الوطن:
2024-07-11@02:06:06 GMT

أمين الفتوى: المحتكر مطرود من رحمة الله

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

أمين الفتوى: المحتكر مطرود من رحمة الله

قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصريّة، إنَّ احتكار السلع يمس كل إنسان، سواء مسلم أو غير مسلم، لافتًا إلى أن الرسول- صلى الله عليه وسلم-، قال في حديثه الشريف: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليُغْلِيَه عليهم فإن حقًّا على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة».

وأضاف «وسام»، في حواره ببرنامج «فتاوى الناس»، المُذاع على شاشة «قناة الناس»: «سيدنا النبي محمد- صلى الله عليه وسلم-، قال: المحتكر معلون يعنى مطرود من رحمة الله، والجالب مرزوق، يعنى اللي بيسهل على الناس ويبيع بسعر معقول، ربنا يرزقه».

وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: «لو عاوز تكون من الفالحين وربنا يرزقك، سهل البيع للناس، عشان ربنا ييسر لك الحال».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حكم الاحتكار احتكار السلع حكم احتكار السلع عقوبة الاحتكار

إقرأ أيضاً:

سعد الدين الهلالى فى حوار جرىء مع «البوابة نيوز»: النبى لم يحكم بين الناس بـ«الشريعة».. وأوصياء الدين يسعون لاستعباد الناس..أمور الإرث ليست من الثوابت.. والميراث قرار شعبى وأهلي وليس ديني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أبحر الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، في رحلة جريئة عكس التيار، كاشفًا عن المستور حول أوصياء الدين. 

ففي حوار مثير مع «البوابة نيوز»، أعاد الهلالي إرث الفتوى من العلماء إلى أيدى العوام، داعيًا الناس لاستفتاء قلوبهم والاعتماد على الفطرة الإنسانية، فيقول الهلالي: «إنما دينك الفطرة، وكل بني آدم سيد، والشعب حينما يفقه سوف يأخذ حقه».

يطرح «الهلالي» رؤية تقدمية تهدف إلى إحداث حراك حضاري في المجتمع، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في الثلث في الوصية التي نص الله عليها أربع مرات، وهو ما يضمن التوازن والعدل بين البنات والبنين، والأخوات والإخوة، دون الاصطدام مع أوصياء الدين.

وشدد «الهلالي» على أن الميراث هو قرار شعبي وأهلي وليس قرارًا دينيًا أو سياديًا من أوصياء الدين، موجهًا انتقاداته إلى محاولات هؤلاء الأوصياء لسحب السلطة والقرار من الناس ونسبها إليهم فقط.

في هذا الحوار، يقدم الدكتور سعد الدين الهلالي رؤى جريئة ومثيرة للتفكير، داعيًا إلى إعادة النظر في بعض المفاهيم التقليدية، وإلى نص الحوار..

بدأنا حوارنا مع الدكتور سعد الدين الهلالى بسؤاله عن الخطوة التي اتخذتها تونس بالمساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، وهل هي متماشية مع النص الديني أم لا؟

باستفاضة، أجاب أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قائلًا عندما يفقه الشعب دينه ويدرك الفرق بين النص القرآنى وبين الفقه، سيستوعب إمكانية التجديد بما يتراضى عليه. الأساس هو رضا الناس وقناعتهم وطمأنينتهم، حيث إن ترضيتهم هي المفتاح الذي يستطيعون من خلاله الإبداع في كل مناحي الحياة. هناك مسافة بين الفقه والنص، كما يوجد فرق بين الإرث كحق والإرث كواجب. المسألة تتعلق بتوافق الناس ورضاهم، وهذا ما يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للتجديد والإبداع.

