تفاخر كثير من إذاعات العالم بأعمار برامجها، وتحتفي وتحتفل بتلك الأعمار.
بعض البرامج في إذاعات بعض الدول تجاوزت أعمارها ربع قرن ومازالت مستمرة متواصلة بنفس الاسم وإن تغيرت فقرات البرنامج أو تطورت أو جرى تعديل ما على البرنامج، أو تغيّر معدوه ومقدموه، غير إن اسم البرنامج ظلَّ هو نفسه منذ انطلاق البرنامج.
لدينا الوضع مختلف فالملاحظ أنه مع كل دورة إذاعية تتغير أسماء البرامج ولا أعلم ما السبب.
لنأخذ أمثلة على ذلك، فبرنامج “نسيم الصباح” الصباحي ما المشكلة لو بقي اسم البرنامج هو نفسه وجرى التحديث والتطوير على فقرات البرنامج ؟ حتى وإن تغير طاقم إعداد وتقديم وإخراج البرنامج.
لماذا نظن أن التطوير لابد أن يشمل اسم البرنامج فيتغير اسمه ونفقد ميزة أن هذا البرنامج مستمر منذ نصف قرن أو ربع قرن؟.
وعلى نفس الشاكلة البرامج الرياضية لماذا يتغير اسم البرنامج في كل دورة إذاعية؟ ما المشكلة إن استمر الاسم حتى وإن تغير المعدون والمقدمون والمخرجون والفنيون؟.
الملاحظة نفسها تطال مارش الأخبار والبرامج الإخبارية.
لماذا تتقلص البرامج الإخبارية في كل دورة إذاعية؟ ولماذا لا يتم المحافظة على وقت نشرة الأخبار بحيث يكون ثابتاً طوال عمر الاذاعة؟ أوقات نشرات الأخبار في بعض الإذاعات مقدسة.
نظن أن هناك مسابقات ومنافسات دولية وإقليمية لأطول البرامج عمراً، وأدومها استمراراً، فيما إذاعاتنا تفرط في هذه الناحية لأسباب قد تكون إدارية أو بيروقراطية.
في كل فترة من فترات البثّ الإذاعي، كانت هناك برامج ترسَّخت أسماؤها وأوقاتها في ذهن المستمع المحترف الشغوف بالإذاعة، غير أنه تم التفريط فيها في العقد الأخير، برامج كانت تثري المستمع وترفع مستوى ثقافته، غير أنه جرى تغييرها ببرامج بثّ مباشر يتراجع فيها كثيراً الكم في نسبة المحتوى المثري في جوانب الأدب والثقافة والعلوم والسياسة والطب والبحث العلمي، في حين زادت كثيراً مساحة الوقت الذي يعطى لبرامج الفن والرياضة وانطباعات العامة من المستمعين.
كانت الإذاعة في عقود سابقة مصدر ثقافة وتنوير لكثير من المستمعين وكان لها أصدقاء نخبويون يحرصون على متابعة برامج عديدة فيها غير أن هذا تبدَّل في الأعوام الأخيرة.
ومع هجمة ما سمّي “السوشيال ميديا” ،فإن مسؤولية الإذاعة تزداد أهمية في عودة المستمع النخبوي إلى أثير الإذاعة ،ولن يعيده إلا برامج نوعية وقرار بالمحافظة على أسماء البرامج مع تعاقب الدورات البرامجية.
نريد أن نفاخر أن عُمر هذا البرنامج بلغ ربع قرن وأكثر حتى وإن تغيرت فقراته وتبدّل معدوه ومقدموه ومخرجوه ، فلا شيء يحول دون المحافظة على أسماء البرامج الرئيسية في إذاعاتنا.
ogaily_wass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«أبوظبي للكتاب».. يستحدث برامج وأركاناً تثري تجربة زواره
أبوظبي (الاتحاد)
أطلق معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، تحت شعار «مجتمع المعرفة... معرفة المجتمع»، مجموعة من المبادرات النوعية، تُنظم للمرة الأولى ضمن دورته الرابعة والثلاثين، التي تقام من 26 أبريل إلى 5 مايو 2025 في مركز أدنيك أبوظبي.
تأتي المبادرات الجديدة ضمن رؤية مركز أبوظبي للغة العربية في تعزيز الابتكار في المجال الثقافي، وخلق بيئة داعمة لصناعة المحتوى، وتوسيع آفاق التعاون الإقليمي والدولي في قطاع النشر والمعرفة، بما يتماشى مع رؤية أبوظبي الرامية إلى دعم الاقتصاد الإبداعي بوصفه ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، وترسيخ مكانتها مركزاً دولياً للإنتاج الثقافي والمعرفي.
تشهد الدورة الحالية للمعرض، إطلاق أكثر من 8 أركان وبرامج تفاعلية ثقافية وفنية، إلى جانب تنظيم ما يزيد على 2000 فعالية، صممت لتتناسب مع مختلف الفئات العمرية والاهتمامات، وتغطي موضوعات متنوعة تشمل الأدب، والعلوم، والفنون، والتكنولوجيا، وصناعة المحتوى الرقمي.
