قالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة وموقع «البوابة نيوز» ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه منذ أبريل 2023 والحرب المشتعلة في السودان تُهدد بتنامي دور الجماعات المتطرفة والإرهابية خصوصا وأن هذه الحركات تتطور وتنمو في الغرب الأفريقي، مما يتيح لها فرصة النمو في الشرق أيضا، خصوصًا وأن السودان محاط بمناطق تواجد نفوذ لهذه الحركات ويؤكد عدد ليس قليل من خبراء الجماعات المتطرفة أن الحرب في السودان تمنح الكثير من فرص الوجود والتنامي لتلك التنظيمات المتطرفة المسلحة.

وأضافت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، خلال تقديمها برنامج «الضفة الأخرى»، المذاع عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنه كان قد كرر مرارًا الرئيس عبدالفتاح السيسي تحذيراته بشأن خطورة الأوضاع، معربًا عن مخاوفه من تداعيات حدوث فراغ مؤسسي وأمني بالسودان، ما يعني عودة الخطر الإرهابي.

وأوضحت أنه بعد فترة وجيزة من رئاسة عمر البشير للسودان، أسس حسن الترابي زعيم الجبهة وأحد جناحي السلطة "المؤتمر الشعبي الإسلامي" في أبريل 1991، وهو العباءة التي تفاعلت تحتها "التنظيمات الإسلامية العربية والشرق أوسطية"، بداية من أفغانستان، وحتى الشواطئ الغربية لقارة أفريقيا على ساحل الأطلسي، حيث عقد هذا المؤتمر ثلاث دورات حتى عام 1995، وحضره نحو 500 عنصر من 45 دولة، وكان يهدف إلى توحيد التنظيمات الإسلامية المهزومة في كابول وما حولها، ويكون بديلاً لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

ولفتت إلى أنه تعود علاقة المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان في السودان بالتنظيمات الإرهابية الخارجية إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ حيث فتحت استضافة نظام عمر البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم ومنحه معسكرات تدريب في شرق البلاد؛ الباب واسعا أمام زيادة ارتباط الميليشيات الإخوانية السودانية بالتنظيمات العالمية المتطرفة.

وتابعت: "واتهم نظام الإخوان بمساندة جماعات إرهابية نفذت الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة بالعاصمة الكينية نيروبي والتنزانية دار السلام في عام 1998 وتفجير البارجة الأميركية "يو إس إس كول" قرب شواطئ اليمن في عام 2000، مما أدى إلى إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل أن يتم شطبه منها في عام 2020 بجهود بذلتها حكومة عبدالله حمدوك بعد الثورة".

وأكدت أن جماعة الإخوان لجأت إلى السودان بعد أحداث 2013 في مصر، خصوصاً تنظيم سواعد مصر "حسم"، الذي أداره في هذا التوقيت محمد كمال عضو مكتب الإرشاد لـ"الإخوان"، وتم تدريب شباب جماعة "الإخوان" في السودان بأعداد وصلت إلى ثلاثة آلاف عنصر على إعداد العبوات الناسفة وحمل السلاح، وقد أسهم وقوع تفجير في إحدى البنايات السودانية بمنطقة أركويت في فبراير  2017، واعترف به "الإخوان" في تقليص أعداد عناصر التنظيم من المصريين، الذين تم توزيعهم على كل من الصومال وكينيا.

وأوضحت أنه وقعت 8 كيانات سياسية سودانية في أبريل 2022 على وثيقة تأسيس لتحالف جديد تحت مسمى "التيار الإسلامي العريض"، لتحقيق الاندماج التنظيمي بينها، ويضم الكيان الجديد الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان وحركة الإصلاح الآن، وحزب دولة القانون والتنمية، ومنبر السلام العادل، وجاء في الميثاق أن "وحدة الصف الإسلامي فريضة شرعية وضرورة واقعية وواجب متحتم لا سيما وبلادنا تشهد تهديدا وجوديا جديا يستهدف هويتها وقيمها الفاضلة بالطمس والتجريف"، وتابع الميثاق أنه "من الأهداف التي نستشرفها من هذا الاصطفاف الحرص على تنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة في شؤون المعاش والمعاد في شمول وتكامل".

