إحتمال الحرب... يُبقي الشغور الرئاسي
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
كتب وليد شقير في" نداء الوطن": يراهن البعض على أن تنجح أفكار الوسطاء، الساعين إلى إقناع «حزب الله» بفصل جبهة جنوب لبنان عن الجبهة العسكرية المتمادية في غزة، لكن «الحزب» وإيران من خلفه ليسا في هذا الوارد كما بات مؤكداً، وعلى لسان الأمين العام السيد حسن نصر الله.
يعمل دبلوماسيون من دول وجهات عدة لإقناع الفرقاء اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية لأن ذلك يطلق مرحلة جديدة تعطي مساحة زمنية وفرصة لأن إنجاز الاستحقاق الدستوري، يسمح بالانكباب على اقتراحات قد يسعى هوكشتاين إلى تحقيقها تحت عنوان التطبيق الكلي للقرار 1701 بإخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين، أو بسحب ولو جزئي لمقاتلي «حزب الله» والسلاح الثقيل من منطقة الحدود لمسافة قد لا تصل إلى حدود نهر الليطاني، كي يعود مستوطنو الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم، مع معالجة النقاط الحدودية المختلف عليها وانسحاب إسرائيل منها.
يقفز دبلوماسيون إلى الترويج لفرصة تجنيب لبنان الحرب، ملء الشغور الرئاسي أحد عناصرها، فوق التعقيدات التي تحيط بالإقليم، على رغم معرفتهم الأكيدة بصعوبة تطور من هذا النوع، رهنته طهران بما ستؤول إليه حرب غزة وما تفرع عنها من مواجهات إقليمية ودولية، من باب المندب إلى العراق وسوريا وغزة وآسيا الوسطى، وصولاً إلى الجنوب اللبناني. لم تمنع الصعوبات بعض السياسيين من التعويل الإعلامي على إمكان خروج اجتماعات ممثلي دول الخماسية المهتمة بأزمة لبنان بصيغة تسمح بانتخاب الرئيس، وعلى اختراق يمكن أن يحققه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، أو الجانب القطري بالتنسيق مع إدارة بايدن.
يبدو الترويج للتحرك الدولي لانتخاب رئيس للجمهورية بحجة أن التفاوض على الحدود منوط به حسب الدستور، أقرب إلى الإفراط بالنوايا الطيبة عند البعض، وإلى نوع من الإلهاء عند البعض الآخر، يواكب المواجهات العسكرية المضبوطة، إلى أن تنقشع المعادلة الإقليمية. فمن قال إن «الثنائي الشيعي» جاهز لتسوية على الرئاسة سواء عبر الخماسية أو غيرها قبل حصول تفاهم أميركي إيراني؟
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
السياقات الستة الحاكمة للتفكير الوطني العام والخاص
د. عبدالله باحجاج
من البديهيات، أن الأقوال والأفعال لا بُد أن يحكمها العقل أولًا، وذلك حتى تخرج للسطح التفاعلي بنتائج مضمونة وآمنة، ودون ذلك، فلا ضمانة للنتائج الإيجابية، خاصةً وأن بلادنا في إطار محيطٍ جيوساسيٍّ مُشتعل ومُحتقِن، فلا يُمكن فصل داخلنا عنه، وهذه مسألة لا يُختلف عليها.
وفي حقبتنا الزمنية الراهنة، هناك 6 سياقات مُستجدة وغير مسبوقة ينبغي أن تكون حاكمة للتفكير الوطني وإنتاجاته العامة، بمعنى أنَّ أي تفكير يُنتج قولًا أو فعلًا أو سياسة.. إلخ، قبل أن يظهر فوق السطح التفاعلي، ينبغي أن تحكُمُه السياقات الستة الآن، وإلَّا فإنَّ التفكير الفردي أو الجماعي/ الجمعي يُغرِّد خارج موجبات هذه السياقات التي هي بمثابة صيرورات من الأوزان التاريخية التي تفرض إكراهات على دول بعينها الآن. وينبغي على بلادنا- مجتمعًا وحكومةً- أن تكون في يقظة كاملة لمستجداتها ومآلاتها، في ضوء ما يُكتشف من إكراهات محدودة على صعيدنا المحلي نضعها ضمن هذه السياقات.
القضية الجوهرية التي تشغلنا الآن تكمن حول كيف يظل الأمن والاستقرار في بلادنا مُستدامًا، وبمنأى عن أي فعل أو سلوك قد يُستغل للزج به في استهدافات السياقات التي أبرزها:
1- تنبؤات ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط عن سقوط حكومات عربية موالية لواشنطن ولإسرائيل، وكذلك توقعاته بإحداث فوضى عارمة في بلدان عربية بسبب غزة والأوضاع الداخلية، وقد حددها بالاسم.
2- الحرب التجارية التي يُشعلها ترامب على حلفاء بلاده وأعدائها على السواء.
3- صراع خليجي حول من يكون الوكيل الإقليمي للمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، في ظل صناعة إدارة ترامب الرعب بين بعض أنظمة دول المنطقة لتحويل بوصلتها نحو الكيان الصهيوني، من خلال التطبيع وتعميق شراكتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية، فلا تعتقد أي دولة إقليمية أنها في مأمن إذا انصهرت في الكيان، فكل دول المنطقة في سفينة واحدة.
4- حملات إعلامية تصعيدية ضد بلادنا عُمان؛ بما فيها حملات إسرائيلية.
5- إحباط السلطات المحلية تهريب أموال مُخبَّأة بطريقة احترافية داخل أجزاء مركبة وطائرات مُسيَّرة عبر منفذ صرفيت، وقبلها جريمة الوادي الكبير.
