لجريدة عمان:
2024-11-15@08:39:31 GMT

دارين مهدي.. سيرة العطاء والغياب

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

«أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء». (دارين مهدي)

أنبل الأصدقاء أولئك الذين يخلدون الصداقة ويبقون عليها، هكذا خطرت في بالي عبارتها هذه وأنا أتصفح كتاب (دارين مهدي.. سيرة.. تأملات.. شهادات) الصادر حديثا بجهود صديقات الراحلة دارين مهدي (1984-2020): غدينة العيسائي، وسناء حصاري، وعبير المعمري، اللواتي جمعن كتابات دارين المنشورة في حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ضم الكتاب الكثير من صور الراحلة ومشاركاتها في العديد من الفعاليات الثقافية والتطوعية الخاصة بالبيئة. كُتِب في افتتاحية الكتاب «كتاب دارين هو امتداد حضورها رغم الغياب المُبكر، الجلوس لقراءته بمثابة الجلوس معها، إن كنت تعرفها عن قرب فستسعد أنها ما زالت موجودة معنا، وإن كنت تعرفها من قبل فستتعرف عليها أكثر، وإن كنت لم تعرف عنها، فيقيننا أنك ستتعرف عليها عن كثب بعد أن تقرأ فصوله، فهذا الكتاب هو كتاب الجميع». يتوزع الكتاب الواقع في 200 صفحة على ثلاث فصول، حمل الفصل الأول درب الدارينة، والفصل الثاني من مفكرة الدارينة، والفصل الثالث حبا في الدارينية، والدارينة هو الاسم المحبب للراحلة التي كتبتُ عنها هذه الشهادة المنشورة في الكتاب: «أن تكتب عن الآخر الغائب، يعني أنك ستروي قصة أحادية الرؤية والحكاية، ولن يكون بمقدور الآخر التعليق على ما تكتب، فمن سيكون المُحكّم فيما تكتب؟!. هكذا تبادرت إلى الذهن أفكار شتى ومتشتتة، هل تكتب أم تمتنع؟ وإذا وافقت على الكتابة، فكيف ستكتب؟ وبأي نفس.. خاصة إذا كانت المعنية بالكتابة دارين مهدي، الشابة الممتلئة بالحياة والحيوية، الواهبة نفسها للبيئة عملا وأملا. لكن الكتابة عن الراحلين تعني استسلاما ليقين الفقدان، لبرهان الرحيل، وسطوة الموت وسلطته. والكتابة عنهم بهذا المعنى، تأكيد لواقعة الرحيل. نعم الآن أيقنت بأن دارين رحلت، فلم يعُد بإمكاني قراءة ما تدونه في صفحتها في منصة إكس، أو نتبادل المعلومات عن بعض الفنون والصور والأمكنة. نعم توارت دارين خلف ألف سحابة، نحو سماوات لا متناهية، وستتركنا لألم الفراق الأبدي، لكنها لا تريدنا أن نحزن لرحيلها، وهذا ما سأتحدث عنه، لاحقا.

لكن كيف عرفتُ دارين؟

بما أنها ابنة للصديق الدكتور مهدي جعفر، فهي غنية عن التعريف، وجديرة بالتعارف، فالدكتور مهدي له مكانة عالية رفيعة لدي، وبيننا تقاطعات جميلة مشتركة. «الابنة الفخورة بأبيها دوما وأبدا»، كتبتْ هذه العبارة في حسابها على تويتر، وتحتها الملصق الإعلاني الخاص بتدشين كتاب (لعمان مع المحبة) للدكتور مهدي جعفر وآنجيل شو، وكان حفل توقيع الكتاب في معرض مسقط للكتاب 2020، تحديدا يوم الأربعاء 19 فبراير. تزامن الحدث مع وجودي في مسقط وقتها لتوقيع روايتي «الأحقافي الأخير»، وكنت قد قابلت الدكتور مهدي، وتحدثنا عن روايتي «الأحقافي الأخير»، لكن الدكتور مهدي مهتم أكثر بروايتي «موشكا».

بكّرت الراحلة دارين بالحضور إلى ركن توقيع الكتاب، وكان هاجسها البيئي حاضرا أيضا، بتعليقها على الأكياس البلاستيكية المنتشرة في معرض الكتاب، حيث يضع المشترون الكتب في أكياس بلاستيكية، فأتذكر قولها: «لماذا لا نستعيض عن البلاستيك بأي مادة أخرى ولتكن كرتونية».

كان ذلك اللقاء الأول بدارين، رغم أننا كنا نتواصل عبر منصة إكس؛ فقد نشرت مرة على حسابها صورا ومع العبارة التالية: «التقاطات من رحلة أمس إلى جبل سمحان الآسر!، درجة الحرارة 18 درجة مئوية، والغيوم تستجيب للريح في مشهد جميل»، وعلقت على منشورها من ألمانيا: «أنت كنتِ على جبل الصلاة (جبل سمحان) بالشحرية يسمى (دهق ءصولوت) والمنطقة الواقعة أسفل الجبل الممتدة من مرباط إلى حدبين تسمى (صولوت)، فردت بتعليق آخر: «ما بستغرب هالتسمية أبدا، المشاعر اللي تحس بها وأنت على القمة صلاة للخالق والمنظر اللي يحيط بك يشهد بعظمته عزوجل، شكرا على مشاركتنا هالمعلومة محمد «.

التقينا مرة أخرى في مناسبة أقامتها جمعية البيئة العمانية عن الدكتور الراحل محسن العامري، وقد شاركتُ بورقة في المناسبة، وكانت دارين موجودة، وقد أحضرت معها رواية «الأحقافي الأخير» للتوقيع عليها، بعد ذلك اللقاء بأسابيع، كتبت لي دارين تسألني عن (فن الهيدان)، وهو فن مرباطي، يُقام في مناسبات العزاء وفراق الأحبة.

