في انتظار بيان الخارجية حول أملاكنا السيادية في تركيا..!
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
وزارة الخارجية ومجلس السيادة وإعلام القوات المسلحة و(توجيهها المعنوي) مطالبون بإصدار (بيان عاجل) حول ما نُسب إلى قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانقلابي من شرائه لقصر في تركيا بقيمة (ثلاثة مليون دولار)..في ضاحية من أحياء العاصمة أنقرة مذكورة باسمها..!
ذلك أن معلومات حول هذه الواقعة تم نشرها بصورة واسعة منسوبة إلى سفير سوداني (باسمه الثلاثي) كان إلى وقت قريب ممثلاً للدولة السودانية في تركيا.
مثل هذه المعلومات لا يمكن مقابلتها بالصمت من أجهزة الدولة..! خاصة أن الشخص المُشار إليه يمثل رأس الدولة وهو القائد العام للقوات المسلحة.. وأياً كان الأمر فهذا على الأقل (واقع الحال) حيث يتولى البرهان الآن قيادة الجيش ورئاسة مجلس السيادة الانقلابي..وهو يصدر المراسيم في الداخل..وينتقل إلى الخارج بهاتين الصفتين..!
لا يجوز أن تصدر مثل المعلومات الخطيرة من مصادر معلومة غير مجهولة تعلن عن نفسها صراحة..ثم يسكت البرهان وتسكت وزارة الخارجية ويسكت إعلام الجيش ويسكت مجلس السيادة (ويسكت السيد مالك عقار) نائب "الرئيس"..ذلك أن الصمت عنها يمثل ضرراً بالغاً بسمعة الدولة وسمعة الجيش السوداني..!!
هذا اتهام خطير قد يذهب لاحتمال أن تنظيماً خارجياً أو جهة أجنبية أشترت هذا القصر للبرهان أو أنه تم بتمويل تنظيم سياسي داخلي أو من مخصصات القوات المسلحة..إلى آخر هذه المحظورات..!
ولا شك أن قيمة شراء مسكن فاخر في منطقة من أغلى المناطق التركية السياحية هي قيمة عالية تتطلب (قدراً من الثراء) لا يقوى عليه من يعيش على مرتب الدولة بعمله ضابطاً في جيشها..مهما كانت رتبته..!
طبعاً ليس بالمستغرب في الأحوال العادية أن يشترى الأثرياء ما شاءوا من قصور وقلاع وشاليهات في مدن الدنيا..ولكن أين البرهان من هذه الطبقة..؟! نحن هنا إزاء شخص (محدود الدخل) أقرب للمعاناة من (سوء التغذية)..!
إذا افلح البرهان بإثبات انه لم يقم بشراء قصر ولا فيللا في تركيا..فهو براءة من هذه الواقعة وسيتم شطبها من قائمة جرائمه الأخرى..أما إذا قال انه اشتراها فعلاً فيتوجب عليه أن يثبت مصدر هذه الأموال احتراماً لمنصبه وذمته.. وأن يوضّح للرأي العام إذا كانت له أعمال خاصة أو (شركات قابضة) أو أن هذه الأموال هي (حصته من قسمة الورثة)..!
وزارة الخارجية تصدر بياناتها وردوها في (الهينة والقاسية) فكل يوم بيان ينفي وآخر يثبت وآخر يتأرجح بين النفي والإثبات ..ولا تترك شاردة أو واردة من أجل حماية ذات البرهان (المصونة)..فلماذا صمتت الآن أمام هذه الواقعة الخطيرة التي إذا ثبتت لقضت بعزله من قيادة الجيش ومن رئاسة الدولة بتهمة ثقيلة من الفساد والإخلال بمقتضيات المنصب وموجبات السيادة..!
لقد وجدنا رصداً لبيانات (وزارة خارجية البرهان) يوضّح أنها أصدرت منذ ابريل (31) بياناً..منها بيان تحذير الدعم السريع بالاستسلام أو الفناء..وبيان الاحتجاج على زيارة حميدتي لجوبا..وبيان إعلان الممثل الأممي غير مرغوباً فيه..وبيان رفض رئاسة كينيا للإيقاد..وبيان الاعتراض على لجنة الإيقاد..وبيان رفض إشارة الرباعية لقوات الطوارئ..وبيان رفض مشروع القرار البريطاني بمجلس حقوق الإنسان..وبيان تنديد بتصرفات بعثة الأمم المتحدة..وبيان استنكار تصريحات السفير الأمريكي ..وبيان الاحتجاج على لقاء مفوضية الاتحاد الإفريقي بممثل الدعم السريع....وبيان رفض مخرجات اجتماع الآلية الرباعية..وبيان تجديد رفض رئاسة كينيا لرباعية الإيقاد..وبيان استنكار بيان مفوضية الاتحاد الإفريقي..وبيان رفض مساعي تشكيل لجنة تحقيق دولية..وبيان رفض قرار أممي حول جرائم الحرب..وبيان استنكار تصريحات رئيسي كينيا وإثيوبيا..وبيان تنديد بالبيان الأمريكي حول الانتهاكات..وبيان التحفظ على البيان الختامي لقمة إيقاد..وبيان إبلاغ دبلوماسيين بمغادرة البلاد..وبيان استنكاري لتصرفات دولة تشاد...وبيان انتقاد واشنطن لعدم إدانة انتهاكات الدعم السريع..وبيان رفض استقبال حميدتي في كينيا..وبيان تنديد باتفاق أديس أبابا..وبيان رفض دعوات قمة يوغندا..وبيان استنكار لقاء حميدتي برؤساء دول وبغويتريش ..وبيان تجميد التعامل مع الإيقاد..إلخ ..!
