عربي21:
2025-03-18@20:27:41 GMT

هل نحن مناصرون لأنفسنا قبل الفلسطينيين؟

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

كنتُ أتمعن في الحديث الشريف القائل، فيما معناه: "فتن كقطع الليل المظلم إذا أخرج أحدهم يده لم يكد يراها" وأتعجب، كيف يمكن أن تجعل الفتنة الليل يظلم على الناس في النهار أو تطفئ الأنوار في الليل، وأتعجب أيضا من قول أبي الطيب المتنبي:

وليس يصح في الأذهان شيء    إذا أحتاج النهار إلى دليل

مرّت السنوات، أسرعت بنا العقود، انهارت رويدا رويدا منظومة المفاهيم الرئيسية القائم عليها؛ لا وجودنا أو شعورنا بماهيتنا كعرب ومسلمين، بل الأساسية في إدراكنا كُنه أنفسنا ومَنْ نكون.

أعترف أن الأمور لم تكن من الأساس في وضعها الصحيح المطلق، بل لربما أعلى البعض من القول بأن الوضع المثالي غير متوفر في هذه الحياة من الأساس، لكننا على العموم نشأنا وتفهمنا معنى الوجود في ظل منظومة "كامب ديفيد" التي تتحدى منذ عام 1979م، تُبقي علنا على الكيان الصهيوني المعروف بإسرائيل صديقا لا عدوا استراتيجيا، لا تمس كون إخواننا الفلسطينيين أقرب إلينا من شغاف قلوبنا.

تدرجنا على سلم الحياة ونحن نرقب ونلمس كيف يحرص الصهاينة على إفساد حياتنا ومنظومة القيم، بداية من مصر بالكلية. فهمنا عمليا أن بلدنا يمثل قلب الأمة الذي إن ضعف ووهن أصيبت الأمة في مقتل، تراقصت أمام أعيننا التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من بعد العلمية، هتفت جميعها بأن البقاء للأكثر ضجة وفسادا وقابلية للتغيير دون التزام بمهنية أو ضمير أو حتى بكاء على غير مصلحته الخاصة. وكم رأينا منظومة القيم والأعراف يُعصفُ بها لصالح الكذب والتدليس والخداع، فيكسب المفسدون ويخسر الصادقون الشرفاء المخلصون الأحرار!

وكلما ازدادت الأمور تغيرا وقابلية للانفتاح على المزيد من السوء خرج مَنْ يؤكد بأننا في أزهى عصور الديمقراطية، وأن حكامنا يمثلون الخلفاء الراشدين، ووجدنا "البعض" إنما يتوهمون ويخوضون في "أوهام وترهات عبثية" ليس لها مكان إلا في أذهانهم، إنهم أرباب الذهب واللؤلؤ والمرجان مقابل تغيير نقي أرواحهم والقبول برؤية الخديعة والغش والتدليس والشرور على أنها من مستوجبات الخير والإصلاح.

وهكذا تمادت الأمور لمزيد من الانفتاح على السوء والقابلية عبر سنوات طويلة تحولت فيها العلاقات السرية المؤذية والمصالحة المخبأة مع العدو إلى اتفاقيات معلنة في دول عربية، أو ينقصها حفل التتويج، وبالتغلغل المستمر ومدافعة الإصلاح وأهله في المجتمعات، أو تقصير كثير من المصلحين المفترضين وتواكلهم. وعلى إثر زلزال الربيع العربي قاوم الأشرار من الطبقات الحاكمة وأعجزوا المحاولة وحكموا على الوطن العربي بالبقاء في الظلام لسنوات لا يعلم إلا الله مداها، وهكذا اجتمع مراد الغرب مع الصهاينة مع حكام عرب للأسف من أجل استمرار النزف العربي.

وهل ينكر منصف أن ما فعله بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي -مثلا- بسوريا ومصر جرّأ الصهاينة على الفلسطينيين أكثر أو أن تاريخ هذا التجرؤ ممتد طويل؟ فعلى سبيل المثال، لما استنكر الرئيس المصري الراحل حسني مبارك تعامل الاحتلال مع الانتفاضة الأولى عام 1987م رد عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها بأن الانتفاضة لو قامت في مصر لردعها مبارك خلال أقل من أسبوعين، وهو التصريح الذي كان يشير بوضوح إلى أن تعامل الصهاينة مع الفلسطينيين وقتها أفضل من تعامل النظام مع المصريين، وهل مذابح الفلسطينيين أنفسهم على يد طرف من الأنظمة المحسوبة على العرب بعامة عنا بعيدة؟

