دورة الأحداث الفارقة.. هل توثق لها؟من هنا انطلق «الحلم العربي» فمتى نحققه؟فعاليات وخدمات.. بين الثقافة والترفيه

 

وسط تحديات عالمية وأحزان تجتاح النفوس الأبية على فلسطين العزة، وأزمات اقتصادية طاحنة، يأتى انطلاق العرس الثقافى الأكبر والأهم فى مصر والوطن العربي، ليمثل معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ٥٥، محاولة للتعايش، للتماثل للحياة، محاولة للبقاء، علنا نرسم طريقا للخلاص لأجيال مقبلة، يصبح الكتاب فيه سلاحا ووسيلة، فمن يدرى.

ولأنه يعد من أكبر معارض الكتاب فى الشرق الأوسط، فقد اعتبر معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2006  ثانى أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولى للكتاب. ويزوره حوالى مليونى شخص سنويًا، فإن الدولة المصرية والشعب على السواء، يولونه اهتماما واحتفاء خاصا كل عام، هكذا تشبعت روح الأسر وكمن فى وعيها أن «خروجة» المعرض، كل عام ضرورة لأفرادها، أيا كان مقصدهم، شراء الكتب وحضور الفعاليات والندوات والحفلات أم مجرد قضاء وقت ممتع بين جنباته، يبقى أنه صار هدفا واختيارا أول.

وهو الاهتمام ذاته الذى حباه الشباب والصبية للمعرض منذ أوج تألقه فى تسعينيات القرن الفائت، مع فارق جوهري، أنه كان يمثل مقصدا لاقتناء الكتب والتعرف على كل جديد من الإصدارات وحضور أمسياته فحسب، فلم تكن ثمة ما يغرى فى السير على القدمين لآلاف الأمتار بين الخيم والأجنحة، ووقتها فى بدء التسعينيات على وجه الدقة، وتزامنا مع الغزو العراقى للكويت، ذلك الحدث الذى زلزل كيان كل عربى غيور، كان معرض الكتاب نافذة أولى على التعبير عن غضبنا، مثقفين وفنانين وشعبا، فكان الظهور المدوى لأغنية «اللهم لا اعتراض»، التى هزت كيان نفوس الشعب العربى بأكمله، والتى صدح بها عبدالله الرويشد، من كلمات العظيم عبدالرحمن الأبنودي، وألحان جمال سلامة، فشقت الجدران وأبكتنا جميعا، ومن ينسى الانطلاق الأول لأوبريت «الحلم العربي»، والذى هز جنبات معرض الكتاب حينما ظهر معبأ فى شرائط الكاسيت، وكنا نتحلق ذاهلين حول «كشك» بائع الكاسيت، فى ساحة المعرض، منصتين كمن ندهته النداهة، لا نبرح حتى تكف الكلمات عن الصدح.. وندوات وأمسيات المعرض التى كانت تصرخ منددة بالعدوان الأثيم، وعناوين عشرات الكتب المؤرخة للحدث، والتى كان المعرض معبر ظهورها للقاريء، وغيرها من ذكريات جمعت بين شقى الثقافة «كتاب وفن»، كان المعرض منبرها الأول ودافعها الأهم.

فهل ننتظر من دورة هذا العام التى تبدأ فعالياتها بعد غد 24 يناير، حتى 6 فبراير، والتى تواكب أحداثا عالمية قاسية، أن تؤرخ لها، سواء بظهور عناوين جديدة توثق للإبادة الصهيونية للشعب الأبي، أو بأمسيات وفعاليات تهدر بالرفض وتشير إلى طريق الخلاص؟

 ينطلق معرض الكتاب فى دورته الحالية، بمشاركة 1200 ناشر، من قارات العالم، بزيادة 153 ناشرًا عن الدورة الماضية، ويبلغ عدد الدول المشاركة 70 دولة من جنسيات مختلفة، الأمر الذى يثرى ويؤكد فكرة شعار معرض الكتاب 2024 «نصنع المعرفة.. نصون الكلمة».

