توصّلت دراسة حديثة إلى رسم مفصّل ثلاثي الأبعاد للمجالات المغناطيسية التي تتخلل في مجرتنا درب التبانة، والتي لا تنشأ من الأجرام السماوية مثل النجوم والكواكب فحسب، بل أيضا من السُّدم والغبار الكوني ومن غاز الهيدروجين المنتشر بين النجوم.

وعلى الرغم من أن إدراك العلماء لوجود هذه المجالات المغناطيسية قديم، فإن التحدي الأكبر كان في رسم خريطة شاملة للمجرة كلها.

وعلى نقيض النجوم والكواكب، فإنّ المجالات المغناطيسية لا تصدر انبعاثات ضوئية بشكل مستقل، مما يجعل رؤيتها بصريا أمرا مستحيلا عن طريق التلسكوبات المرئية. وللتغلّب على هذه المشكلة، يبحث العلماء عن آليات مختلفة للعثور على المجالات المغناطيسية كدراسة تفاعلها مع الجسيمات المشحونة أو دراسة تغير سلوك الضوء المار عبرها.

وفي حالة النجوم والكواكب، فغالبا ما تُخطَّط المجالات المغناطيسية من خلال مراقبة الجسيمات المشحونة، مثل الأيونات التي تسير بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي، فيصدر عنها الضوء في هذه العملية. وكانت هذه الطريقة هي التي رُسم بها المجال المغناطيسي لكوكب المشتري أول مرة، وذات الأمر ينطبق على الثقوب السوداء.

ولكن على مستوى عموم المجرة والمجالات المغناطيسية المنتشرة والبعيدة، فإن الأمر يزداد صعوبة في مراقبة الجسيمات المشحونة لأنّها أضعف وأكثر انتشارا، وبالتالي يكون الضوء الصادر خافتا للغاية. وبدلا من ذلك، يستعين الباحثون بتقنية الضوء المستقطب الذي يتفاعل مع الغاز المتأيّن بسرعات مختلفة بناء على تردده، مما ينتج عنه شعاع ضوئي مستقطب يدور ويسير اعتمادا على كمية الغاز المتأين الذي يجتازه. وبحكم أنّ الغاز المتأين يكون عالقا ضمن الحقول المغناطيسية، فيسهل بذلك رسم المجال المغناطيسي بالنظر إلى مختلف مصادر الضوء المستقطبة.

والضوء المستقطب هو ضوء تتذبذب أمواجه في اتجاه معين، بدلا من التذبذب بشكل عشوائي في اتجاهات مختلفة. وتُستخدم هذه التقنية في أشياء عدّة مثل النظارات الشمسية المستقطبة التي تقوم بتصفية الضوء المنتشر عن الأشياء اللامعة، وفي الماء إذ يساعد في التخلص من التموّجات. وأما في الفضاء فهناك العديد من الأجرام السماوية التي ينبعث منها ضوء مستقطب مثل النجوم النابضة "النبّاضة".

وتذهب الدراسة الحديثة إلى ما هو أبعد من ذلك عبر دمج البيانات القادمة من المركبة الفضائية "جايا"، إذ توفر خريطة مفصلة لتوزيع وانتشار النجوم والسدم في المنطقة المحلية لمجرة درب التبانة. وبدمج تلك البيانات مع نتائج الاستقطاب للذراع الحلزوني لبرج القوس، تَمكّن الباحثون من رسم خريطة مفصلة ثلاثية الأبعاد للمجال المغناطيسي للمجرة.

وقد أظهرت النتائج أنّ المجالات المغناطيسية في المجرّة ليست منتشرة بانتظام، ولا تقع على امتداد مستوى المجرة، بل إنها تأخذ أشكالا معقدة في الكثير من الأماكن الواقعة بين النجوم. ووجد الباحثون أن هذه المجالات المغناطيسية يمكن أن تتفاعل بشدة مع الحاضنات النجمية وتخترقها وتؤثر على حركة الغاز والغبار الكوني فيها.

