وكالة الصحافة المستقلة:
2024-07-06@02:56:59 GMT

يا رب عندما تبكي قلوب الاطباء

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

يناير 21, 2024آخر تحديث: يناير 21, 2024

الدكتورة أروى محمد الشاعر

في أرض غزة العزة، أرض العنقاء ، تتصارع رشقات ألحرب والموت

مع نبضات الحياة، في تلك الأرض المعجزة تتكشف ملحمة بطولية تتخطى حدود المعقول، تسطرها أيدي الأطباء والطاقم الطبي. يخوض هؤلاء الأبطال معركة يومية لا تقل وطأة عن الحرب نفسها. إنهم جنود الجيش الأبيض حاملوا سلاح الشفاء، يحاربون في معركة لا تعرف الهدوء، أبطال يرتدون

معاطفهم الطبية كدروع، مسلحين بإرادة لا تلين وعزيمة لا تنكسر في وجه المحن.

يقفون كحراس للحياة وشهود على قيم الإنسانية التي تتفوق على كل الويلات.

يعمل جنود الإنسانية من الأطباء والممرضون والممرضات وأبطال

سيارات الإسعاف بلا كلل ولا ملل وبلا توقف، يواجهون الموت كل يوم، لكنهم لا يتوقفون عن النضال من أجل إنقاذ حياة إنسان . ينسجون أسطورة مؤثرة عن الشجاعة والمثابرة في وجه المعاناة اللامتناهية. يتحدون النقص الصارخ في الإمكانيات، ويجابهون الجروح العميقة والصرخات المدوية،

محاولين بكل ما أوتوا من قوة إعادة الحياة لأجساد معذبة، متحدين الظروف القاسية بروح لا تعرف الاستسلام، في بيئة تعد فيها الأدوية والتخدير ترفًا نادرًا إلى حد الغياب، ويصبح العمل الجراحي معجزة في حد ذاته، ومحاولة جبارة لإنقاذ مصابين على حافة الموت . رغم كل ذلك يواصلون مهمتهم الشريفة، يعالجون جراح المرضى التي لم يشهد مثلها تاريخ الحروب، بينها كثير من حالات بتر أطراف وحروق من الدرجة الرابعة وإصابات في الرأس،  ويجرون عمليات جراحية دقيقة أينما استطاعوا– على الأرض، في الممرات، في غرف مكتظة بعشرات المرضى ، بكل ما يمكنهم العثور عليه: الملابس للضمادات، والخل للمطهر، وإبر الخياطة كإبر جراحية، مستخدمين مهاراتهم الطبية لتجاوز نقص الأدوية والتخدير والمعقمات، زارعين الأمل في قلوب يعتصرها الألم والجوع والعطش.

تتجلى المأساة في أشد صورها عندما يُجبر الطبيب على إجراء عملية جراحية نتيجة الإصابات الخطيرة لأحد أفراد عائلته، أو عندما يكتشف أن الجريح الذي يحاول إنقاذه هو قريب أو صديق عزيز ، هذه المواقف القاسية تُعد اختبارات لقوة التحمل النفسي، وهنا تأتي لحظات التحدي للخوف وفظاعة الجراح التي أمامه، وذلك بقوة الصبر والإرادة في وجه أقسى محرقة لم يشهد مثلها تاريخ الحروب، تتمزق روحه بين مهنته وعاطفته، يحاول الحفاظ على هدوءه وتماسكه في مواجهة أفظع الظروف، فهل هناك أقسى من تلك الفاجعة من مشهد الطبيب الفلسطيني ماهر بسيسو الذين رأيناه يقوم ببتر قدم إبنة أخيه الممزقة عهد البالغة من العمر ١٦ عاماً نتيجة القصف الصهيوني الوحشي في بيتهم المحاصر بالدبابات على طاولة السفرة بدون تخدير لإنقاذ حياتها مستخدماً ليفة وصابون الجلي للتطهير ، كانت اللحظة مؤلمة وهو يحاول تهدئتها مواسياً إياها : قولي يا رب ، وهي بكل صبر ترد عليه يا رب الحمد لله وقلبه يبكي وهو يقول:  ربنا منزل عليها الصبر،  وبينما يهرع الطبيب أحمد أبو موسى لاستقبال الجرحى في المستشفى، يكتشف بصدمة أن من بينهم جثة ابنه وأبيه.، والدكتور إياد شقورة في غرفة الطوارئ يتفاجأ بجثامين أطفاله وأمه وإخوانه وأخته وأبنائها وأقاربه، وطبيب آخر يبحث عن ابنه بين المصابين في المستشفى برفقة زوجته قبل أن يعرض عليه أحد المصورين صورته ليخبره أنه بين الشهداء، وطبيب اَخر كان يهدئ من روع المصابين في المستشفى، عندما تفاجأ بابنه جثة ممددة أمامه. والكثير الكثير من المآسي الأخرى التي لا يمكن ذكر جميعها في هذا المقال.

