سرايا - استهدفت قوات الاحتلال أكثر من 16 مقبرة في هجومه البري في غزة، مما أدى إلى تدمير شواهد القبور بالجرافات، وقلب التربة، وفي بعض الحالات، إلى جانب إخراج الجثث، وذلك بذريعة البحث عن رفات محتجزيهم في غزة.

ويعد القانون الدولي تدمير المواقع الدينية كالمقابر انتهاكا للقانون، وأكد حقوقيون أن عدوان الاحتلال يرقى لجرائم حرب، حسبما نشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكي.



وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن جيش الاحتلال استخدم المقابر كمواقع عسكرية، إلى جانب إقامة حواجز لتحصين مواقعها.

وأضافت "سي إن إن" أنه في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نشر جيش الاحتلال صورة دون تاريخ لما قال إنها منصة إطلاق صواريخ تابعة لحماس على أرض مقبرة الشجاعية.

وأضافت "سي إن إن" أن الاحتلال قام بتجريف متعمد وتدريجي لمقبرة بني سهيلة، شرق خان يونس، وأنشأ تحصينات دفاعية على مدار أسبوعين على الأقل في أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي ومطلع كانون الثاني/ يناير الجاري.

وأكد خبراء القانون الدولي أن تدنيس المقابر يتعارض مع نظام روما الأساسي، وهي معاهدة عام 1998 التي أُنشأت وتحكم المحكمة الجنائية الدولية للفصل في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان. ويشار إلى أن كيان الاحتلال أيد في الأصل إنشاء المحكمة، لكن لم يصدق على نظام روما الأساسي.

ففي حين، يواصل الاحتلال عدوانه على غزة، وذلك في ظل تكثيف القصف على مناطق عدة في القطاع، وارتكاب المجازر عبر الغارات الجوية، والقصف المدفعي.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

بين الانتقادات والممكن: هل تتجاهل الثورة السورية مواجهة  إسرائيل؟

ديسمبر 17, 2024آخر تحديث: ديسمبر 17, 2024

د. أروى محمد الشاعر

إن الانتقادات التي تُوجّه اليوم لمن أسقطوا نظام بشار الأسد بحجة أنهم لا يقاتلون إسرائيل الآن تعكس فهماً سطحياً للواقع المعقّد الذي تمر به سوريا. هذه الانتقادات ليست سوى جزء من خطاب يطمح لتشويه صورة الثورة السورية وقادتها، متجاهلاً الحقائق الصعبة التي تفرض نفسها على الأرض. من ثورة خرجت على أنقاض نظام دمر الإنسان، وواجبها الآن التغلب على التحديات الداخلية التي خلفتها عقود من الاستبداد والفساد، فضلاً عن الحرب الطويلة التي مزّقت البلاد.

إن الأولويات واضحة، تبدأ بإعادة البناء الداخلي قبل مواجهة التحديات الخارجية الكبرى. كيف يمكن فتح جبهة عسكرية مع الاحتلال الصهيوني الهمجي بينما ما زالت سوريا تُلملم أشلاءها وتستعيد بناء مؤسساتها على أسس وطنية جديدة، وتحتاج إلى إعادة بناء جيشها كي يستطيع مقاومة الاحتلال؟،

هذا الإحتلال الذي باشر قصفه نتيجة تخوفه من وقوع السلاح بيد الثوار بعد أن كان مرتاحاً منذ عام ١٩٧٣ لعدم دخول النظام السوري معه بأي مواجهات عسكرية مباشرة لاستعادة هضبة الجولان المحتلة والذي كان محسوباً على محور المقاومة، وحتى عدم رد نظام بشار الأسد الذي كان مشغولاً بقمع شعبه على القصف الإسرائيلي المستمر إلى يوم رحيله.

