فلسطين من حسن البنا إلى عبد الباسط حمزه (١)
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
طلعت محمد الطيب
خبر اعتقال عبد الباسط حمزة في مصر بتهمة تمويل حركة حماس يجب ألا يجعل بعضنا يعتقد بأن الاخوان المسلمين يحرصون علي نصره قضية شعب فلسطين.
فالرجل قد عرف بالولوغ في الفساد والإستيلاء علي مبالغ صخمه كما جاء في إفاده صلاح مناع ، وذلك طوال فترة حكم الاخوان المسلمين للسودان لأكثر من ثلاثه عقود.
ويكفي عزيزتي القارئه أن تقومي بالبحث في محرك قوقل لتعرفي أن " محمود عبد الحليم" عضو الهيئه التأسيسية لتنظيم الأخوان المسلمين الأم في مصر في مؤلفه " الأخوان المسلمين أحداث صنعت التاريخ " كان قد كتب مايلي " النقود التي كنا نجمعها من المساجد والمقاهي والبارات لم يكن القصد من جمعها إعانة أخواننا المجاهدين الفلسطينيين بها، فهم كانوا من هذه الناحية في غير حاجة إليها".
يمكن كذلك الرجوع إلى ما كتبه القيادي " علي عشماوى " في إعترافاته الشهيره تحت عنوان " التاريخ السرى للأخوان المسلمين " وهو كتاب كان قد نشر في العام ٢٠٠٦م، وقد أشار فيه إلي حقيقة " أنهم ، أي الاخوان المسلمين ، كانوا يلجأون إلي جمع المال بفتح باب التبرعات ويطالبون بالتطوع لإنقاذ المسجد الأقصى من أجل جمع المال ثم شراء السلاح وتخزينه لحسابهم، وتتكدس خزائنهم بالاموال من تبرعات المسلمين من كل الدول الإسلاميه ليتكرر ما حدث في العام ١٩٤٨م.
وفي ذلك العام كان حسن البنا مؤسس تنظيم الأخوان المسلمين قد دعا الشباب إلي الجهاد والتبرع لنصرة الشعب الفلسطيني وكان قد وعد بإرسال أكثر من عشره آلاف مقاتل بيد أن الأمر في النهاية تمخض عن إرسال ما يزيد قليلا عن مائتي مجاهد ، وحتي هؤلاء لم يقاتلوا في فلسطين في حرب ٤٨ لأن قائدهم " محمد فرغلي" كان قد أمرهم بعدم القتال بحجه أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين!.
والأخطر من كل ذلك هو مواجهة " أحمد السكري" وهو قيادي مؤسس لحركه الأخوان المسلمين الأم في مصر ، لحسن البنا بإختلاسه لأكثر من ثلاثه آلاف جنيه من أموال التبرعات التي جمعت أبان حرب فلسطين في عام ٤٨، وقد كانت مبلغا كبيرا في ذلك الزمان.
أحمد السكري هذا كان وكيلا لتنظيم الاخوان في منطقه " المحموديه " حيث تأسست الجماعة هناك ويمكن التأكد من ذلك بمراجعة كتاب حسن البنا الشهير " مذكرات الدعوة والداعيه".
فلسطين من حسن البنا إلي عبد الباسط حمزه ٢
كنت قد تعرضت في الجزء الأول من هذا المقال إلي إعتقال الشيخ عبد الباسط حمزه في مصر بتهمه تمويل حركه حماس وأشرت الي حقيقة أن لجنه ازاله التمكين كانت قد أدانته في جرائم فساد ضخمه وكذلك كتبت عن تاريخ تنظيم الاخوان المسلمين الأم في مصر فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ حرب ٤٨م ، وأتيت ببعض الأمثله لتوضيح مدي متاجره الاخوان بقضيه الشعب الفلسطيني وجمع التبرعات الماليه بإسمه، وكيف إن نشاطهم العملي كان دائما ما يأتي خصما علي هذه القضيه ، وتطرقت إلي حادثه خيانه الاب الروحي والمؤسس لجماعه الأخوان المسلمين الإمام حسن البنا، للامانه حينما سمح لنفسه بإختلاس بعض من مال التبرعات الذي جمع من أجل الجهاد في فلسطين، حسب زعمهم . وفي كل ذلك كنت قد أشرت إلي مصدر المعلومات التي أوردتها حتي لا أتهم بالتحامل وإنعدام شرف الخصومه في العمل العام.