في اليوم المشؤوم، عندما جاء الأمر من الاحتلال الصهيوني إلى هؤلاء الأطباء بإخلاء المستشفيات، في لحظة فارقة، كان الخيار يعني إما النجاة أو التضحية، اختار أطباء غزة الوقوف بثبات إلى جانب مرضاهم. لم يتزحزحوا، بل أصروا على أن يظلوا معهم . تلك القرارات كانت محفوفة بالتضحيات، ولكنهم قرروا أن يتحولوا إلى دروع بشرية من أجل إنقاذ من يحتاجونهم، مصرين على الوفاء بالقسم الطبي الذي أقسموه.

 

لقد حُوِّلَتْ المستشفيات من قبل آلة البطش الصهيونية والتي هي في الأحوال العادية ملاذًا للراحة والشفاء إلى ساحات مواجهة حيث الحياة والموت يتلاقيان. إن قرار أطباء غزة ليس مجرد موقف بطولي، بل هو رسالة حية تشهد على أن في الإنسان قوة تتجاوز حدود الذات، قوة تسمو فوق المخاوف والأهواء. لقد أرسوا صوت الضمير وأعطوا مثالاً حياً للعالم على معنى الشجاعة الحقيقية والتضحية النبيلة، تلك اللحظات التي اختاروا فيها البقاء، لم تكن مجرد لحظات في التاريخ، بل كانت إعلانًا عن أسمى القيم الإنسانية والبطولات الخارقة، إنها قصة أسطورة لا تُنسى، تحكي عن أطباء اختاروا الوقوف في وجه العاصفة، متسلحين  بإيمانهم وتفانيهم، متحدين كل الصعاب من أجل الحفاظ على حياة مرضاهم والمصابين. لقد أصبحت تلك الأيدي التي تتفانى في إنقاذ الأرواح رغم انها مقيدة بنقص المعدات والأدوية رمزًا للأمل والإصرار على الاستمرار، وصورة حقيقية لما يعنيه أن تكون طبيبًا في ظل الأزمات، ليس فقط معالجًا للأجساد، بل معززًا للروح، ومنارة أمل في بحر من اليأس.

لقد دمرت الكثير من المستشفيات والمراكز الطبية، وأصبح النجاح في إنقاذ حياة واحدة إنجازًا عظيمًا. الخسائر البشرية، سواء بين المدنيين أو الأطباء والطاقم الطبي، تضع عبئًا ثقيلًا على قلوبنا. فقد قُتل وشُرد مئات الأطباء والمسعفين، ومع ذلك، لا يتردد من تبقى منهم على قيد الحياة في السعي وراء كل فرصة لإنقاذ حياة.

إن تضحياتهم وجهودهم لا تقاس بمقاييس عادية. كل يوم يمثل نضالًا جديدًا، تحديًا آخر يتطلب شجاعة لا تُصدق وقوة نفسية هائلة. وعلى الرغم من الظروف المروعة التي يعملون فيها، يظلون مصدر إلهام وفخر لنا جميعًا.

قصة الأطباء في غزة تستحق أن يسمعها كل العالم. فهي تحكي عن الإنسانية في أصعب أحوالها، وتظهر كيف يمكن للروح البشرية أن تتجاوز الحدود وتصمد في وجه المحن. إنها قصة بطولة لا تقاس بالكلمات، قصة أمل ينبثق من الألم، وضوء يتلألأ في الظلام.

كطبيبة، أشعر بروابط عميقة مع هؤلاء الأبطال. الذين يغلقون جراح الوطن بخيوط الأمل تحت ضوء شموع خافت بأياديهم التي تتساقط منها الدموع على الأطفال الأبرياء في كل لحظة يخوضونها، يتحول هؤلاء الأطباء إلى أسطورة في حرب لا ترحم، ينقذون الأرواح البريئة من براثن الموت الزاحف.

كل يوم أتأمل في معاناة تلك الأرواح التي تصارع الموت، وأشعر بالأسى كوني طبيبة عاجزة عن تقديم يد العون لهم من البعد، هذا الشعور يعتصر قلبي، ويحول كل لحظة سكون إلى صرخة ألمٍ.