6- الوضع الاستثنائي والخطير الذي تعيشه غزة الباسلة الآن.
تلكم أبرز السياقات نسردها عبر متابعتنا الدقيقة للأحداث ومستجداتها، وهي فعلًا ينبغي أن تكون حاكمة لكل من يهمه قضية ديمومة الاستقرار في بلادنا، والكل نُحمِّله المسؤولية، وهنا ينبغي أن تكون تلكم السياقات حاكمة لدعوات التظاهر التي يشغل بها شأننا الداخلي عُمانيون لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، اختاروا الخارج محل إقامةٍ لهم، ومن هناك يمس بعضهم ثوابتنا المقدسة، ويحاولون إثارة الرأي العام بقضايا جوهرية مثل الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم، وهي أصلًا قضايا تحظى بالإجماع الداخلي العام. وهنا في الداخل، نخشى من دغدغة عواطف البعض الذين ينتظرون الوظيفة بأجل زمني وطني وبسيكولوجية الأفق المسدود، وبالتالي تظهر لنا الدعوة كأنها تتماهى مع كل السياقات سالفة الذكر! فهل يُدرك أصحابها هذا التماهي؟ هذه أبسط التساؤلات التي يمكن أن نطرحها عليهم، ولن نرمي بهم في زاوية ضيقة، رغم أن البعض منهم وضعوا أنفسهم فيها، ويحاول بعض الزملاء شيطنتهم.
ولأننا نلتمس منهم- أو على الأقل البعض- استدراك مسارهم الخاطئ، فلدينا وطن لن يُفرِّط بأبنائه، وسيقف معهم رغم أخطاء البعض الكبيرة، والتي تم المساس فيها بثوابت هي أركان أساسية للاستقرار في بلادنا، والشواهد الحديثة على التسامح كثيرة؛ لأن وطننا يختلف في بنيته الأيديولوجية ومحدداته التاريخية وتفكيره السياسي والأمني عن الكثير من الأوطان، بدليل وجود العدد الصغير المُقدَّر بعدد اليد الواحدة في الخارج يغردون ضده، وقد عاد بعضهم الى الوطن، ووجدوا الاحضان الدافئة، وهم مندمجون في النسيج الاجتماعي بصورة اعتيادية، بينما في محيطنا الإقليمي الآلاف من كل دولة، وهم يتزايدون، ومن يخرج لن يعود، على عكس تجربتنا الرائعة، وهم بمثابة إكراهات مؤقتة قد تُستغل ضد أوطانهم.
الأهم هنا أن يُدرك شأننا الداخلي هذا التماهي ومخاطر تلكم السياقات، وفي الواقع لا تشغلنا كثيرًا دعوة التظاهر؛ ففشل الاستجابة لها لن تُوقف الإكراهات المُقبلة، فبلادنا ستكون مُستهدفة بسبب مواقفها السياسية والدينية والشعبية من قضايا عادلة وعلى رأسها قضية غزة، وكذلك بسبب إدارتها الجديدة لمصالحها مع بعض الدول الكبرى، بما يخدم استقرارها وضمانته. ونرى أننا في لحظة زمنية تستوجب التلاحم الداخلي بكل صوره المختلفة، وهو رهاناتنا الكبرى لإحباط كل الإكراهات الناجمة عن تلكم السياقات، وما قد يظهر لنا مستقبلًا. وهنا نُوَجِّه دعوة كذلك إلى إعمال العقل في إدارة داخلنا في ضوء تلكم السياقات.
ومن ثمَّ نقترح الآتي:
أولًا: الإسراع (بالآجال الزمنية) في توفير الوظائف، بما فيها التي كشف عنها معالي الأستاذ الدكتور محاد باعوين وزير العمل مؤخرًا والتي حددها بـ45 ألف فرصة توظيف خلال العام الجاري 2025.
ثانيًا: الابتعاد عن الشروط المُتشدِّدة لاستحقاقات الوظائف دون الإخلال بشروط أساسية كالتخصص.
ثالثًا: الابتعاد عن البُطء والتصريحات التي تُحبط التفاؤل؛ فمثلًا هناك شركات حكومية كبيرة تُعلن عن وظائف ولا تباشر في استحقاقاتها فورًا؛ مثل الإعلان عن أكثر من 400 وظيفة لم تطرح للباحثين حتى الان، رغم الإعلان عنها قبل شهر رمضان. هذا يُوَلِّد اليأس والقلق عند الباحثين؛ إذ إنهم ليلًا ونهارًا مُتسمرين على هواتفهم النقالة، حتى إن الكثير قد هجروا المتابعة اليومية، كما إن البعض حُرِمُوا من حقهم في المقابلة الشخصية، رغم تجاوزهم كل الاختبارات الإلكترونية، وأعرفُ بعضهم شخصيًا.
مثال آخر على البُطء، وهو افتتاح مكاتب لرؤية "عُمان 2040" في كل محافظة، تتبع المحافظ مباشرةً، وتوقيع اتفاقيات للتشغيل والإحلال والتدريب مع شركات داخل كل محافظة- ظفار مثلًا- فأين نتائجها؟ إذ لم يتم تفعيل المكتب ولا تطبيق الاتفاقيات، رغم أن الفكرة وفلسفتها الوطنية رائعة؛ لذلك ينبغي أن يكون عنوان المرحلة الراهنة: إطلاق ورش التوظيف المركزية واللامركزية، وقد قدمنا بشأنها مقترحات في مقالاتنا السابقة.
رابط مختصر