موظّفو المصارف بين صرفهم وغضب المودعين..ريما تروي قصّة موجعة
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
قدّمت استقالتي من المصرف الذي عملت فيه طيلة أربعة عشر عامًا، بعدما قرروا نقلي إلى فرع المصرف في بيروت، لم يكن بامكاني ذلك، كوني أسكن في منطقة بعيدة جدًا عن العاصمة، ولديّ أطفال. وبسبب ضغوط تعرّضت لها، لم يعد أمامي من خيار سوى تقديم استقالتي، فصُرفت من عملي بلا أيّ تعويض"
هي قصّة "ريما" إحدى العاملات في المصارف، ننسب إليها اسمًا مستعارًا بناءً لرغبتها "لا أريد أن ينتقموا من زوجي، فهو أيضا موظّف مصرفي".
توقف القروض سبب صرفي
موظّف مصرفي آخر يروي لـ "لبنان 24" كيف صرف البنك دفعةً كبيرة من الموظفين عام 2020 "كنت أعمل في القسم المخصص للقروض المصرفيّة، وبسبب تعليق القروض على أنواعها، انتفت الحاجة لعملي، وصُرفت إلى جانب عدد من زملائي". عن التعويض الذي تقاضاه يقول "هو عبارة عن رقم ليس إلّا، لا يمكن أن نحصل عليه نقدًا، ويحقّ لنا أن نسحب منه شهريًّا باللولار وفق السقف المحدّد في التعاميم، بداية وفق سعر 3900 ليرة وصولًا إلى 15000، تمامًا كحال بقيّة المودعين، بحيث نُعامل كعملاء للمصرف وليس كموظفين".
صرف عشرة الآف موظّف
بلغ عدد الموظّفين المصروفين من المصارف 9000 فردٍ، في حين تراجع عدد فروع المصارف التجارية من 1090 فرعًا في بداية الأزمة، إلى 710 فروع، وفق ما أكّد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين ل" لبنان 24". عدد المصروفين ارتفع بعض الشيء في الآونة الأخيرة، بفعل موجة صرف جديدة في نهاية العام 2023، وأضحى الرقم على مشارف العشرة الآف عاملٍ، استنادا إلى رئيس نقابة موظّفي المصارف ابراهيم باسيل في اتصال مع "لبنان 24".
النقابة تتحرك والقانون في أدراج المجلس النيابي
الأزمة المصرفيّة الناجمة عن الانهيار المالي في البلد، دفعت المصارف إلى تقليص عدد الفروع، وإلى الإستغناء عن عدد كبير من الموظفين، وهو أمر متوقّع، ولكن هناك اجحاف كبير يلحق بالمصروفين، بفعل لجوء عدد من المصارف إلى تسديد التعويضات بناءً على المادة 50 من قانون العمل، بحيث يتمّ احتساب التعويض على أساس الراتب الأخير، والذي يتراوح بين 9 و14 مليون ليرة، مضروبًا ما بين 3 إلى 12 شهرًا، بحيث لا يتجاوز التعويض 200 مليون ليرة، أو 2000 دولار. علمًا أنّه خلال عمليات الصرف التي حصلت في السنوات السابقة، كانت الأمور أفضل، إذ حُّول التعويض إلى لولار، ليسدّد على دفعات شهرية على أساس سعر صرف 15 ألف ليرة. أمّا اليوم، حتى لو تمّ إقرار القانون، وحصل الموظف على تعويضه بالدولار، كيف سيتمّ صرفه ووفق أيّ سعر سيُحتسب، يسأل باسيل "خصوصًا أنّ هناك اشكالية بظل عدم إقرار الموازنة وعدم التوصل إلى سعر يعتمد في المصارف".
لتصويب الخلل طلبت نقابة موظفي المصارف، تعديلَ المادة خمسين من قانون العمل، وأعّدت بالتعاون مع نواب "الجمهورية القوية" اقتراح قانون، لحماية حقوق الموظفين في عمليات إعادة الهيكلة، يُلزم المصرف في حال الصرف أو الدمج أو التصفية بدفع 20 شهرًا كتعويض، وشهرين عن كلّ سنة خدمة إلى 36 شهرًا. ولكنّه لم يُدرج على جدول أيّ جلسة تشريعية يقول باسيل"منذ حوالى سنة طلبنا موعدًا من نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب، كونه يرأس اللجان النيابية المشتركة، ولكن للأسف لغاية اليوم لم نفلح بلقائه. كنّا تواصلنا مع سلفه ايلي الفرزلي في السنوات الماضية، ووعدنا خيرًا، وإلى اليوم نجهل سبب عدم إدراج القانون على جدول الهيئة العامة".
