لمواجهة سرقة التيار.. حملات ضخمة بـجنوب القاهرة للكهرباء لملاحقة المخالفين
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
كتب- محمد صلاح:
تشهد شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، تحركات على أرض الواقع بهدف إحكام السيطرة على ارتفاع معدلات الفقد والسرقات الكهربائية التى تشهدها بعض المناطق.
وشنت الشركة بالتنسيق مع الإدارة العامة لشرطة مباحث الكهرباء حملة مكبرة بالتعاون مع كافة قطاعات الشركة المختلفة بالشبكات والشئون التجارية والضبطية القضائية والتفتيش التجارى حملة ضبطية قضائية موسعة في بعض المناطق بريف الجيزة، وذلك في إطار جهود المهندس مدحت فوده رئیس مجلس الإدارة و العضو المنتدب لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء لمكافحة سرقات التيار.
وتهدف الحملات، لمعالجة أسباب الفقد والعمل على اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها تقليل نسب الفقد لما يمثله ذلك من خسائر كبير، كما تهدف للحد من سرقات التيار الكهربائي، والتي تؤدي إلى خسائر كبيرة للشركة، بالإضافة إلى الإضرار بالشبكة القومية للكهرباء، كما تسهم الحملات في تحقيق العدالة بين المشتركين، الذين يلتزمون بسداد فواتيرهم، وبين المخالفين الذين يرتكبون هذه الجرائم.
وخلال الحملة تم تحرير عدد كبير من المحاضر ضد المخالفين الذين قاموا بسرقة التيار الكهربائي بطرق مختلفة، منها، توصيل الأسلاك الكهربائية بشكل مباشر إلى الشبكة العامة دون عداد بالإضافة للقيام بترکیب عدادات كهرباء مزيفة وكذلك تعديل عدادات الكهرباء والتلاعب فيها لتقليل استهلاك الكهرباء.
وعقب تحرير المحاضر، تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المخالفين، والتي قد تصل إلى الحبس والغرامة.
وتأتي هذه الحملات في إطار استراتيجية الشركة لمكافحة سرقات التيار الكهربائي، والتي تشمل أيضاً تكثيف التفتيش على المشتركين، ونشرالتوعية بين المواطنين بمخاطر سرقات التيار الكهربائي لما يمثله ذلك من اعتداء على المال العام.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: كأس الأمم الإفريقية حصاد 2023 أسعار الذهب الطقس مخالفات البناء سعر الدولار انقطاع الكهرباء فانتازي الحرب في السودان طوفان الأقصى سعر الفائدة رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 سرقة الكهرباء كهرباء جنوب القاهرة سرقة التيار طوفان الأقصى المزيد التیار الکهربائی
إقرأ أيضاً:
بذكريات الفقد.. موائد إفطار موحشة في غزة
وسط رائحة الركام ودخان الحرب المستمر في التصاعد رغم وقف إطلاق النار، يجلس محسن عاشور، 61 عامًا، على حجر أمام خيمته المهترئة في مدينة غزة، يروي قصته بدموع مكابرة، وعينين تذوبان في حزن عميق. فلم يكن رمضان هذا العام كما عهده في أعوام مضت، ذا طابع عائلي دافئ، بل جاء مغلفًا بالألم والفقد.
يعيش عاشور، وهو الابن القديم للبلدة الأثرية القديمة في غزة، حالة من الانكسار العميق، بعد أن فقد أكثر من ثلاثين شخصًا من عائلته، من أبناء إخوته وجيرانه وحتى أقربائه من دار عاشور ودار أبو صهيب.
يتحدث لـ«عُمان» بلهجة مكسورة تكشف فجيعته: «رمضان هذا مليء بالحزن والهم، نعيش في خيام بأراضي ليست أراضينا. فقدنا أعزاءً على قلوبنا، الحزن يملؤ قلوب الجميع، الأطفال والصغار والكبار والشيوخ».
قصة محسن عاشور..
لطالما كان محسن عاشور كبير العائلة الذي يلتف حوله الأحباء في رمضان. كان أولاد عمته يأتون إليه دائمًا احترامًا لمكانته. كانت المائدة الرمضانية تكتمل حين يجتمع الجميع حولها، يتبادلون الدعاء والضحكات، لكن اليوم صارت الطاولة موحشة، خاوية إلا من ذكريات من رحلوا.
