مصطلح الصراع المجمد مصطلح سياسى حديث على الساحة الإعلامية والسياسية بمعنى الاعتياد على الأخبار الخاصة بقضية أو صراع سياسى جغرافى عقائدى بعد أن يتحول هنا الصراع من حرب أو معركة محددة المدة إلى صراع أو حرب ممتدة مطولة ليس لها نهاية، وهذا هو ما نعيشه الآن من حرب غزة، وذلك الصراع العربى الإسرائيلى الذى بكل أسف أصبح فى خبر كان بعد التطبيع والسكوت والخوف وبعد أن عشنا 75 عامًا ونحن نردد هتافات وشعارات منفصلة عن الواقع الحقيقى للسياسات وللمصالح وللحالة التى وصلت إليها الحكومات العربية والجيوش العربية أيضاً، فها نحن منذ بداية الألفية الثالثة والعالم العربى قد تعرض لأكبر مؤامرة حربية وسياسية وفكرية بعد أحداث البرجين فى مركز التجارة العالمى بنيويورك أو ما يسمى 11/9/2001.
أصبح الصراع العربى الإسرائيلى مجمدًا فى ثلاجة التبريد جثة هامدة ومعه تجمدت الأخلاق والجيرة والإنسانية وتحولت مقومات ما كان يسمى القومية العربية ووحدة الصف والدين واللغة والتاريخ والجغرافيا إلى كلمات جوفاء ليس لها معنى على أرض الواقع.. والحقيقة فبينما يقتل الأطفال والنساء وتدمر البيوت والصوامع والمساجد لا يرفع فيها آذان ولا تدق أجراس الكنائس فى بيت لحم والأقصى، تقام الليالى الملاح وترقص وتغنى الجوارى والغلمان.. وهذا هو مفهوم جديد لعهد ينبئ بأن الصراع المجمد سوف تنتهى صلاحيته وتفسد مقوماته ويتحلل وتذروه الرياح إلى قاع اليم.. ولا عجب أن تكون الحقبة القادمة نهاية أمة وبداية تحقيق نبوءة الكيان كاملة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصراع العربى الإسرائيلى الرئيس الأمريكى
إقرأ أيضاً:
غزة المنسيِّة
مع بداية عام جديد، يستعد فيه العالم للاحتفالات بميلاد السيد المسيح الذى كان داعية للسلام والمحبة على الأرض، أسمع صرخات أطفال ونساء غزة التى لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام وسط صمت دولى فاضح لن يغفره التاريخ.
ورغم المآسى والدمار والخراب الذى لحق بالقطاع المنكوب، بل بفلسطين كلها، لم يتحرك أحد لإنقاذ ما تبقى، وكأن تل أبيب لن تتوقف عن القتل والدمار، إلا بعد الخلاص من الفلسطينيين تمامًا ومحو قضيتهم نهائيًا.
ومن المحزن أن العالم نسى القضية الفلسطينية رغم أفعال إسرائيل الإجرامية المستمرة ليل نهار، وتوجهت الكاميرات إلى سوريا لمتابعة ورصد فرح الشعب السورى بالحرية، وتركت الإبادة الجماعية للأبرياء فى غزة، وكأنها تعطى الضوء الأخضر لإسرائيل بأن تمضى فى طريق إنهاء وجود الفلسطينيين فى أرضهم المحتلة فى أسرع وقت ممكن عبر التجويع والقتل والتهجير القسرى، فى مشهد مؤسف لم تشهده الإنسانية من قبل.
ولنا فى مأساة الدكتور حسام أبوصفية أكبر دليل على وحشية الكيان الصهيونى وجيشه، لقد صمد هذا الطبيب داخل مستشفاه فى شمال القطاع شهورًا طويلة لمعالجة الجرحى وسط ظروف صعبة وإمكانيات طبية معدومة، لم يخف ولم يستسلم رغم الاعتداءات المتكررة، بل استمر فى تأدية واجبه إلى أن قصفت قوات الاحتلال المستشفى منذ أيام على رؤوس المرضى والطاقم الطبى، وأجبرتهم على النزوح فى مشهد يندى له جبين كل إنسان حر.
ورغم إخراج الطاقم الطبى بالقوة كان «أبوصفية» يطمئن على سلامة مرضاه، وكان آخر من خرج لتسليم نفسه لقوات الاحتلال، حتى وصف البعض صورته وهو متجه وسط الخراب إلى دبابة إسرائيلية لاعتقاله، بأنه وحيد كغزة.
ظهر الرجل بمعطفه الأبيض شامخًا فى الصورة، إلا أنه اختفى ولم يعرف عنه أحد شيئًا إلى الآن وسط أنباء عن تعذيبه بطريقة وحشية كالضرب بكابلات الكهرباء، وكالعادة تجاهل الاحتلال مناشدة «منظمة العفو الدولية» التى وصفت الدكتور «أبوصفية» بأنه كان صوت القطاع الصحى المتضرر، وعمل فى ظروف غير إنسانية حتى بعد استشهاد ابنه، وطالبت بضرورة الإفراج الفورى عنه.
لقد فشلت المؤسسات الدولية والمساعى الدبلوماسية ووفود المفاوضات فى كبح جماح هذا الكيان المسعور الذى يبيد البشر والحجر تحت سمع وبصر العالم منذ نحو ١٥ شهرًا متواصلة حتى تحولت غزة إلى كوم تراب، وفقدت عشرات الآلاف من الشهداء معظمهم من الأطفال والنساء.
إننى أتطلع مع بداية عام جديد إلى أن تنتهى فورًا هذه الصفحة السوداء فى التاريخ الإنسانى، لأن هذه المجزرة التى تحدث فى غزة وسط التواطؤ والصمت ستظل عارًا يلاحق العالم عقوداً طويلة.