«كاتبنا الجميل بغيت مساعدتك، ماعرفت أفك الشفرة بالضبط الكلام اللي يرددوه في هذا المقطع».

«أهلا دارين الغالية... أي مقطع بالضبط؟».

«أحاول أرسله لك لكن ما ارتسل، خليني أحاول مجددا، بس برسل لك الرابط، من يوتيوب أيضا.. فن الهيدان / الدان.... حاولت أبحث في جوجل لكن ما كان واضح كثير».

«هذا فن ذو جذور إفريقية.. نحن ندين للعنصر الأفريقي بالحفاظ على أغلب فنون ظفار، خاصة المغناة في المدينة، أما بالنسبة للكلمات فسأجيب لك النص».

« لما سمعت البوق تخيلت ذلك، أكون شاكرة لك كاتبنا كثيرا».

«بحثت عن الكتاب وللأسف لم أجده. سأبحث من جديد عن النص وأرسله لك. ولايهمك».

«هو كلامهم ما مفهوم صحيح في المقطع ولا أنا بس يتهيألي؟.. يعني معظمه دان دان دان هيدانه».

«فعلا كلامهم غير مفهوم.. ولكن بصرف النظر عن الكلمات.. إلا أن الطقس وحده فريد.. العادة أن الموت مصحوب بالصمت والبكاء لكن أن يصاحبه أداء وطبل فهذا تفرد بحد ذاته».

«أتفق معك! شاهدت برنامج وثائقي عن فنون ظفار على اليوتيوب ووصف الباحث للطقوس كان جدا ممتع!.. أعتقد إذا رب العالمين أخذ أمانته يوما ما، أحب أن يحتفل الأحياء بدلا من النواح والبكاء».

ها نحن يا دارين ننفذ رغبتك، نحتفل بالكتابة عنك، كما احتفينا بك، حينما زرع لك والدك عدة شتلات من أشجار اللبان، في مناطق متفرقة من ظفار، على سفح جبل سمحان، وفي ريسوت، وفي الحدائق المنزلية للأصدقاء.

دارين لم ترحل إلا جسدا، أما روحها فحاضرة حضور الأبدية في مفردات الكون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدکتور مهدی

إقرأ أيضاً:

مصادرة الكتاب أو المصنف التعليمي حال بيعه بدون ترخيص بالقانون

وضع قانون العقوبات عقوبة لجريمة بيع كتب تعليمية بدون ترخيص ، ويستعرض “صدى البلد” من خلال هذا التقرير عقوبة بيع كتب تعليمية بدون ترخيص.

عقوبة بيع كتب تعليمية بدون ترخيص

ونصت المادة 229 مكرر من قانون العقوبات على أنه يعاقب كل من طبع أو نشر أو باع أو عرض للبيع كتاباً أو مصنفاً يحتوي على كل أو بعض المناهج التعليمية المقررة في المدارس التي تديرها أو تشرف عليها وزارة التعليم أو إحدى هيئات الإدارة المحلية قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه وبمصادرة الكتاب أو المصنف.

ويعتبر قانون العقوبات أن السجن المؤبد والسجن المشدد هما وضع المحكوم عليه في أحد السجون المخصصة لذلك قانوناً، وتشغيله داخلها في الأعمال التي تعينها الحكومة، وذلك مدة حياته إذا كانت العقوبة مؤبدة، أو المدة المحكوم بها إذا كانت مشددة. ولا يجوز أن تنقص مدة عقوبة السجن المشدد عن ثلاث سنين ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة إلا في الأحوال الخاصة المنصوص عليها قانوناً.

ويشير قانون العقوبات إلى أن من يحكم عليه بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد من الرجال الذين جاوزوا الستين من عمرهم ومن النساء مطلقاً مدة عقوبته يقضى في أحد السجون العمومية.

وكان قد قرر المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، إحالة طلبات المناقشة العامة الموجهة لوزير العمل، إلى لجنة القوى العامة والطاقة والبيئة لدراستها وإعداد تقرير بشأنها.

وشهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ ، عرض 4 طلبات مناقشة عامة موجهة للحكومة في عدد من ملفات قطاع وزارة العمل.

وكشف محمد جبران، وزير العمل، عن إدخال تعديلات مهمة على مشروع قانون العمل لضمان تحقيق علاقة متوازنة بين العامل وصاحب العامل.

وأشار جبران أمام جلسة الشيوخ ، إلى أن مشروع قانون العمل الجديد، تضمن تطوير منظومة التفتيش وتنظيم ساعات العمل بما يتفق مع احتياجات العمل وبما لا يخالف الاتفاقيات الدولية وكذلك تنظيم العمل عبر المنصات الرقمية.

كما أحال المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، 3 مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة ومحالة إليه من مجلس النواب، إلي اللجان النوعية المختصة ،  خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ.     

مقالات مشابهة

  • مصادرة الكتاب أو المصنف التعليمي حال بيعه بدون ترخيص بالقانون
  • رانيا حسن تكتب.. كلامك بالعربي فخر ليس عيباً ولا حراماً
  • عن قِمَّةِ الرياض، ورسالة الرئيس مهدي المشّاط
  • «داماك» تدعم «الإمارات معك يا لبنان» بـ10 ملايين دولار
  • سقوط طائرة مُسيرة.. بيانٌ من الجيش الإسرائيليّ
  • هوامش على سيرة تحالف
  • هند عصام تكتب: اللمسة الذهبية
  • كريمة أبو العينين تكتب: هي أمي
  • إصدار جديد للمؤلف الدكتور جمال سند السويدي في معرض الكتاب
  • فاطمة الظنحاني تعزِّز ثقافة التطوع في المدارس