«إن شاء الله يكونوا شهداء عند ربنا ويعدهم الله شهداء، ويجعلهم في جوار الأبرار والأنبياء». يكمل محسن كلماته بصوت يغلبه البكاء، وكأن دعاءه هو العزاء الوحيد الذي يحاول من خلاله مداواة جراحه العميقة.
لم يعد الفرح الذي كان يعمّ منزله في رمضان موجودًا، غاب الصوت الذي يوقظهم على مائدة السحور، وغابت الوجوه التي كانت تتألق بنور العبادة والتآخي. بل أصبحت الخيام الممزقة مأواهم، وأصبحت الحياة فيها درسًا جديدًا في الصبر والعناء.
يعاتب عاشور شهر رمضان، وكأنه كائن حي يشعر بآلامه ويُقدر معاناته: «بأي ثوب أتيت يا رمضان، كله في ثياب الحزن. نحن نلبس ثياب حزن. ونأكل طعام حزن». ورغم حزنه، يظل الأمل شعلة خافتة في قلبه، يتطلع من خلالها إلى لقاء قريب مع أحبائه في جنان الخلد.
إفطار صعب البلع
ليس محسن عاشور وحده من يواجه هذا الألم؛ فكل بيت في غزة له نصيب من الفقدان والحزن. العائلات التي كانت تجتمع على موائد رمضان ببهجة وسعادة، أصبحت الآن تجلس على مائدة يغلبها الصمت والبكاء.
في كل شارع وزقاق، ترى وجوهًا متعبة، وأجسادًا هزيلة أرهقها البحث عن مأوى وعن لقمة طعام. الغزيون الذين كانوا يزينون موائدهم بمختلف الأطعمة الشهية، يجدون اليوم صعوبة في ابتلاع أي لقمة، فذكريات الأحبة الذين رحلوا تطاردهم مع كل وجبة إفطار.
«أصبح الطعام مرًّا صعب البلع، كيف يمكن أن تأكل وذكريات من كنت تحبهم تحيط بك؟»، يقول أبو مصعب زعيتر، 47 عامًا، وهو يمسح دموعه بيد مرتجفة.ثم يتابع لـ«عُمان»: «حتى الأطفال الذين لم يعرفوا معنى الفقد بعد، يرون الحزن في عيون الكبار ويشعرون به».
لقد تحولت ليالي رمضان إلى جلسات ذكرى مفتوحة، يتذكر فيها الجميع من فقدوهم. يصبح الطعام الذي يفطرون عليه رمزًا للوجع والاشتياق، وتتبدل أجواء الفرح والبهجة بأجواء ثقيلة يغمرها الحزن.
الأمهات اللواتي كن يحرصن على إعداد ألذ الأطعمة لأبنائهن، أصبحن يجدن في إعداد الطعام طقسًا من طقوس الحزن. لا رغبة لهن في الأكل، ولا قدرة على استعادة الأجواء العائلية التي كانت تشكل روح رمضان.
يتجلى الألم في تفاصيل صغيرة؛ رائحة الطعام الذي كان يحبه الشهيد، صوت الضحكات التي لم تعد تتردد في أرجاء المنزل، وحتى المقعد الفارغ على المائدة الذي يظل شاهداً على الغياب.
وجع دفين تحت الأنقاض
يقف أبو مصعب زعيتر وسط حطام منزله المتهدم مدينة في رفح، بعيون مثقلة بالأسى وأكتاف حنتها الهموم. يحكي بصوت متعب: «رمضان جاء بألم شديد ووجع وجروح، عندنا شهداء تحت البيوت، لدينا عشرين شهيدًا تحت الأنقاض. انتشلنا بعضهم، والباقي لم نستطع».
يسرد أبو مصعب كيف أنهم ينامون في العراء بين الخيام والحيطان المتهالكة، يخافون من سقوط الأنقاض فوق رؤوسهم: «لا يوجد مكان للنوم، لا يوجد مأوى. من يقدر على الانبساط في رمضان ولديه أشخاص تحت المباني؟».
