الإمارات.. نجاحات دبلوماسية كبيرة في الأزمة الأوكرانية
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
دينا محمود (لندن)
أخبار ذات صلة الإمارات: أهمية وجود رؤية برلمانية عربية لحل أزمات المنطقة نجاة 4 بتحطم طائرة روسية في أفغانستاننجحت الدبلوماسية الإماراتية في التعامل بحنكة وتوازن كبيرين مع الأزمة الأوكرانية، منذ اندلاعها في قبل نحو عامين، وذلك من خلال الإبقاء على علاقات جيدة وقوية مع طرفي الصراع، وهو ما أتاح لدولة الإمارات أن تكون وسيطاً نزيهاً ومقبولاً بين موسكو وكييف.
وتمكنت الإمارات، من خلال سياساتها الهادئة والمتزنة، من تحقيق تقدم كبير في هذا الملف المُعقد، وتمثل الاختراق الأهم في الإعلان عن نجاح وساطة دولة الإمارات في تنفيذ إحدى أكبر عمليات تبادل الأسرى بين الجانبين الروسي والأوكراني منذ بداية الأزمة.
وشَكَّل الاتفاق الذي شمل 248 عسكرياً روسياً و200 عسكري أوكراني، نجاحاً جديداً للدبلوماسية الإماراتية، بعدما خاضت على مدار الشهور الماضية جولات تفاوض مكثفة، تُوِّجَت بالإعلان عن صفقة التبادل التي أُبرمت بعد قرابة عام، على تحقيق الدولة إنجاز دبلوماسي مماثل في فبراير 2023، أفضى لعودة 63 أسير يندرجون في إطار ما وُصِفَ بـ «الفئة الحساسة» إلى موسكو، مقابل استعادة كييف 116 أسيراً.
وأجمع المتابعون لملف الأزمة التي ستدخل عامها الثالث بعد أقل من خمسة أسابيع، على أن الإمارات هي الدولة الوحيدة تقريباً في العالم، القادرة على تحقيق هذا الاختراق، وذلك على ضوء نجاحها في الوقوف على مسافة واحدة من مختلف الأطراف، وتبنيها على مدار العامين الماضييْن سياسة متوازنة، جعلت بوسعها التعامل بحنكة وكفاءة، مع هذا الملف المعقد.
وأبرز الخبراء في هذا الصدد، أهمية ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خلال الاتصال الهاتفي الذي تلقاه قبل يومين من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم الشكر والتقدير إلى سموه لنجاح جهود الوساطة التي أفضت لإبرام اتفاق التبادل، من تشديد على موقف الدولة الداعي إلى الحوار لإيجاد حلول دبلوماسية للأزمة الأوكرانية، وحرصها كذلك على دعم جميع المبادرات التي من شأنها التخفيف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة.
ويتناغم نهج القيادة الرشيدة في هذا الشأن، مع المواثيق الدولية ومبادئ الأمم المتحدة من جهة، وينسجم من جهة أخرى مع «مبادئ الخمسين»، التي تشكل المرجعية الاستراتيجية لسياسات دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة، خاصة المبدأ العاشر الذي ينص على أن «الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات، هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات»، ويشدد على أن «السعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية».
وبنظر مراقبين، بدا الترحيب الدولي واسع النطاق الذي قوبل به الإنجاز الدبلوماسي الإماراتي الأخير، بدءاً بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مروراً بمختلف القوى المعنية بالأزمة، وصولاً إلى أطرافها أنفسهم، إقراراً جديداً، بنجاح الدولة في الاضطلاع بدور الوسيط النزيه، القادر من خلال دبلوماسيته المتزنة الهادئة، على إبقاء نافذة الحل السلمي مشرعة.
وتتفق الدوائر التحليلية الإقليمية والدولية على أن نجاح جهود الوساطة الإماراتية الذي يعكس علاقات الصداقة الوطيدة القائمة مع طرفيْ الصراع، لم يكن ليتحقق ربما لولا وجود اتصالات منتظمة على أعلى المستويات بشأن صفقة التبادل والتي جاء الإعلان عنها بعد أسابيع قليلة من استقبال صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أبوظبي الشهر الماضي، حيث تم بحث تطورات الأزمة الأوكرانية.