موظّفو المصارف كبش محرقة
يتحدث باسيل مطوّلًا عن معاناة موظفي المصارف، الواقعين بين فكّي الكماشة "إدارة المصارف من جهة، والمودع من جهة أخرى، بحيث يتم وضعهم بوجه أصحاب الودائع، علمًا أنّهم أيضًا مودعون، خسروا أموالهم كحال عملاء المصارف". هذا الوضع يعرّضهم لمخاطر، بظل عمليات الاقتحام المسلحة التي تحصل للعديد من الفروع المصرفية من قبل مودعين.
رواتب موظفي المصارف تراجعت بشكل كبير "من المرتبة الرابعة في قائمة أفضل الرواتب عام 2018، لتُسوّى بالأرض اليوم" يلفت باسيل، موضحًا أنّ بعض مصارف حسّن الرواتب، في حين أنّ مصارف أخرى تعطي نسبة 20% فقط بالدولار والباقي بالليرة "المصارف فقدت وظيفتها، والخدمة التي كانت تبيعها للزبون لم تعد تملكها، وهناك مؤسسات ماليّة موازية تحّل مكان المصارف، وتمرّ عبرها مجمل العمليات الماليّة. هذا الواقع ينعكس سلبًا على موظفي المصارف".
أسهل الحلول: اقفال فروع وصرف موظّفين
لا يمكن فصل أزمة القطاع المصرفي عن المشهدية المأزومة برمّتها، وبظل عدم التوصل إلى خطّة شاملة للنهوض، ضمنها هيكلة القطاع المصرفي، سيبقي الوضع المصرفي معلّقًا، وموظفو المصارف هم الحلقة الأضعف "خلال سنوات الأزمة، عمدت المصارف إلى شراء الوقت عبر تقليص نفقاتها، فكان الخيار الأسهل أمامها، إقفال عدد من الفروع وتقليل عدد العاملين، خصوصًا أنّ المصاريف التشغيلية الخاصة بالعمل المصرفي عالية الكلفة، وتُدفع بالفريش دولار، وبظل غياب الأرباح، تؤمّن الكلفة على حساب عطاءات الموظفين" يلفت باسيل "في الأشهر الأخيرة، لجأ عدد من المصارف إلى إبقاء موظفين في منازلهم ودفع رواتبهم على مدى ستة أشهر، لتقليل المصاريف كبدل النقل وغيره".
الدعاوى تنام في القضاء
يميّز باسيل بين نوعين من المصارف، تلك التي تدفع لموظيفها بقدر ما تستطيع، وأخرى تلجأ إلى التذاكي"حالات الغبن التي نعرف بها، نسعى كنقابة لمعالجتها مع الإدارات. لكن المعضلة التي تواجهنا، هي عدم البت في الدعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي، وقد مضى على تقديمها ثلاث وأربع سنوات، بعض الأعضاء يشترط أن يتقاضى بالدولار بدل حضوره، والجلسات تتعطل ومعها حقوق الموظفين، فكيف لنا أن ندافع عن الموظف بظل واقع القضاء؟".
من حيث انتهى كلام رئيس نقابة موظفي المصارف، يكمن الخلل الأعظم، إذ كيف يمكن لأيّ غبن أن يتوقف، إن كان تجاه الموظفين، أو تجاه المودعين بشكل عام، طالما أنّ الأجهزة القضائيةّ على اختلافها، بحكم المتوقّفة عن العمل لأسباب كثيرة، أو تسير بخطى السلحفاة بأحسن الأحوال؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المصارف إلى من المصارف فی المصارف لبنان 24 عدد من
إقرأ أيضاً:
ضربات يمنية موجعة لـ 4 حاملات طائرات.. انحسار القوة البحرية لواشنطن
يمانيون../
بعد استهداف حاملات الطائرات الامريكية الثلاث “ايزنهاور”، و “روزفيلت” و “لينكولن”، وهروبها جميعاُ الواحدة تلو الأخرى في ثلاث مناسبات، وإخلائها لمنطقة الشرق الأوسط لأول مرة منذ نصف القرن، تظهر مؤشرات الانحسار الأمريكي البحري، ودخول الامريكيين في صراع الغرف المغلقة، بعد كل هذا السقوط، والعجز عن فك حصار اليمن ضد العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر منذ عام ونيف.