*هذه الإجابة تجعلنا نتساءل: هل الأنصبة التي فرضها الله في كتابه فريضة مُحكمة لا يجوز الخروج أو التنازل عنها؟ والأخ يأخذ ضعف الأخت، فماذا لو تنازل الأخ لأخته، هل تأكل حرامًا؟ إذا كان هذا المعنى، إذن نحن نعيش في ظلامية؟

-رد «الهلالي»: إن الله عز وجل يستخدم في كل آيات المواريث بلا استثناء حرف «لام» الملكية، وعليه فإن الناس يجب أن يفقهوا أن «الميراث حق وليس واجبا». بناءً على ذلك، يستطيع كل منهم أن يقرر ماذا يفعل في حقه، كما يمكن التسوية بالتراضي، وذلك دون الحاجة إلى وصي أو فقيه. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن في أيامه شيوخ يُفتون للأمة، وإنما كان الصحابة كلهم مثل النجوم في الوعي، "بأيهم اهتديتم اقتديتم". على هذا الأساس، عندما يفقه الشعب دينه، سوف يأخذ حقه.

إذا تفهم الناس أن الميراث حق لهم، ومن حق صاحبه أن يتصرف فيه كما يشاء، سيسود التسامح وتتحكم الفطرة والإنسانية، حيث إن «الفطرة الإنسانية هي دين الأديان». بناءً على ذلك، أقول إن الاتفاق في الميراث هو السيد على الورثة، وليس السيد هو المفتي أو الشيخ. كل الناس لهم حق الفتوى في أمور دينهم، وإذا انتقلت السيادة من مختطفيها «رجال الدين» إلى أصحابها الحقيقيين «ذوي الشأن»، سيتم حل كل الأمور. يتم تخويف الناس دائمًا بكلمة «حرام»، ولكن عندما يدركون حقهم في الميراث وقدرتهم على التصرف فيه، سيعم التسامح والعدل.

*عندما سألنا الدكتور الهلالي، هل من حق الوالد أن يوصي بما يشاء في تركته قبل وفاته؟

-أجاب الدكتور سعد الدين الهلالي قائلًا: "الحل الأخير عندما يفقه الناس أمور الميراث، وينجح أوصياء الفتوى في إقناعهم، بل وفي الضحك عليهم، بأن هذه الأمور ثوابت لا يمكن المساس بها بزعم أن المساس بها هو مساس بكيان الدين ومن ثم ضياعه، هو أن يكتب المُوَرِث وصية بتقسيم التركة قبل وفاته. إذ ورد تكرار كلمة «وصية» في آيات المواريث أربع مرات، وكأن الله تعالى يلزم بها قبل توزيع الميراث. هذا يعني أن الوالد له الحق في أن يوصي بما يشاء في تركته قبل وفاته لضمان التوزيع العادل والمنصف وفقاً لرغبته، مما يتيح فرصة لإحداث تغييرات تناسب الظروف والمتطلبات الشخصية لأفراد الأسرة."

*هذا الحديث يأخذنا للسؤال عن رأيك في قانون التوريث في المجتمعات المتحضرة الذي يساوي بين أصحاب مراكز القرابة الواحدة مثل البنت والابن والأخ والأخت؟

-قال الدكتور الهلالي إن قانون التوريث في المجتمعات المتحضرة ساوى بين أصحاب مراكز القرابة الواحدة، مثل: البنت والابن والأخ والأخت. أما الذي تسبب في غير ذلك فهو قلة فقه الشيوخ، وأنا أتهمهم بذلك، فهم لا يفقهون نص آيات المواريث نفسها. كما أن الصديق يمكنه أن يكون من الأقارب ولكن قرابة عرفية، ويكون له الحق في إرث صديقه.

*هل يمكن أن تشرح لنا قانون الوصية الواحدة للأحفاد غير الوارثين الذي صدر في مصر عام 1946؟

-رد الدكتور الهلالي قائلًا إن فقهاء وشخصيات وقيادات مصر من جيل عام 1946 أضافوا للفقه الإسلامي مثلما أضاف كبار الصحابة في المواريث، حيث أنشأوا فتوى فقهية وصدر بها قانون رقم «71» لسنة 1946، ويُعرف بـ«الوصية الواحدة للأحفاد غير الوارثين»، وهم أولاد الابن المتوفي في حياة والده.