ومنذ الشهور الأولى للأزمة التي بلغت حد الصدام العسكري في 24 فبراير 2022، تتبنى القيادة الرشيدة نهجاً متعدد الجوانب للتعامل معها، عبر مسارات يتوازى فيها السياسي بالدبلوماسي بالإنساني، وهو ما يتسق مع دور الإمارات الفاعل على الساحة الدولية، كدولة حريصة على تعزيز السلم والأمن الدولييْن، بوصفها ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، وعضواً رئيساً في منظمة «أوبك» وتحالف «أوبك بلس».
وتجسد ما تتحلى به الدبلوماسية الإماراتية من كفاءة ومرونة ومكانة الدولة كبلد موثوق به من مختلف الأطراف، في قدرة الإمارات على الإفلات من فخ الاستقطاب الدولي الحاد الذي يكتنف هذا الملف الشائك، وإعلائها في الوقت ذاته لصوت العقل والحكمة، ودعوتها للتمسك بمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، مع منحها الأولوية لحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليهم من دون عوائق.
وفي حين اغتنمت الإمارات مختلف الفرص السانحة للتشديد على أنه لا مفر من الحوار والتفاوض بين أطراف الأزمة الأوكرانية، كسبيل لخفض التصعيد القائم بشأنها، وإنهاء ما يسودها من جمود في الوقت الحاضر، لم تغفل الدولة إيلاء أهمية استثنائية للملف الإنساني والإغاثي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات أوكرانيا موسكو روسيا كييف الأزمة الأوکرانیة على أن
إقرأ أيضاً:
ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حاخاما يهوديا من منظمة "حاباد" اختفى في الإمارات منذ أربعة أيام في ظروف غامضة.
وتشتبه السلطات الإسرائيلية بأن الحاخام زفي كوغان، والذي ذكرت وسائل إعلام أنه ضابط في الجيش أيضا، تعرض للاختطاف أو القتل من قبل "جهة معادية" خلال وجوده في الإمارات.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن كوغان كان يقيم في الإمارات بشكل رسمي بصفته مساعدا للحاخام اليهودي الأكبر في أبو ظبي.
وينتمي كوغان إلى منظمة "حاباد" أو "شاباد" اليهودية، والتي برزت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي تموز/ يوليو ظهر علم "حاباد" باللون الأصفر على إحدى دبابات الاحتلال، التي دمرها مقاتل من كتائب القسام، بواسطة عبوة ناسفة في تل السلطان برفح.
ويظهر على العلم الملون بالأصفر، تاج أزرق، وتحته بالعبرية عبارة "مشيح" أو مسيح، ويقصد بها المسيح المخلص وفقا للاعتقاد اليهودي الذي سيأتي في آخر الزمان ليقود اليهود.
وترفع هذا العلم منظمة حاباد أو "حاباد لوبافيتش"، وهي من أشهر المنظمات اليهودية الأرثوذكسية الحسيدية، حول العالم، والتي تمتلك علاقات واسعة على مستوى السياسيين، وتنفتح على العلمانيين لتحقيق أهدافها.
والحسيديون هم اليهود المتدينون الغربيون، القادمون من دول أوروبا الشرقية، ونسبة انفتاحهم أكبر من الحريديم، وهم اليهود الشرقيون والذين يبقون منغلقين على أنفسهم، وخاصة على الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، والتي حرموها مؤخرا.
تأسيس المنظمة
يعود تأسيس الحاباد إلى عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان ليادي واشتق اسمها من اختصار الكلمات العبرية الثلاث "دآت، بيناه، حوكماه"، وتعني "الحكمة والفهم والمعرفة"، وفي الثلاثينيات نقل أحد حاخاماتها مركزها من مدينة لوبافيتش بروسيا إلى بولندا، ثم مع الحرب العالمية الثانية والعلاقة السيئة مع النازيين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.
وخلال العقود التي تلت الخمسينيات، باتت منظمة حاباد، واحدة من أكثر المنظمات اليهودية انتشارا حول العالم، وتشعبت في العديد من القطاعات مستهدفة اليهود في العالم، وكان يتزعمها آنذاك، الحاخام، مناحيم مندل شنايرسون، والذي وصل تقديس أتباعه له إلى حد أن يطلقوا عليه لقب المسيح.
