لجريدة عمان:
2025-02-21@09:20:51 GMT

دارين مهدي.. سيرة العطاء والغياب

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

«أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء». (دارين مهدي)

أنبل الأصدقاء أولئك الذين يخلدون الصداقة ويبقون عليها، هكذا خطرت في بالي عبارتها هذه وأنا أتصفح كتاب (دارين مهدي.. سيرة.. تأملات.. شهادات) الصادر حديثا بجهود صديقات الراحلة دارين مهدي (1984-2020): غدينة العيسائي، وسناء حصاري، وعبير المعمري، اللواتي جمعن كتابات دارين المنشورة في حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ضم الكتاب الكثير من صور الراحلة ومشاركاتها في العديد من الفعاليات الثقافية والتطوعية الخاصة بالبيئة. كُتِب في افتتاحية الكتاب «كتاب دارين هو امتداد حضورها رغم الغياب المُبكر، الجلوس لقراءته بمثابة الجلوس معها، إن كنت تعرفها عن قرب فستسعد أنها ما زالت موجودة معنا، وإن كنت تعرفها من قبل فستتعرف عليها أكثر، وإن كنت لم تعرف عنها، فيقيننا أنك ستتعرف عليها عن كثب بعد أن تقرأ فصوله، فهذا الكتاب هو كتاب الجميع». يتوزع الكتاب الواقع في 200 صفحة على ثلاث فصول، حمل الفصل الأول درب الدارينة، والفصل الثاني من مفكرة الدارينة، والفصل الثالث حبا في الدارينية، والدارينة هو الاسم المحبب للراحلة التي كتبتُ عنها هذه الشهادة المنشورة في الكتاب: «أن تكتب عن الآخر الغائب، يعني أنك ستروي قصة أحادية الرؤية والحكاية، ولن يكون بمقدور الآخر التعليق على ما تكتب، فمن سيكون المُحكّم فيما تكتب؟!. هكذا تبادرت إلى الذهن أفكار شتى ومتشتتة، هل تكتب أم تمتنع؟ وإذا وافقت على الكتابة، فكيف ستكتب؟ وبأي نفس.. خاصة إذا كانت المعنية بالكتابة دارين مهدي، الشابة الممتلئة بالحياة والحيوية، الواهبة نفسها للبيئة عملا وأملا. لكن الكتابة عن الراحلين تعني استسلاما ليقين الفقدان، لبرهان الرحيل، وسطوة الموت وسلطته. والكتابة عنهم بهذا المعنى، تأكيد لواقعة الرحيل. نعم الآن أيقنت بأن دارين رحلت، فلم يعُد بإمكاني قراءة ما تدونه في صفحتها في منصة إكس، أو نتبادل المعلومات عن بعض الفنون والصور والأمكنة. نعم توارت دارين خلف ألف سحابة، نحو سماوات لا متناهية، وستتركنا لألم الفراق الأبدي، لكنها لا تريدنا أن نحزن لرحيلها، وهذا ما سأتحدث عنه، لاحقا.

لكن كيف عرفتُ دارين؟

بما أنها ابنة للصديق الدكتور مهدي جعفر، فهي غنية عن التعريف، وجديرة بالتعارف، فالدكتور مهدي له مكانة عالية رفيعة لدي، وبيننا تقاطعات جميلة مشتركة. «الابنة الفخورة بأبيها دوما وأبدا»، كتبتْ هذه العبارة في حسابها على تويتر، وتحتها الملصق الإعلاني الخاص بتدشين كتاب (لعمان مع المحبة) للدكتور مهدي جعفر وآنجيل شو، وكان حفل توقيع الكتاب في معرض مسقط للكتاب 2020، تحديدا يوم الأربعاء 19 فبراير. تزامن الحدث مع وجودي في مسقط وقتها لتوقيع روايتي «الأحقافي الأخير»، وكنت قد قابلت الدكتور مهدي، وتحدثنا عن روايتي «الأحقافي الأخير»، لكن الدكتور مهدي مهتم أكثر بروايتي «موشكا».

بكّرت الراحلة دارين بالحضور إلى ركن توقيع الكتاب، وكان هاجسها البيئي حاضرا أيضا، بتعليقها على الأكياس البلاستيكية المنتشرة في معرض الكتاب، حيث يضع المشترون الكتب في أكياس بلاستيكية، فأتذكر قولها: «لماذا لا نستعيض عن البلاستيك بأي مادة أخرى ولتكن كرتونية».

كان ذلك اللقاء الأول بدارين، رغم أننا كنا نتواصل عبر منصة إكس؛ فقد نشرت مرة على حسابها صورا ومع العبارة التالية: «التقاطات من رحلة أمس إلى جبل سمحان الآسر!، درجة الحرارة 18 درجة مئوية، والغيوم تستجيب للريح في مشهد جميل»، وعلقت على منشورها من ألمانيا: «أنت كنتِ على جبل الصلاة (جبل سمحان) بالشحرية يسمى (دهق ءصولوت) والمنطقة الواقعة أسفل الجبل الممتدة من مرباط إلى حدبين تسمى (صولوت)، فردت بتعليق آخر: «ما بستغرب هالتسمية أبدا، المشاعر اللي تحس بها وأنت على القمة صلاة للخالق والمنظر اللي يحيط بك يشهد بعظمته عزوجل، شكرا على مشاركتنا هالمعلومة محمد «.

التقينا مرة أخرى في مناسبة أقامتها جمعية البيئة العمانية عن الدكتور الراحل محسن العامري، وقد شاركتُ بورقة في المناسبة، وكانت دارين موجودة، وقد أحضرت معها رواية «الأحقافي الأخير» للتوقيع عليها، بعد ذلك اللقاء بأسابيع، كتبت لي دارين تسألني عن (فن الهيدان)، وهو فن مرباطي، يُقام في مناسبات العزاء وفراق الأحبة.