فرض هذا القانون على الجد أن يوصي بنصيب الأحفاد بعد مماته، وإذا لم يفعل ذلك يفرض القاضي هذه الوصية قبل توزيع التركة بشرط ألا تزيد على الثلث. ويكون هناك ثلث آخر يمكن من خلاله إرضاء أصحاب الأنصبة المتضررة وأصحاب الحوائج الأخرى، ومن ضمنهم الزوجة غير المسلمة حيث إن الشرع يقول «لا توارث بين مسلم ومسلمة»، وهذا الأمر يحرمه الشيوخ والفقهاء.

*وماذا عن التحديات التي واجهها قانون الوصية للأحفاد بعد إقراره في مصر؟

-قال أستاذ الفقه المقارن إن هذا القانون لم يسلم من شر جماعة الإخوان والسلفيين، وهروبهم إلى دول الخليج بعد عام 1952 أدى إلى إقناع هذه الدول بأن هذا القانون خروج على دين الله وشرع الله ومن ثم حرام شرعًا.

لذلك، لم تُقِر تلك الدول القانون مثلما فعلت مصر، وتبعتها تونس بعد ذلك، ونجح المصريون في صنع علامة في تاريخ المواريث، ولكن باسم الوصية بالأحفاد فقط وليس الميراث ككل.

*من وجهة نظرك.. ما الحل الذي يمكن أن يحقق التقدم والحراك لحضارة المسلمين فيما يخص المواريث؟

-أوضح «الهلالي» أن الحل الذي سيجعل هناك تقدمًا وحراكًا لحضارة المسلمين، وترضية البنات مع البنين والأخوات مع الإخوة، هو الثلث في الوصية التي نص الله عليها أربع مرات، فيجب أن يكون لبعض المستحقين، وذلك دون صدام مع أوصياء الدين.

ويجب على الورثة قبل أن يستحلوا أخذ التركة إرثًا أن يُخرجوا منها وصية يقومون بها مقام المُوَرِث، فالميراث هو قرار شعبي وأهلي وليس قرارًا دينيًا أو سياديًا من أوصياء الدين. الهدف من كل أفعال أوصياء الدين هو سحب السلطة والقرار من الناس ونسبها إليهم فقط.

وتحدث« الهلالي» عن المقصود بـ«أَيْمَانُكُمْ» في الآية الكريمة «وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ» وكيف يتجاهلها أوصياء الفتوى في أمور الميراث؟

تحدث الدكتور سعد الدين الهلالي عن المقصود بذلك قائلًا إن أوصياء الفتوى يتجاهلون هذه الآية في أمور الميراث. المقصود بالآية هو أن الصاحب يخبر صاحبه أو الجار يخبر جاره بأنه ليس له أقارب من أصحاب الفروض، والذين يختلف عددهم بين الشيعة والسنة، حيث يراهم الشيعة 8، بينما يراهم أهل السنة 11، وهم "الزوج والزوجة والأب والأم والجد والجدة والأخ والأخت الشقيقة والبنت والابن وبنت الابن والأخت لأم". إذا لم يوجد هؤلاء، فإن الذي يرث هو ولي المناصرة أو ولي المعاقدة أو ولي الموالاة، والمقصود به "الصاحب" عن طريق وصية مسبقة، وهذا ما أقره المذهب الحنفي.

*انتهينا إذن من الميراث، دعنا ننتقل إلى أمور المرأة.. يقول البعض إن الدكتور الهلالي قال إن الفتاوى القديمة بشأنها منتهية الصلاحية.. فما صحة هذا الكلام؟