علي أن أخطر القضايا علي الإطلاق هي المتعلقه بقدره جماعات الإسلام السياسي علي إستغلال المشاعر عند الشعوب المسلمه public sentiment وتهييجهم للعاطفه الدينية والتحشيد لتحقيق أجندة غير معلنة كتوظيفهم للقضية الفلسطينيه وقضايا أخري بغرض التمكين وتحقيق مصلحتهم التنظيميه والمنافع الشخصيه، وليس العكس. وقد رأينا كيف قام فلول النظام السابق قبل إنقلابهم علي الوثيقه الدستوريه بمواصله السعي للتطبيع مع إسرائيل وذلك بعكس ما يدعون حيث كانوا يسعون إلي التطبيع مع إسرئيل منذ سنوات وكانت "سونا " قد أوردت خبر لقاء البرهان مع وزير الخارجية الإسرائيلي في الخرطوم قبيل الحرب في السودان حيث بحث اللقاء " سبل إرساء علاقات مثمره مع إسرائيل وآفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل ابيب في عدة مجالات لاسبما الامنيه والعسكريه" . للامانه يجب ان نشهد بأن قائد الدعم السريع الجنرال حميدتي كان قد أوضح عدم علمه بذلك اللقاء بينما كان رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك قبل الإنقلاب عليه، قد رفض بحزم الربط بين قضيه رفع العقوبات عن السودان والتطبيع مع إسرائيل موضحا أن " التطبيع يحتاج إلي نقاش عميق وسط قطاعات الشعب السوداني".
ورغم هزائم الجيش المتكرره علي يد قوات الدعم السريع إلا أن فلول النظام السابق والكيزان الذين يسيطرون علي قيادته يعملون علي عرقلة مساعي وقف الحرب ومقاطعه كل الوساطات الإقليميه والدوليه وإبتزاز المجتمع المدني بتصوير أن كل من يدعو إلي السلام ووقف الحرب هو بالضرورة يساند قوات الدعم السريع حتي ينشغل الجميع بدفع تلك التهمة عنهم بدلا عن التركيز علي حشد الجهود والمبادرات من أجل وقف هذه الحرب اللعينه.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الاخوان المسلمین الأخوان المسلمین عبد الباسط حسن البنا فی مصر کان قد
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: بددوا غيمة الأحزان فالفرح بالعيد سُنة المسلمين
قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام في صلاة عيد الفطر المبارك ، إن الله شرع لنا المواسم والأعياد لتحقيق المصالح للعباد في أمور المعاش والمعاد.
الأعياد لتحقيق المصالحوأوضح " السديس " خلال خطبة عيد الفطر المبارك اليوم الأحد الأول من شهر شوال 1446هـ من المسجد الحرام، أن الله تعالى امْتَنَّ عليكم بِبُلُوغِ هذا اليوم السعيد، فافرحوا بعيدكم وابتهجوا، فالفرح بالعيد سُنَّةُ المسلمين، وشعيرةٌ من شعائر الدين.
وأضاف أنه شُرِع في العيد إظهار السرور والأفراح، لا إشهار الأحزان والأتراح، فانشروا السعادة ، وأظهروا الابتسامات، وأشيعوا الحبور والبهجات ، وأجبروا الخواطر، وراعوا المشاعر، ولترفرف رايات الابتهاج على الأُسَرِ والبيوتات، والأسواق والطُّرُقَات.
