أبوظبي تُعلن اكتشافات أثرية جديدة
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
أطلقت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي موسم التنقيب الأثري 2023 – 2024، وتشير إلى أنَّ الاكتشافات الحالية ليست سوى جزء صغير ممّا يُتوقَّع اكتشافه من ثقافة العصر البرونزي في منطقة «أم النار» في أبوظبي، التي كانت سائدة في الحقبة الزمنية ما بين 2500 و2000 قبل الميلاد.
وتؤكِّد اللُّقى الأثرية الأخيرة في الإمارة أهمية دورها الرئيس في التجارة الإقليمية والعالمية منذ القدم، وتسلِّط الضوء على ابتكارات مجتمعات العصر البرونزي التي استوطنت المنطقة، وتسهم في رسم صورة أوضح وأكمل عن تاريخ أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتشير مكتشفات مواقع التنقيب في أبوظبي إلى استخدام الحضارات القديمة للموارد الطبيعية بطرق مبتكرة وحريصة، مثل النحاس واللؤلؤ والجص والمياه العذبة، لتسهيل التجارة الدولية وتعزيز رفاه المجتمعات وتحقيق الرخاء.
تقع جزيرة ساس النخل بالقرب من وسط المدينة الحديثة، وتُعرَف محلياً باسم «أم النار» كناية عن الرماد والتربة الداكنة الناتجة عن الحرائق التي تغطّي مساحات واسعة من الموقع، ولأنها الموقع الأول، الذي نُقِّب فيه في المنطقة، من هذه الحقبة الزمنية، فقد أعطت الجزيرة اسمها «أم النار» لحضارة العصر البرونزي.
وبعد مرور نحو 65 عاماً على إجراء التنقيبات الأثرية الأولى في أبوظبي في هذا الموقع، بدأت عمليات التنقيب الجديدة في ساس النخل، ويتضمَّن برنامج التنقيب الأثري الحالي أيضاً أعمالاً في مواقع مختلفة في جميع أنحاء إمارة أبوظبي، ومنها مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو في العين.
تضمَّنت اللُّقيات التي اكتُشِفَت أخيراً نتيجة التنقيب في المنطقة، مجموعة محفوظة جيداً تضمُّ أكثر من 30,000 قطعة عظمية تتيح معرفة معلومات إضافية عن النظام الغذائي السائد في العصر البرونزي، الذي كان غالباً من الأسماك والطيور البحرية، بينما كانت أبقار البحر (الأطوم) من الأطعمة النادرة، وهو ما يتناقض كثيراً مع الحقب الزمنية اللاحقة التي انتقل فيها البشر إلى استهلاك لحوم الإبل والأغنام والماعز.
تشمل الاكتشافات الحجرية الرّحى والأحجار المصقولة والفؤوس والخرز، ووعاءً من الحجر الناعم، إضافة إلى أقراص حجرية دائرية مثقوبة كانت تُستخدَم لتثقيل شباك الصيد. وتتضمَّن اللُّقيات النحاسية مطرقة صغيرة أو إزميلاً وخطافات صيد.
وعُثِرَ أيضاً على عدد كبير من الأواني الفخارية المستوردة من مناطق بعيدة، مثل بلاد ما بين النهرين (العراق حالياً) وحضارة وادي السند (باكستان والهند حالياً)، ما يؤكِّد الدور المحوري للجزيرة آنذاك في التجارة التي كانت سائدة بين المناطق البعيدة.
واكتشفت التحليلات أنَّ القار الموجود في الموقع يتطابق مع مصادر في بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث استُخدِم في صناعة الفخار المقاوم للماء، وفي حفرة تخزين مبطنة بالطين. وتشير الآثار على الحبال والأخشاب إلى استخدام القار في العزل المائي لهياكل القوارب من العصر البرونزي، ما يشكِّل دليلاً على ازدهار الملاحة البحرية لفترات زمنية طويلة.
أخبار ذات صلة "قضاء أبوظبي" تباشر مهام إدارة المنشآت العقابية والإصلاحية ومؤسسات الأحداث في الإمارة تعرف إلى مواقع عروض الألعاب النارية في إمارة أبوظبيوتعني هذه الاكتشافات أنَّ جزيرة ساس النخل كانت ميناءً بحرياً مزدهراً خلال الفترة من 2,800 إلى 2,200 قبل الميلاد، وعلى درجة كبيرة من الأهمية بسبب أنشطتها التجارية مع بلاد ما بين النهرين ووادي السند.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة– أبوظبي: «كان الوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد، طيَّب الله ثراه، شغوفاً بتاريخ دولتنا، وأسهم في تعزيز فهم أكثر شمولاً ووضوحاً لتاريخ أبوظبي. ونؤكِّد في الدائرة أهمية الاكتشافات الأثرية الجديدة؛ لأنها تبرز مكانة ساس النخل (أم النار) على طرق التجارة الدولية من جهة، والوعي البيئي المبكر لدى الإماراتيين القدماء بأهمية الاستدامة، والانسجام التام مع الطبيعة المحلية وكائناتها ومواردها، إضافة إلى أنها تظهر الجهود الكبيرة لعلماء الآثار لدينا وأهمية حفريات دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي في تعميق معرفتنا بالحياة اليومية لأجدادنا، ورسم صورة أوضح لتاريخنا ومنطقتنا».
