سلّط الصحفي الفلسطيني أنس الشريف الضوء على تفاصيل مؤلمة للكارثة الإنسانية التي يعيشها أهل الشمال في قطاع غزة مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم منذ أكثر من 100 يوم وتأثيره المروّع على الحياة الإنسانية بكل تفاصيلها هناك.

وكشف الشريف، الذي يعمل مراسلًا لقناة الجزيرة الإخبارية، في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي في موقع "أكس" تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكلٍ لا يمكن تجاهله مع تعمّد الحكومة الإسرائيلية استخدام سياسية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب في قطاع غزة، وهو ما يعد جريمة حرب.

وفي ظل تتعمد القوات الإسرائيلية منع توصيل المياه والغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية للقطاع، وتحديدًا المناطق الشمالية، كشف الصحفي أنس أن بعض الأسر اضطرت لطحن بعض أعلاف الحيوانات من أجل الحصول على الطحين.

وقال الصحفي أنس في تغريدته المؤلمة: "في ظل المجاعة التي تهدد سكان شمال غزة بدأ الأهالي في طحن كل ما هو متاح للحصول على الطحين، ابتداءاً بحبوب الذرة وانتهاءاً بعلف الحيوانات أكرمكم الله".

وعرّت تغريدة أنس سياسية إسرائيل في إعاقة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتدمير المناطق الزراعية، وحرمان السكان المدنيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.

ودشنّ رواد منصة "إكس" وسم #انقذو_غزه_من_المجاعه للمطالبة بتكاتف الجهود من أجل فتح المعابر الحدودية بين غزة ومصر وإدخال كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية لأهالي القطاع.

هيومن رايتس ووتش: إسرائيل استخدام المجاعة كسلاح حرب في غزة

كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش -Human Rights Watch في تقرير أصرته في 18 ديسمبر 2023 أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب في قطاع غزة، وهو ما يعد جريمة حرب. 

وذكرت أن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية أدلو بتصريحات مروعة أعربوا فيها عن هدفهم المتمثل في حرمان المدنيين في غزة الغذاء والماء والوقود – وهي تصريحات تعكس سياسة تنتهجها القوات الإسرائيلية. وقد صرح مسؤولون إسرائيليون آخرون علناً بأن المساعدات الإنسانية لغزة ستكون مشروطة إما بإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس بشكل غير قانوني أو تدمير حماس.

وأجرت المنظمة مقابلات مع فلسطينيم نازحين في غزة بين 24 نوفمبر و4 ديسمبر، ووصفوا الصعوبات العميقة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية. وقال نزح من شمال غزة: "لم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، ولا إنترنت، ولا شيء على الإطلاق، لا نعرف كيف نجونا."

وفي جنوب غزة، وصف الأشخاص الذين أجريت مقابلات معهم ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر وطوابير الانتظار الطويلة، والأسعار الباهظة. 

يذكر أن القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، إذ ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع المدنيين عمداً من خلال "حرمانهم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد إعاقة إمدادات الإغاثة" يعد جريمة حرب. ولا يتطلب القصد الإجرامي اعتراف المهاجم، ولكن يمكن أيضًا استنتاجه من مجمل ملابسات الحملة العسكرية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحصار الإسرائيلي المستمر على غزة، فضلاً عن إغلاقها منذ أكثر من 16 عاماً، يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وجريمة حرب. 

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: غزة المجاعة في غزة تجویع المدنیین قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية

في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة والمدمرة على غزة منذ أكثر من عام ونصف، تزداد أعداد ومعاناة وآلام مبتوري الأطراف، معظمهم من الأطفال والنساء، لا سيما مع النقص الحاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب استمرار الحصار الخانق على القطاع.

ومن بين هؤلاء، الفلسطيني رائد أبو الكاس، الذي يجلس داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، بانتظار دوره في تلقي خدمة العلاج الطبيعي والتأهيل الجسدي لاستخدام الطرف الصناعي، بعد أن بترت قدمه في قصف إسرائيلي أثناء ممارسة عمله في تشغيل آبار المياه.

وتجسد قصة أبو الكاس، أحد موظفي بلدية غزة، حجم المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية، فقد بترت قدمه اليمنى واستشهد اثنان من زملائه. وبينما كان يحاول الجيران وأبناؤه إسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقتهم الطائرات من جديد، فقتل أحد أبنائه وأصيب الآخر بإصابات بليغة أدت إلى بتر قدمه لاحقا.

يتذكر رائد أحداث ذلك اليوم بصوت يختنق بالألم يقول: كنت أفتح محابس المياه للمواطنين، وكنت أظن أن عملي في خدمة الناس سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزّل، بترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وتعرض محمود لإصابة غيرت حياته للأبد.