طبيبة أنا في وحدتي أحادث نفسي

أتأمل صور غزة ودموعي تتساقط على خدي.

أسمع صدى الأنين ودوي البكاء والفقد

كيف يمكنني أن أحتمل كطبيبة عجزي

وأنا لا أقوى على شفاء المحتاجين من البعد

عجز يؤلمني أكثر من جرح في جسدي

يثقل كاهلي ويحاصر روحي لا ينتهي.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: فی وجه

إقرأ أيضاً:

هذا ما يحصل عندما يراقب الذكاء الاصطناعي أداء الموظفين.. تزداد الشكاوى ويسوء الأداء

يمكن للمؤسسات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة سلوك الموظفين وإنتاجيتهم أن تتوقع منهم أن يشتكوا أكثر، وأن يكونوا أقل إنتاجية، ويرغبوا في الاستقالة أكثر، ما لم يتم تأطير التكنولوجيا، وذلك وفق ما توصّلت إليه أبحاث في جامعة كورنيل، بحسب الباحث جيمس دين.

ووفقا للبحث نفسه، فإن أدوات المراقبة، التي يتم استخدامها بشكل متزايد لتتبع وتحليل النشاط البدني، وتعبيرات الوجه، والنبرة الصوتية والتواصل اللفظي والكتابي، تجعل الناس يشعرون بفقدان أكبر للاستقلالية مقارنة بالرقابة من قبل البشر.

يقول الباحثون، إن "الشركات والمنظمات الأخرى التي تستخدم التقنيات سريعة التغيّر لتقييم ما إذا كان الأشخاص يتراخون أو يعاملون العملاء بشكل جيد، أو يحتمل تورطهم في الغش أو أي مخالفات أخرى، يجب أن تأخذ في الاعتبار عواقبها غير المقصودة، التي قد تؤدي إلى المقاومة، وتضر بالأداء".

واقترح عدد من الباحثين ما وصفوه بـ"فرصة لكسب التأييد، إذا شعر الأشخاص الخاضعون للمراقبة أن الأدوات موجودة لمساعدتهم بدلا من الحكم على أدائهم؛ في تقييمات يخشون أنها سوف تفتقر إلى السياق والدقة".

وقالت إميلي زيتيك، وهي الأستاذة المشاركة في السلوك التنظيمي في كلية ILR في جامعة كورنيل: "عندما يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة الأخرى لأغراض تنموية، فإن الناس يحبّون أن يتعلموا منه ويحسنوا أدائهم. تحدث المشكلة عندما يشعرون أن التقييم يحدث تلقائيا، مباشرة من البيانات، ولا يكونون قادرين على وضعه في سياقه بأي شكل من الأشكال".

شاركت زيتيك في تأليف دراسة "المراقبة الخوارزمية مقابل المراقبة البشرية تؤدي إلى تصورات أقل للاستقلالية وزيادة المقاومة"، التي نُشرت في 6 حزيران/ يونيو في مجلة Communications Psychology. راشيل شلوند، دكتوراه '24، هي المؤلف الأول.

وتشير إلى أن المراقبة الخوارزمية تسبّبت بالفعل في ردود فعل عكسية. خلال عام 2020، حيث تخلّى أحد البنوك الاستثمارية بسرعة عن برنامج تجريبي لاختبار برامج الإنتاجية لمراقبة نشاط الموظفين، بما في ذلك تنبيههم إذا أخذوا فترات راحة كثيرة. وأثارت مراقبة المدارس للاختبارات الافتراضية في أثناء الوباء احتجاجات ودعاوى قضائية، حيث قال الطلاب إنهم يخشون إساءة تفسير أي حركة على أنها غش.


من ناحية أخرى، قد يرى الناس أن الخوارزميات أكثر كفاءة وموضوعية. وقد وجدت الأبحاث أن الناس يصبحون أكثر تقبّلا لأنظمة تتبع السلوك مثل الشارات الذكية أو الساعات الذكية عندما تقدم هذه الأنظمة تعليقاتها مباشرة، بدلا من تقديم تلك التعليقات من خلال شخص قد يشكل أحكاما سلبية حول البيانات.

إلى ذلك، في أربع تجارب شملت ما يقرب من 1200 مشارك، قامت شلوند وزيتيك بالتحقيق فيما إذا كان من المهم أن يقوم الأشخاص أو الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة بالمراقبة، وما إذا كان السياق الذي يُستخدم فيه لتقييم الأداء أو دعم التنمية يؤثر على التصورات.

