يشكل العام الحالي 2024 اختبارا مهما للسياسة في عصر الذكاء الاصطناعي، إذ تنظم فيه انتخابات في بلدان تمثل نصف سكان العالم، بينما تساهم التكنولوجيا الحديثة في انتشار المعلومات المضللة بشكل هائل.

فقد وصف تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية عام 2024 بأنه "حاسم" بالنسبة للديمقراطية، إذ تجري انتخابات في 60 دولة بينها الهند وجنوب أفريقيا وبريطانيا وإندونيسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

وجرى بالفعل أول اختبار لكيفية الصمود في مواجهة عاصفة من المعلومات المضللة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، فقد انتخب التايوانيون لاي تشينغ تي رئيسا الأسبوع الماضي رغم حملة المعلومات المضللة الواسعة ضده والتي يشير خبراء بإصبع الاتهام فيها إلى الصين.

وتَعتبر بكين الرئيس الجديد لاي انفصاليا خطيرا بسبب تأكيده المتكرر على استقلال تايوان، وغصّت منصة تيك توك بنظريات المؤامرة والعبارات المسيئة له في الفترة التي سبقت الانتخابات.

وعثر فريق تقصي الحقائق في وكالة الأنباء الفرنسية على عدة تسجيلات مصورة من هذا النوع كان مصدرها "دوين"؛ النسخة الصينية من تطبيق تيك توك.

لكن ما زال يتعين معرفة الكيفية التي ستتطور من خلالها الأحداث في بلدان أخرى، حيث يهدد الذكاء الاصطناعي التوليدي بمفاقمة الاستقطاب المتعمق في الأساس وانعدام الثقة في الإعلام التقليدي.

وكشفت صور مزيّفة لدونالد ترامب أثناء توقيفه العام الماضي وأخرى لإعلان جو بايدن عن تعبئة عامة لدعم أوكرانيا؛ مدى التقدم الذي وصلت إليه هذه التكنولوجيا.

فحاليا تختفي بشكل متسارع التفاصيل القليلة التي كان من الممكن كشف عمليات التزييف من خلالها، مثل الأصابع مثلا التي يجد الذكاء الاصطناعي صعوبة في التلاعب بها، وهو ما يجعل آليات الرصد أقل قدرة على أداء مهامها، وبالتالي تزداد المخاطر.

المنتدى الاقتصادي العالمي صنّف التضليل على أنه مصدر التهديد الأكبر على مدى العامين المقبلين (شترستوك) "التضليل".. التهديد الأول

صنّف المنتدى الاقتصادي العالمي التضليل على أنه مصدر التهديد الأكبر على مدى العامين المقبلين، وحذّر من أن تقويض شرعية الانتخابات قد يؤدي إلى نزاعات داخلية وأعمال إرهابية وحتى "انهيار الدولة" في أسوأ الحالات.

وتلجأ مجموعات مرتبطة خصوصا بروسيا والصين وإيران، إلى التضليل المعتمد على الذكاء الاصطناعي، سعيا لـ"تشكيل وعرقلة" الانتخابات في الدول الخصمة، وفق مجموعة التحليل ريكورديد فيتشر، ولن تكون هذه المرة الأولى.

واستنسخت "عملية دوبلغانغر" (الشبيه) التي أُطلقت مطلع 2022؛ حسابات مؤسسات إعلامية وعامة معروفة لنشر مواقف داعمة لروسيا، خصوصا في ما يتعلق بأوكرانيا.

وأشارت السلطات الفرنسية وشركة "ميتا" المالكة لفيسبوك وواتساب وإنستغرام إلى تورط الكرملين في هذه العملية، بحسب تقرير الفرنسية.

في المقابل، يمكن أيضا للأنظمة القمعية استخدام تهديد التضليل لتبرير تعزيز الرقابة وغير ذلك من الانتهاكات الحقوقية، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي.

وتأمل الدول بالرد عبر قوانين تنظم هذه العملية، لكن عملها يعد بطيئا للغاية مقارنة بالتطور السريع للذكاء الاصطناعي.

وسيتطلب "قانون الهند الرقمي" و"قانون الخدمات الرقمية" للاتحاد الأوروبي من المنصات؛ استهداف المعلومات المضللة وحذف أي محتوى غير قانوني، لكن الخبراء يشككون في إمكانيات تطبيقهما.

وتعمل الصين والاتحاد الأوروبي على قوانين شاملة للذكاء الاصطناعي، لكنها ستستغرق وقتا. ومن المستبعد استكمال قانون الاتحاد الأوروبي قبل العام 2026، بحسب التقرير.

وأصدر الرئيس الأميركي جو بايدن في أكتوبر/ تشرين الأول، أمرا تنفيذيا مرتبطا بمعايير السلامة في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. لكن البعض يشيرون إلى عدم إمكانية فرض هذه المعايير، بينما يخشى بعض النواب من أن المبالغة في تنظيم القطاع قد يؤثر سلبا عليه ويصب في مصلحة جهات منافسة.

