في ظل المخططات والمشاريع الهدَّامة، التي تستهدف تفتيت واختراق العالمين، العربي والإسلامي، خصوصًا مصر، بات واضحًا تلك المحاولات التي تستهدف النَّيْل منها، عن طريق الإنهاك البطيء، وتصدير الأزمات، و«إشعال الحرائق»، على حدودنا، من جميع الاتجاهات.
الآن، ومع استمرار عدوان «إسرائيل» الوحشي على الفلسطينيين، وتغير موازين القوى بالمنطقة، نتصور أنه يمكن لمصر أن تتبنَّى رؤية جديدة في علاقاتها بمحيطها، لتحقيق مصالحها واستراتيجيتها الخاصة بها، بالتوازي مع دورها الإقليمي والحفاظ على أمنها القومي.
لذلك نعتقد أن هناك ضرورة لمراجعة تلك «القطيعة» التي تشهدها علاقات طهران بالقاهرة، منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، ولم تتجاوز حد «الواجبات» الدبلوماسية، بل إنها حافظت دائمًا على «حالة الجمود» خلال تلك العقود!
ما يحدث الآن بالعديد من الأزمات والملفات الساخنة في المنطقة، يدعو إلى تغيير النظرة السابقة، التي استمرت 45 عامًا، وارتبطت بالتخوف المحتمل من زيادة التدخل الإيراني، وتعزيز النفوذ الفارسي، ونشر المذهب الشيعي.
يجب إدراك أن هناك مصالح مشتركة ستتحقق من خلال هذا «التقارب»، خصوصًا أن هناك «تطبيعًا كاملًا» في العلاقات، بين طهران وكافة الدول العربية والخليجية، كما أن إيران ومصر والسعودية والإمارات، يجمعها الآن تحالف «بريكس».
ما يحدث على حدودنا من جميع الاتجاهات، والتوتر الموجود في البحر الأحمر، يدعواننا لإعادة التفكير، خصوصًا أن بعض الأدبيات المتوارَثة، سقطت إلى غير رجعة، ولم يعد هناك ما يسمى بـ«المدّ الشيعي»، أو «تشيُّع» المصريين، فالإيرانيون يعلمون تمامًا أن شعب مصر غير قابل للتحول.
كما أن التخوف من ذلك «التقارب»، الذي ظل حلمًا لطهران، مردّه أن إيران لم تكن بلدًا سُنِّيًّا، ثم تحولت بعد ثورتها إلى دولة شيعية، كما أنها ندرك أن نموذجها لم ولن يُطبق في مصر، بسبب تمسك المصريين بوسطيتهم، التي لم يستوعبها منظِّرو تيارات الإسلام السياسي حتى الآن، ولذلك نشك كثيرًا في أن إيران بعد هذا التقارب ستتحول لأهل السنة، أو أن المصريين سيتشيَّعون في المستقبل.
وبلغة المصالح والسياسة، نتصور أن مصر تحتاج إلى نهج جديد يعتمد على النديَّة في علاقاتها، لتحقيق المنافع، دون أيِّ مساس بالثوابت الوطنية والعربية والإسلامية، خصوصًا لدعم الاقتصاد، سواء أكان من خلال التبادل التجاري، أو فتح أسواق جديدة، ستعود بالنفع على الجانبين، وذلك ليس بخافٍ على أحد، ولكن في حدود ما نسمح به نحن.
أخيرًا.. هناك سؤال مشروع وموضوعي، حول مسألة التشيُّع، والتحذيرات الممنهجة في هذا الخصوص، والذي يُمكن قلبه بسهولة: «إذا كانت المسألة عقائدية، لماذا لا يكون التقارب المصري الإيراني فاتحة لتسنُّن الإيرانيين، وفرصة للمدِّ السنِّي في بلاد فارس»؟
فصل الخطاب:
يقول «محمد الماغوط»: «ماذا يعنيني من السفن التي تعبر المحيطات وتشق عباب الموج، وأنا لا أستطيع أن أعبر زقاقًا موحلًا طوله متران؟».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود زاهر السنة والشيعة الثورة الايرانية المقاومة الاسلامية غزة الكيان الصهيونى العدوان الإسرائيلى خصوص ا
إقرأ أيضاً:
استطلاع.. الأمريكيون قلقون من تقارب ترامب مع روسيا
أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته رويترز/ إبسوس، أن أكثر من نصف الأمريكيين، ومن بينهم واحد من كل 4 جمهوريين، يرون أن الرئيس دونالد ترامب "يميل أكثر من اللازم" نحو روسيا، وذلك في ظل جهوده لإعادة تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأظهر الاستطلاع الذي أُجري على مدى يومين وانتهى الأربعاء، أن الأمريكيين لا يحبذون سياسات ترامب التوسعية، وذلك بعد حديث الرئيس المنتمي إلى الحزب الجمهوري عن رغبته في السيطرة على غرينلاند وكندا وقناة بنما.
