إن أحد أمراء الحرب سيئي السمعة يحقق الفوز في حرب العلاقات العامة إضافة للحرب الحقيقية
17 يناير 2024 - نيروبي
مجلة الإيكونوميست
إعداد الترجمة: حسام عثمان محجوب

من الصعب أن نتصور مفارقة أعظم من الترحيب برجل متهم بارتكاب جريمة إبادة جماعية في جولة رسمية في متحف تذكاري لتلك الجريمة الأكثر بشاعة. ولكن هذا ما حدث بالضبط في السادس من يناير، عندما قام محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، وهو أشهر أمراء الحرب في السودان، بزيارة متحف ضحايا الإبادة الجماعية في كيجالي لإحياء ذكرى كارثة رواندا عام 1994.

وقال بلا حياء إن السودان "يجب أن يتعلم من دروس رواندا".

تشن قوات الدعم السريع، وهي الجسم شبه العسكري التابع للسيد دقلو، حرباً حتى الموت ضد الجيش النظامي السوداني، القوات المسلحة السودانية، من أجل السيطرة على الدولة. منذ اندلاع القتال في أبريل الماضي، أُجبر أكثر من سبعة ملايين سوداني على ترك منازلهم؛ فر 1.4 مليون منهم إلى البلدان المجاورة. دمرت العاصمة الخرطوم، بينما أصبحت أجزاء من الريف على حافة المجاعة.

لا يوجد في هذه الحرب جانب ملائكي. قصفت القوات المسلحة السودانية المدنيين واضطهدت نشطاء السلام. لكن قوات الدعم السريع هي وحدها التي تواجه مزاعم موثوقة بارتكاب إبادة جماعية. وهي تقوم بالتعاون مع الميليشيات العربية المتحالفة معها بشن حملة تطهير عرقي ضد الأفارقة السود في دارفور، وهي منطقة تقع في الغرب، دامية إلى حد أن كثيرين يخشون تكرار الإبادة الجماعية التي حدثت هناك قبل عقدين من الزمن.

وهذا يجعل الترحيب الذي حظي به حميدتي في عواصم أفريقيا أكثر إثارة للقلق بالنسبة للعديد من السودانيين العاديين. لقد قوبل مؤخراً بسلسلة من حفلات الاستقبال الرسمية التي تليق برئيس دولة أكثر من أمير حرب يمارس الإبادة الجماعية. ابتداءً من 27 ديسمبر في أوغندا، قام منذ ذلك الحين بالتجول عبر إثيوبيا وجيبوتي وكينيا وجنوب إفريقيا، قبل زيارته المثيرة للجدل إلى رواندا.

في نيروبي، تم استقباله على السجادة الحمراء مع عناق من ويليام روتو، رئيس كينيا، الذي أثنى عليه على جهوده لإنهاء الحرب. وفي تدوينة على موقع "إكس"، تويتر سابقاً، حُذفت لاحقاً، أشار مكتب رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوسا، إلى ضيفه بـ"فخامة رئيس السودان محمد دقلو". ومنذ ذلك الحين، طلبت منه الهيئة الحكومية للتنمية (المعروفة باسم إيجاد)، وهي كتلة إقليمية لشرق أفريقيا تضم ثماني دول، حضور قمة يوم 18 يناير، مما دفع منافسه الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي يقود القوات النظامية، ورئيس الأمر الواقع للسودان للانسحاب من المفاوضات احتجاجاً.

الاعتراف الدبلوماسي الذي منحه الزعماء الأفارقة لدقلو قد يعكس جزئياً رضوخاً عملياً للواقع. تقول انتصار عبد الصادق من منظمة البحث عن أرضية مشتركة، وهي منظمة غير حكومية مقرها في واشنطن وبروكسل: "حميدتي يفوز". وفي ديسمبر، استولت قواته على مدينة ود مدني، إحدى أكبر مدن السودان، والتي كان من المفترض أن تكون حصناً قوياً للجيش الوطني. ومنذ ذلك الحين هددت بالتقدم شرقاً نحو بورتسودان، حيث تتمركز حكومة البرهان منذ طردها من الخرطوم في أغسطس. وقد حاولت إيجاد ترتيب وقف إطلاق النار، وهو ما يعني أن أعضاءها قد يعتقدون أنه يجب عليهم استقبال السيد دقلو من أجل الحفاظ على حياد الكتلة كوسيط.