رمضان بالنسبة لأبي مصعب ليس إلا جروحًا مفتوحة وذكريات تقطر ألمًا، وغياب الشهداء يجعل الطعام مرًّا صعب البلع. «حتى لو شربت برميلًا من الماء لن تنزل اللقمة، لأنك مجروح»، يقولها وهو يمسح دموعه بإرادة تقاوم الانهيار.
أما فاروق أبو عيطة، 53 عامًا، كهل منهك بالكاد يجد ما يقيم أوده. يشير إلى أطلال معسكر جباليا قبل أن يتكلم بنبرة حزن تخرج من أعماق روحه: «أتى رمضان في ظل الحروب والكوارث. فقدنا أعزاء تحت الركام. هذا الحي كله دمار».
يتذكر فاروق المائدة الرمضانية التي كانت تجمع العائلة، وكيف أن غياب الأحبة حوّلها إلى مجرد طقوس باهتة. يقول لـ«عُمان»: «الآن، عندما أجلس على السفرة، أتذكر الأم والأب والإخوة الذين دفنوا تحت ركام هذا المنزل. كان بيت عائلة يجمعنا، والآن لا حياة».
يمضي فاروق في حديثه وعيناه ترنوان إلى الخراب الذي يحيط به. يروي كيف أن رمضان لم يعد يعني له إلا استرجاعًا مؤلمًا للذكريات، وحنينًا إلى من رحلوا دون وداع.
يصيف: «عندما يضرب مدفع الإفطار، أقعد أنا وزوجتي على السفرة الفارغة من الأهل والأحباب، بالكاد تأكل أفواهنا، عقولنا سارحة فيمن راحوا، وأبصارنا شاخصة تجاه الدمار المحيط».
الاحتلال سرق فرحة رمضان
في إحصائية حديثة صادرة عن الحكومة في غزة، كشف مدير عام المكتب الإعلامي في غزة، إسماعيل الثوابتة، عن أن آلاف الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض في غزة منذ حرب السابع من أكتوبر. وبحسب تصريحاته، فقد قُدرت الأعداد بما يتجاوز 12000 شهيدًا دفنوا تحت ركام المنازل المدمرة، بينهم عائلات بأكملها لم تستطع فرق الإنقاذ الوصول إليهم بسبب نقص المعدات والإمكانات.
يؤكد الثوابتة لـ«عُمان»: «فرحة الغزيين برمضان 2025 ناقصة، بل إن شئت قل غير موجودة تمامًا، ففي كل بيت شهيد أو أكثر، ألم فراقه يعصر قلوب أحبابه، فلا يقدرون على الفرح، خاصة إذا كان هذا الشهيد أو الفقيد ما زال مدفونًا تحت الأنقاض، نعجز جميعًا عن انتشاله، وتكريمه بالدفن اللائق، بسبب تعنت الاحتلال في إدخال المعدات الثقيلة اللازمة للحفر أسفل الركام، عبر المعابر».
ويشير الشيخ يونس الأسطل، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني إلى سرقة الاحتلال فرحة الغزيين برمضان: «المساجد التي كانت تتزين بالمصلين أصبحت ركامًا، والأحباء الذين كانوا يجتمعون على موائد الإفطار قد تفرقوا ودفنوا تحت الأنقاض. هذه الجريمة ليست فقط قتلًا للأرواح، بل هي محاولة لمسح هوية شعب بأكمله وإطفاء نوره».
ويوضح الأسطل إلى حرب السابع من أكتوبر لم تكن تستهدف فقط الأرواح، بل كانت موجهة أيضًا لضرب البنية التحتية الدينية والاجتماعية، مما يجعل الغزيين يعيشون رمضانًا مختلفًا تمامًا هذا العام عن أي رمضان مضى.
ويتابع لـ«عُمان»: «في رمضان الحالي استفاق الغزيون بعد وقف إطلاق النار على وجيعة فقدان الأحبة، وهذا لا يقارن حتى برمضان 2024 الذي عاشوه في ظل الحرب، فهم كانوا حينذاك مشغولين بالنزوح ودفن مشاعر الألم مع من استشهدوا من أهلهم، والآن بدأت هذه المشاعر الدفينة في الظهور».