«كاتبنا الجميل بغيت مساعدتك، ماعرفت أفك الشفرة بالضبط الكلام اللي يرددوه في هذا المقطع».

«أهلا دارين الغالية... أي مقطع بالضبط؟».

«أحاول أرسله لك لكن ما ارتسل، خليني أحاول مجددا، بس برسل لك الرابط، من يوتيوب أيضا.. فن الهيدان / الدان.... حاولت أبحث في جوجل لكن ما كان واضح كثير».

«هذا فن ذو جذور إفريقية.. نحن ندين للعنصر الأفريقي بالحفاظ على أغلب فنون ظفار، خاصة المغناة في المدينة، أما بالنسبة للكلمات فسأجيب لك النص».

« لما سمعت البوق تخيلت ذلك، أكون شاكرة لك كاتبنا كثيرا».

«بحثت عن الكتاب وللأسف لم أجده. سأبحث من جديد عن النص وأرسله لك. ولايهمك».

«هو كلامهم ما مفهوم صحيح في المقطع ولا أنا بس يتهيألي؟.. يعني معظمه دان دان دان هيدانه».

«فعلا كلامهم غير مفهوم.. ولكن بصرف النظر عن الكلمات.. إلا أن الطقس وحده فريد.. العادة أن الموت مصحوب بالصمت والبكاء لكن أن يصاحبه أداء وطبل فهذا تفرد بحد ذاته».

«أتفق معك! شاهدت برنامج وثائقي عن فنون ظفار على اليوتيوب ووصف الباحث للطقوس كان جدا ممتع!.. أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما، أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء».

ها نحن يا دارين ننفذ رغبتك، نحتفل بالكتابة عنك، كما احتفينا بك، حينما زرع لك والدك عدة شتلات من أشجار اللبان، في مناطق متفرقة من ظفار، على سفح جبل سمحان، وفي ريسوت، وفي الحدائق المنزلية للأصدقاء.

دارين لم ترحل إلا جسدا، أما روحها فحاضرة حضور الأبدية في مفردات الكون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدکتور مهدی

إقرأ أيضاً:

«إسلامية دبي» تطلق مبادرة «مساجد الفريج»

دبي: «الخليج»
أطلقت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي مبادرة «مساجد الفريج»، التي تتيح لكل فرد فرصة الإسهام الفعلي في رعاية المساجد القريبة منه، ما يعزز الشعور بالمسؤولية المجتمعية، ويجسد مفهوم التكاتف من خلال العمل المشترك لخدمة بيوت الله، حيث تعكس المبادرة استراتيجية الدائرة للأعوام 2025-2027 تحت شعار «أقرب إلى المجتمع»، بما يضمن استدامة المبادرات التي تسهم في تقوية الترابط بين أفراد المجتمع ومؤسساته.
وأكد أحمد درويش المهيري، مدير عام الدائرة، أن المبادرة تأتي تحقيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في جعل العطاء أسلوب حياة، موضحاً أن «مساجد الفريج» تلبي حاجة الفرد ذاته إلى العطاء، حيث إن العطاء يعزز روح الانتماء ويعمّق الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، ما ينعكس إيجاباً على الجميع.
وأضاف أن الدائرة، انطلاقاً من رغبتها في أن تكون أقرب إلى المجتمع وفهم احتياجاته، قامت بدراسة رغبات الأفراد وتطلعاتهم في ما يتعلق بتوفير فرص لرعاية المساجد، فكان لا بد من إيجاد وسائل ميسّرة تمكّنهم من أن يكونوا جزءاً فاعلاً في بيوت الله، بأبسط الطرق وأكثرها مرونة، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تمثل جسراً موثوقاً بين أفراد المجتمع والمساجد، وستعزز العلاقة الأصيلة بين الناس ودور العبادة، ويجعل من العطاء قيمة راسخة تعكس روح التعاون والتكافل في الفرجان.
وتتيح المبادرة فرصاً متنوعة ليكون المجتمع جزءاً من تكوين المساجد من خلال باقات صُممت بعناية لتلبية الاحتياجات المختلفة، مثل «مسايدنا أمانة»، التي توفر رعاية سنوية شاملة للمساجد، «مسيدنا نظيف»، التي تتيح للأفراد المساهمة في نظافة المساجد بخيارات شهرية تبدأ من 10 دراهم فقط، وباقة «سجادة الخير» وغيرها.
من جانبه، أوضح محمد جاسم المنصوري، مدير إدارة خدمة المتعاملين والمسؤول عن المبادرة، أن «مساجد الفريج» جاءت انطلاقاً من فهم عميق لاحتياجات المجتمع وتعلقه بالمساجد.

مقالات مشابهة

  • «عائلة العطاء» تطلق حملة لتوزيع 500 ألف وجبة إفطار في رمضان
  • «تعليم مطروح»: مبادرة «مدرستي تكتب وتقرأ» تحسن المستوى للغوي للطلاب
  • سيرة صلاح جاهين وحياته في ندوة تثقيفية تنظمها «قصور الثقافة» بدار الكتب بطنطا
  • «إسلامية دبي» تطلق مبادرة «مساجد الفريج»
  • أحمد حلمي يشارك صناع فيلم سيرة أهل الضي في العرض الأول بمهرجان برلين
  • رؤية ثاقبة وشخصية ملهمة.. ملامح من سيرة الإمام محمد بن سعود
  • منى أحمد تكتب: البهجة الروحانية
  • الرئيس مهدي المشاط: قيادةٌ تُقدِّرُ العِلم وتلهمُ الأجيال
  • الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء
  • الماجستير للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء