تأملات الواقع في قصيدة «في مديح الظل العالي» لمحمود درويش
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
يعكس محمود درويش كغيره من شعراء القضية الفلسطينية صورة الواقع على الأرض المحتلّة، ويقدّم في أغلب نصوصه الشعرية خطابًا فنيًا محملًا بدلالات الوصف لما يدور هناك. ومنذ نصوصه الأولى استطاع درويش أن يجسّد صورة المقاومة في وجه المحتل، واستطاعت كلماته الشعرية وكلمات غيره من أدباء فلسطين أن تُدخل القلق والرعب في نفوس الاحتلال، الأمر الذي دفعهم لمواجهة الكلمة بالعنف، وهذا ما حصل لغسان كنفاني (1936-1972) الذي اغتيل بانفجار سيارته في بيروت، أو ناجي العلي (1937-1987) الذي اغتيل في لندن، وكانت رسوماته قد قدّمت نَقلةً مهمة في طبيعة المواجهة مع العدو.
جاءت قصيدة (في مديح الظل العالي) التي كتبها درويش عام 1983م متناولة طبيعة الصراع العربي مع الصهاينة وبالتحديد بعد اجتياح قوات الاحتلال لبيروت، فجاءت قصيدته واصفة واقع تلك الفترة، مقدمة ارتباطًا آخر بالقضية الفلسطينية في هيئة صراع آخر في بقعة عربية أخرى مع المحتل.
وكأنني بقصيدة (في مديح الظل العالي) تستقرئ الواقع العربي في أكثر من قِطْر، ورغم أنها استهلّت أسطرها بالإشارة إلى بيروت فإنها سرعان ما أحالت على الوجع والألم باجتياح العدو للأراضي اللبنانية. وهنا يقدّم درويش صورة مستمرة للصراع بين أطراف متعددة: العرب من جهة، والصهاينة وحلفائهم من جهة أخرى، إنه صراع مستمر انبنى على أيديولوجية قديمة العهد، أما المكان فهو واحد يتمثّل في البلدان العربية التي مارس فيها الكيان المحتل همجيته المتكررة.
يفتتح النص دلالاته بما يشبه المقدمة الطللية، يتناول فيها ذاكرةً مندسةً في الذهن والوجدان، إنها بيروت التي حضرت عند الشاعر في غير نص، بيروت التي يعشقها الشعراء والأدباء والمثقفون، يستحضرها الشاعر في لحظات الحب والوجع، يقول:
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ...
بحرٌ للنشيدِ المرِّ. هيَّأنا لبيروتَ القصيدةَ كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ
بحرٌ لراياتِ الحمامِ، لظلِّنا، لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ للزمانِ المستعارِ
ليديكَ، كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحرِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
واحملْ فراغَكَ... وانكساري
....واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ،
واستطاع القلبُ أن يعوي، وأن يَعدَ البراري
بالبكاء الحُرِّ...
بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا
دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراسًا.
ستتَّسعُ الصحاري
عمَّا قليلٍ، حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ...
هي هكذا بيروت حين يقرؤها الشاعر في محطات الحياة الصعبة، لكنها وجع متكرر يذكّره بالقضية، والأرض التي صارت لها نسخة متكررة يعبث بها اليهود. يشنُّ درويش دلالات غضبه على الواقع العربي، الذي صارت أراضيه مقسّمة ومفتتة كما أريد لها. لقد أيقظت بيروت مشاعر العروبة عند الشاعر ودفعته إلى معاتبة الواقع ومساءلته في صورة نص شعري محمل بدلالات الرفض والبكاء على الحال التي وصلت إليها البلدان العربية.
لقد جسّدت قصيدة (في مديح الظل العالي) معاني الغربة التي تحياها الشعوب المواجهة للكيان الغاصب، كما استحضرت القصيدة دلالات الوحدة في طياتها: فالمناضل وحيد في نضاله، والأرض وحيدة في المواجهة. لقد تكرّرت المفردات الدالة على الوحدة أو العزلة أو الإشارة إلى القيود التي يفرضها الزمان على المناضل. إنّ بيروت هي وجع آخر متكرر لدى الشاعر، وبيروت وفلسطين قضية واحدة في فعل المواجهة.
إنّ المتأمل في القصيدة يجد أنّها تعبير مطابق للواقع، وكأنّ درويش يصف الحال لحظة الكتابة الشعرية ويصف الحال بعد أعوام طويلة من الصراع، فالراهن اليوم يؤكد أن للمحتل صورة لم تتغير. يأتي هذا الخطاب ممتزجا بين السؤال والتعجب في دلالاته كما في قوله «كم كنت وحدك!»، الذي تكرّر في غير موضع من القصيدة. ويخاطب درويش الثائر في دروب المواجهة الحقيقية، وميادين الصراع الفعلي قائلاً:
لحمي على الحيطان لحمُكَ يا ابنَ أُمِّي
جَسَدٌ لأضربِ الظلالْ
وعليك أن تمشي بلا طُرُقٍ
وراءً، أو أماماً، أو جنوباً أو شمالْ
وتحرِّكَ الخطواتِ بالميزانِ
حين يشاءُ مَنْ وهبوك قيدَكْ
ليزيِّنوك ويأخذوكَ إلى المعارض كي يرى الزُوّار مجدَكْ
كَمْ كنتَ وحدكْ !