واستطردت: "يعول تنظيم القاعدة على القرب الجغرافي بين نقاط تمركزه بدول شرق أفريقيا، خاصة في الصومال والسودان، علاوة على حضوره القوي بدول الساحل الأفريقي لخلق عملية إسناد لمشروعه المستقبلي بالسودان، ويعتمد داعش في سياق محاولات تنفيذ خططه الخاصة بتأسيس فرعه القوي بالسودان (ولاية السودان) على تمركزه بدول غرب أفريقيا واستغلال توغله بدول الساحل الأفريقي لتمرير مقاتليه إلى دارفور ومنها إلى الخرطوم التي يمكن أن تشهد نشاطًا لافتًا الفترة المقبلة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم الجماعات المتطرفة السودان فی السودان

إقرأ أيضاً:

السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)

ملخص
(لم تكن دولة جنوب السودان التي تحكمها حركة سياسية، وُلد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس (آذار) الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي". وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم).
قدمت المنظمات السودانية التي اجتمعت في نيروبي في منتصف فبراير الماضي لإنشاء حكومة بديلة لـ"حكومة بورتسودان"، نفسها على أنها التجسيد التاريخي للسودان الجديد الذي هو رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان، العقيد جون قرنق، لدى قيامها عام 1983. وما لبثوا إلا قليلاً حتى أخرجت دولة جنوب السودان، مصنع فكرة هذا السودان الأول، أثقالها وقال العالم مالها. وظلل خطاب السودان الجديد اجتماع نيروبي في مثل قولهم "وجوب مخاطبة جذور أزمة السودان" و"التزام التنوع التاريخي والمعاصر" الراجعة للعقيد جون قرنق (توفي في 30 يوليو عام 2005) قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصدح الحضور بشعار مبتكر وهو "سودان قديم يتحطم وسودان جديد يتقدم".
ولم تكُن دولة جنوب السودان، التي تحكمها حركة سياسية وُلِد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي"، وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم لأنه لا سلفا كير ولا مشار، ممن بينهما ما صنع الحداد، من سيأتي بالأمر إلى بر آمن. ووجهت الأمم المتحدة موظفيها بمغادرة البلد إلا من القائمين بأحوال الحرج والطوارئ لأن "تدهوراً منذراً قد يمسح بالأرض سنوات من التقدم المحرز بعسر شديد في جنوب السودان". وكان الجيش الأبيض، المنسوب لشعب النوير، الجماعة الأغزر عدداً ومنهم مشار بعد شعب الدينكا الذين منهم سلفا كير، استولى على حامية الناصر في ولاية أعالي النيل. فحاصرت الحكومة بيت مشار في جوبا وآخرين من جماعته بمن فيهم نائب رئيس هيئة أركان الجيش جبرائيل ديوب. وخشي الناس أن تؤدي تلك المواجهات إلى دورة جديدة من الحرب الأهلية التي بدأت عام 2013 لأربع سنوات وحصدت 400 ألف ضحية.
واندلعت تلك الحرب على خطوط إثنية، دينكا ونوير، بعد اتهام سلفا كير لمشار بالتدبير للانقلاب عليه وأخذ مقاليد الحكم. وهرب مشار من جوبا وكاد أنصاره أن يستولوا على جوبا لولا تدخل قوات أوغندية خاصة كما فعلت منذ أيام دعماً لسلفا كير بحسب تصريح قيادة الجيش الأوغندي. وكانت قوى إقليمية وغربية حملت الزعيمين للصلح باتفاق سياسي عام 2018 تضمن عقد انتخابات عامة ظلت تؤجل وآخر موعد مضروب لها هو عام 2026. ولم يتقدم الطرفان في تنفيذ الاتفاق وخرق كل منهما وقف إطلاق النار مرات، وكانت أكبر عقبات تنفيذ الاتفاق دمج جيشي الرئيس ونائبه. وهذا سودان جديد يتحطم.
دوريان قري
بدا من فرح اجتماع نيروبي بـ"السودان الجديد"، وهو على ما رأينا منه مطبقاً (أو منسياً) في جنوب السودان كمثل علاقة دوريان قري وصورته في الرواية المشهورة للكاتب الإنجليزي أوسكار وايلد. فاختار دوريان قري لصورته أن تأخذ عنه وطء اطراد العمر ووخطه بالتجاعيد وخطاياه في حين يبقى هو شاباً نضراً عظيم الحلاوة. وبالمثل اختار الهامش ومناصروه أن يبقوا على وسامتهم السودانية الجديدة كما في مؤتمر نيروبي بينما تشيخ صورة السودان الجديد في جنوب السودان وتذبل.