لكن "الأمر لا يقتصر على أن [القادة الأفارقة] التقوا بحميدتي فحسب، بل إنها الطريقة التي التقوه بها"، كما تقول خلود خير من مؤسسة كونفلونس الاستشارية، وهي مؤسسة فكرية سودانية. على سبيل المثال، يحافظ الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني على بروتوكولات التباعد الاجتماعي بسبب فيروس كورونا، ومع ذلك فقد التقط لنفسه صورة وهو يصافح السيد دقلو بدون قناع. ولعل موسيفيني لم يغفر للجيش النظامي السوداني دعمه السابق لجيش الرب للمقاومة، وهي جماعة متمردة أرهبت شمال أوغندا في الفترة من عام 1987 إلى عام 2006. ومثل العديد من زعماء شرق أفريقيا الآخرين، قد ينظر موسيفيني إلى قوات الدعم السريع باعتبارها تحمل "تركةً تاريخيةً أقل" من القوات المسلحة السودانية، كما تلاحظ السيدة خلود. ويمكن للجنرال البرهان الاعتماد على مصر وجنوب السودان فقط كحليفين يمكن الاعتماد عليهما في المنطقة.

الميزة الرئيسية التي يتمتع بها حميدتي في ساحة المعركة هي دعم دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يقال إنها كانت تزوده بالأسلحة والمركبات المدرعة والطائرات بدون طيار. وقد يساعد دعم الإمارات في تفسير نجاح جولاته الدبلوماسية الأخيرة. وتحرص العديد من الدول الإفريقية على تعزيز العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، الغنية بأموال النفط والطامحة إلى توسيع نفوذها في جميع أنحاء المنطقة. حميدتي، الذي يمتلك مناجم ذهب مرتبطة بالإمارات في دارفور، ويتنقل عبر القارة على متن طائرة مسجلة في دبي، هو عضو في كتلة ناشئة تقودها الإمارات، تشمل إثيوبيا وتشاد ودولة أرض الصومال الانفصالية غير المعترف بها دولياً. ويُعتقد أيضاً أن الإماراتيين دفعوا العديد من السياسيين المعارضين السودانيين، بما في ذلك عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، إلى توقيع اتفاق مع حميدتي في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، في الثاني من يناير.

وهذا هو ما يمثل كوابيس بالنسبة للقوات المسلحة السودانية، التي هددت بـ "التحقيق" مع أولئك الذين تصافحوا في مودة مع حميدتي في أديس أبابا. في هذه الأثناء، زار الجنرال البرهان مؤخراً إيران، التي يقال إنها أعطته الأسلحة. وعلى الرغم من إدانة الآخرين لمعاملة قائد قوات الدعم السريع على قدم المساواة معه، إلا أن قائد القوات المسلحة يقول إنه أيضاً مستعد شخصياً للقاء حميدتي، لكنه يصر على ضرورة انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم والمدن الأخرى كشرط مسبق للمفاوضات. ومن جانبه، يشم دقلو انتصاراً صريحاً. وهكذا تستمر الحرب.
(ملاحظة من المترجم: لا يوجد تأكيد لخبر زيارة البرهان لإيران، هناك صورة منتشرة للبرهان مع الرئيس الإيراني على أنها في إيران، ولكنها كانت أثناء اجتماعهما في الرياض في نوفمبر الماضي).

ظهر هذا المقال في قسم الشرق الأوسط وأفريقيا من النسخة المطبوعة تحت عنوان "أسوأ أمراء الحرب هو المنتصر".


https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2024/01/17/why-diplomacy-over-sudan-africas-enduring-nightmare-is-stuck

husamom@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع القوات المسلحة حمیدتی فی

إقرأ أيضاً:

محافظ الشرقية يشهد احتفالية تكريم أسر شهداء القوات المسلحة ومصابي العمليات الحربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية واللواء أ.ح مدحت عبد العزيز فاوي مدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب إحتفالية القوات المسلحة وجمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب بتكريم أسر شهداء القوات المسلحة ومصابي العمليات الحربية، في حضور محمد نعمه كُجَك السكرتير العام المساعد للمحافظة، والعميد أ.ح رياض الرماح المستشار العسكري للمحافظة، والدكتور محمد حامد وكيل وزارة الأوقاف، والدكتور محمود عبد العظيم وكيل وزارة الشباب والرياضة، وأسر الشهداء والمصابين وعدد من طلاب وطالبات جامعة الزقازيق وشباب وفتيات مديرية الشباب والرياضة، وذلك بقصر ثقافة الزقازيق.  

أُعرب محافظ الشرقية عن فخره واعتزازه بالمشاركة في احتفالية تكريم أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية الذين قدموا الغالي والنفيس للحفاظ على أمن واستقرار البلاد، مؤكدا أن تكريم أسر الشهداء وضحايا الحرب واجب أخلاقي وإنساني ولفته كريمة تعكس مدى التقدير والاهتمام الذي توليه الدولة المصرية لأبنائها الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطنهم الغالي مصر.