إعلان

أما محمود، الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في صفوف ناشئي نادي الشجاعية، فيروي قصته لمراسل الأناضول، بصوت حزين: كنت ألعب كرة القدم يوميا، كان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمر حلمي وبتر قدمي.

وأضاف: الآن أجلس على كرسي متحرك وأحلم فقط أن أركب طرفا صناعيا متطورا يساعدني على الوقوف مرة أخرى، حتى أعين والدي الذي بترت قدمه.

خلال الأشهر الماضية، خضع رائد ومحمود لعدد كبير من العمليات الجراحية داخل مستشفى المعمداني، في ظل ظروف طبية صعبة ونقص حاد في الإمكانيات، وتم تركيب أطراف صناعية لهما عبر مركز الأطراف الصناعية، إلا أن نقص المعدات والكوادر الفنية يؤثر على عمل المركز.

اليوم، يقضي الأب والابن عدة ساعات يوميا داخل مركز الأطراف، يتدربان على استخدام أطرافهما الصناعية، ويتلقيان جلسات التأهيل والتدريب، ووسط هذه الرحلة الشاقة، يحدوهما حلم واحد: السفر إلى الخارج لتركيب أطراف صناعية متطورة تمكنهما من استعادة جزء من حياتهما الطبيعية.

وبهذا الخصوص، قال رائد، وهو ينظر إلى نجله محمود بعينين حزينتين: لم يتبق لي من أبنائي إلا محمود، وزوجتي التي تتحمل العبء الأكبر في رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافا خفيفة نتمكن من خلالها أن نساعد بعضنا بعضا ونعيش بكرامة.

ويقاطعه محمود قائلا: أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجددا، أن أعود للعب الكرة ولو بشكل بسيط مع أصدقائي (..)، الاحتلال دمر أحلامي، لكن لم يدمر إيماني بأننا سنعود للحياة.

 أعداد مضاعفة

ويشهد قطاع غزة تصاعدا كبيرا في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة الإبادة الإسرائيلية المدمرة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول المستلزمات الأساسية.

إعلان

وسُجلت 4700 حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية، ضمن قوائم برنامج صحتي، الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة، في كافة محافظات القطاع، وفق مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز حسني مهنا.

وشدد مهنا، للأناضول، على أن تضاعف أعداد حالات البتر المسجلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية ناتج عن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين.

وقال: إنّ مركز الأطراف الصناعية استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ويتم متابعتهم دوريا عبر المختصين والطواقم الفنية.

وأضاف أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما قام بتسليم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين.

وأشار مهنا إلى تزايد الطلب على خدمات المركز يوميا.

وحذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات بشكل كارثي، خاصة أن 48% من حالات البتر الجديدة هي لسيدات، و20% لأطفال،مما يفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير.

 نقص حاد

وأشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة إلى أن المركز يعاني من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى حاجة ماسة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، مما يعيق تقديم الخدمات بشكل فعال للمصابين.

وبين مهنا أن الطواقم العاملة في المركز، التي تعمل تحت ضغط شديد وبإمكانيات محدودة، تكافح يوميا لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين، مع الحاجة إلى مضاعفة الكوادر البشرية لمواكبة هذه الزيادة الكبيرة.

وتخضع حاليا 320 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، حيث تُقدم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها، بحسب مهنا.

إعلان

وفي مطلع مارس/آذار الماضي، صعَّدت إسرائيل من جرائمها باتخاذ قرار تعسفي بإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل.

وفي 18 مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وتسبب تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى حماس، حيث تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • أميركا تريد استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة بينما تواصل دعم الحرب
  • عاجل | وفد قطر أمام محكمة العدل: إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية سلاحا ضد المدنيين
  • حصاد الموت المتصاعد.. أكثر من 62 ألف فلسطيني ضحايا الحرب وإسرائيل تهدد
  • رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق: الحرب كلفتنا ثمنا باهظا
  • مثلث الموت والجوع والمرض يهدد حياة سكان القطاع وحماس تدعو إلى حراك عمّالي عالمي
  • عندما تغفو العدالة.. الحرب المنسية على المدنيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • الجارديان: وعد ترامب بالسلام في اليمن لكنه جلب معه زيادة سريعة في عدد الضحايا المدنيين (ترجمة خاصة)
  • بالأرقام.. تداعيات أزمة الجوع في قطاع غزة
  • بالأرقام.. تداعيات أزمة الجوع في غزة
  • مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية