الذكاء الاصطناعي يضع آبل أمام تحدٍ صعب في ذكرى إطلاق ماك
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
بعد 40 عاما على إطلاقه ثورة الحواسيب الشخصية، يكتسب "ماك" شعبية تتجاوز محبي "آبل"، فيما تواجه الشركة الأميركية العملاقة تحديات للتكيف مع زمن الذكاء الاصطناعي تحت طائلة الدخول في طي النسيان، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية.
فقد أطلقت "أبل" جهاز ماكنتوش في عام 1984، مع إعلان تلفزيوني محفور في الذاكرة صوّر فيه الجهاز كأداة للتمرد ضد أنظمة سياسية تتحكم بالشعوب.
وقال مدير الأبحاث في مجموعة "فيوتشرم" أوليفييه بلانشار لوكالة الأنباء الفرنسية إن "تأثير أجهزة ماك هائل"، مضيفا "لقد حاولتْ كل الحواسيب المحمولة والشخصية تقليد ماك ونجاحه". وأصبحت حواسيب ماك المفضلة، ليس فقط لمحبي آبل، ولكن أيضا للفنانين وصانعي الأفلام وغيرهم من المبدعين المحترفين.
ومع ذلك، فإن الحواسيب التي تعمل بنظام التشغيل ويندوز (التابع لشركة مايكروسوفت) تهيمن على مكاتب الشركات بفضل كلفتها الأدنى والاعتماد الواسع لأدواتها المكتبية المساعدة على الإنتاجية.
وحققت شركة آبل مع ذلك اختراقات في عالم الشركات، مدفوعة بشكل خاص بمحبي أجهزة آيفون الذين يستخدمون هواتفهم الذكية في العمل ويفضلون أجهزة ماك على الحواسيب الشخصية الأخرى بسبب توافقها بدرجة أكبر مع منظومة "آبل".
وقال داغ سبايسر من متحف تاريخ الحاسوب في سيليكون فالي، الذي ينظم معرضا بمناسبة هذه الذكرى: "جزء كبير من الإعلانات والتسويق يرمي إلى جعل الناس يشعرون بأنهم مميزون عندما يشترون جهاز ماك". وأشار إلى أن الشركة ركزت "منذ أول إعلان تجاري (لجهاز ماك) سنة 1984" على فكرة "التمرد" و"محاربة النظام" للتسويق لمنتجها.
روجت شركة آبل في الآونة الأخيرة للاستخدامات الاحترافية لخوذة "فيجن برو" التي تتيح دمج الواقع المعزز والافتراضي في بيئة المستخدم الحقيقية، وذلك بفضل كاميرات وأجهزة استشعار. وبحسب الخبراء، فإن الخوذة التي جرى تسويقها منذ الجمعة بسعر 3500 دولار، تستهدف الشركات أكثر من عامة الناس.
وقالت كارولينا ميلانيسي من شركة "كرييتيف ستراتيجيز": إن "آبل تتطلع إلى الحصول على حصة سوقية في الأعمال التجارية". وأضافت أنه "من الواضح أنهم يريدون استقطاب الشركات من خلال فيجن برو، وهم ينشئون رابطا بين فيجن برو وماك".
وقد ضعف الطلب في السوق العالمي على الحواسيب الشخصية مع انتشار استخدام الهواتف الذكية في الحياة اليومية وغياب أي تطورات تكنولوجية كبيرة. ولكن شهدت هذه السوق انتعاشا وفق المحللين مع اللجوء المتزايد إلى العمل من بعد، وأيضا الاهتمام الملحوظ بالآلات القادرة على إدارة الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي.
وأشار بلانشار إلى أن "الذكاء الاصطناعي نوع من التطور الذي نادراً ما يحدث في سوق الحواسيب الشخصية". وأضاف أن "الحواسيب الشخصية على وشك أن تصبح أكثر قوة وأسهل في الاستخدام، مما يضع إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي شهدناها في مجال الحوسبة السحابية (على الخوادم) مباشرة بيد المستخدم".
ولفت بلانشار إلى أن ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي ستعطي انطباعا بوجود فريق من المساعدين المحترفين على الحاسوب، وقال إن البيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي ستبقى على الأجهزة محليا، مما سيساعد على حمايتها وتقليل تكاليف الحوسبة السحابية.
