مناشدتان ومقترحان حول حرب السودان
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
د. الشفيع خضر سعيد
بالنسبة لحرب الخامس عشر من أبريل/نيسان اللعينة، نحن نفرق بين وقف الحرب ووقف القتال. صحيح أن وقف القتال والإقتتال، بمعنى إسكات البنادق، هو المدخل لإنهاء الحرب، لكنه وحده لن يوقفها ولن يحقق السلام والأمن، إذ لا بُدّ من علاج أسباب إندلاعها وإرساء ما يمنع تجددها. وصحيح أن عبء وقف القتال يقع على عاتق قيادة الطرفين المتقاتلين، ومن هنا يأتي دور ومجهودات المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي، والمنابر المختلفة كمنبر جدة ومنبر الإيقاد، وأهمية تحقيق الإقتراح الخاص بلقاء البرهان وحميدتي، كما جاء في مقررات اجتماعات قمة الإيقاد، مع التأكيد بأن ليس هناك أي ضمانات بأن ناتج هذا اللقاء سيكون إيقاف القتال، فالمسألة في جانب منها متعلقة بغياب الإرادة عند الطرفين، وهو ما تطرقنا إليه في مقالنا السابق.
وهنا تأتي مناشدتنا الأولى لكل من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» والقوى المدنية خارجها، بالانخرط معا في التحضير السياسي والإجرائي لمؤتمر جامع للقوى السياسية والمدنية، يعقد اليوم قبل الغد، مع اشتراط الوصول لكل أطراف هذه القوى، وعدم إقصاء أي حزب أو مجموعة، غض النظر عن أي مواقف سياسية سابقة لها، مادامت هي الآن تقف ضد الحرب، ومادامت المجموعة تستند إلى قاعدة ملموسة تعمل على الأرض، وإشراك الجميع في تفاصيل التحضير، والتقيد بالشفافية في كل خطوات العمل، والتي يجب أن تكون بعيدة عن أي مؤثرات خارجية، دولية أو إقليمية. ومرة أخرى، أكرر قناعتي بأن قيادات النقابات والاتحادات المنتخبة يجب أن تكون في قلب هذا العمل.
الوضع في السودان ينحدر إلى الأسوأ والدولة السودانية في طريقها إلى الانهيار، وربما التقسيم، ولن يمنع ذلك إلا وحدة وتماسك القوى المدنية
الوضع في السودان ينحدر إلى الأسوأ، والدولة السودانية في طريقها إلى الإنهيار، وربما التقسيم، ولن يمنع ذلك إلا وحدة وتماسك القوى المدنية، وهي وحدة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت آخر. لذلك، إذا تعزر عقد المؤتمر التوحيدي المشار إليه أعلاه لأي سبب من الأسباب، فأقترح أن تتنادى قوى «تقدم» والجبهة النقابية ولجان المقاومة/غرف الطوارئ والضباط المعاشيين من القوات النظامية وأي من المكونات المدنية الأخرى، بمبادرة من أحد أطراف هذه القوى، وبعيدا عن التدخلات المباشرة للقوى الإقليمية والدولية، لتشكيل مجموعة عمل تتوافق حول رؤية لوقف الحرب وتذهب بها إلى لقاءات مباشرة مع طرفي القتال والمجتمع الدولي والإقليمي، وفي الوقت ذاته تشكل هذه الرؤية مادة لتنظيم مقاومة شعبية داخل البلاد ضد الحرب ومحاولات وأد ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018.