على الخارجية إصدار بيان قصير واحد بشأن ما تم تداوله عبر العالم حول شرعية أملاك السودانيين في ضاحية "انجيك" بالعاصمة التركية..!
لن يحقق الصمت للبرهان ولأجهزة حكومته الانقلابية شيئاً غير إثبات ما جرى تداوله.. أما الكيزان فهم في كل الأحوال لا تزعجهم أخبار الفساد..ولم يسبق إن عابوا به أحداً من جماعتهم..بل إنهم يعظّمون من قدر الواحد منهم بقدر ما ينهبه من مال الدولة ومواردها وأراضيها.. الله لا كسّبكم..!
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
الإسلاميون السودانيون وقطر- مخاوف القوى المدنية من التسريبات الأخيرة
تثير التسريبات الأخيرة عن التفاهمات بين الإسلاميين السودانيين وقطر موجة من القلق بين أوساط القوى المدنية، لا سيما في ظل الوضع الراهن الذي يشهد أزمة سياسية معقدة وحربًا دموية متواصلة. هذه المخاوف تعكس تخوفًا حقيقيًا من إعادة تشكيل القيادة العسكرية في السودان بما يخدم أجندات أيديولوجية قد تعيد البلاد إلى مربع الاستبداد الذي ثارت ضده الجماهير في ديسمبر 2018.
رهان البرهان والخطر المؤجل
من الواضح أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان يواجه عزلة سياسية متزايدة، مما دفعه إلى التحالف مع الحركة الإسلامية، التي كانت ذات يوم الخصم الرئيسي لثورة الشعب السوداني. ومع ذلك، فإن هذا التحالف يبدو محفوفًا بالمخاطر، حيث ينظر الإسلاميون إلى البرهان كوسيلة لتحقيق أهدافهم وليس شريكًا موثوقًا.
التحالف بين البرهان والإسلاميين يعزز مخاوف القوى المدنية من أن هذه التفاهمات لن تسهم إلا في تعميق الأزمة السياسية، وربما تمهد الطريق لتحالفات إقليمية ودولية تكرّس عسكرة الدولة وتعرقل أي أفق للتحول الديمقراطي.
التسريب المثير للجدل
أثار حديث عبد الحي يوسف، أحد أبرز رموز الإسلاميين في السودان، جدلاً واسعًا بعد تسريب تسجيل له في ندوة بتركيا، حيث وصف البرهان بصفات تشير إلى عدم ثقة الحركة الإسلامية به. هذا التسريب يعكس انقسامات داخلية في صفوف الإسلاميين ومحاولتهم استغلال البرهان كمرحلة مؤقتة قبل الإطاحة به لصالح قيادات أكثر ولاءً.
هذا التسريب كشف عن خطط الإسلاميين لاستبدال البرهان، وهو ما يزيد من قلق القوى المدنية، التي ترى أن أي إعادة تشكيل للقيادة العسكرية بعيدًا عن مسار التحول المدني سيعني استمرار النزيف السياسي والاقتصادي.
الدور القطري وتعزيز النفوذ
يشكل الدور القطري في هذه التحولات عنصرًا محوريًا، حيث أظهرت التسريبات دعم قطر لعناصر داخل الجيش السوداني، بما في ذلك تمويل صفقات أسلحة ودفع رواتب القوات الموالية للإسلاميين. هذا الدعم يثير تساؤلات حول مدى تأثير التدخلات الإقليمية في الشأن السوداني، خاصة في ظل ضعف القوى المدنية وعدم قدرتها على خلق تحالفات مشابهة.
القوى المدنية بين الخطر والخيارات
تواجه القوى المدنية السودانية تحديات غير مسبوقة في ظل هذه التفاهمات التي تهدد بتقويض أي فرصة للتحول الديمقراطي. الخطر الأكبر يكمن في أن هذه القوى قد تجد نفسها أمام معادلة جديدة تُفرض من قِبل التحالفات العسكرية والإسلامية، ما يضعها في موقف الدفاع عن مكتسبات الثورة في ظروف تفتقر إلى توازن القوى.
لذلك، تُطرح تساؤلات حيوية حول كيفية استجابة القوى المدنية لهذه المخاطر، وهل يمكنها إعادة بناء نفسها ككتلة موحدة قادرة على مواجهة هذه التحديات؟ أم أن الخلافات الداخلية والضغوط الخارجية ستبقيها عاجزة عن استثمار الفرص السياسية لتصحيح مسار الثورة؟
خلاصة القول
إن التسريبات الأخيرة والتفاهمات بين الإسلاميين وقطر تعيد رسم المشهد السياسي في السودان بطريقة تزيد من تعقيد الأزمة. القوى المدنية بحاجة إلى نهج جديد واستراتيجية موحدة لمواجهة هذه التحولات وحماية مسار التحول الديمقراطي، وإلا فإن السودان قد ينزلق إلى دائرة جديدة من الاستبداد والعنف.
zuhair.osman@aol.com