هي هجرةٌ أُخرى...
فلا تكتتب وصيتكَ الأخيرةَ والسلاما.
سَقَطَ السقوطُ، وأنت تعلو
فكرةً، ويداً، و...شاما!
لا بَرَّ إلاّ ساعداكْ
لا بحرَ إلاّ الغامضُ الكحليُّ فيكْ
فتقمَّصِ الأشياء خطوتَك الحراما
واسحبْ ظلالكَ عن بلاطِ الحاكمِ العربيِّ حتى لا يُعَلِّقها
وساماً
واكسرْ ظلالك كُلَّها كيلا يمدُّوها بساطاً أو ظلاما.
كسروكَ، كم كسروكَ كي يقفوا على سلقيك عرشا
وتقاسموك وأنكروك وخبَّأوك وأنشأوا ليديكَ جيشا
حطُّوك في حجرٍ... وقالوا: لا تُسَلِّمْ
ورموك في بئرٍ.. وقالوا: لا تُسَلِّمْ
وأَطَلْتَ حربَكَ، يا ابن أُمِّي
ألف عامٍ ألف عامٍ في النهارِ
فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرارِ
هم يسرقون الآن جلدكْ
فاحذرْ ملامحهم...وغمدَكْ
كم كنتَ وحدكَ، يا ابن أُمِّي،
يا ابن أكثرَ مِنْ أَبٍ،
كَمْ كُنْتَ وحدكْ !
ويقول متغنياً بالوحدة التي يحياها الثائر، مستخدما لفظة (وحدي) في غير موضع للتعبير عن حق النضال مشيراً إلى الهوية واللغة الرابطة بين أبناء العروبة:
وحدي أدافع عن جدارٍ ليس لي
وحدي أدافع عن هواء ليس لي
وحدي على سطح المدينة واقفٌ...
أَيُّوبُ ماتَ، وماتتِ العنقاءُ، وانصرفَ الصَّحابَهْ
وحدي. أراود نفسيَ الثكلى فتأبى أن تساعدني على نفسي
ووحدي
كنتُ وحدي
عندما قاومت وحدي
وحدةَ الروحِ الأخيرهْ
لا تَذْكُرِ الموتى، فقد ماتوا فُرادى أَو.. عواصمْ
سأراك في قلبي غداً، سأراك في قلبي
وأجهشُ يا ابن أُمِّي باللُغَهْ
لغةٍ تُفَتِّشُ عن بنيها، عن أراضيها وراويها
تموتُ ككُل مَنْ فيها وتُرمى في المعاجمْ
هي آخرُ النَّخل الهزيلِ وساعةُ الصحراءِ،
آخرُ ما يَدُلُّ على البقايا
كانوا، ولكنْ كُنْتَ وحدك
كم كنتَ وحدكَ تنتمي لقصيدتي، وتمدُّ زندكْ،
كي تُحوِّلها سَلالِمَ، أو بلاداً، أو خواتمْ
كَم كنتَ وحدكَ يا ابن أُمي
يا ابن أَكثرَ من أَبٍ
كَمْ كنتَ وحدكْ!....
تتأسس معاني الواقع في القصيدة عند عملية الربط بين المشاهد المتكررة وبين الفعل التاريخي المستعاد كما في استحضاره لـ: هيروشيما، وصبرا، وكفر قاسم، ودير ياسين، وشاتيلا. إنّ تداخل التاريخي المستعاد بالأحداث الآنية المتكررة أوجد تدافعاً في دلالات القصيدة، واتّساعاً في الوصف في الحديث عن القضية. وتحضر فلسطين في صورة بيروت أو صبرا أو شاتيلا أو هيروشيما، فالقاتل واحد، والقاصف واحد وإن تعددت الأمكنة، تحضر فلسطين في لحظة تطابق مع الواقع كما نشهده اليوم في غزة مع القصف والتدمير المتعمد:
بعد شهرٍ يلتقي كُلُّ الملوكِ بكل أَنواعِ الملوكِ من العقيدِ
إلى العميد، ليبحثوا خطر اليهود على وجودِ الله أَمّا
الآن فالأحوال هادئة تماماً مثلما كانت. وإن الموتَ يأتينا بكل
سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ مليون انفجار في المدينة
هيروشيما هيروشيما
وحدنا نُصغي إلى رعد الحجارة، هيروشيما
وحدنا نُصغي لما في الروحِ من عبثٍ ومن جدوى
وأمريكا على الأسوارِ تهدي كل طفل لعبةً للموتِ عنقوديَّةً
يا هيروشيما العاشقِ العربي أَمريكا هي الطاعون، والطاعونُ أمريكا
نعسنا. أَيقظتنا الطائرات وصوتُ أَمريكا
وأَمريكا لأمريكا
وهذا الأفق إسمنتٌ لوحشِ الجوِّ.
نفتحُ علبةَ السردين، تقصفها المدافعُ
نحتمي بستارةِ الشباك، تهتز البناية. تقفزُ الأبوابُ. أُمريكا
وراء الباب أمريكا
ونمشي في الشوارعِ باحثين عن السلامة،
من سيدفننا إذا متنا؟
عرايا نحن، لا أُفقٌ يُغَطينا ولا قبرٌ يوارينا
ويا... يا يومَ بيروتَ المكسَّرَ في الظهيرهْ
عَجِّلْ قليلا
عَجِّلْ قليلا
عَجِّلْ لنعرف أَين صَرْخَتُنا الأخيرهْ.
إن درويش ينقل للقارئ صورة حقيقية للصراع، وللقتل، وللتهجير، ولواقعٍ لا يمكن أن تخفيه كاميرات العالم. إن ما يحدث في غزة اليوم بعد أحداث السابع من أكتوبر من قتلٍ وتشريد وتهجيرٍ وإرهاب هو ما نقل صورته محمود درويش عن ذلك المحتل، قد تتغير السنوات لكن الفعل لا يتغير، وقد تتبدل الأمكنة ولكنّ الإجرام نفسه، هذه الصورة المرعبة لا تخفى على قلم الشعراء الذين نقلوا التاريخ بكل واقعية، وها هي فلسطين تتناص مع بيروت في تشكيل الواقع المحطّم، وها هو درويش أعلى صوتاً في نقل الأحداث الحالية في غزة من قتل وتشريد ومحاولات التجويع والتعطيش والقذائف التي تدك البيوت على ساكنيها، فلا يُعرف من هو حي أو من قُتل:
ما زلتُ حيَّاً ألفُ شكرٍ للمصادفةِ السعيدة
يبذل الرؤساء جهداً عند أمريكا لتُفْرِجَ عن مياه الشربِ
كيف سنغسل الموتى؟
ويسأل صاحبي: وإذا استجابت للضغوطِ فهل سيسفر موتنا
عن:
دولةٍ...
أَم خيمةٍ؟
قلتُ: انتظرْ! لا فرق بين الرايتينْ
قلت: انتظر حتى تصب الطائراتُ جحيمها!
يا فجرَ بيروتَ الطويلا
عَجِّلْ قليلا
عَجِّلْ لأعرفَ جيِّداً:
إن كنتُ حيَّاً أم قتيلا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ابن أ م
إقرأ أيضاً:
غزة... بين الواقع المحزن والمستقبل المجهول
هذا المستقبل يحملُ في طياتِه رؤيتين: رؤيةً عربية، ورؤيةً إسرائيلية، وكلتاهما متناقضة، وصعبٌ الجمعُ بينهما إلا بمقاربة أمريكية تنتشل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، خاصةً في غزة، من تبعات "الطوفان".
الرؤية العربية أضحت معروفةً، وحولها إجماعٌ دوليٌّ، وتتمثَّلُ بإقامةِ دولة فلسطينية إلى جانب الدولةِ الإسرائيلية، وبضماناتٍ تهدئ من مخاوف إسرائيل، وعلى أن تبدأَ المفاوضاتُ فوراً بعد وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعايةٍ عربيةٍ وأمريكية، والأفضل دولية إذا قبلت إسرائيلُ بمشاركة من هذا النوع. هذا الحلُّ ستكون له تكلفةٌ ماديةٌ كبيرة، سيتحمَّلُ العبءَ الأكبرَ منها العربُ، ويتطلَّب الحلُّ أيضاً جهوداً دبلوماسية، وصبراً استراتيجياً؛ لأنَّ ماضيَ المفاوضات مع إسرائيلَ مزعزعٌ ومقلقٌ، والمفاوضون الإسرائيليون بارعونَ في المراوغةِ والمناورة والنَّظر في التفاصيل الشيطانيَّة، ثم التراجع عن وعودٍ قطعوهَا. هذه الرؤيةُ العربية تلقَى قبولاً من نُخبٍ إسرائيليةٍ ليبرالية، خاصةً في أمريكا وتعتبرُها مفتاحاً لحلّ الصّراع بشكلٍ أبديّ، يضمن لإسرائيلَ أن تعيشَ بأمان. هذه الليبرالية الإسرائيلية دعمتْ اتفاقَ أوسلو قبل إجهازِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع فريقه اليميني، عليهِ علانيةً.