ويقدر عدد أتباع الحاباد، من الحسيديم بنحو 95 ألف شخص، أي ما يمثل قرابة 13 بالمئة من الحسيديم حول العالم، ولها نفوذ واسع في الولايات المتحدة.
التخلص من الفلسطينيين
تعد منظمة حاباد، من المنظمات المتطرفة، التي لا تؤمن بوجود الفلسطينيين، وتدعو للتخلص منهم وطردهم من فلسطين المحتلة، وتعارض أي اتفاق يمكن أن يمنحهم جزءا من أراضيهم.
ونشطت منذ بدء العدوان على غزة، عبر دعم جيش الاحتلال، بالتجهيزات اللوجستية للجنود، وجمع التبرعات لتوفير احتياجاته، والحضور بشكل واضح باسمها خلال العدوان.
ونظمت العديد من الفعاليات، ورفعت لافتات، تدعو فيها بصراحة إلى عودة الاستيطانية إلى قطاع غزة، فضلا عن توسيع التهام الأراضي في الضفة الغربية لصالح الاستيطان.
وقام عدد من جنود الاحتلال، في بداية العدوان، برفع لافتة على أحد منازل بيت حانون شمال غزة، وأطلقوا عليه اسم "أول بيت حاباد" في غزة، وأقاموا فيه احتفالا بعيد الحانوكاه اليهودي، قبل أن ينسحبوا على وقع ضربات المقاومة ويدمروا المنطقة.
وخلال المعارك في غزة، رفعت رايات ولافتات منظمة حاباد، وشعار المسيح كرايات وعلى الدبابات التي فجرتها المقاومة وظهر ذلك على الأقل في توثيقين مصورين لكتائب القسام.
كما قامت المنظمة بنصب شمعدان يهودي للاحتفال بعيد الحانوكاه في قطاع غزة، قبل أن ينسحبوا من المنطقة التي جرى فيها الاحتلال بدايات العدوان.
السيطرة على الجيش
كشفت تقارير عبرية، أن 80 بالمئة من الفعاليات التربوية الدينية، لجنود جيش الاحتلال، والتي يشارك فيها ضباط من قادة السرايا والرتب الأكبر، ويطلق عليها "أيام السبت التربوية"، تنفذها منظمات يمينية استيطانية، تخضع جميعها لحركة حاباد اليهودية.
وقالت صحيفة معاريف العبرية، إن الجيش تخلى عن المجال التربوي للجنود لصالح منظمات يهودية لها أجندة مثل حاباد، وهو ما يعتبره ضباط خطرا على خطاب الهوية الإسرائيلية.
وتمكنت حاباد من التسلل إلى القطاع التربوي في جيش الاحتلال، عبر بند التمويل، والذي يشترط فيه الجيش، أن تنظيم الفعاليات من أية جهة، يجب أن تموله المنظمة بنفسها عبر التبرعات، وحاباد من أقوى المنظمات التي يمكنها جمع التبرعات من اليهود المتطرفين، لإقامة فعاليات توراتية داخل الجيش.
مناطق التواجد
تسيطر منظمة حاباد على منطقة تدعى كفار حاباد، وهي الضاحية الملاصقة لمطار بن غوريون على أراضي يافا المحتلة، والتي يقدر عدد قاطنيها بأكثر من 7 آلاف نسمة، وهم من أتباعها، كما أن لهم وجودا في صفد، منذ تسلل اليهود من أوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة، ما بين 1777- 1840، وقاموا بإنشاء مجتمع خاص بهم، ومعابد ومحاولات استيطانية مبكرة عبر الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.
كما أن لهم تواجدا بعشرات الآلاف في كل من فرنسا وكندا، إضافة إلى الإمارات، والتي أنشأوا فيها المركز المجتمعي اليهودي والذي يحوي كنيسا ولفائف من التوراة، ويوفر الدواجن الحلال وفقا للشريعة اليهودية "الطعام الكوشير"، لأتباع المنظمة في الإمارات، ويترأس مركز الحاباد الحاخام ليفي دوشمان.