سودانايل:
2025-04-17@02:03:07 GMT

تحدي اخراج العسكريين من السلطة والاقتصاد (8 – 10)

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

صديق الزيلعي

تعرض المقال الأول للأهمية القصوى لإيقاف الحرب ومعالجة أسبابها، التي لن تتم بدون وحدة القوى المدنية، للدفاع عن التصور الديمقراطي لحل هذه الأزمة الكارثية. وكان المقال الثاني بعنوان " من يحمي الديار من حماة الديار؟" ومقولته الأساسية ان الخطر على استقرار الشعوب يأتي، وعبر التاريخ، من الجيوش، عندما تنتزع السلطة وتحكم.

أما المقال الثالث فقد واصل، نفس الطرح، بتأكيد ان أكبر وأعظم المخاطر على الجيوش نفسها، تأتي من الانقلابات التي تتحدث، زورا، باسم الجيوش. المقال الثالث عرض مثالا حديثا ومعروفا على نطاق بلادنا، يوضح خطورة الأنظمة العسكرية التي تعطي سلطات مطلقة لقائدها، ليحدد بمفرده مصير شعب كامل. أوضح المقال الرابع وبأمثلة تاريخية كيف ان البشير أسس ميلشيا، من مجموعات مجرمة، لكي تقمع المعارضة المدنية، وتحمي سلطته. اندلعت ثورة ديسمبر لتقلب موازين القوى، فقررت حركة الاسلامويين، ان تستولي المليشيا واللجنة الأمنية على السلطة، لتقطع الطريق على تطور الثورة. ثم قام البرهان بمنح نفس المليشيا كل شيء، نعم كل شيء، لتحقق حلمه بان يحكمنا بالقوة، وهو نفس ما فعله عبود ونميري والبشير. ثم ركز المقال الخامس على دور القوي المدنية في رفع صوت الشعب، عاليا، في المفاوضات والتمسك بالحكم الديمقراطي وعزل العسكريين عن السلطة والاقتصاد. تركز المقال السادس حول فضح محاولات تجميل وجه الأنظمة العسكرية، وأنها تتناقض تناقضا مطلقا مع حريات وحقوق الشعوب. نقد المقال السابع أداء الفترة الانتقالية حول اصلاح المؤسسة العسكرية. نناقش اليوم انجاز التحدي الذي عطل تطور بلادنا منذ استقلالها وحتى الآن، وهو اخراج العسكر من السلطة.
أحد أكبر وأخطر النكبات التي مرت بها بلادنا، هي تسلط الأنظمة العسكرية، على معظم سنوات ما بعد الاستقلال. انقلاب عسكري يتسلم السلطة ثم تتحول السلطة الي سلطة فرد مطلق النفوذ، يفعل ما يشاء كيفما يشاء. الم يبيع عبود اثار النوبة ومنطقة حلفا بابخس الاثمان بدون مشاورة الشعب أو حتى أهالي حلفا. من يقرأ كتاب أبراهيم منعم منصور سوف يتعرف على الفرص الضائعة بسبب تسلط فرد أعمته السلطة، فأضاع نميري فرصا لا تعوض لتنمية السودان. ألم يلغي البشير اتفاق عقار – نافع وهو في مسجد يؤدي صلاة الجمعة. وكانت هذه مجرد امثلة وليس كل الممارسات. والآن نشاهد، امام اعيننا، ما يفعله البرهان بهذا البلد. وهل نتوقع إذا انتصر حميدتي، الا ان يكون نسخة أخرى من التسلط وحكم الفرد المطلق.
عرضت في مقالات سابقة تجارب اخراج العسكر من السلطة في عدة اقطار (شيلي، الارجنتين، جنوب افريقيا، كوريا الجنوبية). نجحت تلك التجارب في إتمام المهمة الصعبة. وأثبت التاريخ ان اخراج العسكر ليس بمهمة سهلة. فالعسكر، خلال وجودهم في السلطة، يراكمون مصالح وثروات ضخمة، ومن جانب آخر يتحالفون مع الفئات الطفيلية لنهب موارد البلاد، فيعم الفساد وينتشر. والأخطر، من كل ذلك، انهم يرتكبون جرائم ضد الإنسانية، ويقوضوا كل الحقوق الأساسية، خاصة حقوق الأنسان. هذه الانتهاكات الجسيمة تعرضهم للعقاب بعد تركهم السلطة، لذلك يتشبثون بها. هذه العوامل تجعل عزلهم عن السلطة مهمة شاقة وعسيرة، ولكن لا بد من انجاحها.
هناك عوامل تساعد في رفض العسكر ونظامهم مما يعجل بسقوطه:
• الفشل التام للسلطة العسكرية ودخولها في تخبط وازمات مستحكمة، تزداد حدتها بمرور الأيام. هذا الامر يجعل الا مخرج، سواء باستعمال القمع أو الخداع أو تحالفات زائفة.
• تصاعد الرفض الشعبي لدرجات هائلة، وتصبح المعارضة العلنية هي السمة الغالبة، مما يجعل العناصر المتذبذبة تغير وجهتها وتبعد عن النظام ومؤسساته، ولا تظهر أي تأييد له.
• وجود انقسام داخل الجيش لاقتناع اقسام منه ان لا مستقبل للحكم بالقوة، وان قمع الشعب لن يعطي النظام عمرا إضافيا.
• العزلة الدولية والحصار ورفض تقديم المساعدات للنظام الفاشل.
معظم تجارب العالم اثبتت أن عزل العسكر يتم بأحد هذه الوسائل:
• ثورة شعبية شاملة وقوية، ولديها دعم من صغار الضباط. وهذا انجح الوسائل وأكثرها توفيقا وأعمقها تأثيرا. كانت ثورة ديسمبر فرصة لنجاح هذه الوسيلة للتغيير، ولكن عدم وجود تيار وطني مؤثر داخل الجيش، أعطى اللجنة الأمنية فرصة خداع الثوريين وتعطيل تقدم الثورة.
• قرار جناح من الجيش انهاء النظام القائم وتسليم السلطة للمدنيين (تجربة البرتغال). هذه الوسيلة تكاد تكون معدومة في وضعنا الحالي، ولكن ليست مستحيلة.
• هناك أسلوب المفاوضات، وهي وسيلة صعبة ومعقدة. فليس سهلا امام الثوار قبول التفاوض مع من ساموهم العذاب. ويحاول اولئك انتزاع بعض المكاسب من الثوار.
• التدخل الأجنبي المباشر، وهذا خيار له صعوبات عديدة لتحقيقه، ويحمل مخاطرات كبيرة، ورغم ذلك يظل أسلوبا ممكنا للتخلص من العسكر في حالتنا الحالية.
ما هي الخيارات العملية والمفتوحة امام شعبنا:
• مواصلة توحيد القوى المدنية والضغط على الوسطاء ليكون صوت الشعب حاضرا في المفاوضات لكيلا ينفرد العسكر بتقرير نهاية الحرب لوحدهم، والحفاظ على مصالحهم.
• توسيع وتطوير العمل الجماهيري بكافة اشكاله، داخل وخارج السودان.
• اجراء مفاوضات شفافة وشجاعة مع كافة أطراف المجتمع الإقليمي والدولي، وإبراز المخاطر التي تهدد مصالحهم ومصالح الشعب السوداني، ومخاطر بروز قاعدة جيدة للمتطرفين الإسلاميين. تجمع الدبلوماسيين لعب وسيلعب دورا في هذا المجال.
• مخاطبة ما تبقي من القوى الوطنية داخل القوات المسلحة، وهنا تلعب قيادة العسكريين المفصولين دورا كبيرا. وسائل التخاطب الاجتماعي تساعد في وصول الرسائل الي مجموعات كبيرة.
• المشاركة في مفاوضات احد أطرافها قادة الجيش ليس جريمة، فإنهاء الحرب يستدعي اقتحام كل الطرق غير المأهولة، فالمهم الحصيلة النهائية ومدى تمشيها مع اهداف الثورة.
• الحذر من محاولات اشراك المؤتمر الوطني تحت أي حجج أو اعذار.
• اخراج العسكر من السلطة سيجعل مسألة اخراجهم من الاقتصاد مسألة ممكنة بممارسة المزيد من الضغوط.
• الواجب ان ندعم كل الأساليب أعلاه وندمجها في خط متصاعد يهدف لاستكمال مهام ثورة ديسمبر.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من السلطة