أربع قارات
تشهد دورة هذا العام انضمام 20 دولة تشارك للمرة الأولى بشكل مباشر في المعرض، من أربع قارات مختلفة، وتتحدث مجتمعة أكثر من 25 لغة، ما يعكس الاهتمام المتنامي من المجتمعات الدولية بالمعرض كنافذة على الثقافة العربية ومنصة للتوسع في أسواقها.
وتشمل قائمة الدول: المكسيك، ليتوانيا، قيرغيزستان، كازاخستان، التشيك، البرازيل، البوسنة والهرسك، أرمينيا، ألبانيا، منغوليا، مقدونيا، رومانيا، سنغافورة، سلوفاكيا، سلوفينيا، سريلانكا، طاجيكستان، تايلاند، كوسوفو، أوزبكستان، تركمانستان.
ولا تقتصر أهمية هذه المشاركة على بعدها الجغرافي، بل تعكس تطلعات دور النشر الجديدة في التوسع نحو أسواق العالم العربي، والاستفادة من الفرص المهنية والثقافية التي يوفرها المعرض، خاصة مع وجود 25 وكيلاً أدبياً من 13 دولة، و28 جناحاً دولياً يضم مؤسسات نشر من شتى أنحاء العالم، ما يعزز بناء الشراكات وتبادل التجارب في هذا القطاع.
واستحدث المعرض هذا العام تجربة دخول رقمية ذكية عبر بوابات إلكترونية تعتمد على مسح الهوية الإماراتية، مع إمكانية التسجيل المسبق وإصدار تذاكر دخول رقمية.
برامج متنوعة
وتضم قائمة البرامج والأركان الجديدة: «شارع المتنبي»، الذي يجسد روح الشارع الشهير في بغداد، من خلال تصميم يحاكي أجواءه الفريدة، حيث تصطف دور النشر القادمة من العراق لعرض كتب تراثية ونادرة، في تحية لذاكرة الثقافة العراقية ومكانتها العريقة في عالم الكتاب.
كما يمثل برنامج «مجلس ليالي الشعر»، إضافة جديدة للمعرض، ويتضمن عقد أمسيات استثنائية تجمع شعراء عرب بنظرائهم من ثقافات مختلفة، في حوار شعري يعكس تنوع الإبداع الثقافي.
ويبرز ركن «في ظلال الغاف» كمجلس أدبي يحتضنه ظل شجرة الغاف، ويعيش الحضور تجربة أدبية فريدة مع الكاتب، حيث يقرأ مختارات من أعماله، ويتفاعل مع جمهوره، ويوقع نسخاً من كتبه.
ويقدم المعرض، من خلال ركن «أطباق وثقافات»، محتوى ثقافيّاً متقاطعاً بين فنون الطبخ، والكتب، مستنداً إلى وصفات مستلهمة من إصدارات «مشروع كلمة»، لتوثيق العلاقة بين الموروث الغذائي والنصوص الأدبية.
وفي محور يعكس التزام المعرض بتمكين الشباب، تطلق الدورة الحالية مبادرة «المحاور الشاب» الهادفة إلى منح الشباب فرصة لإدارة الحوار في جلسات المعرض.
وتقدم مبادرة «على درب العلم» إضافة نوعية للمحتوى الأكاديمي، إذ تأخذ ضيوف المعرض من المتحدثين البارزين في جولة معرفية إلى عدد من الجامعات الإماراتية. وفي الإطار ذاته، تطلق مبادرة «رواد صناعة النشر» لتكريم أبرز الناشرين العرب ضمن فعاليات المعرض.
رقمنة الإبداع
وفي ظل التحولات الرقمية المتسارعة، يشهد المعرض انعقاد «مؤتمر رقمنة الإبداع» الذي يطرح رؤية شاملة لأثر الرقمنة في إعادة تشكيل الفنون، والأنشطة الإبداعية، إذ يناقش تجاوز الإبداع للحدود التقليدية، ويفتح أمام الفنانين والكتاب والناشرين آفاقاً جديدة للتعبير والوصول إلى جمهور متنوع عبر الفضاء الرقمي.
وتواكب هذه الدورة أيضاً انطلاق المرحلة الأولى من «الحملة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة»، في خطوة تستهدف تحفيز السلوك القرائي لدى جميع الفئات، وترسيخ العادة القرائية اليومية مكوّناً من مكونات الحياة المجتمعية.
وتجسد هذه الأركان والمبادرات مجتمعة مكانة معرض أبوظبي الدولي للكتاب على خريطة الفعاليات الثقافية الكبرى، ودوره في تعزيز صناعة النشر في العالم، كما تؤكد التزام مركز أبوظبي للغة العربية بدعم استدامة المشهد الثقافي.