"لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا طعام، نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك" هكذا استهل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حديثه بعد يومين من طوفان الأقصى.

وبعد 108 أيام من بدء العدوان على قطاع غزة بات أهالي شمال القطاع على شفير مجاعة حقيقية تهدد من نجا من القصف العشوائي للاحتلال بالموت جوعا، وهو ما أكده المدير العام لمكتب الإعلام الحكومي بغزة اسماعيل الثوابتة.

ففي تصريحات للجزيرة أشار الثوابتة إلى أن أكثر من 400 ألف فلسطيني يعيشون مجاعة حقيقية في محافظة شمال القطاع، وطالب السلطات المصرية بالإسراع في فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية.

وأكد أن أكثر من 9 آلاف فلسطيني استُشهدوا بسبب غياب الرعاية الصحية، بينما يتفشى أكثر من 20 مرضا مختلفا في أوساط النازحين.

مظاهر المجاعة بدأت عندما بدأت المعلبات، التي اعتمد عليها أهالي القطاع في غذائهم منذ بدء العدوان، تختفي من الأسواق وتبعها دقيق القمح الذي خلت منه الأسواق ليتجه الفلسطينيون إلى طحن حبوب الذرة والشعير المخصصة لصناعة أعلاف الحيوانات.

أطفال جوعى

في سوق مخيم جباليا شمال القطاع كان التعب والإرهاق يبدوان على آمال شعبان وهي تبحث عن دقيق القمح الأبيض لتطعم أطفالها الـ5، لكنها لم تعثر على ضالتها لتقرر شراء القمح الكامل المطحون.

وتقول لم أجد الدقيق الأبيض فاشتريت 3 كيلوغرامات من دقيق القمح، وهذا مصنوع من "قمح رديء للغاية مخصص أصلا علفا للحيوانات".

تكمل آمال، حديثها بإبراز ما كان عليه العديد من سكان شمال القطاع، نأكل الأرز منذ فترة طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 3 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ، تكمل السيدة الفلسطينية.

وفيما تغرورق عيونها بالدموع تضيف آمال أن الخبز الذي نصنعه من هذا الدقيق "طعمه سيئ للغاية ولا يتقبله الأطفال" بأي شكل لكن لم أجد غيره فاشتريته، "سأحاول إقناعهم بالأكل منهم".

شراء 3 كيلوغرامات من الدقيق يكلف الفلسطيني يوميا 50 شيكلا (نحو 14 دولارا)، وهو ما باتت آمال تجد صعوبة في توفير هذا المبلغ، فقد دفعت آخر ما تبقّى لديها في شراء علف الدواب ولا يوجد لديها أي نقود تشتري بها.

مجاعة حقيقية تهدد أهلنا في شمال غزة، بعد نفاذ الطحين والرز من الأسواق بدأت الناس في طحن الذرة المخصصة لعلف الحيوانات للحصول على الخبز. pic.twitter.com/jMiH0zv7Dx

— بلال نزار ريان (@BelalNezar) January 21, 2024

مأساة متعددة

لأسرة مكونة من 7 أفراد يبحث عبد الرحيم الجربي عن طعام في سوق مخيم جباليا، بعد نفاد ما كان يحتفظ به من دقيق، فقد كانت الأسرة تعيش على الخبر والشاي طول فترة العدوان.

يقول الجربي لم نعد نفهم شيئا، نتجول طوال الليل والنهار بحثا عن دقيق يكفينا ليوم واحد فقط، ولا نجد.

لا نعرف ماذا نأكل، رطل (3 كيلوغرامات) الدقيق يتراوح ثمنه بين 50 إلى 60 شيكلا (13 إلى 15 دولارا) ولا ندري من أين سنحضر كل هذه الأموال لنشتري الطعام لأطفالنا، خرجت تلك الكلمات منه كصراخ مكتوم.

يحاول المواطن الغربي أن يشرح ما يعانيه أقرانه من الرجال في غزة قائلا "يعيش الرجل الفلسطيني مأساة على جميع الأصعدة، فلا طعام ولا نوم جيدا بسبب استمرار القصف الإسرائيلي، ولا مياها صالحة للشرب".

وفيما يتواصل دخول الشاحنات بشكل شحيح إلى مناطق جنوب قطاع غزة، فلم تصل أي من تلك الشاحنات إلى محافظتي غزة والشمال.

مثل البشر

بائع البرتقال خالد عبد النبي، هو الآخر يواجه المشكلة ذاتها، فقد بدأ يجمع طعام الحيوانات ليأكله ويطعم أفراد أسرته.

ينفجر عبد النبي غاضبا عند حديثه عما يواجهه لإطعام أسرته "هذه ليست حياة، أنا أحصل على 20 شيكلا يوميا (نحو 7 دولارات)، وهذا المبلغ لا يكفي لشراء نصف رطل (1.5 كيلوغرام من الدقيق)، الوضع صعب بدنا (نريد) دقيقا وطعاما ومياها مثل البشر".

ويضيف "لدي طفل وطفلة مش قادر (لا أستطيع أن) أطعمهم، حياتنا سيئة للغاية، نريد أن نعيش حياة كريمة".

محمد حمادة صاحب مطحنة للحبوب بمخيم جباليا، يؤكد نفاد الدقيق الأبيض من الأسواق بشكل كامل، ويشير إلى أن ما يوجد في السوق الآن دقيق الذرة فقط.