أمَّا الرؤية الإسرائيلية فيمكن وصفُها بالرمادية، في ظلّ حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة؛ فنتنياهو، خلافَ ما يشاع عن خوفِه من المحاكمة، يرى أنَّ التاريخَ في صفّه، وأنَّ دولةَ إسرائيل التي يخطّط لها ستخرج للعلنِ على يديه، وأنَّ آخِر همِّه المحاكمة، بعدمَا تحوّل إلى بطلٍ أسطوري في حربه التدميريَّةِ ضد حركة «حماس» و«حزب الله» في لبنان. فهو لم يعلن ماذا يريد بعد وقف القتال في غزة، ورفضَ الخطط الأمريكية كلَّها، لكنَّه على أرض الواقع يرسم خطتَه، وبدايتُها تفريغُ شمالِ غزةَ من أهلها. ففي مؤتمر صحافي، الثلاثاء الماضي، قالَ العميد إسحاق كوهين إنَّ إسرائيلَ تقترب من التهجير الشامل لسكانِ مخيم جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، وأنَّه لا توجد نية لإرجاع هؤلاء إلى منازلِهم، وقال، بالحرف الواحد، إنَّ الأوامرَ له: «إنشاء مناطقَ نظيفة». طبعاً تراجع الجيش الإسرائيلي فوراً عن هذه التصريحات، وعَدَّها مقتلعةً من سياقِها العام. لكن الواقع الذي لا ينكره أحد أنَّ نتنياهو يريد استيطان قطاع غزة، وأن تكون البداية بشمالها؛ بذريعة حماية غلاف غزة. ويرفض نتنياهو تماماً عودة السلطة الفلسطينية، ويرفض بقاء «حماس»؛ وهي، في نظره، منظمة إرهابية، ونظر الأوروبيين والأمريكيين، وبالتالي فإنَّه بهذا المنطق سيتذرع بأنَّه لا يوجد شريك فلسطيني يجلس معه على طاولة المفاوضات. بعبارة أخرى، يريد ابتلاع الأرض في غزة، والتوسع في الضفة، وتصفية القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية شعب إلى قضية سكان عاديين؛ على العالم أن يفكر في إيجاد مأوى لهم، وإسرائيل ستساعد بكل ما لديها لتحقيق هذا الحل «الإنساني».
هاتان الرؤيتان متناقضتان تماماً، وبالتالي إذا أصرَّ كل فريق على مطلبه، فمعناه أن نتنياهو، بحكم منطق القوة، سيبقى متابعاً لبرنامجه، وستموت مع الزمن الرؤية العربية والدولية، ولربما تبرعت دول مؤيدة لإسرائيل بحل جديد يكون سقفه أقل من الرؤية العربية بذريعة الواقعية السياسية، وأنَّ الاستحواذ على القليل أفضل من لا شيء. وقد برهن الرئيس الأمريكي جو بايدن على أنَّه يؤيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الخفاء، وينتقده في العلن، ولهذا لم يتمكن من وقف الحرب، رغم المناشدات الدولية، ورغم قبول دول عربية (وفق تسريبات) التدخل عسكرياً لإدارة قطاع غزة، وضمان الأمن، وعدم تعرض إسرائيل لاعتداءات. هذا العرض العربي كان جريئاً؛ لأنَّه ينم عن معرفة بنيّات الحكومة الإسرائيلية، وبالتالي فإن وجودهم في غزة، باتفاق دولي وموافقة فلسطينية وإسرائيلية، سيحُول دون التنظيف السكاني الذي تحدّث عنه العميد الإسرائيلي كوهين. وبما أن بايدن قد حقب حقائبه، وسيخرج بعد أسابيع، فإن الأنظار كلها تتطلع الى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ووعوده التي قطعها للناخبين العرب، والأمريكيين بأنه سيوقف الحروب، وسيعمل على تسوية تضمن عدم تجدد النزاع. هذا الوعد هو آخِر مما تبقّى من أمل في المنطقة، ولكونه وعداً يتأسس على حل مشاكل المنطقة دفعة واحدة؛ وقد نال ترامب من الناخب الأمريكي تفويضاً لا مثيل له، وشكَّل فريقاً حكومياً لا يعصي له أمراً، وبوسعه الآن فرض تسوية تجبر نتنياهو عليها، وتنصف الفلسطينيين، وترضي العرب.
ترامب من أكبر مؤيدي إسرائيل، وله صداقات مع العرب، والمنطق يقول إن مصلحة بلاده تسوية القضية الفلسطينية، وضمان الأمن لإسرائيل، ولذلك إذا تمكن ترامب من تحقيق التسوية المطلوبة، فإنه لن ينال جائزة نوبل فحسب التي تمناها، بل سيدخل التاريخ.