هل سرقت إسرائيل آثار غزة؟ إليكم الدليل
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
تزامنًا مع العدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، سلّط مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير - CAIR) الضوء على سرقة جنود الاحتلال مئات القطع الأثرية من غزة والتي لا تقدر قيمتها بثمن.
وباعتبار أن مدينة غزة كانت مكانًا محوريًا في طرق القوافل التجارية في العالم القديم، فهذا يعني بأنها كانت مليئة بالمواقع الأثرية وغنية بالقطع التاريخية ذات قيمة عالية، الأمر الذي جعله جنود الاحتلال هدفًا لاجتياحهم الأخير على القطاع.
ودعا المجلس، الذي يُعد أكبر منظمة للحقوق المدنية الإسلامية في أمريكا، الأمم المتحدة إلى التحقيق في السرقة الإسرائيلية للآثار الفلسطينية في غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي الوطني لـCAIR، في بيان:
"إن الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة في غزة تستهدف جميع جوانب الثقافة والتراث الفلسطيني. إننا نحث الأمم المتحدة على التحقيق في جريمة الحرب الأخيرة المتمثلة في السرقة الثقافية وأن تفتح إدارة بايدن أعينها على الضرر الذي يلحقه دعمها الأعمى لهذه الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بإنسانية أمتنا وقيمها ومصالحها الأساسية في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل قامت بشكل منهجي بتدمير المواقع الدينية والتاريخية والتعليمية والمؤسسية والثقافية في غزة (1000 مسجد).
وعبر منصات التواصل الاجتماعي، نشر عدد من جنود الاحتلال مقاطع فيديو يوثقون فيها عملية سرقة التحف والآثار التاريخية من قطاع غزة، وهو ما يعد دليلًا واضحًا وصريحًا على تورطهم بعملية سرقة تاريخ فلسطين.
????خطير جدا
هل تقوم إسرائيل بسرقة آثار غزة ؟؟؟؟ pic.twitter.com/d0hiQgaYrw
وأثارت المشاهد غضبًا واستياءً عارمًا في الأوساط المؤيدة للشعب الفلسطيني، إذ ذكر نشطاء بأن الاحتلال لا يكتفي فقط بسحق حاضر وتدمير مستقبل الشعب الفلسطيني، بل يحاول أيضًا طمس ماضيهم.
وذكر نشطاء أن مواقع التراث الثقافي في غزة كانت مستهدفة بشكلٍ متعمدٍ من قبل جنود الاحتلال، ناهيك عن الاعتداءات الممنهجة في الحرم القدسي الشريف والضفة الغربية.
كما أدان المجلس "جرائم الحرب الإسرائيلية الأخرى" في غزة، بما في ذلك تقارير شهود عيان عن إعدام القوات الإسرائيلية لمدنيين، وتقارير عن "تعذيب" المعتقلين والتدنيس المستمر للمقابر.
وكان مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية قد دعا في وقت سابق إدارة بايدن إلى إدانة قتل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة للصحفيين في غزة.
كما دعا المجلس بايدن إلى إدانة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واتخاذ الإجراءات اللازمة بعد أن اعترف بمعارضته لوجود دولة فلسطينية تحت أي سيناريو.
وأدان مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ما أسماه "جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة"، بما في ذلك الدعوة الجديدة للتطهير العرقي في غزة من قبل مسؤول حكومي إسرائيلي كبير، وهدم جامعة في غزة، والهجمات بالقرب من المستشفيات في غزة، والفيديو الذي يظهر القوات الإسرائيلية تسخر من المعاناة الفلسطينية والإجراءات الإسرائيلية تجبر النساء على الولادة في الشوارع.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: غزة جنود الاحتلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية السودانية… المأزق والغنيمة
منذ أن اندلعت الحرب في السودان منذ عامين ويزيد، أشارت الاتهامات إلى دور الحركة الإسلامية ممثلة في حزب المؤتمر الوطني ـ أحد أسماء عديدة استنسختها الحركة الإسلامية في السودان طوال تاريخها السياسي ـ بدورها في إشعال وتوجيه مسار الحرب الجارية منذ الخامس عشر من أبريل 2023. والمبررات التي تسوقها هذه الاتهامات ومن بينها تحليلات المراقبين، محاولتها العودة إلى السلطة، التي فقدتها بثورة ديسمبر 2019، بعد حكم استمر لثلاثة عقود. وهذه النتائج لا تخلو بطبيعة الحال من صحة، إذ أن الحرب الجارية يعود أطرافها إلى مكونات الحركة الإسلامية، كنتيجة منطقية لسياساتها في الجيش الذي تهمين عليه، وقوات الدعم السريع التي كونتها وقننَّت وجودها، والكتائب الشعبية التي تنتمي إليها تنظيما. وتعد الحركة الإسلامية السودانية الوحيدة بين حركات الإسلام السياسي، في العالمين العربي والإسلامي، التي تصل إلى السلطة وتستحوذ على مؤسساتها، وتفرض هيمنتها بحكم منفرد وسلطة خالصة، في أعتى إقصاء سياسي يمارسه تنظيم سياسي سوداني منذ الاستقلال.