بددوا غيمة الأحزانوأوصى، قائلاً: بَدِّدُوا غَيْمَة الأحْزَان، ورَوِّحُوا الأبدان، ومن تَوَسَّمَ بحُسْنِ زَكَنِهِ سعادةً حقيقية وأمَلَا، واستبشارًا وفَرَحَا أبديا قولاً وعملاً ، تَرَأْرَأَ له مَنْهَلٌ أعذب من ماء البَارِقْ، وأصْفَى من جَنَى النحلِ الوَادِقْ، وما هذا المنهل إلا تلك الجُمَانات النَّيِّرات، من سيرة حَسَنِ الشمائل والصِّفَات، عَاطِرِ النَّفَحات خيرِ البَرِيَّات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات، الذي جاءنا بالهُدَي المتلألئ الوضَّاءِ.
واستشهد بما جاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تُغَنِّيَانِ وَتُدَفِّفَانِ ورسول الله ( مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أبو بكر، فكشف رسول الله ( عَنْ وَجْهِهِ وقال:" دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد"، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:" والله لقد رأيتُ رسول الله ( يقوم على باب حُجْرَتي والحبشة يلعبون بِحِرَابِهِم في مسجد رسول الله ( يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ".
ونصح المصلين : وَسِّعُوا على أنفسكم وأولادكم، وأدخلوا السرور على أهلكم وجيرانكم وأقاربكم، وطهروا قلوبكم من الغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ والكراهية والشَّحْناءِ والبغضاء، وإقبلوا المعذرة، وأقيلوا العثرة، ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا .
عيد أهل الإسلاموأفاد بأن عيد أهل الإسلام عيدُ فَرَحٍ وسرورٍ وصِلَة، وليس عيد قطيعة وضغينة، صِلُوا أرحامكم، وتزاوروا، وتواصلوا مع مَنْ بَعُدَ عنكم بوسائل التواصل الحديثة، فهذا يوم التواصل والتزاور والتراحم، والتصالح والتغافل، اصفحوا عن من زلَّ وأخطأ، واعفوا عن من ظلم وأساء.
وأردف: وهذا يوم الأخوة والترابط والتلاحم، والتعاضد والتراحم، وتِلكم هي الشعيرة التي احْتَفَى بِها الإسلام أيَّمَا احْتِفاءٍ فوَطدَها، وعَزَّزَهَا ووتَّدَها، ألَيْسَت هي عِمَادُ القُوَّةِ والمُنَّة، ونِعْمَتِ النِّعمَةُ والمِنَّة، بعد التوحيد الذي من أجله أُرْسِلَت الرُّسُل وأنزلت الكتب ، وذلك لِمَا يَتَرَتَّبُ عَنِ الاتحادِ، مِن المَحَبَّة والوِدَاد، واستئصال السخائم والأحقاد.
وأشار إلى أن العيد شرعه الله لنا بعد عبادة الصوم لنفرح به بعد تمام الصيام وطول القيام، وقد أديتم زكاة الفِطْرِ طَيِّبة بها نفوسكم، وهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، قال تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وبين أنه كان من هديه -صلى الله عليه وسلم- لبس أنه أفضل الثياب، وكان يخرج في العيدين رافعًا صوته بالتهليل والتكبير ، وهذه شريعتنا الغراء، شريعة السماحة والرحمة، والوسطية والاعتدال ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، إنها النور المتلألئ المشرق.
التهنئة بالعيدنوه بأن التهنئة بالعيد تَزِيدُ المودة، وتُوَثِّق المحبة، ويُشرع التهنئة في العيد بقول: تقبل الله مِنَّا ومنكم ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَوْمَ عِيدٍ فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ : “نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ”.
وأكد أن الإسلام دين السَّعَةِ والسَّمَاحة واليُّسْرِ والسهولة، والتسامح والتعايش والحوار والإنسانية، لذا سَطَعَ بُرْهَانُه، ونَجَمَ في العالمين سُلْطَانُه، لأنه حوى غاية السماحة والتيسير ، والبُعد عن التَّعَنُّتِ والتعسير، فأظهروا ذلك بالأقوال والأعمال، كونوا دُعاة صدق بحسن الكلام، وجميل الفِعال، ونشر الأمل والتفاؤل.
وتابع: اقتداءً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان ( يعجبه الفأل الحسن، فعن أنس ( قال: قال رسول الله( : " ويعجبني الفأل"، قالوا: وما الفأل يا رسول الله، قال: "الكلمة الطيبة".