مثلما قال نزار قباني:

“لا يمكن أن يكتب الشعرَ مَنْ يجهلُ تاريخَ السنابل”

فكذلك أقول لمن ينتقدون: لا يمكن أن تُبنى الدول أو تخاض الحروب دون معرفة عمق الواقع الذي تعيشه الشعوب. أولئك الذين أسقطوا نظاماً استبدادياً مثل نظام الأسد يفهمون جيداً أن تحرير الأرض يبدأ من الداخل، في بناء الإنسان والمؤسسات.

لعلّ الشاعر محمود درويش عبّر عن هذا المعنى في قصيدته “لا شيء يعجبني” عندما قال:

“نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً”

نعم، إن السوريين يحبون الحرية والاستقلال، لكنهم يعرفون أيضاً أن السبيل إلى ذلك يمر عبر التضحية والعمل المتواصل لبناء وطنهم من جديد.

ما يجب الآن هو توحيد الصفوف واستعادة السيادة الكاملة على الأرض السورية. التاريخ يعلّمنا أن النصر في المعارك الكبرى يتطلب إعداداً متأنياً واستراتيجياً. تجربة الثورة السورية نفسها دليل حيّ على ذلك؛ فقد نجحت في مواجهة نظام قمعي بآلته العسكرية القمعية لأنها اعتمدت على شجاعة شعبها وإصراره، لكنها الآن تحتاج إلى فترة لإعادة ترتيب صفوفها قبل أن تواجه احتلالاً مثل الاحتلال الإسرائيلي. كما أنها تحتاج إلى وقت لإعادة الحياة إلى أزقتها وإحياء مجدها القديم قبل أن تنهض لمواجهة أي عدو خارجي.

الحديث عن قتال إسرائيل اليوم دون اكتمال بناء المؤسسات السورية هو عبث استراتيجي. القوة التي تمكنت من إسقاط نظام الأسد تعلم جيداً أن الطريق إلى تحرير الأراضي السورية المحتلة يبدأ من الداخل. إعادة بناء الجيش السوري وجعله قوة وطنية صلبة هو الشرط الأساسي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وطرده من الجولان ومن كل شبر محتل.

كما قال شوقي:

“وما نيلُ المطالبِ بالتمنِّي… ولكن تُؤخذُ الدنيا غِلابا”

إن الشعب السوري يدرك أن طريق التحرير طويل، وأنه لا يمكن تحقيق الانتصار من دون صبر وإصرار وعمل دؤوب لإعادة ترتيب الأولويات.

إن بناء الأوطان هو عملية شاقة تتطلب رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وليس مجرد ردود فعل آنية.

تاريخياً، هناك نماذج لحركات تحررية نجحت في مواجهة الاحتلال بعد أن أعطت الأولوية لبناء الداخل. النموذج الجزائري يُعتبر من أبرز الأمثلة في ذلك . الجزائر عانت لأكثر من قرن من الاحتلال الفرنسي الاستيطاني، وكان الاحتلال يسيطر على كل مفاصل الدولة ومواردها. لم تبدأ الثورة الجزائرية مباشرة بمواجهة شاملة، بل اعتمدت على العمل السري، وتنظيم صفوفها من الداخل، وتهيئة الأرضية لاستنزاف العدو. استطاعت جبهة التحرير الوطني توحيد القوى الشعبية وقيادة الكفاح المسلح على مراحل، إلى أن تحقق الاستقلال بعد تضحيات عظيمة. هذه التجربة تقدم درساً واضحاً: لا يمكن مقاومة عدو خارجي دون بناء قيادة داخلية قوية، وتهيئة الشعب ليكون جزءاً من معركة التحرير.

أمثلة أخرى على ذلك تجربة فيتنام، التي لم تستطع مواجهة القوى الاستعمارية حتى عززت بنيتها الداخلية. وكذلك الأمر في جنوب إفريقيا، حيث ركز نيلسون مانديلا على توحيد شعبه قبل مواجهة نظام الفصل العنصري بشكل مباشر.