والمشهد السياسي الذي أعقب ثورة ديسمبر، والمرحلة الانتقالية، جعلت من وجود الحركة الإسلامية أمرا لا يتقبله الشعور العام، ما اضطرها إلى العودة إلى أساليبها التي تتقنها في العمل التنظيمي السري، وتحويل المواقف لصالحها، وفقا لتنظيمها البراغماتي وآلياته الفاعلة في المشهد السياسي. وتعتبر الحركة السودانية دون نظيراتها ممن تستهدف السلطة والدولة كهدف أقصى في أولوياتها التنظيمية، ما أنتج خطابا أمنيا متشددا عن سائر المبادئ والشعارات التي عادة ما ترفعها جماعات الإسلام السياسي. وما يشير إلى دور الحركة الفاعل في الحرب الجارية، عودة وجوهها القيادية، وإعادة تعيين كوادرها البارزة في مناصب الدولة التي فقدتها، وتمكنت من العودة منذ انقلاب الجنرال البرهان في أكتوبر 2021 الذي شاركت فيه حينها قوات الدعم السريع.
باتت وحدة السودان مهددة، وبدأ بالفعل ما يسمى بالحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ما يعني واقعا جديدا لن تكون فيه الحركة الإسلامية اللاعب الوحيد بين لاعبين جدد يدعي كل منهم شرعية لا تحققها إلا قوة السلاح
وعندما حانت الفرصة نظريا وتطبيقا على الواقع في اختبار شعار «الإسلام دين ودولة» و»الإسلام هو الحل» وغيرها من شعارات رددتها الجماعات الإسلامية كبرامج للتحشيد، أكثر منها رؤى، أو خططا، في الدول التي وصلت فيها إلى الحكم باستثناء تونس في ائتلاف النهضة ومصر مرسي. ويكون السودان البلد الوحيد الذي طبقت فيه نموذجها، فبعد ثلاثة عقود على سدة الحكم، لم يلفح طرحها الفكري في الخروج من تقاليد الدولة التقليدية، أو فرض رؤيتها، إذ اصطدمت بالواقع بعيدا عن الشعار أو النظرية، ولكنها تخلت عن أصولها النظرية، لواقع لا تستطيع إنتاج بديل له. وهو الواقع الذي ظل دائماً مثار جدل حول علاقة الدولة بالديمقراطية والمرأة والأقليات وحقوق الإنسان، التي حاولت الأطروحات الإسلامية السياسية إيجاد صيغة توافقية، بإضفاء صفة إسلامية تطويعا لاصطلاحات في مدار الفقه الإسلامي، وإن لم تفلح في تعريفها لموقع في الدولة الحديثة، كممارسة الشورى بديلاً عن الديمقراطية والتعددية، ومصدر السلطات وغيرها مما ظل في حدود النصوص والشعارات دون التطبيق الناجز. وتقود الحركة الإسلامية حرباً فجرت معها ما يتجاوز طموح العودة إلى السلطة، التي بات موطنها بفعل الحرب في غياهب المجهول، والاستراتيجية التي تتبعها في مواصلة الحرب، إلى سحق الطرف الآخر بدعاوى مختلفة يخرجها من دائرة منطلقاتها الإسلامية، ذلك بأن نتائج الحرب لم تقتصر على الجانب العسكري، في ما أوقعته من شروخ اجتماعية وعنصرية بليغة الأثر. وبذلك تكون الحركة الإسلامية قد تبنت خطابا مصدره الحرب وويلاتها، لا القيم المؤسسة لتوجهات برامجها المعلنة على الأقل. فمن خلال هذه الفوضى غير الخلاقة تواجه الحركة تحديا إقليميا ودوليا في العودة الطبيعية، وإن استطاعت بحكم الواقع تعزيز قبضتها على السلطة والدولة والحرب، وطرحها لن يرحب به في الداخل والخارج، بما تواجهه من سياسات إقليمية مناوئة لمشروعها، وتورط قادتها الملاحقين قانونيا، وما فرضته الإدارة الأمريكية مؤخرا من عقوبات شملت شخصياتها النافذة، بما فيها أمينها العام علي كرتي في أعقاب الحرب 2023. وما تعتمد عليها موافقة على الواقع السياسي المستجد تجربتها الممتدة وأذرعها الاقتصادية والعسكرية، وكل ذلك لم يعد التحكم به ممكنا أيضا في ظل واقع الحرب وما بعدها، أي بما يعني المستقبل السياسي لتنظيم اعتمد الدولة كأداة وحيدة في تنفيذ برنامجه.
