الضفة الأخرى.. داليا عبدالرحيم: الحرب المشتعلة في السودان تُهدد بتنامي دور الجماعات الإرهابية
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
قالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة وموقع «البوابة نيوز» ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه منذ أبريل 2023 والحرب المشتعلة في السودان تُهدد بتنامي دور الجماعات المتطرفة والإرهابية خصوصا وأن هذه الحركات تتطور وتنمو في الغرب الأفريقي، مما يتيح لها فرصة النمو في الشرق أيضا، خصوصًا وأن السودان محاط بمناطق تواجد نفوذ لهذه الحركات ويؤكد عدد ليس قليل من خبراء الجماعات المتطرفة أن الحرب في السودان تمنح الكثير من فرص الوجود والتنامي لتلك التنظيمات المتطرفة المسلحة.
وأضافت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، خلال تقديمها برنامج «الضفة الأخرى»، المذاع عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنه كان قد كرر مرارًا الرئيس عبدالفتاح السيسي تحذيراته بشأن خطورة الأوضاع، معربًا عن مخاوفه من تداعيات حدوث فراغ مؤسسي وأمني بالسودان، ما يعني عودة الخطر الإرهابي.
وأوضحت أنه بعد فترة وجيزة من رئاسة عمر البشير للسودان، أسس حسن الترابي زعيم الجبهة وأحد جناحي السلطة "المؤتمر الشعبي الإسلامي" في أبريل 1991، وهو العباءة التي تفاعلت تحتها "التنظيمات الإسلامية العربية والشرق أوسطية"، بداية من أفغانستان، وحتى الشواطئ الغربية لقارة أفريقيا على ساحل الأطلسي، حيث عقد هذا المؤتمر ثلاث دورات حتى عام 1995، وحضره نحو 500 عنصر من 45 دولة، وكان يهدف إلى توحيد التنظيمات الإسلامية المهزومة في كابول وما حولها، ويكون بديلاً لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
ولفتت إلى أنه تعود علاقة المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان في السودان بالتنظيمات الإرهابية الخارجية إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ حيث فتحت استضافة نظام عمر البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم ومنحه معسكرات تدريب في شرق البلاد؛ الباب واسعا أمام زيادة ارتباط الميليشيات الإخوانية السودانية بالتنظيمات العالمية المتطرفة.
وتابعت: "واتهم نظام الإخوان بمساندة جماعات إرهابية نفذت الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة بالعاصمة الكينية نيروبي والتنزانية دار السلام في عام 1998 وتفجير البارجة الأميركية "يو إس إس كول" قرب شواطئ اليمن في عام 2000، مما أدى إلى إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل أن يتم شطبه منها في عام 2020 بجهود بذلتها حكومة عبدالله حمدوك بعد الثورة".
وأكدت أن جماعة الإخوان لجأت إلى السودان بعد أحداث 2013 في مصر، خصوصاً تنظيم سواعد مصر "حسم"، الذي أداره في هذا التوقيت محمد كمال عضو مكتب الإرشاد لـ"الإخوان"، وتم تدريب شباب جماعة "الإخوان" في السودان بأعداد وصلت إلى ثلاثة آلاف عنصر على إعداد العبوات الناسفة وحمل السلاح، وقد أسهم وقوع تفجير في إحدى البنايات السودانية بمنطقة أركويت في فبراير 2017، واعترف به "الإخوان" في تقليص أعداد عناصر التنظيم من المصريين، الذين تم توزيعهم على كل من الصومال وكينيا.
وأوضحت أنه وقعت 8 كيانات سياسية سودانية في أبريل 2022 على وثيقة تأسيس لتحالف جديد تحت مسمى "التيار الإسلامي العريض"، لتحقيق الاندماج التنظيمي بينها، ويضم الكيان الجديد الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان وحركة الإصلاح الآن، وحزب دولة القانون والتنمية، ومنبر السلام العادل، وجاء في الميثاق أن "وحدة الصف الإسلامي فريضة شرعية وضرورة واقعية وواجب متحتم لا سيما وبلادنا تشهد تهديدا وجوديا جديا يستهدف هويتها وقيمها الفاضلة بالطمس والتجريف"، وتابع الميثاق أنه "من الأهداف التي نستشرفها من هذا الاصطفاف الحرص على تنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة في شؤون المعاش والمعاد في شمول وتكامل".
واستطردت: "يعول تنظيم القاعدة على القرب الجغرافي بين نقاط تمركزه بدول شرق أفريقيا، خاصة في الصومال والسودان، علاوة على حضوره القوي بدول الساحل الأفريقي لخلق عملية إسناد لمشروعه المستقبلي بالسودان، ويعتمد داعش في سياق محاولات تنفيذ خططه الخاصة بتأسيس فرعه القوي بالسودان (ولاية السودان) على تمركزه بدول غرب أفريقيا واستغلال توغله بدول الساحل الأفريقي لتمرير مقاتليه إلى دارفور ومنها إلى الخرطوم التي يمكن أن تشهد نشاطًا لافتًا الفترة المقبلة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم الجماعات المتطرفة السودان فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.
إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.
أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.
الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.
كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.
بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».
مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.
الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.
فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط