في ذكرى الثورة السودانية وسلاح السلمية

خالد فضل

لا أدري أهو من باب المصادفة أم القصد ، انطلقت أول المظاهرات في الخرطوم مطالبة برحيل نظام البشير في يوم 19ديسمبر من العام 2018م ، وهو التاريخ الذي يصادف قرار الجمعية التأسيسية الأولى في العام 1955م بالتصويت لصالح نيل الإستقلال التام عن دولتي الحكم الثنائي (مصر/بريطانيا).

التصويت في البرلمان ، ووجود البرلمان المنتخب نفسه دليل على سلمية النضال الذي خاضه السودانيون من أجل تحقيق الإستقلال ، ليس لدينا سجل حافل بالتضحيات بالأرواح وأرتال الشهداء من أجل هذا اليوم ، والشاعر الذي يكتب عن إرتياد المنون من جانب جيل الأجداد والآباء لمثل هذا اليوم لم يك يعبّر عن حقيقة تاريخية بقدر تعبيره عن عاطفة جيّاشة ؛ ولا تثريب على العواطف التي في أحيان كثيرة تجافي الواقع .

المهم  نجد بعض الآراء التي ترجع  ما حاق بنا من كرب وفجائع بعد الإستقلال إلى طريقة نيله السهلة فلم نبذل جهدا كبيرا حتى تحقق ، ولم تختبر القيادات في تلك الأيام في ساحات نضال شاق  وبالتالي لم يتبلور مشروع وطني جاذب للسودانيين ، هو رأي له وجاهته على كل حال ، ولكن في المقابل أنوه هنا فقط إلى الخبرة السلمية التاريخية التي أرستها تلك التجربة ، وفي ثلاث تجارب لاحقة ضد أنظمة وطنية بالاسم ولكنها مارست من الفظائع ضد شعبها ما لم يمارسه الإستعمار منذ انتهاء معركة كرري في خواتيم القرن التاسع عشر .

إنّ أعداد الضحايا من القتلى والنازحين والمعاقين واللاجئين التي انجبتها الأنظمة الوطنية يفوق مئات المرات ضحايا وشهداء الاستعمار منذ موقعة كرري وحتى يوم الإستقلال , هذه الجزئية فقط ترجح كفة الحكم الاستعماري  الأجنبي على الجكم الاستعماري الوطني مع الأسف بالطبع .

وعودا على بدء فإنّ انظلاق الثورة السلمية ذات الطابع الشبابي النسائي الأبرز ، ونشدانها للحرية والسلام والعدالة مما يعزز رسوخ جينات  السلمية في الوجدان السوداني أو بالأحرى وسط القوى الحية في المجتمع ، القوى التي لديها قدر مناسب من الوعي بقيمة الحياة السلمية الحرة الديمقراطية في ظل نظام حكم مدني ، وقد شكّلت النقابات السودانية والروابط والإتحادات المهنية وبعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتشكيلات الشبابية والنسائية الصاعدة المحرك الرئيس للثورة الأخيرة ولما سبقها في أكتوبر 1964م وأبريل 1985م  وربما يشكل هذا الواقع أملا في إنقاذ السودان إنقاذا حقيقيا وجادا من عهود الدم والدموع ، والخروج بالبلاد من أتون الحروب والقتل والترويع والإنتهاكات الجسيمة إلى أفق جديد قوامه ما ظل الشباب يرددونه في مواكبهم وأنشطتهم حرية سلام وعدالة ، وهي قيم أخلاقية رفيعة ، لا يعاندها إلا كفيف الإنسانية ، ونرجو أن تنتهي وإلى الأبد عهود الأكفاء _بكسر الكاف_ إنسانيا ليسود عهد الأكفاء _بسكون الكاف وفتح الفاء_  إنسانيا ، هو الأمل على كل حال ولولا أماني النفس وهي حياتها لما طار لشعب السودان طائر . لا للحرب وتمددها الموجع ، نعم للسلام والثورة والحياة الجديدة .

الوسومالذكرى السلمية القتلى النازحين خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الذكرى السلمية القتلى النازحين خالد فضل

إقرأ أيضاً:

أبرز جسور العاصمة السودانية ودورها في تحديد مسار الحرب

يتناول التقرير أبرز مواقع الجسور في العاصمة السودانية والمعارك الدائرة للسيطرة عليها.

6/3/2025

مقالات مشابهة

  • أبرز جسور العاصمة السودانية ودورها في تحديد مسار الحرب
  • 18 قتيلا بهجوم على معسكر بشمال باكستان
  • الدعم السريع يستهدف كرري بالمدفعية وسقوط قتيل وجرحى
  • الدولة وسلاح حزب الله: تسوية او مواجهة
  • ذكرى لا يطويها الرحيل… قاسم الجاموس باقٍ في حناجر وأفئدة السوريين
  • تحقيق فرنسي يكشف انتشار المخابرات الجزائرية في فرنسا لإقناع أعضاء “حكومة القبايل” بالتخلي عن الإستقلال والعودة للجزائر
  • عشرات القتلى والجرحى إثر حادث تصادم في بوليفيا
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • القمة العربية وسلاح غزة
  • تجار مخدرات وسلاح.. مصدر أمنى يوضح تفاصيل مصرع 4 أشخاص بأسيوط