شهدت جزيرة ساس النخل أول أعمال التنقيب الأثري في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1959، على أيدي مجموعة من علماء الآثار الدنماركيين بدعوة من حاكم أبوظبي آنذاك، الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، ما يؤكِّد الاهتمام البالغ من قيادة أبوظبي بالتاريخ. وكشفت الحفريات عن مقابر ضخمة مبنية بالحجارة مرتبطة بنوع غير معروف من قبل من المقابر الجماعية.
وما زالت الاكتشافات المهمة والجديرة بالملاحظة على المستوى الدولي التي أنجزها علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي في الجزيرة، تسهم في تغيير الصورة العالمية للمنطقة بأكملها، ومنها الاكتشافات التي تشمل المدافن والمباني التي تعود إلى العصر البرونزي، وأنظمة الري المعقَّدة تحت الأرضية (الأفلاج)، إلى جانب المدن المزدهرة بتجارة اللؤلؤ والنحاس في العصر الحجري الحديث. ويرى علماء الآثار أنَّ الاكتشافات الأخيرة لا تشكِّل سوى جزء صغير ممّا يخبئه باطن الأرض، وسيعملون على استكشافه.
يوجد حالياً سبعة مواقع للحفريات الحية في مختلف أنحاء أبوظبي، ويتضمَّن موسم 2023-2024 عمليات تنقيب في كلٍّ من العين وساس النخل وجزيرة غاغا، التي تقع في أقصى غرب دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اكتشف علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة هياكل يعود تاريخها إلى 8,500 عام، إضافة إلى جزيرة دلما، حيث ينقِّب الباحثون عن آثار مستوطنة قديمة عمرها 7,000 عام.
ويعدُّ علم الآثار عنصراً أساسياً في رؤية دائرة الثقافة والسياحة– أبوظبي، وتسلِّط مبادراتها في مجال الآثار الضوء على جذور الثقافة الإماراتية، حيث تحافظ الاكتشافات المستمرة على التقاليد القديمة والتراث والابتكارات التي شهدتها هذه الأرض، ما يسهم في تعزيز تاريخ الإمارة بصفتها ملتقى طرق الحضارات، ومكاناً للتفاعل التجاري والديني والثقافي المتنوع.
يُذكَر أنَّ مواقع ثقافية جديدة افتُتِحَت أمام الجمهور في الآونة الأخيرة، مثل متحف جزيرة دلما الذي يوثِّق تجارة اللؤلؤ القديمة في الجزيرة، وصناعة الجصّ الإماراتية. وكذلك مركز جديد للزوّار في جزيرة صير بني ياس، يعرض ديراً وكنيسة من القرنين السابع والثامن، ما يتيح للجمهور التعرُّف عن قرب على تاريخ أبوظبي.
وستعرض الاكتشافات الحديثة في «أم النار» وغيرها من المواقع الأثرية المهمة في جميع أنحاء الدولة، في متحف زايد الوطني المقرَّر افتتاحه في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات في أبوظبي خلال عام 2025. وسيحتفل متحف زايد الوطني بالتاريخ القديم والمعاصر لدولة الإمارات، مبرزاً إرث الوالد المؤسِّس لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه.
المصدر: الاتحاد - أبوظبيالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: إمارة أبوظبي الآثار اكتشافات الإمارات العربیة المتحدة دائرة الثقافة والسیاحة العصر البرونزی علماء الآثار فی أبوظبی أم النار ما بین
إقرأ أيضاً:
خطة مصر لتصبح مركزا إقليميا لتجارة الغاز الطبيعي بتعزيز الاكتشافات والإنتاج
تعمل الدولة المصرية بجد واجتهاد لتحقيق هدفها بأن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة الغاز الطبيعي، والمساهمة في تلبية احتياجات الأسواق العالمية، يأتي ذلك بعد أن نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
الغاز الطبيعيمن جانبه، قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن مصر ليست جديدة في مجال اكتشاف الغاز الطبيعي وتصديره، فهي تعمل في هذا المجال منذ سنوات طويلة، وحققت العديد من الاكتشافات في هذا القطاع.