إقرأ أيضاً:

هل تعيد تركيا تشكيل التوازنات بمنطقة السرق الأوسط؟

أنقرة (زمان التركية) –تحظى سياسات تركيا تجاه كل من سوريا والعراق خلال الآونة الأخيرة باهتمام عربي، حيث ينظر إلى أن تركيا باعتبار أنها تعيد تشكيل التوازنات بالمنطقة وتأسيس تحالف أمني إقليمي.

وفي هذا الإطار، نشر موقع عرب نيوز، السعودي، مقالا تحليليا تناول الإجراءات المهمة التي اتخذتها تركيا مؤخرا في سوريا والعراق. وأوضح المقال التحليلي أن تركيا تفضل المسار الدبلوماسي في مواجهة التوترات بالمنطقة وتطوِّر علاقاتها، مشيرا إلى إعادة تشكيل تركيا للتوازنات بالمنطقة.

وطرح المقال التحليلي تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي، بشأن علاقاته مع كندا كنموذج لتركيا والعراق وسوريا. وذكر كينيدي في التصريحات المشار إليها أن الموقع الجغرافي جعل من أمريكا وكندا دول جوار في حين جعل التاريخ من الدولتين دول صديقة وجعل الاقتصاد من الدولتين شركاء وجعلت الصعوبات منهما حلفاء مشيرا إلى أن العوامل التي توحّد الدولتين أكبر من العوامل التي تفرِّقهما.

وذكر المقال التحليلي أن هذه العبارات تشرح العلاقة التي تطورها تركيا مع كل من سوريا والعراق وأن تركيا والعراق وسوريا حلفاء اقتصاديون وحلفاء ضد التهديدات المشتركة مشيرا إلى أن أنقرة تكثّف جهود إقامة جسور بين دمشق والعراق بعد انهيار نظام الأسد.

وأضاف المقال التحليلي أن العراق غيرت رؤيتها تجاه سوريا خلال الآونة الأخيرة مسلطا الضوء على زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لبغداد خلال الشهر الماضي ومساعدة هذه الزيارة في تغيير موقف العراق تجاه دمشق.

ويؤكد المقال التحليلي أن تركيا ترى بأن العلاقات البناء مع بغداد ودمشق ستصب في مصلحة المنطقة مشيرا إلى تصريحات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، التي أكد خلالها أنها لا يمكن لأي قوة هزيمة تركيا وسوريا والعراق حال اتحادهم.

وأفاد المقال أن تركيا سجلت تقدم ملحوظ في العلاقات مع بغداد منذ العام الماضي مشيرا إلى توقيع البلدين 27 اتفاقية خلال أول زيارة لأردوغان إلى العراق منذ عام 2011 وإجراء عشرات اللقاءات في قضايا المياه والطاقة والأمن والتجارة منذ ذلك الحين.

وأسرد المقال التحليلي آراء الخبراء الذي يرون أن العلاقة القائمة على التعاون بين تركيا والعراق تشكل أهمية حيوية بالنسبة لأنقرة ليس فقط بالنسبة للمصالح الاقتصادية والأمن القومي لتركيا بل أيضا لأجل استقرار أوسع بالمنطقة.

وأشار إلى أن نهج تركيا تجاه العراق يرتكز على خمس ركائز استراتيجية ألا وهى تحويل العراق إلى منصة تعاون إقليمي والتقدم بمشروع طريق التنمية لتعزيز الروابط الاقتصادية وتحقيق تعاون راسخ ضد الإرهاب وموازنة نفوذ إيران السياسي في العراق وإقامة جسر دبلوماسية بين العراق والإدارة السورية الجديدة.

وشدد المقال التحليلي على رغبة واشنطن في تقريب العراق إلى تركيا ودول الخليج للحدد من النفوذ الإيراني.

وذكر المقال التحليلي أن التغيير المهم في سياسة تركيا تجاه العراق تم إحرازه على الصعيد الأمني أكثر من المخاطر الاقتصادية، كما تطرق المقال التحليلي لخطوات تركيا تجاه الإرهاب مفيدا أن البلدين أسسا أرضية صلبة في هذا الصدد بحظر العراق لتنظيم العمال الكردستاني داخل أراضيها خلال العام الماضي.

هذا وأكد المقال التحليلي أن أنقرة تعمل على إقامة تحالف أمني إقليمي يضم سوريا والعراق بجانب لبنان والأردن بهدف التصدي لخطر داعش بامتداد الحدود السورية العراقية على وجه الخصوص مشيرا إلى توحيد الدول الثلاثة لقواها وأنه في حال نجاح تركيا في الجمع بين سوريا والعراق على طاولة المفاوضات فإن هذا الأمر سيعكس تغيير جذري في العلاقات بين الدول الثلاثة.

 

Tags: التوازنات بمنطقة الشرق الأوسطالعلاقات التركية السوريةالعلاقات التركية العراقيةالعلاقات السورية العراقيةتنظيم العمال الكردستانينفوذ إيران في العراق

مقالات مشابهة

  • إيران: الهجمات العسكرية الأمريكية على اليمن تهديدا للسلام والأمن الدوليين
  • تحول الطاقة والاقتصاد الدائري أبرز محاور "أسبوع عُمان للاستدامة" و"مؤتمر عُمان للبترول والطاقة".. 11 مايو
  • بهتشلي يفتح النار على حزب الشعب الجمهوي: سياسة الوقاحة والجهل التي يقودها أوزغور أوزيل ستنهار قريباً
  • زيادة لرواتب العسكريين في سوريا بالدولار
  • زيادة لرواتب العسكريين في سورية بالدولار
  • اتساع رقعة احتجاجات العسكريين الإسرائيليين على حرب غزة
  • هل تعيد تركيا تشكيل التوازنات بمنطقة السرق الأوسط؟
  • رفع قيمة الجائزة من 10 إلى 20 ألف درهم في جائزة المقال الإماراتي
  • العنود المهيري تتصدر جائزة المقال الإماراتي
  • الحرب التجارية تؤرق أبل.. توقعات بمواجهة أسوأ ازمة منذ كورونا