ولا تكشف النتائج الصادرة عن كيفية تكوّن النجوم الجديدة وولادتها فحسب، بل أيضا تمنح فهما أوسع لبنية وهيكل المجرات وكيفية تطورها مع مرور الوقت.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

لماذا تعد الفاتحة خريطة القرآن الكريم؟

ويدعو أستاذ بجامعة الأزهر الدكتور محمد الخطيب في البداية المسلم إلى أن يتمعن في القرآن الكريم ويبصر ويتبحر في معانيه، لا أن يقرأه على عجل ويمر على الآيات مرور الكرام.

ويؤكد أن تناسق وتجاور السور في القرآن الكريم له حكمة، فسورة الفاتحة تليها البقرة، ثم آل عمران، فالنساء وبعدها المائدة وهكذا، ويشير الخطيب إلى أن على المسلم أن يتدبر معاني القرآن الكريم، وأن يعلم الأصول التي يدور حولها القرآن الكريم.

وأوضح الخطيب أن القرآن الكريم يدور حول 4 فصول أو معان، فآيات القرآن تدور حول معرفة الحق ومعرفة الخير، ويترتب عليهما الاقتناع بهذا الحق وتقديسه، وفعل الخير وملازمته، وهذه الأصول أجملتها سورة الفاتحة، التي يقول الخطيب إن المسلمين لا يعرفون منها سوى أنها فاتحة القرآن الكريم وأنها تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة.

كما أن الفاتحة هي السبع المثاني، ويشير الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أن السبع المثاني أو الآيات أجملت كل معاني القرآن الكريم، ولهذا تتكرر قراءة سورة الفاتحة في كل صلاة ويحفظها الجميع.

وتبدأ سورة الفاتحة بتعريف الإنسان بمن هو الحق "الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين"، وهو الله سبحانه وتعالى، ثم تليها "إياك نعبد وإياك نستعين"، والسبب أنه حينما يعرف الإنسان أن له ربا هو رب العالمين فهو ملزم بأنه يعبده ويستعين به.

إعلان

أما الجزء الثاني المتعلق بمعرفة الخير، فهو طلب الهداية "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، كما تظهر أن الطريق في هذا الوجود هو الطريق المستقيم الذي جاءت به كل آيات القرآن الكريم، وطريق نقيض الوحي.

ويقول محمد الخطيب إن كل أصل في سورة الفاتحة يوجد تفصيله في كل آيات القرآن الكريم.

وسورة الفاتحة -حسب الخطيب- هي خريطة القرآن الكريم، وهي مناجاة وطلب، وبقية القرآن هي إجابة لهذا الطلب، وضرب مثلا على ذلك بأن أول آية في سورة البقرة التي تلي الفاتحة هي: "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"، أي أن الصراط المستقيم، كما جاء في الفاتحة، هو في "ذلك الكتاب".

25/3/2025

مقالات مشابهة

  • كهرباء بلا حدود.. توليد الطاقة من دوران الأرض في مجالها المغناطيسي
  • لا وقت في الحرب لمشاهدة النجوم
  • اكتشاف “أعاصير فضائية” تدور في مركز مجرة درب التبانة
  • بيراضى النجوم.. أحمد بلال يفتح النار على حسام حسن بسبب سوء أداء المنتخب
  • خريطة حديثة توضح مواقع سيطرة الحكومة السودانية
  • من النجوم إلى البنك الأهلي.. مسيرة مهنية حافلة لكريم حسن شحاتة
  • لماذا تعد الفاتحة خريطة القرآن الكريم؟
  • اكتشاف "أعاصير فضائية" تدور في مركز مجرة درب التبانة
  • نجم الجبهة
  • خريطة سوريا الجديدة.. 25 مطلباً من الكورد إلى الشرع (خاص)