وقد تم اختيار اسم كاتب الأطفال الكبير يعقوب الشاروني، ليكون شخصية معرض الطفل هذا العام، بوصفه أحد أبرز رواد أدب الطفل فى العالم العربي، وله مشروع ثقافى عظيم، وإنتاج أدبى أقل ما يوصف به أنه شديد الغزارة شديد التنوع شديد التأثير، فضلًا عن استلهام معظم مؤلفاته من التراث الشعبى المصري، هذا إلى جانب تأثيره فى أجيال وأجيال من القراء والكتَّاب. وأعادت الهيئةُ إصدار عدد من مؤلفاته، فضلًا عن إعداد كتاب احتفائى عن الراحل، يضم شهادات كتبها عدد وافر من الكتاب، من مختلف الأجيال، امتازت جميعها بطابع المحبة، وجاء تحت عنوان «فى محبة يعقوب الشاروني»، وقد كتب هذه الشهادات كُتاب من مصر والوطن العربي، ومن إيطاليا والصين والهند. وتُصدر الهيئة مجموعة من مؤلفات الراحل، هي: «أجمل حكاياتنا العربية»، و«البخلاء»، و«حكايات إيسوب»، و«زهرة السعادة»، ومسرحية «أبطال بلدنا».

وبالنسبة إلى أدب الأطفال، يحتفى البرنامج بأدب الطفل، من خلال مشاركة نسرين مكتبى برقوقي، مديرة المركز القومى لكتب الأطفال والشباب بأوسلو، وذلك باعتبار المشاركة تبادلًا للخبرات فى مجال الكتابة للطفل بين النرويج والعالم العربى.

فيما تشارك مملكة النرويج ضيف شرف هذه الدورة، ببرنامج ثقافى كبير، يضم مجموعة من الكتاب والمبدعين فى النرويج، لتعريف العالم العربي، بالثقافة النرويجية، إلى جانب أدب الطفل فى النرويج. ومن بين الأدباء النرويجيين المشاركين فى المعرض: الكاتب تيرجى تيفيدت مؤلف كتاب عن النيل، والكاتب جوستاين غاردر، والكاتبة لين ستارلسبيرج.

كما يحتفى البرنامج بأديب نوبل النرويجى «يون فوسه»؛ حيث يخصص يومًا كاملًا له فى المعرض، لتناول أعماله، ومؤلفاته وأشعاره المختلفة، كما يحتفى بأهم كتاب المسرح فى النرويج: هنريك إبسن، المعروف بـ «أبو المسرح النرويجي».

وقررت اللجنة العليا للمعرض هذا العام اختيار اسم عالم المصريات الدكتور سليم حسن شخصية الدورة الـ 55، لما له من دور كبير فى ترسيخ الهُويَة المصرية؛ من خلال تناوله تاريخ مصر وحضارتها من عصور ما قبل التاريخ، مرورًا بالدولة القديمة والوسطى والرعامسة والعهد الفارسي، وانتهاءً بأواخر العصر البطلمى.

سليم حسن، انتسب مبكرًا إلى قسم التاريخ الفرعونى بمدرسة المعلمين، الذى أنشأه أحمد كمال باشا، الأثرى الجليل. سافر حسن إلى فرنسا أربع سنوات ونصف ليحصل على ثلاث دبلومات تخصصية فى التاريخ الفرعونى. ولدى عودته ألحقه الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، بالسلك الجامعى ليصبح أستاذًا فى التاريخ القديم بجامعة فؤاد الأول، لكنه لم يقنع بالمنصب الذى لا يُرضى طموحه الكبير إلى مزاحمة الأجانب فيما احتكروه من علم المصريات بحثًا ودراسة وتنقيبًا، فقرر التوجه إلى النمسا ليحصل على شهادة الدكتوراه، وبموجب ذلك الطموح العلمي، كافح لنيل موافقة رسمية من إدارة الجامعة لكى يكون أول مكتشف مصرى فى بعثة جامعية رسمية لدراسة مصر القديمة؛ حيث بدأ الحفر بمنطقة الأهرامات، واكتشف مقبرة لرجل من النبلاء من حاشية أحد ملوك الأسرة الخامسة، وفى باطنها استقرت عشرات التماثيل، بخلاف مصاطبها الكثيرة. وتوالت اكتشافات الأثرى المكافح، فاكتشف 19 مصطبة أخرى فى موسم عام 1930، وجدران فناء الملك تحتمس الرابع عند سفح أبى الهول. ثم فى الموسم الثالث عام 1931، كان أهم اكتشافاته، هرم الملكة خنتكاوس و8 مقابر أخرى، بخلاف 32 مصطبة جديدة، ونشر حفائره باللغة الإنجليزية. واستمرت مواسم الحفر لعشرة مواسم كاملة، انتهت عام 1939، عندما اكتشف 159 مصطبة من الدولة القديمة فى الجبانة الشرقية بالجيزة. ومنذ عام 1940 حتى وفاته عام 1961، عكف على  إخراج أعظم إنجازاته الفكرية، موسوعته الشهيرة «مصر القديمة» فى 16 جزءًا، فضلًا عن كتابه «الأدب فى مصر القديمة»، فى جزءين. ومن مؤلفاته أيضًا: كتابه بالإنجليزية «أبو الهول» ترجمة جمال الدين سالم، و«أقسام مصر الجغرافية فى العهد الفرعوني»، وترجمته لكتاب «فجر الضمير» لـ جيمس هنرى برستد... وغيرها من أعمال كتبها باللغتين الإنجليزية والفرنسية.

