عائلة غزية ترفض مغادرة بيتها المدمر وتلملم شتاتها ببيت من صفيح على ركامه
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
بمطرقة صغيرة، يحاول الفلسطيني عبد السلام الدوش استصلاح عدة ألواح من الصفيح المعدني (الزينكو)، والتي جمعها من ركام الحي السكني الذي كان يقطن به قبل أن تسويه آلة الحرب الإسرائيلية، بالأرض كاملا.
يحاول الدوش بناء خيمة من "الزينكو" لتؤوي أفراد عائلته الكبيرة (بحدود الـثلاثين شخصا)، الذين أصروا على البقاء في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة ورفضوا النزوح نحو الجنوب، لكنهم مشتتون بعضهم في مراكز الإيواء والبعض الآخر لدى جيرانهم ممن لم يتم تدمير منازلهم بشكل كامل.
ورغم ظروف الشتاء القاسية والقصف الإسرائيلي العشوائي، يسعى الدوش لاجتراح حياة جديدة لعائلته بهذه الخيمة بين الركام والدمار.
الخيمة تمتلئ بالثقوب جراء تضرر الصفيح من القصف الإسرائيلي، ما ينذر بإمكانية غرقها مع أول هطول للأمطار في المنطقة.
وتعرضت بلدة بيت لاهيا لتدمير إسرائيلي واسع جراء الغارات الجوية والعملية البرية التي بدأها الجيش في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأفاد مراسل الأناضول، أن الجيش دمر مربعات سكنية كاملة بعضها كان مأهولا في هذه البلدة.
خيمة للاجتماع بالعائلة
يقول الدوش إن عائلته المكونة من نحو 80 شخصا "غادرت هذه المنطقة قبل تسويتها بالأرض، حينما أنذر الجيش الإسرائيلي سكانها بالإخلاء قبل نحو 3 شهور".
وأضاف: "البعض نزح نحو الجنوب، والبعض الآخر (عددهم 30 شخصا) اتجه لمراكز الإيواء في الشمال، ومع الانسحاب الإسرائيلي عدنا وفوجئنا بهذا الدمار الهائل".
ورغم هذا الدمار، إلا أن الدوش قرر أن يبقى وأفراد عائلته من غير النازحين في الشمال مجتمعين سويا داخل خيمة قريبة من أنقاض منزلهم.
واستكمل قائلا: "نلملم أنفسنا داخل هذه الخيمة خاصة مع حلول فصل الشتاء وبدء المنخفضات الجوية".
لكنه يتخوف من سقوط قذيفة مدفعية أو جوية عليه، أثناء عمله في إنشاء هذه الخيمة البسيطة.
وعن معاناته، قال إن سكان الشمال يعيشون ظروفا إنسانية صعبة للغاية في ظل عدم توفر الطعام والمياه.
وأضاف قائلا: "مطلبنا اليوم خيمة وكيس من الدقيق".
ظروف قاسية وأمنيات
بدوره، يقول شقيقه سليمان الدوش إن الحصول على كيس من الدقيق في منطقة شمال القطاع مهمة في غاية الصعوبة.
وأضاف: "نحصل على رطل من حبات القمح (غير المطحون) مرة كل 3 أيام، حيث نقف في طابور طويل جدا لمدة يوم كامل"، دون ذكر المزيد من التفاصيل حول مصدر هذا القمح.
وعدا القمح، فإن الدوش يشكو من ندرة توفر الطعام والمياه في المنطقة.
ويفضل الدوش العيش بهذه الخيمة بعد الانتهاء من إنشائها، قائلا إن "المدرسة التي لجؤوا إليها تعرضت للقصف وفاضت بها مياه الصرف الصحي".
وتابع: "الظرف الصحي والبيئي هناك سيء للغاية، حتى بدأت الفئران والثعابين بالظهور فيها".
ويندر توفر المواد الغذائية في محافظتي غزة والشمال اللتين تشهدان حصارا إسرائيليا منذ بداية الحرب، بقيود أشد من تلك المفروضة على المناطق الجنوبية.
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قطع الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس أوضاعا متدهورة للغاية.
وسمح الاحتلال في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بدخول كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، ضمن هدنة استمرت أسبوعا، تم التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية أمريكية، تخللتها صفقة تبادل أسرى.
هذه المساعدات تصل إلى المحافظات الجنوبية من القطاع، بحيث يمنع الاحتلال وصول المساعدات للمناطق الشمالية، باستثناء عدد شحيح من الشاحنات التي تحاول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إيصالها إلى هناك.
وكان القطاع يستقبل يوميا نحو 600 شاحنة من الاحتياجات الصحية والإنسانية، قبل العدوان الإسرائيلي، إلا أن العدد تدنى إلى نحو 100 شاحنة يوميا في أفضل الظروف.
وعن الأمنيات في المستقبل القريب، قال الطفل عامر الدوش (8 سنوات)، أن أولى آماله تتمثل في انتهاء الحرب الإسرائيلية عن القطاع.
وتابع: "أتمنى لو أنه يتم إعادة إعمار منازلنا، وأعود للمدرسة، وأن أقضي أوقاتي في اللعب كما بقية الأطفال".