وأوضح يوسف، في تصريحات لـ”صدى البلد”، أن مصر أصبحت خلال السنوات الأخيرة مركزًا محوريًا لتبادل الطاقة في منطقة شرق المتوسط وأوروبا، والاكتشافات المتتالية تمثل دفعة اقتصادية كبيرة للدولة، خاصة مع استمرار الإعلان عن اكتشافات جديدة من قبل الدولة والشركات الأجنبية العاملة فيها.
وأشار إلى أن أهمية اكتشاف الغاز المصري تتجاوز الفوائد الاقتصادية، حيث تسهم هذه الاكتشافات في تعزيز نجاح قطاع الغاز في تنفيذ خططه الاستراتيجية، وزيادة إنتاج الغاز، وتعويض الحقول التي توقف إنتاجها، وتمتلك مصر 14 ميناء بترولي متخصص، إضافة إلى ميناءين لتصدير الغاز المسال إلى الأردن ودول الاتحاد الأوروبي.
وأكد يوسف أن الاستمرار في الاكتشافات والتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي يمثل أولوية لقطاع البترول، نظرًا لاحتياج مصر إلى تنوع مصادر الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي، مشيدا بسياسة القطاع في توقيع البروتوكولات مع الشركاء الأجانب، واصفًا إياها بالسياسة الحكيمة التي تضمن حقوق مصر في هذا المجال.
التوسع في محطات الغاز الطبيعي لتلبية رغبات المواطنين في تحويل سياراتهم محافظ الوادي الجديد يبحث إجراءات تشغيل محطة الغاز الطبيعي الدائمة بالخارجةوفي هذا السياق، أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن استراتيجية الوزارة في مواجهة التحديات وتكثيف عمليات الاستكشاف والإنتاج تحقق نتائج إيجابية، حيث أظهرت المؤشرات زيادة إنتاج الغاز بمقدار 200 مليون قدم مكعب يوميًا، و39 ألف برميل من البترول الخام، خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر، والشركات العالمية تكثف جهودها في التنمية والاستكشاف بفضل السياسات التحفيزية التي تنفذها الوزارة.
تصريحات الوزير جاءت خلال مشاركته في لقاء نظمته غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، برئاسة المهندس طارق توفيق، وبحضور قيادات قطاع البترول ومسؤولين من شركات عالمية كبرى مثل أباتشي.
وأوضح الوزير أن الوزارة تركز على خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والعالمية، بما يسهم في تسريع خطط الإنتاج وتأمين احتياجات السوق المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مشددا على معالجة التحديات السابقة، مثل سداد مستحقات الشركاء الأجانب وإطلاق حزم حوافز لزيادة الإنتاج، والوزارة تعتمد على حلول رقمية، مثل بوابة مصر الرقمية للاستكشاف والإنتاج، لتعزيز الشفافية وجذب المستثمرين.
وعلى صعيد المشاريع المستقبلية، كشف الوزير عن خطط لحفر آبار جديدة بحقل "ظهر" لزيادة إنتاج الغاز، وتسريع أعمال المرحلة الثانية من حقل "ريفين" بالتعاون مع شركة “بريتش بتروليوم”، وبدأت شركة "شل" في إنتاج الغاز من آبار جديدة بالبحر المتوسط، إلى جانب توسعات أخرى بالتعاون مع “أباتشي” لزيادة الإنتاج تدريجيًا.
وأكد الوزير أن الحكومة تركز على زيادة عوائد الإنتاج والتصدير من خلال استغلال البنية التحتية، وتعزيز مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة بنسبة 42% بحلول 2030 لتوفير الغاز للصناعات الوطنية. كما تسعى مصر لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة من خلال شراكات دولية وموقعها الجغرافي المتميز، وفي خطط 2025، تستهدف الوزارة تسريع الإنتاج، تعزيز التكرير، توصيل الغاز للمنازل واستخدامه في السيارات، وطرح فرص استثمارية جديدة عبر بوابة الثروة المعدنية الإلكترونية.
بعد إعلان الحكومة.. بكم تدعم الدولة أسعار الغاز الطبيعي للمنازل؟ ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المنزلي.. وزارة البترول تكشف الحقيقةوتسعى وزارة البترول والثروة المعدنية، لزيادة إنتاجها مؤخرًا، من خلال بدأ أعمال حفر البئر الاستكشافي «خنجر 1» بمنطقة شمال الضبعة البحرية بغرب المتوسط، التابعة لمناطق امتياز شركة شيفرون الأمريكية، للبحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي، والوصول إلى احتياطيات جديدة من الغاز.
وكشفت الوزراة عن بحث موقف تنمية الحقول التابعة لشركة ايني الإيطالية، بمنطقة شرق المتوسط لربط الغاز المنُتج من تلك الحقول بتسهيلات الإسالة في مصر وإعادة تصديره إلى الأسواق الأوروبية.