وبهذا جمع الدكتور سليم حسن بين الاكتشافات الأثرية والتأليف، والترجمة، ليصبح واحدًا من أهم علماء المصريات القلائل فى مجاله.

كما يتضمن المعرض مجموعة من الخدمات يقدمها لزائريه منها: «خدمة توصيل الكتاب عبر البريد المصري، مسارات خاصة لكبار السن وذوى القدرات الخاصة، استراحات للجمهور، أماكن للخدمات».

وفيما يتعلق بتسهيل الانتقال على الجمهور من زائري معرض الكتاب 2024، خصصت وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات ممثلة فى هيئة النقل العام، 11 خط أتوبيس من وإلى مقر المعرض، وتنطلق من مختلف مناطق القاهرة، وتعمل عليها 115 سيارة بمتوسط زمن تقاطر 20 دقيقة، وذلك تيسيرًا على الزوار.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحلم العربي الثقافة والترفيه فلسطين معرض القاهرة الدولي للكتاب الغزو العراقي للكويت عبدالله الرويشد جمال سلامة يعقوب الشارونى التراث الشعبي المصري أبطال بلدنا معرض الکتاب

إقرأ أيضاً:

لوحات فلسطين في جناح الأزهر بمعرض الكتاب

لم يكن الشعب المصري بعيدًا للحظة عما يحدث بالأراضي الفلسطينية المحتلة  وهو ما برهنت عليه مواقفه الثابتة من القضية عبر التاريخ، وداخل  قاعة الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بنسخته الـ 56، الذي يقام في مركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس،  حرص زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب على دعم قضية فلسطين برفع الأعلام و الرسم علي الوجه و اللوحات علي رسمة فلسطين 
في معرض الكتاب دورتة 56

تأتي هذه الدورة في إطار خطط التطوير المستمرة التي تتبناها الهيئة المنظمة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 واستراتيجية الجمهورية الجديدة


يُبرز المعرض هذا العام التزام الدولة المصرية بالتحول الرقمي ودعم العدالة الثقافية، ليعكس التوجه نحو المستقبل ومواكبة التحولات العالمية.

تُشارك سلطنة عمان كـ”ضيف شرف” للدورة السادسة والخمسين، مما يُضيف بُعدًا ثقافيًا جديدًا يعزز من التعاون الثقافي العربي. كما اختارت اللجنة الاستشارية العليا العالم الراحل أحمد مستجير ليكون “شخصية المعرض”، تكريمًا لإسهاماته الفكرية والعلمية.


وفي خطوة تعكس اهتمام المعرض بفئة الأطفال، تم اختيار الكاتبة فاطمة المعدول لتكون “شخصية معرض الطفل”، تقديرًا لدورها البارز في مجال أدب ومسرح الطفل.

مقالات مشابهة

  • توقيع الكتب الثلاثة للدكتور محمد العربي بمعرض الكتاب..غدًا 
  • إبداع بالحروف.. فنان يُبهر زوار جناح الأزهر برسم الخط العربي مجانًا
  • ذكريات معرض الكتاب..!
  • لوحات فلسطين في جناح الأزهر بمعرض الكتاب
  • إقبال متزايد على ركن متحف الطفل في معرض الكتاب
  • تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين يشارك في معرض أفق 2025 بمقر المجلس العربي للطفولة
  • وفد التنسيقية يشارك في معرض «أفق 2025» بمقر المجلس العربي للطفولة والتنمية
  • كنائس مصر تشارك فى معرض الكتاب.. تحت شعار: «اقرأ... فى البدء كان الكلمة»
  • "شراكات من أجل المستقبل".. معرض الكتاب يناقش تطور العلاقات المصرية الأسيوية
  • خبراء يرسمون "خريطة أجيال وسائل التواصل" في معرض الكتاب|صور