ووصل الحال بنا إلى "طوفان الأقصى"، وسواء أكانت المبادرة الهجومية خالصة أم داخلها شيء ولو بسيط من الاستدراج الصهيوني -كما يحلو للبعض القول- فإننا بدأنا عهدا جديدا من عهود الصراع، تبتدر فيه المقاومة العدو بالضربة الأولى. يحار العقل والقلب في تحمل ما يحدث، يعترف الأول بضرورة تحمل العواقب أيا ما كانت طالما كانت لنا الضربة الأولى للمرة الأولى تاريخيا من داخل الأرض المحتلة، يضرس الأخير و"يضرب بمنجل" من حجم الإبادة الجماعية المنظمة التي يقوم العالم بها نحو مليونين ونصف المليون من سكان غزة.

نضج الصراع ونما حتى بدت عضلات المقاومة قوية، وفي المقابل تجمع العالم الغربي على الأقل ضدها، لكن الخيبة الثقيلة أن نظل عربا ومسلمين نشاهد ما يحدث لأكثر من شهرين فيما تستمر حياتنا، استمرارا نشك معه في إنسانيتنا قبل عروبتنا، يعجز معه القلم عن التعبير وتشمئز الروح من استمرارها على قيد الحياة وهي تعرف أن الدور سيحل بها بعد أهل غزة إن آجلا او عاجلا ولا تحتاج لدليل عليه.

ترى كيف عشنا لنشهد هذا الضلال العالمي واللا وجود لقدرة منصفة على التصدي للإرهاب الصهيوني المعلن الطويل المدى والممتد؟ وكيف نعيش لأكثر من مائة يوم دون أن ننصفهم أو نعرف خطة لوقف المقتلة الضارية ومخطط تهجيرهم؟ وماذا عن الألم الذي ينتظرنا في غد؟ ترى هل نحن فلسطينيون في الدم والتكوين مع الإنسانية والعروبة والدين، أم شياطين خرس نرى الحق فلا ننصره أو نتبعه لنؤذي أنفسنا قبل غيرنا أولا؟

ورحم الله الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، الذي قتلته في النهاية الكلمة رغم سعيه العملي لمهادنة نظام الراحل أنور السادات والقبول بما يسمى التطبيع مع الصهاينة:

معذرة صحبتي
قلبي حزين من أين آتي بالكلام الفرح؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة تضامن مجازر العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

في اليوم الـ16 من رمضان : المستوطنون الصهاينة يرقصون ويصلون في الأقصى

يمانيون../
استباح المئات من المستوطنين الصهاينة، اليوم الأحد، المسجد الأقصى احتفالًا بما يسمى “عيد “البوريم/ المساخر” اليهودي” وهو ما تشير إلى خطورة المرحلة التي تنذر بحرب دينية واسعة النطاق.

وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، نفذ أكثر من 555 مستوطنًا اقتحاماتهم للمسجد الأقصى ضمن مجموعات متتالية عبر باب المغاربة، الذي تسيطر سلطات العدو الصهيوني على مفاتيحه منذ احتلال القدس عام 1967.

وتُنفذ اقتحامات يومية للمستوطنين في المسجد الأقصى باستثناء يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وخلال شهر رمضان، تقتصر الاقتحامات على فترة واحدة فقط بدلًا من فترتين، وهي الفترة الصباحية من السابعة صباحًا حتى الحادية عشرة ظهرًا.

وأشارت وسائل الإعلام الى أن المستوطنين الصهاينة أدوا صلواتهم “رقصًا وغناءً وانبطاحًا جماعيًا” خلال اقتحام الأقصى في عدة مناطق منه، وارتدى عشرات المستوطنين ملابس “الكهنة” المخصصة للهيكل.

ويوم الخميس الماضي، اقتحم 191 مستوطنًا صهيونيا الأقصى في أول أيام عيد “البوريم”.

وتتضاعف أعداد المستوطنين في الأقصى خلال الأعياد والمناسبات اليهودية، ويقوم المستوطنون باستغلالها لاقتحام الأقصى بأعداد كبيرة والصلاة فيه.

ومنذ شهر أغسطس الماضي، أصبحت صلوات اليهود في الأقصى تُقام بشكل يومي وعلني، بعد إعلان وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في حينه نيته بناء كنيس في الأقصى.

