موقع النيلين:
2025-03-03@10:37:58 GMT

مَن قال إن هناك سوقًا سوداء للدولار فى مصر؟

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT


أبرز مظاهر خداع الذات لدينا أننا مازلنا نتحدث عن سوق سوداء للعملة فى مصر، وفق التعبير الذى تم صكه منذ الستينيات.

كانت تجارة السوق السوداء فى الدولار كتجارة المخدرات فى الميزان الأخلاقى للجمهور العام… وقد كان يصادف أحيانًا مرور رجل من النوع المريب بالقرب من جالسين على مقهى أو تجمع ما، فينبرى أحدهم هامسًا للجميع: ده تاجر عملة!، مُحمِّلًا همسه بكل شحنة الإدانة الممكنة أو الواجبة.

كانت تجارة العملة أيضًا عملًا منتشرًا بدرجات، لكنه شائن، وتمارسه قلة هنا أو هناك، وهى ذات خلفية اجتماعية معينة أو سوابق.

كانت محاصرة هذا النشاط بشكل أساسى مهمة البوليس، وقليلًا ما تدخل البنك المركزى، لكن دور الأخير برز فقط عندما زحف أصحاب شركات الصرافة، والإخوانجية منهم بخاصة، إلى هذا المجال، وتوسعوا فيه وزادوا بأن قدموا خدمات لتهريب العملة بالعمولة، وعندها تدخل «المركزى» ضدهم باعتباره المنظم ومانح التراخيص.

تحركت تجارة العملة فى الأساس لتلبية طلبات فعلية لأغراض السفر والعلاج والدراسة بالخارج لأفراد أو أسر، أو جلب بضائع للأثرياء من لبنان إلى شارع الشواربى وأشباهه، وحتى مع تطوره بظهور دور شركات الصرافة والإخوان فى التسعينيات وما تلاها، ظل حجم الكتلة التى تدور فى فلك تلك التجارة محدودًا، ولو أن النشاط نفسه ظل مزعجًا لأجهزة الدولة لأنه تشابك مع مخاوف أمنية مشروعة من تغذية الإرهاب.

كل ذلك انطوى… عدى وفات… فات بشكل مرحلى أولًا فى الأسابيع التى سبقت تعويم الجنيه فى نوفمبر ٢٠١٦، حيث تفشّت حمى الدولار فى أرجاء المجتمع بنفس طريقة حمى الذهب فى أمريكا، ووقتها لم يعد بمقدور أحد أن يلوم أو يدين أحدًا، ولا حتى أن يلوم هذه السوق نفسها، ناهيك عن أن يصفها بأنها سوداء. ثم هدأت الأمور إلى أن صدر قرار تقييد الاستيراد بشدة فى مارس ٢٠٢٢، فوجدت مئات مليارات الجنيهات ومليارات الدولارات نفسها بلا عمل، وكان من الضرورى ملء الفراغ، ومن هنا تكوّن النظام الجديد بديلًا لما كنا نسميه السوق السوداء فى الدولار… نظام تم تأسيسه وبناء هياكله وشبكاته ومساحات حركته وآلياته بسرعة غير متوقعة، مُوظِّفًا تكنولوجيا المعلومات بمستوى ملحوظ من الكفاءة. تضمن النظام بناء مرجعية أولًا أو «بنش مارك»، حيث أحيا بعبقرية شريرة «قاعدة الذهب»، التى ألغاها نيكسون فى ١٩٧١، ولكن بشكل جديد، فأصبح سعر الذهب مسطرة قياس سعر أى شىء، بادئًا بالعملة، ثم كل السلع والخدمات التى تسمح طبيعتها بزجها فى عالم المضاربات. لم تستطع أجهزة الرقابة ملاحقة السرعة التى تم بها بناء هذا النظام المستحدث لإدارة السياسة النقدية الشعبية، فتعمق النظام، وتم دمج سعر الذهب مع الدولار فى ضفيرة واحدة، بحيث يأخذ كل زبون فى هذا النشاط المضاربى، التجارى، ما يناسبه، وتلقى النظام فى ٢٠٢٣ بخاصة دعمًا عولميًّا زاد من شعور أصحابه بالقوة والرسوخ.

بناء على ما سبق، فإن لدينا فى اللحظة الراهنة- ولأول مرة فى تاريخنا الحديث- بنكين مركزيين… أحدهما للدولة، له استقلالية وقانون، وتحت يديه الاحتياطيات الدولية وحصائل الدولة من النقد الأجنبى من القناة والغاز وصادرات الشركات العامة، وبعض حصائل أخرى، ويجاهد بكل حنكة وقدرات المحافظ المخضرم حسن

عبدالله، وبالنفَس الطويل، لضبط أسواق الصرف وإدارة النقد والسيولة، وضمان سلامة النظام النقدى والمصرفى، وأيضًا لكبح التضخم، و«بنك مركزى» للمجتمع يقوده كبار تجار الذهب، وتحت يديه حصائل متنوعة من العملة تغرد بعيدًا عن الجهاز المصرفى، وتزداد كتلتها يومًا بعد الآخر بحكم الإغراءات، وهو يعلن ويطبق «سياسته النقدية»، التى تشمل استهداف أعلى سعر للصرف وللعائد، بغض النظر عن أى عامل موضوعى. يسير «المركزى الشعبى» وفق مستشعرات خاصة حدسية، وقراءة خاصة لأى خبر أو معلومة، وهى قراءة مغموسة فى التحيزات، لكن مفعولها فى النهاية نافذ.

لهذا، فإننا، ونحن نطالب دائمًا بالتنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية، أصبحت لدينا مهمة أخرى، هى حل معضلة العلاقة بين البنك المركزى الرسمى والمركزى الشعبى لأن الاختراع المصرى الحالى ليس له مثيل فى العالم.

مصباح قطب – المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الذهب يصعد مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بدعم من ضعف الدولار.
وبحلول الساعة 0303 بتوقيت جرينتش، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 2866.76 دولار للأوقية . وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.1 بالمئة إلى 2880.50 دولار للأوقية.
ونزل مؤشر الدولار 0.4 بالمئة متراجعاً عن أعلى مستوى في أكثر من أسبوعين الذي سجله في الجلسة السابقة، مما يجعل الذهب أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفض البلاتين في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 945.45 دولار للأوقية. وارتفع البلاديوم واحداً بالمئة إلى 928.54 دولار للأوقية. وزادت الفضة في المعاملات الفورية 0.5 بالمئة إلى 31.30 دولار للأوقية.

أخبار ذات صلة الذهب يتجه لتسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ 3 أشهر هبوط أسعار الذهب بفعل صعود الدولار المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وغموض مفاوضات السلام في أوكرانيا
  • الذهب يصعد مع تراجع الدولار
  • سعر الذهب والدولار الآن في مصر.. «آخر تحديث»
  • سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 2 فبراير 2025.. كم تسجل العملة الأمريكية؟
  • أسعار الدولار تتراجع بشكل تدريجي في بغداد وأربيل
  • تحذير.. عند بدء عملية الإعمار هذا ما سيحصل للدولار
  • العملة اليمنية تعاود التراجع أمام العملات الأجنبية.. إليكم أسعار الصرف في عدن ومأرب وصنعاء
  • كبديل تدريجي عن الورقية.. العراق يتجّه لإصدار «عملة رقمية»
  • انخفاض كبير لأسعار الذهب في بغداد واربيل مع تراجع الدولار
  • مستشار حكومي:العملات الرقمية تسهم في تعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي ومكافحة غسيل الأموال