قراءة في الحرب المفتوحة بين واشنطن وطهران.. بغداد مُحرجة أمام ارتفاع سقف المواجهة - عاجل
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
أوضح استاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، اليوم الأثنين (22 كانون الثاني 2024)، أن القصف الإيراني الأخير على أهداف شمال العراق يشكل احراجاً للحكومة العراقية، لافتاً إلى أن الحرب المفتوحة ستضر بمصالح البلاد في المنطقة.
وقال التميمي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "القصف الإيراني الأخير على أهداف في شمال العراق يمثل تدخل وتحرك بالعمق وهو يشكل احراجاً للحكومة العراقية اولا ثم انه يعطي مشروعية لأمريكا في التدخل أيضاً على الاقل امام المجتمع الدولي وهذا ما يزيد من تعقيد المشهد".
واضاف، ان "ايران وأمريكا لديهما مصالح متشابكة ومعقدة في الشرق الأوسط وهناك تنافس يمتد لسنوات طويلة ولكل منهما وكلاء وهناك أشبه بالحرب عبر الوكالة تدور في بعض المناطق بين الدولتين لكنها تبقى ضمن مسارات بعيدة عن الحرب المفتوحة".
وأشار، الى أن "التدخلات في العراق ستبقى من خلال خرق هنا وهناك وفق تطورات الموقف في المنطقة وهي ضد مصالح ايران وأمريكا لكن كليهما متفق على أن الحرب المفتوحة خطوط حمراء ينبغي أن لاتصلهما أبداً لأنها ستعني الأضرار بشكل ستراتيجي بمصالحهما في المنطقة وربما العالم لان الحرب تبقى ضمن اسوار محددة".
ويوم امس الأحد وصل وفد من لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، إلى محافظة اربيل للتحقيق في القصف الإيراني الأخير.
وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن أنه قصف بصواريخ بالستية، أهدافا في سوريا، وإقليم كردستان العراق.
وقال الحرس الثوري الإيراني أنه هاجم "مقر تجسس" لإسرائيل في إقليم كردستان العراق في وقت متأخر الاثنين، بجانب استهداف تنظيم داعش في سوريا أيضا.
وأكدت سلطات الإقليم مقتل "أربعة مدنيين" على الأقل وإصابة ستة آخرين بجروح، "حالة بعضهم غير مستقرة".
ومن جانبها، نددت وزارة الخارجية العراقية في بيان بـ"الاعتداءات" على أربيل، واستدعت سفيرها في طهران للتشاور.
كذلك ندد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالادعاء "الباطل وغير الصحيح" بشأن وجود "مقر للموساد الإسرائيلي" في أربيل.
من جانبه، برر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، القصف، وقال إن طهران تحترم سيادة الدول الأخرى ووحدة أراضيها لكنها في الوقت نفسه تستخدم "حقها المشروع والقانوني لردع تهديدات الأمن القومي".
وأضاف كنعاني أنه "بعد أن أخطأ العدو في حساباته، ردت إيران بقدراتها الاستخباراتية العالية بعملية دقيقة وموجهة ضد مقرات الجناة".
والثلاثاء، أعلنت الخارجية العراقية، أنها رفعت شكوى بموجب رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي عبر الممثلية الدائمة لجمهورية العراق في نيويورك.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الحرب المفتوحة
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم