لجريدة عمان:
2025-03-31@11:26:50 GMT

دارين مهدي.. سيرة العطاء والغياب

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

«أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء». (دارين مهدي)

أنبل الأصدقاء أولئك الذين يخلدون الصداقة ويبقون عليها، هكذا خطرت في بالي عبارتها هذه وأنا أتصفح كتاب (دارين مهدي.. سيرة.. تأملات.. شهادات) الصادر حديثا بجهود صديقات الراحلة دارين مهدي (1984-2020): غدينة العيسائي، وسناء حصاري، وعبير المعمري، اللواتي جمعن كتابات دارين المنشورة في حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ضم الكتاب الكثير من صور الراحلة ومشاركاتها في العديد من الفعاليات الثقافية والتطوعية الخاصة بالبيئة. كُتِب في افتتاحية الكتاب «كتاب دارين هو امتداد حضورها رغم الغياب المُبكر، الجلوس لقراءته بمثابة الجلوس معها، إن كنت تعرفها عن قرب فستسعد أنها ما زالت موجودة معنا، وإن كنت تعرفها من قبل فستتعرف عليها أكثر، وإن كنت لم تعرف عنها، فيقيننا أنك ستتعرف عليها عن كثب بعد أن تقرأ فصوله، فهذا الكتاب هو كتاب الجميع». يتوزع الكتاب الواقع في 200 صفحة على ثلاث فصول، حمل الفصل الأول درب الدارينة، والفصل الثاني من مفكرة الدارينة، والفصل الثالث حبا في الدارينية، والدارينة هو الاسم المحبب للراحلة التي كتبتُ عنها هذه الشهادة المنشورة في الكتاب: «أن تكتب عن الآخر الغائب، يعني أنك ستروي قصة أحادية الرؤية والحكاية، ولن يكون بمقدور الآخر التعليق على ما تكتب، فمن سيكون المُحكّم فيما تكتب؟!. هكذا تبادرت إلى الذهن أفكار شتى ومتشتتة، هل تكتب أم تمتنع؟ وإذا وافقت على الكتابة، فكيف ستكتب؟ وبأي نفس.. خاصة إذا كانت المعنية بالكتابة دارين مهدي، الشابة الممتلئة بالحياة والحيوية، الواهبة نفسها للبيئة عملا وأملا. لكن الكتابة عن الراحلين تعني استسلاما ليقين الفقدان، لبرهان الرحيل، وسطوة الموت وسلطته. والكتابة عنهم بهذا المعنى، تأكيد لواقعة الرحيل. نعم الآن أيقنت بأن دارين رحلت، فلم يعُد بإمكاني قراءة ما تدونه في صفحتها في منصة إكس، أو نتبادل المعلومات عن بعض الفنون والصور والأمكنة. نعم توارت دارين خلف ألف سحابة، نحو سماوات لا متناهية، وستتركنا لألم الفراق الأبدي، لكنها لا تريدنا أن نحزن لرحيلها، وهذا ما سأتحدث عنه، لاحقا.

لكن كيف عرفتُ دارين؟

بما أنها ابنة للصديق الدكتور مهدي جعفر، فهي غنية عن التعريف، وجديرة بالتعارف، فالدكتور مهدي له مكانة عالية رفيعة لدي، وبيننا تقاطعات جميلة مشتركة. «الابنة الفخورة بأبيها دوما وأبدا»، كتبتْ هذه العبارة في حسابها على تويتر، وتحتها الملصق الإعلاني الخاص بتدشين كتاب (لعمان مع المحبة) للدكتور مهدي جعفر وآنجيل شو، وكان حفل توقيع الكتاب في معرض مسقط للكتاب 2020، تحديدا يوم الأربعاء 19 فبراير. تزامن الحدث مع وجودي في مسقط وقتها لتوقيع روايتي «الأحقافي الأخير»، وكنت قد قابلت الدكتور مهدي، وتحدثنا عن روايتي «الأحقافي الأخير»، لكن الدكتور مهدي مهتم أكثر بروايتي «موشكا».

بكّرت الراحلة دارين بالحضور إلى ركن توقيع الكتاب، وكان هاجسها البيئي حاضرا أيضا، بتعليقها على الأكياس البلاستيكية المنتشرة في معرض الكتاب، حيث يضع المشترون الكتب في أكياس بلاستيكية، فأتذكر قولها: «لماذا لا نستعيض عن البلاستيك بأي مادة أخرى ولتكن كرتونية».

كان ذلك اللقاء الأول بدارين، رغم أننا كنا نتواصل عبر منصة إكس؛ فقد نشرت مرة على حسابها صورا ومع العبارة التالية: «التقاطات من رحلة أمس إلى جبل سمحان الآسر!، درجة الحرارة 18 درجة مئوية، والغيوم تستجيب للريح في مشهد جميل»، وعلقت على منشورها من ألمانيا: «أنت كنتِ على جبل الصلاة (جبل سمحان) بالشحرية يسمى (دهق ءصولوت) والمنطقة الواقعة أسفل الجبل الممتدة من مرباط إلى حدبين تسمى (صولوت)، فردت بتعليق آخر: «ما بستغرب هالتسمية أبدا، المشاعر اللي تحس بها وأنت على القمة صلاة للخالق والمنظر اللي يحيط بك يشهد بعظمته عزوجل، شكرا على مشاركتنا هالمعلومة محمد «.

