أسعار السلع سترتفع قريباً... فهل تنقطع المواد الغذائية والمحروقات؟
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
سؤال وحيد يطرأ على بال اللبنانيين مع كلّ يوم تزداد فيه حدّة أزمة البحر الأحمر: ما مصير السلع في الأسواق؟ ففي وقت لا تزال فيه شركات النقل البحري متخوّفة من إعادة استئناف نشاطها عبر باب المندب بسبب الوضع غير المستقرّ أمنياً إثر الهجمات الحوثية، فان العين على البضائع التي يستوردها لبنان لأسواقه ومصير أسعارها.
فماذا سيحصل خلال الأيام المقبلة على هذا الصعيد؟
الأسعار سترتفع حتماً
لأزمة البحر الأحمر تداعياتها وارتداداتها بلا شكّ على الواقع اللبناني خصوصاُ على الأمن الغذائي، ولكن ليس بالحجم الذي يجري تداوله لدى بعض التجار والمستوردين، بحسب مدير عام وزارة الإقتصاد محمد أبو حيدر.
وفي حديث لـ"لبنان 24"، أوضح أبو حيدر أن ليس كلّ الشحنات التي تصل إلى لبنان تمرّ عبر البحر الأحمر ، حتى أن البعض منها بقي يمرّ من هناك، إلا أن بعض الشركات رفعت كلفة الشحن وبوالص التأمين نتيجة عدم دخولها عبر باب المندب واتجاهها صوب القرن الإفريقي، أي رأس الرجاء الصالح.
وأضاف: "بالتأكيد ستزيد الكلفة بشكل بسيط، وليس كما يشيعه مستوردون وتجّار، على بعض البضائع وليس مجملها".
وجزم أبو حيدر أن السلع لن تنقطع، عازياً ذلك إلى أن لبنان دائماً ما يستورد بضائع لحوالي الـ4 أشهر بشكل مسبّق، مشيراً إلى أن بعض السلع قد تتأخر في الوصول بسبب سلوك الشركات طريقاً أطول، إلا أن الإحتياطي موجود أصلاً.
وللحدّ من الفلتان لدى بعض التجار، كشف أبو حيدر أنه سيتمّ مراقبة سلسلة الإمداد، من المستورد وصولاً إلى تجار الجملة والمفرّق ونقاط البيع أي السوبرماركت.
كما أشار إلى أنه طلب من المراقبين مراقبة فواتير المستوردين وطريقة التسعير التي يعتمدونها لتكوين صورة عن الكلفة التي في حال كانت اكثر ارتفاعاً، فستكون محدودة وباستطاعة الوزارة ضبطها من المورد، مشدداً على أن الشحنات التي وصلت إلى لبنان حتى الساعة لم تتأثر لناحية الأسعار.
هل تنقطع البضائع؟
أما رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي فأوضح لـ"لبنان 24" أنه حذّر "إلى مدى خطورة الأزمة في البحر الأحمر منذ بدايتها، وما تخوّفنا منه آنذاك بات يحصل اليوم خاصة مع توسّع رقعة الصراعات إثر تدخّل أطراف عدّة فيها".
وقال إنه من المستبعد طبعاً إنقطاع البضائع وأن تصل البلاد إلى مجاعة، بل الواقع هو أن الشحنات التي تصل من الشرق الأقصى ستشهد تأخيراً في الوصول لا يقلّ عن 20- 25 يوماً، لأنها بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر، ستمرّ عبر رأس الرجاء الصالح الإفريقي الأطول من حيث المسافة.
ويعني هذا الأمر بحسب بحصلي أن السوق سيشهد نقصاً في الإمداد عند نفاذ الكمية في الإحتياطي، وأعاد التشديد على الفرق الشاسع بين عدم وصول البضائع أبداً، وتأخير وصولها أياماً عدّة.
وأكّد أن الأسعار ستتأثر حتماَ لأن الشركات رفعت كلفة الشحن بين 120% و150% ، أي أن المستوعب الآتي من الصين أو من كوريا أو اليابان بقياس 20 قدم الذي كان يكلّف 2000 دولار، باتت كلفته حوالي الـ5000 دولار.