وطرحت شركات التكنولوجيا التي واجهت ضغوطا للتحرك؛ مبادرات خاصة بها. وتقول ميتا إنه سيتوجب على الجهات المعلنة كشف إن كان محتواها استَخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما طرحت مايكروسوفت أداة تُمكن المرشحين السياسيين من تأكيد صحة محتواهم باستخدام علامة مائية رقمية.

لكن المنصات تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي في عمليات التحقق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المعلومات المضللة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

OpenAI تستعد لإطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي باشتراك 20 ألف دولار شهريا

أفادت أحدث التقارير إلى أن شركة OpenAI تعتزم تكثيف جهودها لإطلاق العديد من منتجات وكلاء الذكاء الاصطناعي كأحد العوامل الرئيسية لنمو الإيرادات.

ووفقا لتقرير من The Information، تسعى شركة الذكاء الاصطناعي المطورة لـ ChatGPT إلى فرض رسوم تصل إلى 20,000 دولار شهريا على "وكلاء الذكاء الاصطناعي" المتخصصين والمصممين لتنفيذ مهام محددة تتعلق بهندسة البرمجيات والبحث.

OpenAI توسع إتاحة ميزة البحث العميق لمشتركي الخطط المأجورةOpenAI تقلب الموازين.. حظر حسابات صينية في ChatGPT يثير الجدل

وبحسب التقرير، تخطط OpenAI لإطلاق وكيل موجه للعاملين في المعرفة ذوي الدخل المرتفع، الذي سيكون الوصول إليه مقابل 2,000 دولار شهريا، كما يقال إن وكيل مطور البرمجيات القادم سيكلف 10,000 دولار شهريا.

أما الوكيل الأغلى لدى الشركة، الذي يصمم لتنفيذ "أبحاث على مستوى الدكتوراه"، فمن المتوقع أن يبلغ سعره 20,000 دولار شهريا.

بينما لا يزال من غير الواضح متى ستطلق OpenAI هذه الأدوات المعتمدة على الوكلاء الذكاء الاصطناعي، أفادت The Information بأن مستثمرها Softbank، قد تعهد بإنفاق 3 مليارات دولار على منتجات الوكلاء الذكاء الاصطناعي لشركة OpenAI هذا العام فقط.

وفي فبراير من هذا العام، أطلقت OpenAI أداة ذكاء اصطناعي جديدة تسمى Deep Research، التي قادرة على جمع المعلومات من جميع أنحاء الإنترنت ودمجها لإنشاء تقرير شامل على مستوى محلل الأبحاث.

كما تم إطلاق نموذج GPT-4.5 من الشركة الأسبوع الماضي، مع تحسينات في القدرة على التعرف على الأنماط وتوليد الأفكار الإبداعية دون الحاجة إلى التفكير المنطقي.

مايكروسوفت تنافس OpenAI

تسارع مايكروسوفت من جهودها لمنافسة OpenAI، من خلال تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قوية خاصة بها واستكشاف بدائل لمنتجات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل Microsoft Copilot.

وفقا لتقارير إعلامية، طورت مايكروسوفت نماذج "تفكير" للذكاء الاصطناعي مماثلة لنماذج OpenAI مثل O1 و O3-MINI. 

ويقال أن OpenAI رفضت طلبات مايكروسوفت للحصول على تفاصيل فنية حول كيفية عمل O1، مما يشير إلى وجود توترات بين الشركتين.

أفادت وكالة "بلومبرج" أن مايكروسوفت قامت أيضا بتطوير مجموعة نماذج تسمى MAI تنافس نماذج OpenAI الخاصة، ويقال إنها تفكر في تقديمها من خلال واجهة برمجة التطبيقات API في وقت لاحق من هذا العام.

بالتوازي مع هذه الجهود، يقال إن مايكروسوفت تختبر نماذج ذكاء اصطناعي بديلة من XAI و META و Deepseek كبدائل محتملة لتقنية OpenAI في Copilot.

وقد اتخذت مايكروسوفت، التي استثمرت حوالي 14 مليار دولار في OpenAI حتى الآن، خطوات للتحوط من استثماراتها في OpenAI بعدة طرق، بما في ذلك توظيف مؤسس DeepMind، مصطفى سليمان، لقيادة جهود الذكاء الاصطناعي في الشركة.

مقالات مشابهة

  • قضية “اولاد المرفحين”.. الفرنسية التي قدمت شكاية الإغتصاب تسحب شكايتها
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بدقة بتعافي المرضى من اضطراب القلق
  • آبل تواجه تحديات تقنية .. تأجيل تحديثات الذكاء الاصطناعي لـ Siri حتى 2026
  • «أبل» تؤجل دمج أحد خدماتها بـ«الذكاء الاصطناعي» حتى 2026.. ما السبب؟
  • آبل تؤجل تحديثات الذكاء الاصطناعي لـ Siri إلى عام 2026
  • OpenAI تستعد لإطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي باشتراك 20 ألف دولار شهريا
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • الأهلي يسخر من قرعة الذكاء الاصطناعي
  • بحضور محافظ حلب المهندس عزام الغريب.. ندوة لوزارة التنمية الإدارية حول توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال العمل الحكومي
  • ذبح الخنازير.. كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي الاحتيال المالي إلى كارثة عالمية؟