-نفى الدكتور الهلالي ذلك، وقال: أنا لم أقل هذا أبدًا ولم تنتهِ أبدًا فتاوى المرأة القديمة، ولكن لا بد أن تؤخذ كل فتوى على حدة، لا توجد فتوى خاصة بالمرأة إلا وهناك أخرى مستورة الحال قد أُخفيت، فعلى سبيل المثال عندما نقول: إنه ليس من حق المرأة دخول الحرم أثناء الدورة الشهرية التي تستمر من 5 إلى 6 أيام، رغم أنها حجزت وسافرت لأداء المناسك التي تقتضي تواجدها بمكة 3 أيام، وتواجدها في المدينة المنورة يومين، إذن حُرمت من دخول الحرمين، وهذه فتوى تُحترم ولكن في ذات نشأة هذه الفتوى صدرت فتوى أخرى موازية لها، تفيد بجواز دخولها الحرم وقراءة المصحف والطواف، طالما هي متحفظة ومُحتاطة بعدم نزول دم منها، ولكن لا يجوز لها أن تصلي، والأدلة موجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية، حتى لا تشعر المرأة بنوع من الانتقاص، لأن الله الذي فرض عليها ذلك ولا ذنب لها فيه، وهذا الرأي أقره عبدالله بن عباس، والمذهب الحنفي.

ولكن هذا يرفضه أوصياء الفتوى، متمسكين بالحديث الذي رواه النسائي عن بن عباس أن الرسول قال: "الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح الكلام فيه، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير"، وهنا نقول لهم إن الطواف مثل الصلاة في الأجر والثواب وليس في شروط الصلاة، وعليه فطواف المرأة الحائض صحيح.

*يشجعنا هذا على السؤال عن القول الفصل في مسألة حجاب المرأة؟

-رأى الدكتور سعد الدين الهلالي أن الحجاب حق للمرأة فقط وليس حقًا لأحد غيرها، ولكن يجب على الشيوخ التحدث عن ضوابط الصلاة التي تضمن ستر العورة. يقول الهلالي: "لقد قرأت في كل كتب الفقه بلا استثناء، وهذا تحدٍ مني لهم، أن يبحث الناس عن ضوابط الحجاب عند الفقهاء في المذاهب العلمية وليس المذاهب السياسية للمجتمع، والله لن يجدوا أنهم تكلموا عن الحجاب إلا ضمن شروط صحة الصلاة فقط لا غير.

الفقهاء لم يتدخلوا في أمور المجتمع، فكان المجتمع سيد قراره، وهو وحده من يقول إن هذا شيء يتأذى منه أو شيء يتذوقه، ولا يقول حلال أو حرام. هذا لا يعني أن يكون هناك انحلال، وإنما لا يجب أن نتهم المجتمع بالانحلال، وأن الذي سيضبطه المفتي أو الشيخ.

*هل يرى الدكتور الهلالي أن الفطرة الإنسانية لها دور مهم في ضبط المجتمع؟

-قال الدكتور سعد الدين الهلالي إن الفطرة الإنسانية التي ارتضاها الله للبشر جميعًا هي دين الأديان الذي يضبط المجتمع بكل طوائفه، وليس أوصياء الدين، لأنه لا إكراه في الدين. كما ينص الدستور على أن حرية العقيدة مُطلقة، وكل الحوادث الجائرة للدخول في العقائد ظالمة وضد النص القرآني. كما أن الدين حرية، يجب أن تكون الفتوى كذلك حرية.

*وكيف يرى الدكتور الهلالي دور العرف والقوانين في تنظيم المجتمع مقارنة بفقه أوصياء الدين؟

-الدكتور الهلالي رأي أن الله سبحانه وتعالى أمر بالعرف، كما في قوله: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، وبناءً على ذلك، قال إن المجتمع يجب أن ينضبط بعرفه وقوانينه وتراضيه، وليس بفقه أوصياء الدين. على سبيل المثال، ورأى كذلك أن مقولة «زوجتك نفسي أو ابنتي على كتاب الله وسنة رسوله» خلال عقد الزواج خاطئة، حيث إن الله قال: «فعاشروهن بالمعروف» ولم يقل «فعاشروهن بالكتاب والسنة». لذا، الصحيح أن يقول: «زوجتك نفسي أو ابنتي على المعروف».

*سألنا الدكتور الهلالي عن سبب تدني الفتوى في عصرنا الحديث.. ومن المتهم المستفتي أم المفتي؟

-قال الهلالي إنه لا يجب أن نلوم المُستفتِي، فهو مثل الابن الذي لا يُعقل أن يلومه والده، بل يجب أن يقف بجواره ويعمل جاهدًا على إنارة الطريق التي يسير بها إلى يوم القيامة، وكذلك العلاقة بين الأستاذ والطالب، لا يجب أن يُلام الطالب حيث إن أستاذه هو الذي يبنيه ويؤسسه بطريقة صحية.

والمستفتي لابد أن يُبنى ويتم تبصيره بكل ما يُمكن أن يُبَصَر به في مسألة ما دون توجيهه إلى رأي بعينه، وعليه فهو يختار ما يتناسب معه، على سبيل المثال: عندما نُسأل عن الجمع بين الصلاة في السفر، يكون الرد من المُفتي أن هذا رُخصة من الله، ولكن هناك جهالة بالمسألة نفسها، لكن لو تم تبصيره بأن السفر كلمة مطاطة وتحمل أكثر من مسافة، ومختلف فيها فهناك من يقول إنها واجبة ومن لا يؤدها قصرًا خلال سفره تكون باطلة، وهناك من يقول رُخصة، ومدة السفر 3 أيام والرابع فيه خلاف، وهناك من يقول 18 يومًا، وهناك من يقول العام كله.

بناءً على ذلك كله، فالمستفتي سيد قراره بما يناسبه في هذا الأمر، نتيجة تنويره بكل الآراء ومن ثم يستوعب الآخر ولا يكون متشددًا، حيث إن التعددية الفقهية دليل على قبول الآخر، وهنا اللوم يكون على المُفتي لأنه يُخفي بعض الآراء ويلزم المُستفتي برأي معين ويقيده به، ومن هنا يتدنى مستوى الفتوى.

وأقول إن المفتيين يخافون من الاختيار خشية تجردهم من سلطتهم، وكلمة «يجوز ولا يجوز خاطئة»، ولكن لابد من التبصير والمستفتي عليه الاختيار، وأقول للمفتيين: «سيبوا الناس تجرب وتفتي لنفسها».

*معنى ذلك أنه لا يوجد متخصصون في الدين ككل؟

-يجيب «الهلالي»: بالطبع لا يوجد متخصصون في العلوم الشرعية ككل، حيث إن العلوم الشرعية تعليمية وليست مهنية، فلماذا ينصبون أنفسهم مهنيين، فنبي الله عيسى عليه السلام، قال: «إن الله يحب العبد يتخذ المهنة يستغني بها عن الناس، ولا يُحب العبد أن يتخذ الدين مهنة»، فصاحب المهنة دائمًا يحافظ على سر مهنته ويخفيه حتى يجذب عملاء، والدين لله وفقه الدين للكل، فـ«صاحب القرآن هو رب العزة» و«صاحب تفسيراته هو المخلوق».

*ولكن لماذا يرى الناس الدكتور سعد الدين الهلالي مختلفًا عن علماء الدين؟

-أجاب الدكتور الهلالي: أنا مختلف لأنني أطالب أن يكون فقه الدين للجميع، وأقول استفتي نفسك واستفتي قلبك، ومختلف عن الذي يقول ولاية الفقيه هي ولاية الإفتاء، فكل هذه كلمات نبوية وليست بدعية فكيف لي أن أترك النبوي وآخذ البدعي، فأنا أقدم دائمًا ولاية العقد والقانون الذي يسنه المجتمع ويناسب جميع طوائفه.

أنا مختلف لأنني أقول «دين الأديان هي الفطرة الإنسانية» التي حكم بها الله المجتمع بالخارج وأستَدِل بقوله تعالى: «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون»، وأنا دائمًا أقول إن «الاتفاق العرفي هو السيد على أطرافه وليست الفتوى هي السيدة».

عندما أقول الإنسان سيد نفسه في أمر دينه، ومنها المرأة فهي سيدة نفسها في أمر دينها، أنا هنا أتبع كلام النبي حين قال: «كل بني آدم سيد»، فأنا مختلف حين يقول أهل الفتوى: إن الفتوى والدين هما السيدان، كما أنني أقول لا إكراه في الدين، وهو ما يقوله رب العزة.