وأشار محافظ الشرقية أن كل قصة شهيد من أبناء مصر على مر العصور والصمود أمام الأعداء والتحديات تمثل ملحمة شموخ ونضال، وتقدم أنبل معاني الفداء وأغلى التضحيات بالدم والروح.  

أكد محافظ الشرقية أن القوات المسلحة المصرية ستظل درعا وسيفا للوطن لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار لشعب مصر العظيم وردع كل من تُسول له نفسه المساس بأمنها واستقرارها، منوها أن مصر تحتاج منا دائما إلى بذل المزيد من العمل والبناء مع التضحية والفداء من أجل تحقيق حياه أفضل للأجيال القادمة وقال المحافظ من هنا من أرض الشرقية نعاهد الرئيس على الوقوف صفا واحدا خلف قيادتكم الرشيدة وتحت راية الوطن لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ومواصلة تعزيز رؤيه الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة واستكمال بناء الجمهورية الجديدة.  

وأكد مدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب أن القوات المسلحة المصرية لن تنسى شهدائها الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الذكية وقدموا أرواحهم الطاهرة دفاعاً عن أمن واستقرار البلاد رافعين شعار النصر أو الشهادة، مؤكدا أن سيرتهم العطرة ستبقى جنبا إلى جنب مع تضحيات مصابي العمليات في مكافحة الإرهاب الغاشم والتصدي له فهم نموذج للتضحية والفداء للحفاظ على عزة وكرامة الوطن. 

ونقل مدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب تحيات الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة لأسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية، مؤكدا أن الجمعية منذ نشأتها تعمل على توفير كافة سُبل الدعم والمساندة لأسر الشهداء والمصابين خلال الحروب السابقة أو الأحداث التي مرت بها البلاد وستظل داعما قويا لأسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية تنفيذاً لتوجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة.  

بدأت فعاليات الاحتفالية بتلاوة أيات من الذكر الحكيم للشيخ محمود عبد الباسط الحسيني من مديرية الأوقاف أعقبها عرض فيديو (حلم الشهيد) يحكي عن بطولات وتضحيات الشهداء على مر العصور، ثم كلمه للدكتور محمد حامد وكيل وزارة الأوقاف تحدث فيها عن منزلة الشهداء في الدنيا والآخرة ومنزلتهم العالية عند الله سبحانه وتعالى وأن الله سيجزيهم خير الجزاء مستشهداً بآيات من القرآن الكريم وأحاديث من السنة النبوية العطرة ودعا أسر الشهداء إلى الصبر والإحتساب وشدد على ضرورة التمسك بقيم الإسلام ومبادئة السمحه والتماسك بين أفراد المجتمع.

كما شهدت الإحتفالية قيام محافظ الشرقية ومدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب والحضور بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء الوطن والتي ستبقى تضحياتهم خالدة في سجل البطولات والشرف ومنارات مضيئة تستلهم منها الأجيال القادمة معاني التضحية والفداء للوطن.

وخلال الاحتفالية قام محافظ الشرقية ومدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب والمستشار العسكري للمحافظة بتكريم 10 من أسر شهداء القوات المسلحة ومصابي العمليات الحربية، بمنحهم مبالغ مالية تكريماً لما قدمه الشهداء والمصابين من تضحيات وبطولات للحفاظ عل أمن واستقرار الوطن.

واختتمت الاحتفالية بعزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية ثم تبادل الدروع التذكارية بين محافظ الشرقية ومدير جمعية المحاربين القدماء تقديرا لدور كلا منهما في تقديم أوجه الدعم والرعاية لأسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية.

مقالات مشابهة

  • محكمة الإرهاب تطلب  بمثول قادة بارزين بالدعم السريع في قضية مقتل والي غرب دارفور 
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • قيادات بمحلية التضامن بجنوب كردفان تؤكد رفضها لحكومة موازية من قبل مليشيا آل دقلو الإرهابية وحلفائها
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»
  • محافظ الشرقية يشهد احتفالية تكريم أسر شهداء القوات المسلحة ومصابي العمليات الحربية
  • البرهان : نجدد العزم على تحرير السودان والقضاء على مليشيا آل دقلو الإرهابية
  • السيسي: هذه المرحلة تتطلب الوعي والإدراك بجميع القضايا والموضوعات التي تطرأ على الساحة
  • الدعم السريع تقتل وتصيب 33 مواطن بمراكز إيواء في الفاشر
  • البرلمان الأوروبي يصوت لفرض عقوبات على قيادات في الدعم السريع ودرع السودان