ولفت بحصلي إلى أن البضائع الرخيصة الثمن مثل الأرز والحبوب ستتأثر أكثر من سواها بحوالي 10- 15%، أما تلك الأعلى ثمناً فشحنها ثابت وبالتالي التأثير عليها أقلّ، كما أن أقساط التأمين ارتفعت مع ارتفاع نسبة المخاطر.
وذكّر بأن شهر رمضان المبارك بات على الأبواب وبالتالي يزيد الطلب على بعض المواد التي لن تصل في موعدها المحدد، مشدداً على ضرورة مراقبة تطوّر الأمور بشكل دوريّ.
هذا ما سيحصل في قطاع المحروقات
وعلى صعيد قطاع المحروقات، أوضح رئيس نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أن الأزمة الحاصلة في البحر الأحمر أثّرت على السوق العالمي وليس فقط على لبنان.
وأوضح البراكس في حديث لـ"لبنان 24" أنه في جدول أسعار المحروقات المرسل يومياً، بات يحتسب 7$ إضافية على كل طنّ بسبب ارتفاع سعر التأمين العادي، الأمر الذي ساهم بارتفاع سعر استيراد المحروقات الى لبنان ولو بشكل محدود.
وأضاف: "في الوقت الحالي ما من مؤشرات إلى أن المحروقات ستنقطع، لأن الخطوط البحرية ما زالت سالكة خاصة وأن الإستيراد اللبناني مصدره حوض البحر الأبيض المتوسط".
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار سببه أولاً ارتفاع كلفة النقل والتأمين، وارتفاع معدّل أسعار النفط العالمية، مفسّراً أن الجدول الذي يصل إلى الناس يعتمد على مراقبة الجداول العالمية على مدى 15 يوماً.
وتخوّف البراكس من احتدام الصراعات العسكرية والسياسية بشكل أكبر ما قد يؤدي إلى إقفال تام للمعابر البحرية وتحديداً باب المندب، الأمر الذي سيؤدي إلى تأزم في الإمدادات وإلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة.
مصير لبنان إذاً متعلّق كالعادة بالتطورات الإقليمية والدولية وما ستحمله المرحلة المقبلة من انفراجات أو انفجارات. فهل يتحمّل المواطنون نكسة جديدة على صعيد أمنهم الغذائي والحياتي بشكل عام؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
استثنى دونالد ترامب الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية من رسومه الجمركية "التبادلية"، لكن 46 من أصل 50 سلعة تعتمد الولايات المتحدة على الصين في توفيرها لا تزال خاضعة للرسوم.
ويُظهر تحليل السلع التي تتجاوز قيمتها الإجمالية مليار دولار التأثير المحتمل للإجراءات الجديدة على المستهلكين الأميركيين، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز في تقرير اليوم.
ارتفاع الأسعاروصنعت أكثر من 3 أرباع أجهزة ألعاب الفيديو، وأجهزة معالجة الطعام، والمراوح الكهربائية التي استوردتها الولايات المتحدة العام الماضي في الصين، وسيواجه أي شخص يرغب في شراء ألعاب الأطفال كذلك ارتفاعا في الأسعار، فقد صنعت الصين 75% من الدمى، والدراجات ثلاثية العجلات، والدراجات البخارية، وغيرها من الألعاب ذات العجلات التي بيعت للمستهلكين الأميركيين من الخارج العام الماضي.
وحذرت شركة ماتيل، صانعة ألعاب دمية باربي، من أنها قد ترفع أسعارها في الولايات المتحدة لتعويض تأثير الرسوم، وكان ذلك قبل تصعيد ترامب الأخير في حرب الرسوم الجمركية المتبادلة.
وصرحت الشركة، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، والتي تصنع كذلك سيارات هوت ويلز ولعبة الورق أونو، بأن 40% من منتجاتها تُصنّع في الصين.
إعلانويأتي قرار إدارة ترامب بإعفاء الهواتف الذكية و"أجهزة التوجيه" (routers) ومعدات تصنيع الرقائق وبعض أجهزة الكمبيوتر والحواسيب المحمولة مما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة على الصين؛ بعد أسبوع من الاضطرابات في الأسواق الأميركية.