في شهر مايو/أيار من العام الماضي أقر اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، على مستوى رؤساء الدول الأعضاء في المجلس، خريطة الطريق التي تبناها الاتحاد الأفريقي كمبادرة لوقف الحرب المندلعة في السودان. وفي بيانه الختامي، شدد اجتماع القمة على الأهمية القصوى لعملية سلام واحدة وشاملة وموحدة، بالتنسيق مع، وتحت رعاية مشتركة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع الشركاء ذوي التفكير المماثل. وأشار إلى أن تعدد وانتشار الوساطة والمبادرات لن تخدم الإرادة الجماعية للشعب السوداني. ثم في اجتماع لاحق، أوكل الأمر إلى الإيقاد التي شكلت لجنة رباعية ثم تم توسيع اللجنة بإضافة تقريبا كل الفاعلين الدوليين والإقليميين. وأصلا بدأ الأمر بمنبر جدة وبوسيطين فقط، المملكة السعودية والولايات المتحدة، قبل أن تتم إضافة الإيقاد والاتحاد الأفريقي الى المنبر. إلى كل ذلك، هناك مبادرة دول جوار السودان رغم خفوت صوتها. ومؤخرا ابتعث الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثا شخصيا للخوض مع الخائضين في أمر السودان. وكان واضحا لنا وللكثيرين، أن هذا المشهد الإقليمي والدولي، بتعدد مبادراته ومنابره يتسم ببعض الارتباك والالتباس. ثم إزداد الأمر ارتباكا وإرباكا والتباسا بقرار الإتحاد الأفريقي، في الأسبوع الماضي، تكوين لجنة رفيعة المستوى من ثلاثة أعضاء، وحدد مهمتها في العمل على تسوية الصراع الدائر في السودان. قطعا، لا يمكننا رفض أي مسعى إقليمي أو دولي لوقف الحرب في السودان، فنحن لسنا من دعاة إخفاء المحافير، كما يقول المثل المعروف، ولكنا على قناعة تامة بأن تعدد المنابر الخارجية لن يخدم قضية السودان، بل حتما يضر بها. والمدخل السليم والوحيد لنجاح مساهمات الخارج، إقليميا أو دوليا، في وقف القتال في السودان وتكثيف العون الإنساني لشعبه المكلوم، هو التفاوض في إطار المنبر الواحد، والذي يمكن أن يتحقق عبر التنسيق ثم الدمج بين المبادرات، وفق آلية عملية ملموسة وترتيبات محددة.
وهنا تأتي مناشدتنا الثانية، وهي موجهة إلى اللجنة الثلاثية رفيعة المستوى بأن تحصر جهودها في توحيد المبادرات وخلق المنبر الواحد، بدلا من أن تفترع مسارا جديدا يبدأ من المربع الأول. مقالنا القادم سيناقش اقتراحنا الثاني وهو حول المقاومة الشعبية.
القدس العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة وقف القتال لوقف الحرب فی السودان وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
الإدارة المدنية للدعم السريع تمنع تدوال العملة السودانية الجديدة بجنوب دارفور
أعلن رئيس الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع بولاية جنوب دارفور، محمد أحمد حسن، أنهم لن يسمحوا بتداول فئة الألف جنيه الجديدة التي أعلنها بنك السودان المركزي في مناطق سيطرتهم.
الخرطوم ــ التغيير
وقال محمد أحمد خلال مخاطبته فعالية ثقافية في محلية تلس، إنهم لن يعترفوا بتغيير العملة في الوقت الحالي، ودعا المواطنين إلى عدم التعامل بالفئة الجديدة واعتبرها غير شرعية في الولاية، وقطع بأنهم لن يُسمحوا بدخول العملة إلى مناطقهم حتى توقف النزاع المسلح.
وفي العاشر من الشهر الجاري أعلن بنك السودان المركزي طرح عملة نقدية جديدة من فئة الألف جنيه، على أن تُورَّد الفئة تدريجيًا في المصارف، وقال البنك المركزي إنه طرح ورقة نقدية من فئة الألف جنيه، على أن تتولى المصارف وفروعها استلام العملات من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه من المواطنين وحفظها في حساباتهم، مما يمكّنهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة.
وظهرت مقاطع فيديو متداولة لقادة و جنود بالدعم السريع هددوا فيها بتصفية كل من يتداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتهم و أرسلوا تحذيرات شديدة اللهجة للمدنيين بأن عقاب التداول بالعملة الجديدة الرمي بالرصاص دون أي محاكمات.
وكان قد وصفت قوات الدعم السريع، خطوة بنك السودان المركزي، بطرح عملة نقدية جديدة، بأنه يأتي في سياق مخطط تقسيم السودان وفصل أقاليمه ودعت المواطنين إلى عدم الاستجابة لقرارات الحكومة وإيداع أموالهم، كما دعتهم كذلك إلى عدم التعامل بالعملة الجديدة باعتبارها غير مبرئه للذمة.
الوسومالإدارة المدنية البنك المركزي الدعم السريع العملة الجديدة جنوب دارفور