"لا مفر" من الذكاء الاصطناعيوحرصا على الحفاظ على صورتها كشركة تحدد اتجاهات التكنولوجيا بدلا من اتباعها، عادة ما يكتفي مسؤولو شركة "آبل" بذكر الذكاء الاصطناعي التوليدي على مضض. لكن بحسب المحللة، فإن المجموعة التي تتخذ مقراً في كاليفورنيا بدأت في تصميم شرائح الحاسوب المتخصصة الخاصة بها. وأضافت ميلانيسي أن "عدم الحديث عن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يجعلنا نعتقد أنها لا تستثمر في هذا المجال".
وتستخدم "آبل" بالفعل الذكاء الاصطناعي في عدساتها ومعالجة الصور الحاسوبية وخدمتها للمساعدة الرقمية "سيري" والكثير من التطبيقات الأخرى.
وحتى لو بدت العلامة التجارية متأخرة في السباق نحو الحاسوب "الذكي"، فإنها عند وصول جهاز "ماك" الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، فمن المؤكد أنه سيندمج بسلاسة في "النظام البيئي" لشركة آبل، وهي مجموعة الأجهزة والخدمات التي تسمح لها بالحفاظ على مستخدميها في عالمها وتحقيق أرباح كبيرة منها.
وقال بلانشار "إذا لم يتحول ماك إلى جهاز يعمل بالذكاء الاصطناعي خلال العام المقبل، فإن آبل ستواجه تساؤلات"، مضيفاً أن "الذكاء الاصطناعي موجود في كل شيء، ولا مفر منه بالنسبة لآبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی
إقرأ أيضاً:
فيلم استنساخ.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
بعد أقل من أسبوعين من انتهاء شهر رمضان، بدأ عرض فيلم "استنساخ" من بطولة سامح حسين، الذي نجح خلال الشهر الكريم ببرنامجه "قطايف"، البرنامج الذي بدأه على قناته الخاصة على يوتيوب ثم انتقل إلى التلفزيون. لا يمكن فصل هذين الحدثين بعضهما عن بعض، فتبعًا لتصريح سامح حسين، فإن نجاح البرنامج هو ما شجع صناع الفيلم على إعطائه فرصة العرض السينمائي، وقد أُعد بالأساس للعرض على إحدى المنصات الإلكترونية، لينافس أفلام عيد الفطر في موسم سينمائي هادئ للغاية.
"استنساخ" من إخراج وتأليف عبد الرحمن محمد، وبطولة سامح حسين وهبة مجدي وهاجر الشرنوبي، وينتمي إلى نوع الخيال العلمي، بينما تنافسه 4 أفلام كوميدية مصرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين "لإنكارها الجرائم الأسدية"list 2 of 2من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرةend of list استنساخ وغياب المنطقالظن الشائع خلف عدم نجاح أفلام الخيال العلمي المصرية يتمثل في ضعف الإمكانيات التقنية والاقتصادية. قد يكون هذان سببين حقيقيين إلى حد ما، غير أن هناك أسبابًا أخرى تكمن وراء نجاح هذه الأفلام في سينمات أخرى. فلا تعتمد أفلام الخيال العلمي فقط على المؤثرات البصرية المُبهرة؛ إذ لا يتذكر مشاهدو فيلم "بين النجوم" (Interstellar) فقط مشاهد البطل في الفضاء عند استعادة الفيلم، بل تؤثر فيهم بصورة أكبر الدقة العلمية ومنطق الفيلم شديد التماسك في تخيله مستقبل الكرة الأرضية بعد كارثة بيئية لا تبعد كثيرًا عن الواقع.
إعلانهذا المنطق المتماسك والدقة العلمية هي أهم ما تفتقده أفلام الخيال العلمي المصرية، ويظهر ذلك بوضوح في أحدثها، فيلم "استنساخ"، الذي يحاول عكس المخاوف الحالية من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على الواقع الذي نعيشه، بتخيل مستقبل للأمة العربية لم يتم تحديده، غير أنه يحدث بعد عدة حروب أدت إلى جعل الواقع أصعب من أن يُعاش. نتيجة لذلك، يستخدم سكان هذا المستقبل نظارات حديثة لدخول عالم افتراضي يعيشون فيه حياة أهنأ وأكثر راحة من عالمهم الاعتيادي.
يشرح الفيلم في البداية تفاصيل هذا العالم الافتراضي الذي يسيطر عليه ما يُدعى "التحالف العربي"، ويدير العالم الافتراضي يونس العربي (سامح حسين) الذي يرفض بيع "أرض السديم" -وهي جزء من هذا العالم الافتراضي- لجهات غربية، خوفًا من أن يستغلوا تلك الأرض في نشر أفكارهم غير المتناسبة مع المجتمع العربي.
إلى هنا، يبدو منطق "استنساخ" متماسكا، وقد شرح العالم الذي تدور فيه الأحداث، حتى تبدأ الحبكة في التشابك، ونصل إلى ذروة الفيلم. فليونس العربي، بطل الفيلم، نقطة ضعف كبيرة، وهي مشاعره العاطفية تجاه زميلته في العمل المهندسة مريم (هبة مجدي)، لكن يعترض هذه المشاعر زواجها من شخص آخر، ويقترح عليه صديقه في العالم الافتراضي، رجاء (أحمد السلكاوي)، اللجوء إلى مؤثر علمي يساعده في حل مشكلته.
هنا يبدأ منطق رسم شخصية البطل في التفسخ؛ فيونس، المصنف منذ سنوات قليلة رقم 1 في علم البرمجة ورئيس الشركة المسيطرة على الواقع الافتراضي، وقع ضحية لحيلة ساذجة من هذا المؤثر، حيلة كشفها خلال الأحداث أحد العاملين لديه. ويمتد هذا الانهيار إلى جانب المنطق العلمي كذلك، خصوصًا في الثلث الأخير من الفيلم، والذي يناقض فيه السيناريو نفسه بوضوح.
الخيال العلمي هو نوع سينمائي يمزج، كما هو واضح من اسمه، بين الطابع العلمي أو الأفكار العلمية والخيال. يقدم هذا النوع شكلًا تخمينيًا لنتائج بعض الظواهر التي قد لا يكون العلم نفسه متأكدًا منها، مثل الحياة خارج الأرض، الروبوتات، السفر إلى الفضاء، الكائنات الفضائية، أو السفر عبر الزمن.
إعلانويُعد الخيال العلمي نوعًا سينمائيًا سهل الفصل فيه، لأنه يتضمن عوامل شكلية محددة في الفيلم تجعل خصائصه ظاهرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتضمن وجود آلة زمن، صاروخا، محطة فضائية، روبوتات، كائنات فضائية، أو أي نوع من التكنولوجيا غير المألوفة وطريقة التعامل معها.
كما أن الخيال العلمي يُستخدم بصورة متكررة للاشتباك في قضايا سياسية أو اجتماعية أو حتى فلسفية، مثل طبيعة البشر، وأهمية وجودهم، وماهية الحياة البشرية.
يشتبك "استنساخ" مع أضرار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، هذا الذكاء الذي منذ ظهوره كفكرة وهو مصدر هلع للكثير من البشر، وبعد بدء استخدامه في الحياة الاعتيادية مؤخرًا، تزايد هذا الرعب. فهو يمتلك قدرات ومهارات وأدوات واسعة المجال، قادرة على تحسين حياة الإنسان، غير أن هذه القدرات تمثل تهديدًا لنفس الحياة. فعلى سبيل المثال، يفقد الكثيرون اليوم وظائفهم نتيجة لاستبدالها ولو بشكل جزئي بهذا الذكاء، ما يُمثل تكرارًا لما حدث إبان الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، عندما بدأت الآلات بالحلول محل الإنسان في الوظائف المختلفة، غير أن الحياة استمرت بظهور وظائف جديدة، بعضها مستمر حتى اليوم.
في الفيلم، التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هما أداة قوية ومدمرة في يد الأعداء. فعبرهما يتم الإيقاع بـ"يونس" العربي وتوجيهه لبيع أرض السديم في العالم الافتراضي، لتصبح أداة لاحتلال جديد للمنطقة العربية، فيه يتم استبدال الأرض الفعلية بأخرى افتراضية. وعبر هذا الاحتلال يتم التلاعب بعقول الأجيال الجديدة وتغذيتها بالفكر الغربي، الأمر الذي لا يحتاج لكل هذه المتاعب، فالإنترنت الآن يمكنه القيام بذلك وأكثر دون الحاجة لعالم افتراضي أو ذكاء اصطناعي.
بَيد أن الفيلم لا يستمر في اشتباكه مع هذه المخاوف في إطارها الفكري، بل قرر تحويل هذا الإطار إلى آخر فعلي، بمعركة حقيقية بالسيوف والبنادق والسهام في الثلث الأخير من الفيلم بين الفكر العربي والغربي.
إعلانوبينما يقوم الذكاء الاصطناعي بدور الشرير، يبرئ الفيلم في مشاهده الختامية البطل يونس العربي من كل أخطائه، ويعتبره بطلا قوميًا، على الرغم من سقطاته الأخلاقية الواضحة التي يقوم بها على مدار العمل. ليأتي الختام كخيانة لمنطق الفيلم سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية، وبالطبع الفنية برسائله الواضحة والمباشرة.