يمكننا أيضاً أن نستقي العبرة من الشعب الفلسطيني، الذي رغم عقود من الاحتلال الإسرائيلي لم يتخلَّ عن قضيته، لكنه لم يكن يستطيع المواجهة الفعالة إلا عندما استجمع قواه ووحّد جهوده. تجربة المقاومة الفلسطينية تظهر أن التحرير هو عملية طويلة تتطلب إعداداً واستراتيجيات واضحة، وهو ما يدركه السوريون جيداً.

كل هذه التجارب تؤكد أن التحرير يبدأ من الداخل. الشعب السوري، الذي صمد في وجه واحدة من أعنف الحروب في العصر الحديث، لديه القدرة على إعادة بناء دولته ومؤسساته لتكون قادرة على خوض المعارك الكبرى، عندما يحين وقتها.

إن سوريا الأبية هي رمز للصمود والجمال والكرامة. هي التي لطالما قاومت كل محاولات النيل منها، ستكون في يوم من الأيام قوية ومستقلة. إن الدمع الذي يسيل من أعين محبي سوريا اليوم ليس إلا تعبيراً عن ألم الفقد، لكنه في الوقت ذاته يحمل وعداً بالنهوض من جديد. وكما قال الشاعر المتنبي في قصيدته:

“إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ… فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ”

الشعب السوري لا يرضى بأقل من استعادة كامل حقوقه، أرضاً وسيادةً، وسيعيد بناء قوته ليطرد الاحتلال الإسرائيلي من كل شبر من أرضه، كما طرد من قبل الطغاة والمستبدين.

كذلك، لا يمكننا أن نغفل البُعد الحضاري والتاريخي لسوريا، التي كانت على مدار آلاف السنين مهداً للحضارات، وشاهدت نهوضها بعد كل أزمة أو غزو. دمشق، التي وصفها أحمد شوقي بأجمل أبياته:

“سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ… وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ”

هي القلب الذي ينبض بالحياة، وقادرة على العودة إلى موقعها كعاصمة للصمود والثقافة والمقاومة.

كما أن منارة التاريخ السوري تحمل لنا إشارات مضيئة بأن إرادة الشعوب الحرة لا تُهزم. سوريا، التي شهدت محاولات متكررة للنيل منها على مدار التاريخ، خرجت دائماً أقوى، وأكثر تمسكاً بقيمها وهويتها.

لذلك، فإن الانتقادات الحالية التي تطالب بفتح جبهة ضد إسرائيل تتجاهل حقائق الواقع وأولوياته. إعادة بناء سوريا ليست مجرد حاجة ملحة، بل هي ضرورة استراتيجية لضمان أن المواجهة المقبلة مع الاحتلال الإسرائيلي ستكون مواجهة حاسمة ومبنية على أسس قوية.

إن سوريا الجديدة بجميع مكوناتها التي تميزها تاريخياً ستنهض وستعيد بناء جيشها، ومؤسساتها، تعيد إشراقها وتستعيد دورها كرمزٍ لمقاومة أي استبداد ومحتل، وستكتب فصلاً جديداً في تاريخها، حيث الحرية والاستقلال هما العنوان.

مقالات مشابهة

  • أحاديث الثورة السورية وتغيير المنطقة
  • حظك اليوم الخميس 19 كانون الأول/ ديسمبر 2024
  • صمتُ نظام الجولاني عن الاحتلال الإسرائيلي.. أسباب وتداعيات
  • بين الانتقادات والممكن: هل تتجاهل الثورة السورية مواجهة  إسرائيل؟
  • حظك اليوم الأربعاء 18 كانون الأول/ ديسمبر 2024
  • الاحتلال يفجّر مستودعا عسكريا كبيرا غرب سوريا
  • فيديو.. اكتشاف مقابر جماعية في ريف دمشق
  • حرب المشافي مستمرة.. استهداف كمال عدوان وتدمير مركز صحفي في جباليا
  • حرب المشافي مستمرة.. استهدف كمال عدوان وتدمير مركز صحفي في جباليا
  • حظك اليوم الثلاثاء 17 كانون الأول/ ديسمبر 2024