وختم حديثه قائلا، إنه كان يحلم بأن يصبح "محاميا أو مهندسا" حينما يكبر.
و108 أيام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلفت حتى أحدث حصيلة منشورة الأحد 25 ألفا و105 شهداء و62 ألفا و681 إصابة معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا وكارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية بيت لاهيا غزة الدمار غزة دمار بيت لاهيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الخیمة
إقرأ أيضاً:
أطباء أمريكيون يشهدون على جرائم الاحتلال الإسرائيلي غزة: الأسوأ على الإطلاق
قال أطباء أمريكيون عملوا في مناطق ومستشفيات مختلفة بقطاع غزة، إن الدمار الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي لم يروا مثله في مناطق صراع أخرى.
لقاء الأطباء الأمريكيين بالأمين العام للأمم المتحدةجاء ذلك في حديثهم للصحفيين بالأمم المتحدة، بعد اجتماعهم مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر، إلى جانب تبعات الحصار وإغلاق المعابر، ما أضاف عبئا هائلا على كاهل المواطنين الفلسطينيين.
وقتل الاحتلال عددا كبيرا من الكوادر الطبية باستهداف المنشآت الصحية واعتقل آخرين، ما أدى إلى نقص حاد في الطواقم الطبية داخل القطاع.
ومنع الاحتلال دخول فرق طبية دولية للمساهمة في تخفيف العبء، ما جعل النظام الصحي في قطاع غزة يواجه شبح الانهيار الكامل.
طبيب أمريكي: قتل العاملين في المجال الصحي أصبح أمرا «طبيعيا» بالنسبة لإسرائيلمن جهته، الطبيب ثائر أحمد، الفلسطيني الأصل الذي يعمل في شيكاغو، ذكر أنه خدم في مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة في يناير 2024.
وقال، إن قتل العاملين في المجال الصحي أصبح أمرا «طبيعيا» بالنسبة لإسرائيل.
وأكد أن الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى الشهيد كمال عدوان المعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي، خسر كل شيء، ودفن ابنه بيديه، لكنه رغم ذلك لم يتخل عن واجبه، بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة.
غياب دبابات قوات الاحتلال عن غزة لا يعني عدم موت المزيدوفي 28 ديسمبر 2024، اعتقلت قوات الاحتلال أبو صفية عقب اقتحامها مستشفى الشهيد كمال عدوان وإضرام النار فيه وإخراجه من الخدمة، كما اعتقلت أكثر من 350 شخصا كانوا داخله.
وأشار أحمد إلى أن غياب الدبابات أو قوات الاحتلال الإسرائيلي عن غزة لا يعني عدم موت مزيد من الناس، محذرا من أن العديد من الناس سيموتون إن لم تتوفر الإمدادات الطبية اللازمة.
وأضاف أنه كان من المقرر بناء آلية للإجلاء الطبي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار لكن هذه العملية لم تتم.
من جانبها، قالت عائشة خان، الطبيبة بمستشفى جامعة ستانفورد الأمريكي: «خدمت في حوالي 30 منطقة حول العالم. وما رأيته في غزة لم يسبق له مثيل».
وأشارت خان إلى أن أطفالا تراوحت أعمارهم من 5 إلى 6 سنوات كانوا يأتون إلى المستشفى مصابين بطلقات نارية وإصابات ناجمة عن المتفجرات.
خان: ما حدث في غزة كان أمرا فظيعاوحذرت من أن الأطفال قد يموتون من الجوع حتى لو لم تسقط أي قنابل على غزة، وقالت: «هناك حاجة ملحة لإجلاء 2500 طفل وإلا فإنهم سيموتون خلال أسابيع قليلة ولا يوجد نظام لتنفيذ إجلائهم».
أما الطبيبة فيروزة سيدوا فقالت: «لم أر مكانا مثل غزة في حياتي، ما حدث كان أمرا فظيعا»، مبينة أن النظام الصحي كان مستهدفا بصورة مباشرة وأن كل مستشفى بالقطاع تعرض للهجوم.
وذكرت سيدوا أنه كان هناك 250 مريضا في المستشفى الأوروبي في خان يونس خلال فترة وجودها هناك، نصفهم من الأطفال.
ولفتت إلى أن واحدا من كل 20 عاملا في مجال الرعاية الصحية في غزة قتلته إسرائيل.
وأما الطبيبة محمودة سيد، فقالت إن غوتيريش تعهد بالتركيز على وضع الطبيب الفلسطيني أبو صفية وتسهيل عمليات الإجلاء الطبي.
وأوضحت أنها حاولت علاج الأطفال الذين أصيبوا برصاصة في الرأس دون أي إمدادات طبية تقريبا.
تدمير المنظومة الصحية في قطاع غزةومنذ 7 أكتوبر 2023 دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
استهداف الكوادر الطبية في قطاع غزةكما أخرجت غارات الاحتلال على القطاع 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى.
وتعرضت الكوادر الطبية في غزة لاستهداف مباشر، إذ استشهد 331 من العاملين في القطاع الصحي، بينهم ثلاثة ارتقوا داخل سجون الاحتلال.