ويشير إلى أنهم كانوا يطحنون الأرز، ولكن بسبب ارتفاع أسعاره توقفوا عن ذلك وبدؤوا بصنع الدقيق من الذرة وحبوب الشعير المخصص لأعلاف الحيوانات.

⛔على طول 4.5 كيلومتر تتكدس شاحنات الإغاثة عند #معبر_رفح من جهة #مصر! هذه الصورة من الأقمار الصناعية بتاريخ 20 يناير
كل دقيقة يتأخر فيها إدخال الشاحنات تنهش المجاعة أكثر بأهل غـ..زة ولمن لم يعلم بعد، سبق أن فسدت الكثير من المساعدات بسبب طول انتظارها على الحدود#افتحوا_المعبر
For… pic.twitter.com/odiX2QTUiH

— Murad Kwatly (@MuradSyr) January 21, 2024

لمواجهة أجواء المجاعة التي يمر بها القطاع ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المحافظتين بحاجة إلى ألف و300 شاحنة غذاء يوميا للخروج من حالة الجوع، بواقع 600 شاحنة للشمال و700 لغزة.

وفيما تقول إسرائيل إنها لا تمنع شاحنات المساعدات في معبر رفح الحدودي مع مصر تنفي القاهرة مسؤوليتها عن عدم إدخال المساعدات علما أن المعبر يشهد تكدسا للمساعدات التي وصلت للقطاع ولكن لم يتم إدخالها حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شمال القطاع دقیق القمح

إقرأ أيضاً:

دراسة: البلاستيك الدقيق قد يسبب اضطرابات عقلية وحركية خطيرة

#سواليف

كشفت دراسة حديثة عن ارتباط ارتفاع مستويات #البلاستيك_الدقيق في المياه بزيادة #خطر الإصابة بالإعاقات الجسدية والعقلية، ما يثير القلق بشأن تأثير هذه الجسيمات المجهرية على #صحة_الإنسان.

أجرى فريق من الباحثين تحليلا شمل أكثر من 200 موقع ساحلي في الولايات المتحدة، حيث قارنوا تركيز البلاستيك الدقيق في مياه البحر مع معدلات الإعاقات بين السكان، ووجدوا أن المناطق ذات المستويات الأعلى من التلوث البلاستيكي تسجل نسبا أكبر من المشاكل الصحية.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق أكثر عرضة بنسبة 16% للإصابة بإعاقة تمنعهم من العناية بأنفسهم، كما ارتفع خطر إصابتهم بمشاكل عقلية تؤثر على #التفكير و #الذاكرة بنسبة 9%، وزادت احتمالية تعرضهم لإعاقات حركية بنسبة 6%.

مقالات ذات صلة 5 فحوصات طبية مضللة تروج لها وسائل التواصل 2025/03/05

ورغم أن الدراسة لا تثبت بشكل قاطع أن البلاستيك الدقيق هو السبب المباشر لهذه المشكلات، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن هذه العلاقة ظلت قائمة حتى بعد أخذ عوامل أخرى في الاعتبار، مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية.

وأوضح الدكتور سارجو غاناترا، من مستشفى لاهاي والمركز الطبي في بيرلينغتون بولاية ماساتشوستس، أن هذه النتائج تقدم رؤية جديدة حول كيفية تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة على صحة الدماغ والجهاز العصبي. وأضاف أن معالجة هذه المشكلة قد تكون معقدة بسبب اختلاف توزيع البلاستيك في المياه، نتيجة للتيارات المحيطية والعوامل البيئية الأخرى.

وتعزز هذه النتائج القلق المتزايد بشأن المخاطر الصحية للبلاستيك الدقيق، إذ كشفت أبحاث سابقة عن ارتفاع مستوياته في أدمغة البشر على مدى السنوات الأخيرة. ففي دراسة حديثة، وُجد أن أدمغة المتوفين في عام 2024 تحتوي على بلاستيك دقيق بنسبة 50% أكثر مقارنة بعام 2016. كما أشارت دراسة صينية إلى أن هذه الجسيمات قد تسبب جلطات دموية في الدماغ، ما يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والأمراض النفسية مثل الاكتئاب.

ومع استمرار انتشار البلاستيك الدقيق في الهواء والماء والغذاء والملابس وحتى في أنسجة الجسم البشري، تتزايد الحاجة إلى دراسات أعمق لفهم تأثيراته الصحية طويلة الأمد.

من المقرر أن تعرض النتائج الكاملة لهذه الدراسة في الاجتماع السنوي الـ77 للأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب في أبريل المقبل.

مقالات مشابهة

  • شاهد | شبح عودة الحرب يخيم على اقتصاد كيان العدو
  • روسيا.. زيادة إنتاجية محاصيل الذرة بواسطة بكتيريا
  • طريقة روسية مبتكرة لزيادة إنتاجية محاصيل الذرة باستخدام بكتيريا
  • صوموا تصحوا| كيف تتعامل مع الجوع والعطش دون إرهاق الجسم؟
  • هل تشعر الحيوانات بالناس قبل وفاتهم؟.. علي جمعة يجيب
  • دراسة: البلاستيك الدقيق قد يسبب اضطرابات عقلية وحركية خطيرة
  • انخفاض في أسعار الذرة والصويا الذرة وسط الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها الصين
  • حديقة الحيوانات في العين.. إفطار رمضاني مع الأسود والزراف
  • في ذكرى ميلادها.. قصة اغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى
  • شهيدان برصاص الاحتلال وسط رفح وإطلاق نار مكثف شمال وجنوب القطاع