وحذر من هجر الطاعات بعد رمضان، والبعد عن الكسل، والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح، من التوكل والجد والاجتهاد، فغوالي الأماني لا تُدْرَك بالتواني، وأنَّى يُدْرِك العوالي الفَدْم العاني، وإن الثبات على الطاعة والتقوى لَمِن علامات قَبُول العمل.
ودلل بما قد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي ( قال :" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر"، والحرص على صيامها، والتواصي بذلك، وإيصال الطاعة بالطاعة.
ونصح الأخوات الكريمات: بالتخلق بالحجاب بالحياءِ ما استطعْتُنَّ، والتمسك بالعِفَّة والحجاب والاحتشام، وغض البصر ، والتصدق، وأكْثِرْن الاستغفار، ولا تَكْفُرْنَ العَشِير، وكُنَّ خير أعوان لأزواجكن على الطاعة، واجتهدوا في تربية الأولاد وفلذات الأكباد وحَصِّنُوهم من الفتن ، ليواجهوا التحديات والمتغيرات بإيمان راسخ وعزم أكيد، فأنْتُنَّ في الإسلام دُرَرٌ مصونة، وجواهرُ مكنونة، وأنفسُ من اللآلئ.
وأبان أن مِنْ منارات الاهتداء، لزوم الثوابت الشرعية، والقيم المرعية، والاعتصام بالوحدة والجماعة، ومَا تقتضِيه مِن السَّمْع والطَّاعَة، وإنَّ الجمَاعة حَبل الله فاعتصِموا مِنه بِعُرْوَتِهِ الوثْقى لِمَن دَانَا، بالجماعة والإمامة يتحقق الأمن والأمان، وهما نعمة ما أعظمها من نعمة، وأكرمها من منحة ومِنَّة.
ولفت إلى أن الله تعالى امتن على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فاستحكام الأمن في البلد الحرام عقيدة راسخة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتحقق ذلك، وتأكد منذ عهد التأسيس إلى عهد الإمام الموحِّد، والملك الصالح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ، في ظلٍ وارفٍ من راية الاجتماع والائتلاف، ومنأى عن غائلة الفُرقة والخلاف، وفي عصر التطوير والرؤية والحوكمة، والاستدامة والبناء والإعمار والتنمية، وأنسنة الحياة وجودتها، وتحقيق مستهدفاتها على يد شبابها وفتياتها، وتحقيق ولائها وانتمائها؛ تزداد وتزدان مملكتنا الشَّمَّاء بالوحدة والرخاء، والأصالة والمعاصرة، والتقدم والازدهار، وهي التي تتمتع –بفضل الله- بالثِّقَل الإسلامي والعربي والعالمي، والعمق الإستراتيجي والتاريخي، والمكانة الدولية المرموقة، ولله الحمد والمنة ، زادها الله وحدةً وتمسكًا ورخاءً، وحفظ عليها عقيدتها وقيادتها وأمنها واستقرارها، إنه جواد كريم.
واستطرد: "عباد الله، فَبُشْرَاكم يا من صُمْتُم وقُمْتُم، بُشراكم يا من تهجَّدْتُم وتَصَدَّقْتُم ، فقد زال التَّعَبُ والنَّصَبُ وثبتَ الأجر إن شاء الله، فهذا يوم الجوائز، ومن فضل الله على بلادنا ما شرفها الله به من خدمة الحرمين الشريفين، وما نَعِمَ به المعتمرون والقاصدون من أجواءٍ إيمانية عظيمة، وخدمات مميزة جليلة، فلله الحمد والشكر، وجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين خير الجزاء وأوفاه على جهودهم العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، ومناصرة قضايا الإسلام والمسلمين؛ وعلى رأسها قضية فلسطين والأقصى، والسعي في إحلال الأمن الدولي والسلام العالمي".
ودعا بأن يتقبل الله مِنَّا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم تنعمون بالخيرات والمسرات في أمن وأمان وسكينة واطمئنان.