ويُمثّل الاستثناء فوزا كبيرا لشركات التكنولوجيا الأميركية مثل آبل وإنفيديا ومايكروسوفت، التي تراجعت أسهمها جميعها الأسبوع الماضي، وكانت أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية أعلى واردات من الصين قيمةً العام الماضي، بقيمة إجمالية بلغت 74 مليار دولار.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإن شركة آبل سترحب بالإعفاء بشكل خاص لأن الجزء الأكبر من سلسلة التوريد الخاصة بها يتركز في الصين.
لكن رسوم ترامب الجمركية لا تزال تُشكّل مصدر قلق للمتسوقين الذين يأملون في شراء سلع لا تزال خاضعة للرسوم البالغة 125%.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الزميل البارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، تشاد باون قوله إن سرعة الإجراءات ونطاقها يعنيان زيادة احتمالية تحميل المستهلكين التكاليف، مضيفا أن الرسوم الجمركية على الصين فُرضت "بمستويات أعلى بكثير، وبسرعة أكبر بكثير، وعلى العديد من المنتجات الاستهلاكية الجديدة" التي لم تتأثر خلال ولاية ترامب الأولى.
وتابع: "ثمة احتمال أكبر بكثير لارتفاع كبير في أسعار المستهلكين الذين يشترون هذه الأنواع من المنتجات اليوم".
وتعني هذه الرسوم أن تحمل درجات حرارة الصيف قد يكون مكلفا للأميركيين غير المستعدين مسبقا، فـ9 من كل 10 مراوح كهربائية تم شراؤها من الخارج في الولايات المتحدة العام الماضي جاءت من الصين، وكذلك 40% من وحدات تكييف الهواء المستقلة (من دون الحاجة إلى ملحقات)، وتهيمن الصين على سوق التصدير العالمي لكليهما.
وسيواجه الأميركيون الذين يفكرون في شراء "ميكروويف" جديد كذلك زيادات محتملة في الأسعار؛ إذ جاءت 90% من تلك المستوردة إلى الولايات المتحدة العام الماضي من الصين، وتسيطر بكين على 3 أرباع سوق التصدير العالمي.
إعلان بحث صعبوحسب الصحيفة، تعني هيمنة الصين على هذا العدد الكبير من الصادرات العالمية أن إيجاد بدائل للمصنّعين لن يكون سهلا، وفقا للمسؤولة السابقة في وزارة التجارة البريطانية، آلي رينيسون، التي تعمل حاليا في شركة الاستشارات سيك نيوغيت.
وقالت: "نقلت الشركات الأميركية والغربية سلاسل التوريد الخاصة بها من الصين إلى دول آسيوية أخرى في السنوات الأخيرة، لكن مع استمرار دخول الكثير من المواد الخام الصينية وقطع الغيار إلى المنتجات التي تُجمّعها، سيعتمد الكثير على مدى صرامة هذه القواعد الخاصة بكل منتج ومدى تأييد هذه الدول للولايات المتحدة".
وأضافت: "التحدي لا يكمن في إيجاد بدائل، لأن معظم دول جنوب شرق آسيا بدأت بالفعل في زيادة إنتاجها من السلع الصناعية، بل في نوع الشروط التي ستفرضها الولايات المتحدة على اتفاقياتها مع تلك الدول".
ويُعد نقل التصنيع خارج الصين أمرا صعبا للغاية بالنسبة للمنتجات الإلكترونية مثل أجهزة الألعاب والهواتف المحمولة نظرا لسلاسل التوريد المعقدة والمهارات اللازمة لتصنيعها.
وقال الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة ولاية ميشيغان الأميركية، جيسون ميلر: "سيكون الانفصال السريع صعبا للغاية، خاصة بالنسبة لسلع مثل الهواتف الذكية ويجب إنشاء سعة إضافية وتدريب العمال وإنشاء خطوط إمداد بديلة للمدخلات".
وإذا احتفظت شركة آبل بكامل إنتاجها من أجهزة آيفون من الهند للسوق الأميركية، فإنها ستظل تغطي حوالي نصف الطرازات التي تزيد على 50 مليونا والتي تشحنها الشركة إلى أميركا كل عام، وفقا لمحلل بنك أوف أميركا، وامسي موهان.