واليوم، وفي خضم التصعيد الأمريكي الغربي الصهيوني على اليمن كانت ردود اليمن المتوالية ما بين استهداف الأمريكيين في البحر الأحمر، واستهداف إسرائيل في يافا المحتلة في أقوى عمليتين لليمن خلال يومين.. عمليتان هما الأقوى، “رسالة” لما يمكن أن يكون عليه الرد اليمني القادم، مع أي جنون أمريكي، أو تصعيد إسرائيلي.
بالأمس، ظهرت عملية “تل أبيب” كضربة هي الأشد وقعًا على العدو الإسرائيلي مع ما خلفته من ضحايا بالعشرات، تحدث الاعلام الصهيوني عن ثلاثين إصابة”، فيما جاءت عملية اليوم كرد “كبير” على العدوان، والقصف الأمريكي البريطاني المعادي على اليمن، فالمعادلة التي فرضتها اليمن منذ استهداف طاقم البحرية اليمنية ” شهداء البحرية العشرة”، وحتى اليوم، تؤكد أن اليمن يقود مواجهة السيادة، والبحث عن السلام الممتد من غزة إلى صنعاء باقتدار واحتراف عالٍ.
إفشال عمليات واشنطن- لندن من على متن حاملة الطائرات “يو اس اس ترومان” ومدمرات مرافق لها، واسقاط طائرة اف18، كانت ضربة قاسية للقوات الأمريكية على وجه الخصوص.
وللمرة الثانية من على حاملة طائرات أمريكية ( الأولى تم فيها إفشال تحضيرات عملية جوية ضد اليمن من على متن حاملة الطائرات أبراهام لينكولن في البحر العربي، والثانية من على متن الحاملة ترومان في البحر الأحمر كما جاء في بيان العميد سريع اليوم) تنتصر القوة اليمنية في مسارين (عسكري واستخباراتي)، حيث تعقيدات تحديد مواقع الحاملة، والمدمرات المصاحبة والصواريخ والقذائف والمسيرات المناسبة للمواجهة.
اسقاط طائرة إف18
وعلى وقع خبر نزل على الولايات المتحدة كالصاعقة، كان إسقاط اليمن للطائرة الأمريكية اف18 سوبر هورنيت، جديد عمليات اليمن، وإبراز تفاصيل المواجهة، بعد أن أصبح اليمن متخصصاً في اسقاط طائرات إم كيو 9 ، وبإسقاطه 12 طائرة تجسسية خلال معركة طوفان الأقصى، بينما يجري التعتيم الأمريكي على الحادثة، والادعاء أن ما حصل للطائرة الأمريكية فوق البحر الأحمر، كان بنيران صديقة ، حيث برزت مع حالة التعتيم والانكار الأمريكي أسئلة عدة كانت الأكثر احراجاً للأمريكيين، وأول هذه الأسئلة ما أورده عضو المجلس السياسي الأعلى محمد على الحوثي عن هذه العملية، فإذا لم تفصح البحرية الامريكية عن سبب سقوط الطائرة الأمريكية، فلماذا أوقفت يو إس إس هاري ترومان قرب السودان شمالي البحر الأحمر، كل أجهزتها ومحركاتها البارحة؟
ثم كيف يمكن لـ طراد “يو إس إيس غيتيسبورغ” في مجموعة حاملة الطائرات “يو إيس هاري ترومان” أن يخطئ في درجة حرارة الطائرة F/A18 ، هذا ما دفع لتشكيك محلل شؤون الأمن القومي في مجلة ناشيونال انترست ،براندون ويشيرت، في رواية الجيش الأمريكي بإسقاط الطائرة بنيران صديقة.
وقال: “وصلنا إلى (مستوى متدنٍ) للغاية كقوة عظمى مزعومة عندما تكون “نيران صديقة” أقرب قصة تصديقاً على حقيقة أن “اليمنيين” ربما أسقطوا إحدى طائراتنا.
الجدير ذكره أن الطائرة F/A-18 كانت تعمل من على متن حاملة الطائرات الأمريكية USS Harry S. Truman عندما “أطلقت عليها المدمرة الأمريكية USS Gettysburg وهي طراد الصواريخ الموجهة من طراز Ticonderoga، جزءًا من المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات ترومان، التي دخلت مياه الشرق الأوسط قبل أسبوع.
ومع هذا الحدث الأبرز يمكن استذكار جملة من تعليق للقيادي محمد على الحوثي آواخر سبتمبر الماضي حين قال: ” صواريخنا تصل اليوم إلى يافا “تل أبيب” وقريباً سنسقط طائرات إف16″.
ما يعني اليوم أن ما بعد اسقاط طائرة إف18، هناك المزيد من المفاجآت اليمنية، ومنها تأتي المفاجآت السعيدة.
المسيرة – ابراهيم العنسي