*وماذا عن رؤية الدكتور الهلالي في فكرة أن «الإسلام يجب أن يسود»؟

-يرى الدكتور الهلالي أن الإسلام يسود باستيعابه للآخر وأنه يطلب من الآخر أن يتعامل في اعتقاده بحسن نية ويسالمه وهو يسالمه، ولا يجب أن يتدخل أحد في عقيدة الآخر. ويستشهد بالآية الكريمة: «فمن أسلم وجهه لله فهو محسن»، ما يعني أن كل من أسلم وجهه لله فهو في حكم المسلم ولا ينبغي لأحد أن يتدخل في شأنه.

*وماذا عن تفسير الدكتور الهلالي للأفعال التي يقوم بها الناس تقربًا إلى الله من خلال الرموز الدينية؟

-يوضح الدكتور الهلالي أن كل من يقبل عتبة سيدنا الحسين أو الحجر الأسود أو يذهب إلى الكنيسة، فإنه يفعل ذلك كله تقربًا إلى الله سبحانه، وليس إلى المبنى أو الصور الخاصة بمبنى الكنيسة أو سيدنا الحسين أو الحجر الأسود. هذه الأشياء هي رمزية ومجازية للتقرب إلى الله، وبناءً عليه يقابل الله بقلب سليم وكلهم شأنهم واحد.

*ما مفهوم الأمان يوم القيامة من وجهة نظر الدكتور الهلالي؟

-يعتقد الدكتور الهلالي أن أمان الإنسان يوم القيامة يعتمد على أن يكون قلبه سليمًا ونفسه مطمئنة لعمله الذي يفعله، وليس دينه الذي يرضى أو لا يرضى عنه، استنادًا إلى الآية الكريمة: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي». مسألة القبول من عدمه هي لله وحده دون غيره.

*وما وجهة نظر الدكتور الهلالي في الحياة بعد الموت وكيف تتعارض مع آراء أوصياء الفتوى؟

-يرى الهلالي أن الإنسان عندما يموت يجب أن يجد بشرى وليس خوفًا ورعبًا كما يقول الآخرون. يستشهد بالآية: «وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى». أوصياء الفتوى يقولون للناس إنه لن يدخل الجنة إلا إذا كان على وضع معين أو مثله، وهذا كلام خاطئ. أمور الدنيا متروكة للقانون والعرف المجتمعي.

*إذن.. ما الفرق بين الفقه والفتوى من وجهة نظرك؟

-الدكتور الهلالي يرى أن الفقه متعدد الآراء وبه استنارة، أما الفتوى فهي رأي واحد وفيها استعباد. يقول إن القرآن والسنة الشريفة يأمران بالفقه المتعدد، في حين أن أوصياء الفتوى يسعون إلى استعباد الإنسان بالفتوى. هو يسعى إلى سيادة الإنسان بينما هم يسعون إلى استعباد الإنسان.

*وماذا عن رأي الدكتور الهلالي حول مفهوم الفردية في الدين؟

-قال الدكتور الهلالي إن كل إنسان سيقابل ربه وحيدًا يوم القيامة، لذا يجب تدريبه على أن يكون فرديًا في الدنيا، وأن يتفقه في دينه بما يتناسب معه دون وصاية شيخ أو مفتي، لكن السلفيون مثلا يعتمدون على مبدأ الإجازة عن فلان، ويرون أن من لا يملك إجازة ليس من حقه أن يُفتي.

*وكيف يفسر الدكتور الهلالي مقولة «لحوم العلماء مسمومة»؟

-يعتبر الدكتور الهلالي هذه المقولة خاطئة، ويروي أن يعقوب الكرماني قال إنه رأى النبي في منامه وقال له: «لحوم العلماء سموم من شمها مرض ومن أكلها مات»، وهذه رؤية منامية وليست حديثًا، وتحويلها إلى حديث كان بغرض عدم انتقاد الشيوخ، ما يمنحهم قدسية.