ثم لماذا كان خيار الحرب وبالطريقة التي تتم بها، وأيا تكن الغاية من ورائها، يكون ضمن أجندة منظومة سياسية لاستعادة سلطة فقدتها؟ والإجابة تنبثق من تاريخ الحركة نفسه، الذي اعتمد الخيار العسكري طوال سني حكمها، بكل ما صاحبه من سياسات أمنية فظة منتهكة حقوق الإنسان على المستويات كافة. ولأنه لم يكن من خيار آخر مدني يسمح لها بالعودة عبر الطرق المدنية المعهودة في الديمقراطيات، خاصة أن جسمها السياسي (المؤتمر الوطني) حظر من المشاركة السياسية في الفترة الانتقالية السابقة، باعتبارها حزبا محلولا. ومن المفارقات أن الأسباب ذاتها هي ما بررت به انقلابها الأول على الديمقراطية الثالثة بقيادة البشير في انقلابها 1989 الذي امتد طوال هذه السنوات.
انطلاقا من تجربة حكمها المطلق وما استحوذت عليه من إمكانيات هائلة بتسخير مقدرات الدولة لصالح حزبها وجماعاتها، تجاهلت الحركة الإسلامية كل عوامل الانهيار التي تأتي على النظم الديكتاتورية، والتآكل جراء الفساد السياسي والاقتصادي، ونظام كانت شرايينه قد تصلبت، وبالتالي نجحت الهبة الشعبية في اقتلاعه سنة 2019، وذلك التجاهل الذي تجاوز حقائق الواقع أدى الى سقوط نظامها. ولكن فقدان السلطة لم يكن من السهل أن تتقبله جماعة ظلت ممسكة بمفاصل الدولة وامتيازاتها حصريا، على منظومة وحيدة ومن يمكن فهم دور الجماعة في موقفها من مسار الحرب وتأييدها المطلق لاستمرارها، أيا تكن فداحة النتائج المترتبة عليها. وبهذا تجد الحركة الإسلامية نفسها في مأزق سياسي وعسكري وتورط أخلاقي في حرب خرجت عما ألفته من صراعات سابقة، حيث باتت وحدة السودان مهددة، بل بدأت بالفعل ما يسمى بالحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ما يعني واقعا جديدا لن تكون فيه اللاعب الوحيد بين لاعبين جدد يدعي كل منهما شرعية لا تحققها إلا قوة السلاح.
فما كسبت الحركة الإسلامية من الحرب الجارية بناء على تصوراتها السياسية من عودتها لغنيمة السلطة، لا يقاس بما أحدثته من مخاطر أصابت البنية السياسية السودانية وفداحة الأزمة الإنسانية. وهذا الاتجاه كشف عن معاندة دائما ما تبديها النظم السلطوية إلى حين انهيارها، ومن ثم تكون فداحة النتائج أزمة وطنية ومسؤولية تاريخية ثقيلة، يصعب التخلص من آثارها الأخلاقية والسياسية على المدى الطويل. وإذا كان حزب المؤتمر الوطني يحاول إيجاد توافق حرج بين موقفه الداعم لاستمرار الحرب، وما يستعيده من سلطة متخفية من وراء حكومة الأمر الواقع، فسيجد نفسه في مأزق أكثر حرجا مهما قدم من تنازلات لصالح سياسات المنطقة وتحالفاتها بما فيها الإدارة الأمريكية الجديدة. وبما أنها تعتبر أقوى تنظيم سياسي بموارده المالية والتنظيمية الهائلة، لم تستفد الحركة الإسلامية من تحويلها لصالح مشروع سياسي، بعيدا عن أفق التنظيم الضيق ومحدودية التصورات الحزبية، التي تغلب عليها أهداف تكتيكية طارئة، خاصة أن المشاركة السياسية الواسعة والاجماع الوطني لا يمكن تحقيقه في ظل الأوضاع القائمة، ما يسمح لها بانفراد والتحكم في أروقة دولة استعادتها.
كاتب سوداني
عن القدس العربي اللندنية# السبت 26/أبريل 2025م
nassyid@gmail.com