واتفق 56 % من المشاركين، بينهم 89% من الديمقراطيين و27% من الجمهوريين، مع مقولة أن ترامب يتقرب من موسكو أكثر من اللازم.
وعارض 40 % من المشاركين ذلك فيما أحجم 4% عن الإجابة على السؤال.
وتبدلت السياسة الخارجية الأمريكية منذ أن بدأ ترامب ولايته الثانية في يناير (كانون الثاني)، ومثال على ذلك انتقاده للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بشدة في اجتماع بثه التلفزيون، ووصفه بأنه غير ملتزم بالسلام مع روسيا، التي كانت خصم بلاده في الحرب الباردة.
وأثار التحول الأمريكي تجاه موسكو في عهد ترامب، الذي أبدى إعجابه من قبل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دهشة حلفاء الولايات المتحدة، مما أدى إلى نقاش في أوروبا حول ما إذا كان يتعين على حلفاء واشنطن الدفاع عن أنفسهم دون الاعتماد على مساعدتها.
ويقول ترامب إن موقفه ضروري لإنهاء الحرب، وهو ما تعهد خلال حملته الانتخابية بتحقيقه في أول يوم له في منصبه.
كما أيد 44% من المشاركين في الاستطلاع خطة ترامب "بربط الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا بحصول الولايات المتحدة على حصة من ثروات أوكرانيا المعدنية". وأيد هذه الفكرة ثلثا الجمهوريين، وكذلك واحد من كل 5 ديمقراطيين.
Americans have little interest in Trump's stated goals of expanding territory, the Reuters/Ipsos poll shows, as he eyes Greenland, talks of making Canada a 51st state, discusses retaking control of the Panama Canal and floats leveling and redeveloping Gaza https://t.co/51QnjWgM1R pic.twitter.com/JkP5H9XZsA
— Reuters (@Reuters) March 13, 2025 تأييد لا يُذكر للتوسعوأظهر الاستطلاع أن الأمريكيين لم يُبدوا اهتماما يُذكر بأهداف ترامب المعلنة لتوسيع الأراضي الأمريكية، إذ يتطلع إلى ضم غرينلاند، ويتحدث عن جعل كندا الولاية رقم 51، ويناقش استعادة السيطرة على قناة بنما، ويطرح فكرة إعادة تطوير قطاع غزة، مما قد يؤدي إلى تهجير 2.1 مليون فلسطيني يعيشون هناك.
وعند سؤالهم عن القضايا التي ينبغي لترامب منحها الأولوية، اختار 1% فقط من المشاركين توسيع الأراضي الأمريكية، مقارنة بنسبة 61% اختاروا التصدي للتضخم، و13% قالوا إنه ينبغي أن يركز على تقليص عدد موظفي الحكومة الاتحادية.
وأيد 17 % فقط من المشاركين، منهم 26% من الجمهوريين، هدف ترامب في ضم كندا.
وأيد حوالي 21% من المشاركين، منهم 34% من الجمهوريين، فكرة السيطرة على قطاع غزة لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
ورأى العديد من الخبراء أن مقترح ترامب بشأن غزة غير قابل للتنفيذ، وقالت منظمات حقوق الإنسان إنه قد يصل إلى مستوى التطهير العرقي.
ويحظى ترامب بدعم أقوى بعض الشيء فيما يتعلق بأهدافه في السيطرة على غرينلاند وقناة بنما.
وفي استطلاع رويترز/ إبسوس، قال 65% من الجمهوريين إنهم يوافقون على عبارة "يجب على الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما لحماية اقتصادها". بينما عارضها حوالي 89% من الديمقراطيين.
ووافق نحو 45% من الجمهوريين على عبارة أن الولايات المتحدة يجب أن "تسيطر على غرينلاند حتى يتمكن الجيش الأمريكي من حماية البلاد بشكل أفضل"، في حين عارض 88% من الديمقراطيين هذا الرأي.
وشمل الاستطلاع الذي أجرته رويترز/ إبسوس عبر الإنترنت وعلى مستوى البلاد 1422 بالغا من الولايات المتحدة، بهامش خطأ يبلغ ثلاث نقاط مئوية.