فليس من بين من تصارخوا للسودان الجديد في نيروبي من لم يكن ضحية له بصورة أو أخرى. وأشهر ضحاياه هو عبدالعزيز الحلو قائد "الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال" التي كانت جزءاً عضوياً في الحركة الشعبية الجنوبية قبل انفصال جنوب السودان عام 2011. فلم يمنح اتفاق السلام الشامل الذي عقد بين حكومة السودان والحركة الشعبية (2005) مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق، مناطق نفوذ الحلو، ما انعقد لجنوب السودان وهو ألا يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وحق تقرير المصير. وكانت حجة الحكومة أن المنطقتين واقعتان في حدود شمال السودان منذ استقلاله عام 1956 ويجري عليهما ما يجري عليه. ولما جعلت الحكومة استفتاء المنطقتين عن مصائرهما خطاً أحمر تكون به المفاوضات أو لا تكون، تنازل قرنق متحرجاً. ووجدت الدبلوماسية النرويجية التي شاركت في مفاوضات السلام السودانية ودونت مجرياتها في كتابها "شن السلام في السودان" هيلدا جونسون أن قرنق كان في حال حرج لخذلانه رفاق السلاح. فاقترحت عليه منح المنطقتين ما عرف لاحقاً بـ"المشورة الشعبية" التي قالت إنها مستمدة من تجربة تيمور الشرقية مع إندونيسيا. وبمقتضاها لا يسقط عن المنطقتين حق الانفصال فحسب، بل تطبق الشريعة الإسلامية فيهما كذلك. وتعويضاً لهما عن الفقد ستكون لمجالس المنطقتين النيابية الشورى في مدى التزام الحكومة ما اتفقت عليه حيالهما في اتفاق السلام الشامل. ومن حق تلك المجالس أن تقرر، على ضوء جردها لما تحقق من ذلك الالتزام، إن كانت سعيدة بسجل الحكومة في الخصوص أو أن تعطل اتفاق السلام معها، وتطلب الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال. وتركوا كل ذلك لزمانه ومكانه تحت الحكومة الانتقالية التي سيكون للحركة الشعبية فيها حظ كبير. وفسدت خطة "المشورة الشعبية" واندلعت الحرب بين الحركة الشعبية والحكومة مجدداً. وهذا قبح في السودان الجديد تنكر فيه لمقاتلي النوبة الذين لم يدخروا وسعاً في حرب الحكومة كتفاً لكتف مع الجنوبيين.
حق تقرير المصير وسياسة الإقصاء
ولم يحسن السودان الجديد، لا ل"حزب الأمة"، ولا "الاتحادي الديمقراطي" ولا "مؤتمر البجا" التي وقّع عنها في "تأسيس" (في مؤتمر نيروبي) من طعن آخرون في شرعية تمثيلهم لهذه الجماعات التي كانت اجتمعت عام 1991 مع "الحركة الشعبية" في التجمع الوطني الديمقراطي المعارض لـ"دولة الإنقاذ". وبلغ من حلفها معه أن تبنى "التجمع" حق تقرير المصير بصور مختلفة للجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولكن ما جاء وقت التفاوض بين الحركة والحكومة عام 2002، الذي انتهى إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005، حتى اقتصر التفاوض عليهما من دون التجمع حتى يتفقا على شيء في مسألتهما ثم يعقد مؤتمر دستوري ينظر في مسألة حلفاء الحركة. ولم يتفق ذلك التدبير للتجمع وساءه استبعاده من مفاوضات هو في صميمها. وسمى الكاتب والوزير منصور خالد تململ "التجمع" لإقصائه من المفاوضات "غيرة سياسية". فالقضية في مفاوضات الحكومة والحركة هي الحرب والسلام، والتجمع ليس جزءاً منها (الاتحاد الظبيانية 7 أغسطس 2002).
ونواصل

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
  • اختفاء 2000 شخص فى السودان منذ بدء الحرب
  • السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
  • أكثر من 50 مليار ريال عُماني إجمالي تحويلات القوى الوافدة في دول المجلس
  • ???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
  • قطع لشوارع المكلا بالإطارات المشتعلة احتجاجًا على زيارة الزبيدي
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • السلاح والغذاء في حرب السودان
  • ندوة لـ«تريندز» في مجلس اللوردات البريطاني: التصدي للتطرف مفتاح الاستقرار العالمي