التقينا مرة أخرى في مناسبة أقامتها جمعية البيئة العمانية عن الدكتور الراحل محسن العامري، وقد شاركتُ بورقة في المناسبة، وكانت دارين موجودة، وقد أحضرت معها رواية «الأحقافي الأخير» للتوقيع عليها، بعد ذلك اللقاء بأسابيع، كتبت لي دارين تسألني عن (فن الهيدان)، وهو فن مرباطي، يُقام في مناسبات العزاء وفراق الأحبة.

«كاتبنا الجميل بغيت مساعدتك، ماعرفت أفك الشفرة بالضبط الكلام اللي يرددوه في هذا المقطع».

«أهلا دارين الغالية... أي مقطع بالضبط؟».

«أحاول أرسله لك لكن ما ارتسل، خليني أحاول مجددا، بس برسل لك الرابط، من يوتيوب أيضا.. فن الهيدان / الدان.... حاولت أبحث في جوجل لكن ما كان واضح كثير».

«هذا فن ذو جذور إفريقية.. نحن ندين للعنصر الأفريقي بالحفاظ على أغلب فنون ظفار، خاصة المغناة في المدينة، أما بالنسبة للكلمات فسأجيب لك النص».

« لما سمعت البوق تخيلت ذلك، أكون شاكرة لك كاتبنا كثيرا».

«بحثت عن الكتاب وللأسف لم أجده. سأبحث من جديد عن النص وأرسله لك. ولايهمك».

«هو كلامهم ما مفهوم صحيح في المقطع ولا أنا بس يتهيألي؟.. يعني معظمه دان دان دان هيدانه».

«فعلا كلامهم غير مفهوم.. ولكن بصرف النظر عن الكلمات.. إلا أن الطقس وحده فريد.. العادة أن الموت مصحوب بالصمت والبكاء لكن أن يصاحبه أداء وطبل فهذا تفرد بحد ذاته».

«أتفق معك! شاهدت برنامج وثائقي عن فنون ظفار على اليوتيوب ووصف الباحث للطقوس كان جدا ممتع!.. أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما، أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء».

ها نحن يا دارين ننفذ رغبتك، نحتفل بالكتابة عنك، كما احتفينا بك، حينما زرع لك والدك عدة شتلات من أشجار اللبان، في مناطق متفرقة من ظفار، على سفح جبل سمحان، وفي ريسوت، وفي الحدائق المنزلية للأصدقاء.

دارين لم ترحل إلا جسدا، أما روحها فحاضرة حضور الأبدية في مفردات الكون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدکتور مهدی

إقرأ أيضاً:

حسام موافي: سيرة النبي محمد مصدر إلهام وفخر للمسلمين.. فيديو

أكد الدكتور حسام موافي، أستاذ طب الحالات الحرجة بكلية طب قصر العيني، على أهمية قراءة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الكتب التي تناولت السيرة النبوية بأسلوب سهل وبسيط يمكن للجميع قراءتها، سواء الكبار أو الصغار.

وخلال تقديمه لبرنامجه "رب زدني علمًا" على قناة “صدى البلد”، أشار حسام موافي إلى أن العبودية لله عز وجل هي مصدر الكبرياء والفخر للإنسان، كما أن العبودية لله تجعل الإنسان كبيرًا، ومن كان عبدًا لله فهو فخر وشرف لكل إنسان"، مضيفًا أن الإسراء والمعراج دلالة قوية على حب الله لعباده، حيث قال سبحانه وتعالى "الذي أسرى بعبده".

حسام موافي: لا يمكن لمريض السكر الصيام في حالة تناول الأنسولين

وتطرق  حسام موافي إلى تجربته في المملكة العربية السعودية قبل رمضان، حيث أدى مناسك العمرة في الحرم المكي، ولفت إلى أنه التقى بأشخاص من مختلف الجنسيات، مؤكدًا أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون مستمرة في كل زمان ومكان، ليس فقط في شهر رمضان، مؤكدًا على ضرورة الاستمرار في العبادة والدعوة وتذكير الناس بالتقرب إلى الله طوال السنة. 

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تدمر عشرات الطائرات المُسيرة وروسيا تواصل التقدم
  • روضة الحاج تكتب: عادت الخرطوم
  • هند عصام تكتب: الملك دن
  • عرافة هافانا لغدير أبو سنينة ضمن إصدارات هيئة الكتاب
  • سيرة الفلسفة الوضعية (14)
  • حسام موافي: سيرة النبي محمد مصدر إلهام وفخر للمسلمين.. فيديو
  • إلهام أبو الفتح تكتب: عيد سعيد
  • «الأدب الشعبي وفنونه».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب للدكتور أحمد مرسي
  • دعم دولي للتعليم في السودان وطباعة الكتاب المدرسي
  • الأدب الشعبي وفنونه.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب