سودانايل:
2024-07-07@23:25:21 GMT

مناشدتان ومقترحان حول حرب السودان

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

بالنسبة لحرب الخامس عشر من أبريل/نيسان اللعينة، نحن نفرق بين وقف الحرب ووقف القتال. صحيح أن وقف القتال والإقتتال، بمعنى إسكات البنادق، هو المدخل لإنهاء الحرب، لكنه وحده لن يوقفها ولن يحقق السلام والأمن، إذ لا بُدّ من علاج أسباب إندلاعها وإرساء ما يمنع تجددها. وصحيح أن عبء وقف القتال يقع على عاتق قيادة الطرفين المتقاتلين، ومن هنا يأتي دور ومجهودات المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي، والمنابر المختلفة كمنبر جدة ومنبر الإيقاد، وأهمية تحقيق الإقتراح الخاص بلقاء البرهان وحميدتي، كما جاء في مقررات اجتماعات قمة الإيقاد، مع التأكيد بأن ليس هناك أي ضمانات بأن ناتج هذا اللقاء سيكون إيقاف القتال، فالمسألة في جانب منها متعلقة بغياب الإرادة عند الطرفين، وهو ما تطرقنا إليه في مقالنا السابق.

وصحيح أن الطرفين وما يمكن أن يخضعا له من ضغوط في أي لقاء بينهما قد يتمكنا من إيقاف القتال، لكن ليس باستطاعتهما وحدهما وقف الحرب ولا يمكن أن يحددا هما فقط مصير السودان ومستقبله بعد الحرب. إن المسؤولية الأكبر والرئيسة في وقف هذه الحرب المدمرة تقع على عاتق القوى المدنية السودانية. فهي المنوط بها تصميم وقيادة العملية السياسية بعد توقف القتال، والتي بدونها لن تضع الحرب أوزارها. وتصميم العملية السياسية يبدأ بصياغة الرؤية لوقف الحرب، بمعنى الإجابة على العديد من الأسئلة حول مستقبل قيادة الجيش ومستقبل قوات الدعم السريع، والمساءلة بالنسبة لجريمة إندلاع الحرب وما صاحبها من انتهاكات، وفترة انتقال بقيادة مدنية بعيدا عن أي شراكة مع أي من طرفي القتال، إلى غير ذلك من الأسئلة التي ناقشناها في عدة مقالات سابقة. وصياغة الرؤية وتصميم العملية السياسية ليسا فرض كفاية، يقوم به قسم من القوى المدنية ويسقط عن أقسامها الأخرى، بل هما يشترطان وحدة القوى المدنية، وبدون هذه الوحدة لن تتوقف الحرب.
وهنا تأتي مناشدتنا الأولى لكل من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» والقوى المدنية خارجها، بالانخرط معا في التحضير السياسي والإجرائي لمؤتمر جامع للقوى السياسية والمدنية، يعقد اليوم قبل الغد، مع اشتراط الوصول لكل أطراف هذه القوى، وعدم إقصاء أي حزب أو مجموعة، غض النظر عن أي مواقف سياسية سابقة لها، مادامت هي الآن تقف ضد الحرب، ومادامت المجموعة تستند إلى قاعدة ملموسة تعمل على الأرض، وإشراك الجميع في تفاصيل التحضير، والتقيد بالشفافية في كل خطوات العمل، والتي يجب أن تكون بعيدة عن أي مؤثرات خارجية، دولية أو إقليمية. ومرة أخرى، أكرر قناعتي بأن قيادات النقابات والاتحادات المنتخبة يجب أن تكون في قلب هذا العمل.

الوضع في السودان ينحدر إلى الأسوأ والدولة السودانية في طريقها إلى الانهيار، وربما التقسيم، ولن يمنع ذلك إلا وحدة وتماسك القوى المدنية

الوضع في السودان ينحدر إلى الأسوأ، والدولة السودانية في طريقها إلى الإنهيار، وربما التقسيم، ولن يمنع ذلك إلا وحدة وتماسك القوى المدنية، وهي وحدة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت آخر. لذلك، إذا تعزر عقد المؤتمر التوحيدي المشار إليه أعلاه لأي سبب من الأسباب، فأقترح أن تتنادى قوى «تقدم» والجبهة النقابية ولجان المقاومة/غرف الطوارئ والضباط المعاشيين من القوات النظامية وأي من المكونات المدنية الأخرى، بمبادرة من أحد أطراف هذه القوى، وبعيدا عن التدخلات المباشرة للقوى الإقليمية والدولية، لتشكيل مجموعة عمل تتوافق حول رؤية لوقف الحرب وتذهب بها إلى لقاءات مباشرة مع طرفي القتال والمجتمع الدولي والإقليمي، وفي الوقت ذاته تشكل هذه الرؤية مادة لتنظيم مقاومة شعبية داخل البلاد ضد الحرب ومحاولات وأد ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018.
في شهر مايو/أيار من العام الماضي أقر اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، على مستوى رؤساء الدول الأعضاء في المجلس، خريطة الطريق التي تبناها الاتحاد الأفريقي كمبادرة لوقف الحرب المندلعة في السودان. وفي بيانه الختامي، شدد اجتماع القمة على الأهمية القصوى لعملية سلام واحدة وشاملة وموحدة، بالتنسيق مع، وتحت رعاية مشتركة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع الشركاء ذوي التفكير المماثل. وأشار إلى أن تعدد وانتشار الوساطة والمبادرات لن تخدم الإرادة الجماعية للشعب السوداني. ثم في اجتماع لاحق، أوكل الأمر إلى الإيقاد التي شكلت لجنة رباعية ثم تم توسيع اللجنة بإضافة تقريبا كل الفاعلين الدوليين والإقليميين. وأصلا بدأ الأمر بمنبر جدة وبوسيطين فقط، المملكة السعودية والولايات المتحدة، قبل أن تتم إضافة الإيقاد والاتحاد الأفريقي الى المنبر. إلى كل ذلك، هناك مبادرة دول جوار السودان رغم خفوت صوتها. ومؤخرا ابتعث الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثا شخصيا للخوض مع الخائضين في أمر السودان. وكان واضحا لنا وللكثيرين، أن هذا المشهد الإقليمي والدولي، بتعدد مبادراته ومنابره يتسم ببعض الارتباك والالتباس. ثم إزداد الأمر ارتباكا وإرباكا والتباسا بقرار الإتحاد الأفريقي، في الأسبوع الماضي، تكوين لجنة رفيعة المستوى من ثلاثة أعضاء، وحدد مهمتها في العمل على تسوية الصراع الدائر في السودان. قطعا، لا يمكننا رفض أي مسعى إقليمي أو دولي لوقف الحرب في السودان، فنحن لسنا من دعاة إخفاء المحافير، كما يقول المثل المعروف، ولكنا على قناعة تامة بأن تعدد المنابر الخارجية لن يخدم قضية السودان، بل حتما يضر بها. والمدخل السليم والوحيد لنجاح مساهمات الخارج، إقليميا أو دوليا، في وقف القتال في السودان وتكثيف العون الإنساني لشعبه المكلوم، هو التفاوض في إطار المنبر الواحد، والذي يمكن أن يتحقق عبر التنسيق ثم الدمج بين المبادرات، وفق آلية عملية ملموسة وترتيبات محددة.
وهنا تأتي مناشدتنا الثانية، وهي موجهة إلى اللجنة الثلاثية رفيعة المستوى بأن تحصر جهودها في توحيد المبادرات وخلق المنبر الواحد، بدلا من أن تفترع مسارا جديدا يبدأ من المربع الأول. مقالنا القادم سيناقش اقتراحنا الثاني وهو حول المقاومة الشعبية.

القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة وقف القتال لوقف الحرب فی السودان وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

متخصص بالشأن الأفريقي: اجتماع القوى السودانية بالقاهرة نقطة إيجابية لحل الأزمة

أكد أحمد إمبابي، الصحفي المتخصص في الشئون الأفريقية، أن مصر تقوم بدور رئيسي فيما يتعلق بالأزمة السودانية ودور مصر جاء محوري في هذا الإطار، مشددًا على أن المجتمع الدولي قد نسى أزمة السودان مع تصعد الحرب في غزة، إلا أن الدولة المصرية لم تنس القضية وتطورات الوضع في السودان.

أول دولة تحركت لحل أزمة السودان

وشدد «إمبابي»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى، ببرنامج «الساعة 6»، المذاع عبر شاشة «الحياة»، على أن مصر منذ بداية الحرب في إبريل من العام الماضي كانت من أول الدول التي تحركت لوقف الأزمة في السودان بالتنسيق مع دول الجوار، مضيفًا: «مصر منذ اليوم الثاني من حرب السودان والتي اندلعت في 15 كان هناك اتصالات من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي مع قادة دول الجوار وعلى رأسهم رئيس دولة جنوب السودان، ومصر تعمل على مسارات لوقف إطلاق النار في السودان».

وأضاف أن استضافة القاهرة لعقد مؤتمر القوى السياسية المدنية في السودان هو أحدث الجهود المصرية لحل أزمة السودان، مؤكدًا أن هذا المؤتمر الأول من نوعه والذي يجتمع فيه القوى السياسية السودانية معًا في مائدة حوار واحد منذ بداية الصراع، مشددًا على أنه على مدى الـ15 شهرا من بداية الصراع في السودان كان هناك العديد من المبادرات من قبل دول العالم.

مصر جمعت الفرقاء بالسودان

وأشار إلى أن قيام مصر بالعديد من الاتصالات ذات مصداقية مع كل الأطراف السودانية واستطاعت أن تجمع الفرقاء في مائدة حوار واحدة وهي ما تعطي قيمة إيجابية، موضحًا أن البيان الختامي أكد أن اجتماع القوى السياسية السودانية هي نقطة إيجابية يجب البناء عليها في مسار الحل السياسي في السودان، متابعًا: «الرئيس أكد على حرص الدولة المصرية على استقرار السودان وأن مصر تدير سياستها الخارجية بشرف وأن مصر حريصة على استقرار السودان وهي أولوية من أولويات الأمن القومي المصري».

مقالات مشابهة

  • جمال الكشكي: السودان محور استقرار كبير لمصر.. والقاهرة «مفتاح» حل الأزمات
  • متخصص بالشأن الأفريقي: اجتماع القوى السودانية بالقاهرة نقطة إيجابية لحل الأزمة
  • ماذا جاء البيان الختامي لمؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية بالقاهرة؟
  • كاتب سوداني: القوى السياسية بالخرطوم متفقة على ضرورة الحفاظ على البلاد
  • مفكر سوداني: المشاركون في مؤتمر القوى السياسية بالقاهرة مجمعون على وقف الحرب
  • الشفيع خضر: القوى السياسية السودانية متفقة على حماية البلاد من الانهيار
  • رئيس وزراء السودان السابق يشكر مصر على استضافة مؤتمر القوى السياسية المدنية
  • الاتحاد الأفريقي: المزيد من الضغط على الأطراف المتحاربة في السودان سيؤدي إلى نتائج إيجابية لوقف القتال
  • بابكر فيصل لسودانايل: اجتماع القاهرة هو خطوة في سبيل توحيد القوى المدنية للضغط لوقف الحرب تشكر عليها مصر
  • المبعوث الأممي للسودان: نعول على جهود القوى المدنية لإنهاء الأزمة الحالية