*من وجهة نظرك.. هل يمكن لأحد أن يكون عالمًا في جميع علوم الدين؟

-لا، الدكتور الهلالي يؤكد أنه لا يوجد عالم أزهري أو عالم أوقاف في الإسلام وكلها مصطلحات غير موجودة في القانون أو الواقع لكنها موجودة فقط في الإعلام عندما يقدم هؤلاء الأشخاص أنفسهم، بل هناك أساتذة متخصصون في الفقه أو الحديث أو التفسير، وغيرها من التخصصات، فالدين بحر كبير ولا يستطيع أحد أن يلم بكل فروعه.

*وكيف ترى مصطلح «علم العقيدة»؟

-يوضح الهلالي أن علم العقيدة لم يُعرف إلا عام 1961م، وقبل ذلك كان يُعرف بعلم الكلام، وهو الحديث في الإيمانيات، وتغيير الاسم إلى علم العقيدة كان خطًأ، ويجب تصحيحه لأنه يُوحي بفرض عقائد معينة على الناس، بينما علم الكلام يتعلق بالحوار والنقاش حول الأمور الإيمانية.

*وكيف يفسر الدكتور الهلالي مصطلح «شريعة إسلامية»؟

-يرى الدكتور الهلالي أن مصطلح "شريعة إسلامية" ليس له واقع في حياة المسلمين، فهو يعني القوانين المتبعة، ففي الفقه الإسلامي لا يوجد رأي واحد يجب اتباعه، وإلا كان الفقهاء الأربعة اتبعوا رأيًا واحدًا. المصطلح الصحيح هو فقه الدين، وهو متعدد ويعني الاختلاف بإرادة المجتمع وليس بالتسلط والإلزام.

*إذن.. كيف ينظر الدكتور الهلالي إلى حكم النبي محمد في المدينة؟

-ذكر الدكتور الهلالي أن النبي محمد عاش معه في المدينة غير المسلمين، وكان يتعامل معهم بما يعرفونه ويتآلف بينهم، فالنبي كان يحكم بالعرف العام المتداول، حيث إن الكتاب والسنة يطالبان بالعرف.

*وماذا عن موقف الدكتور الهلالي من اعتبار القرآن دستورًا أو قانونًا؟

-رفض الدكتور الهلالي تحويل القرآن إلى دستور أو قانون أحادي الدلالة، لأن القرآن هدىً ونور للناس ويرشدهم للطريق الصحيح. والمجتمع يجب أن يقرر ما يقبله ويناسبه، ويمكن أن يتوقف عن العمل بآية كما حدث في آية الحدود في زمن سيدنا عمر.

7333e313-054a-4ef9-943a-a98e00826133 931325d2-0179-4653-a575-797e28affa7c de5a2573-710b-4c86-af75-653d2e695dca

مقالات مشابهة

  • متصل ينقذ سيدة من الاقتراض.. ويتبرع بتكلفة عملية جراحية لابنتها (فيديو)
  • أمين الفتوى: تصوير الكتب دون إذن صاحبها ونشرها على الإنترنت حرام شرعا
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء»: اللقمة التي يضعها الرجل في فم زوجته صدقة
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: ذهب الزينة ليس عليه زكاة (فيديو)
  • أمين الفتوى بـ«الإفتاء»: تصوير الكتب دون إذن صاحبها ونشرها عبر الإنترنت حرام شرعا
  • هل الحسد والسحر ابتلاء؟.. أمين الفتوى بـ«الإفتاء» يجيب
  • أمين الفتوى: رؤية النبي محمد عليه السلام دليل على الثبات على الطريق الصحيح | فيديو
  • أمين الفتوى: الصلاة على النبي ترفع البلاء وتحمى من المصائب
  • سعد الدين الهلالى فى حوار جرىء مع «البوابة نيوز»: النبى لم يحكم بين الناس بـ«الشريعة».. وأوصياء الدين يسعون لاستعباد الناس..أمور الإرث ليست من الثوابت.. والميراث قرار شعبى وأهلي وليس ديني
  • حكم صيام يومي تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم.. «الإفتاء» توضح (فيديو)