السيادية والتنفيذية، واختيار الوزراء، بالإضافة إلى تعيين حكام في كل ولايات السودان (18 ولاية). وأكد الصافي أن أقصى مدى زمني لإعلان الحكومة لن يتجاوز الشهر بعد التوقيع على مسودة الدستور المؤقت.
الحلو ستوقع والنور في الطريق
وبشأن انضمام «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، إلى السلطة الجديدة، قال: «لقد جرت نقاشات عميقة بين اللجنتين المكونتين من القوى السياسية و(الحركة الشعبية)، وتم التوصل إلى الصيغة النهائية للميثاق السياسي، مع إضافة كل الملاحظات التي أبديت من طرفها. نحن متوافقون تماماً على الميثاق، ولا تزال النقاشات مستمرة حول الدستور المؤقت». وتابع: «بعد اكتمال الترتيبات ووصول وفد (الحركة الشعبية) بالكامل إلى نيروبي سيشاركون في مراسم التوقيع».
من اليمين عبد العزيز الحلو «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والرئيس الكيني ويليام روتو ورئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك وعبد الواحد محمد نور رئيس «حركة تحرير السودان» خلال توقيع وثيقة سياسية في نيروبي مايو 2024 (منصة «إكس»)
من اليمين عبد العزيز الحلو «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والرئيس الكيني ويليام روتو ورئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك وعبد الواحد محمد نور رئيس «حركة تحرير السودان» خلال توقيع وثيقة سياسية في نيروبي مايو 2024 (منصة «إكس»)
وأشار الصافي إلى أن «الاتصالات مع رئيس (حركة تحرير السودان)، جناح عبد الواحد محمد النور، لم تنقطع، وأن المواقف بيننا ليست بعيدة من الوصول إلى اتفاق كامل حول الميثاق السياسي، وقد تكون المفاجأة انضمام عبد الواحد للسلطة».
التأييد الشعبي
وأكد الصافي أن الحكومة الجديدة تُمثل قطاعات واسعة من السودانيين، وكسبت التأييد الشعبي قبل الإعلان عنها، مشيراً في هذا الصدد إلى المسيرات التي خرجت في عدد من مدن دارفور داعمة للحراك السياسي الجاري بالميثاق السياسي التأسيسي الذي سيفضي لتشكيل حكومة قومية في كل البلاد.
وقال: «بعد تشكيل الحكومة، ستتوجه وفود إلى دول الإقليم وبعض الدول الغربية لشرح رؤيتها وخططها الإسعافية، وتدعوهم لدعمها، كما أعدت لجنة الاتصال الخارجي برامج كاملة للتواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والبعثات الدبلوماسية».
(الشرق الأوسط) نيروبي: محمد أمين ياسين