فيما تستمر القيود المفروضة على دخول المسلمين إلى الأقصى خلال شهر رمضان، بوضع السواتر على كافة أبواب الأقصى، وتفتيش الوافدين إليه من النساء والشبان وكبار السن، ومنع الدخول عشوائيًا، ويقتصر عدد المصلين في الأقصى على أهالي القدس والداخل الفلسطيني.

كما يُمنع أهالي الضفة الغربية من الدخول إليه، باستثناء يوم الجمعة “مع تحديد الأعداد والأعمار” لمن يُسمح لهم بالدخول، في حين يُمنع أهالي غزة من الدخول إلى الأقصى منذ سنوات.

كما أصدرت سلطات العدو الصهيوني عشرات قرارات الإبعاد عن الأقصى خلال الأسابيع الأخيرة، شملت شيوخًا ونشطاء وصحفيين وأسرى محررين.

ويتضح يوما بعد يوم أن رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو يطلق يد الوزيرين المتطرفين سموتريتش وبن غفير ويمنحهما جوائز ترضية على حساب المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وارضهم وممتلكاتهم وحياتهم، للحفاظ على ائتلافه الحاكم وإطالة أمد بقائه في الحكم، ويوفر لهما غطاء حكومياً كاملاً لمصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية وتهويدها بالاستيطان وتعميق جرائم الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة، وممارسة أبشع أشكال التنكيل بالمواطنين الفلسطينيين واخضاعهم لنظام فصل عنصري (ابرتهايد) لا يعترف بحقهم في الحياة أو بأي من حقوقهم المدنية كشعب يرزح تحت الاحتلال.

الوزير الفاشي بن غفير الذي يحمل دائما عود ثقاب لا يفوت أية فرصة لإشعال المزيد من الحرائق في ساحة الصراع، بدأها مؤخراً بتحريضه واسع النطق لمنع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك.

وحاليا يحاول بن غفير إشعال ما فشل في تحقيقه من خلال المطالبة باستمرار اقتحامات المستوطنين للأقصى في الايام العشر الأخيرة من رمضان، ذلك كله بحماية وإسناد ودعم من قوات العدو الصهيوني التي تخضع أجزء منها لأوامر وتعليمات سموتريتش وبن غفير، وتمارس انتهاكاتها في تكامل واضح بالادوار مع ميليشيات المستوطنين المسلحة وبشرعية حكومة الكيان الغاصب.

وعادة ما تندد الهيئات الإسلامية والأوقاف بما يجري ، من استباحة المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، مؤكدة ان استباحة المستوطنين للأقصى الشريف هو أمر عدواني خطير، غير مسبوق” في اشارة إلى ممارسات المستوطنين داخل باحات المسجد، ومنها “رفْع العلم الإسرائيلي، والنفخ بالبوق، وأداء صلوات دينية يهودية”.

ويكرر المستوطنون الصهاينة، اقتحامهم لباحات المسجد الأقصى في يوميا ماعدا السبت والجمعة في عدة مناسبات بمناسبة أعياد يهودية.

ويقول الفلسطينيون، يقولون إن الكيان الصهيوني، لم تعد تلتزم بتعهداته، حيث يعمل على تقسيم المسجد الأقصى، زمانيا ومكانيا، عبر السماح للمستوطنين باقتحامه، والتدخل في شؤونه.

وبدأت قوات العدو الصهيوني بالسماح للاقتحامات في العام 2003 رغم التنديد المتكرر من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.

مقالات مشابهة

  • الملك فاروق والعلاقات الخارجية.. كيف تعامل مع القوى العالمية؟
  • باحث: الخوف يسيطر على الفلسطينيين بغزة.. والأشلاء في كل مكان
  • برج الثور.. حظك اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025: تعامل بحذر
  • وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه
  • وزير الدفاع يؤكد جاهزية القوات المسلحة لخوض معركة الدفاع عن الوطن وتأديب الصهاينة
  • عشرات المستوطنون الصهاينة يدنسون المسجد الأقصى
  • جسر الحياة لغزة.. جهود مصرية مستمرة لدعم الفلسطينيين بالمساعدات والعلاج
  • شاهد | الصهاينة يرفعون حالة التأهب ويؤكدون التنسيق الأمريكي المسبق معهم حول العدوان ضد اليمن
  • في اليوم الـ16 من رمضان : المستوطنون الصهاينة يرقصون ويصلون في الأقصى
  • المستوطنون الصهاينة يدنسون ويرقصون في الأقصى