في دراسة أولى، عندما طُلب من المشاركين أن يتذكروا ويكتبوا عن الأوقات التي تم فيها رصدهم وتقييمهم من خلال أي من نوعي المراقبة، أفاد المشاركون بأنهم يشعرون بقدر أقل من الاستقلالية في ظل الذكاء الاصطناعي، وكانوا أكثر عرضة للانخراط في "سلوكيات مقاومة".

بعد ذلك، من خلال محاكاة المراقبة في العالم الحقيقي، طلبت دراستان من المشاركين العمل كمجموعة لتبادل الأفكار حول متنزه ترفيهي، ثم توليد أفكار بشكل فردي حول جزء واحد من المتنزه. وقيل لهم إن عملهم ستتم مراقبته من قبل مساعد أبحاث أو الذكاء الاصطناعي، ويتم تمثيل الأخير في مؤتمرات الفيديو عبر منصة "زوم" باسم "موجز تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي".

وبعد عدة دقائق، قام المساعد البشري أو "الذكاء الاصطناعي" بنقل رسائل مفادها أن المشاركين لم يتوصلوا إلى أفكار كافية، ويجب عليهم بذل المزيد من الجهد. في الدراسات الاستقصائية التي أعقبت إحدى الدراسات، انتقد أكثر من 30 في المئة من المشاركين مراقبة الذكاء الاصطناعي، مقارنة بحوالي 7 في المئة انتقدوا المراقبة البشرية.


وكتب أحد المشاركين: "إن التعزيز من الذكاء الاصطناعي جعل الوضع أكثر إرهاقا وأقل إبداعا".
وبعيدا عن الشكاوى والانتقادات، وجد الباحثون أن أولئك الذين اعتقدوا أنهم يخضعون للمراقبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، ولدوا أفكارا أقل، ما يشير إلى أداء أسوأ.

وقالت زيتيك: "على الرغم من أن المشاركين حصلوا على نفس الرسالة في كلتا الحالتين بأنهم بحاجة إلى توليد المزيد من الأفكار، فإنهم نظروا إليها بشكل مختلف عندما جاءت من الذكاء الاصطناعي بدلا من مساعد الأبحاث. لقد تسببت مراقبة الذكاء الاصطناعي في أدائهم بشكل أسوأ في دراسات متعددة."

وفي دراسة رابعة، تم إخبار المشاركين الذين تخيلوا أنهم يعملون في مركز اتصال أن البشر أو الذكاء الاصطناعي سوف يحللون عينة من مكالماتهم. بالنسبة للبعض، سيتم استخدام التحليل لتقييم أدائهم، وللآخرين، لتقديم ردود الفعل التنموية. في السيناريو التنموي، لم يعد المشاركون ينظرون إلى المراقبة الخوارزمية على أنها تنتهك استقلاليتهم أكثر، ولم يبلغوا عن نية أكبر للانسحاب.


تشير النتائج إلى وجود فرصة أمام المنظمات لتنفيذ المراقبة الخوارزمية بطرق يمكن أن تكسب ثقة الأشخاص بدلا من إثارة المقاومة.

وقالت زيتيك: "المنظمات التي تحاول تنفيذ هذا النوع من المراقبة بحاجة إلى التعرف على الإيجابيات والسلبيات. يجب عليهم أن يفعلوا ما في وسعهم لجعل الأمر أكثر تطورا أو التأكد من أن الناس يمكنهم إضافة السياق. إذا شعر الناس أنهم لا يتمتعون بالاستقلالية، فلن يكونوا سعداء".

مقالات مشابهة

  • الابيض في مؤتمر اتحاد الأطباء في طرابلس: الاستقرار والتقدم مستحيلان من دون عدالة
  • مارتينيز يرد على الانتقادات قبل معركة فرنسا
  • بعد حملات المقاطعة ..يمن موبايل تُدخل السرور على قلوب عملائها بباقات نت جديدة بأسعار مُخفضة!
  • محافظ بني سويف: نشكر القيادة السياسية على وضع ثقتها في الشباب (فيديو)
  • في مؤتمرهم الـ41.. أطباء سورية يبحثون سبل تطوير المهنة وتعزيز مفهوم التشاركية لحل ما يعترضهم من عقبات
  • مبابي ورونالدو وجهاً لوجه .. وموقعة ملتهبة بين ألمانيا وإسبانيا
  • حبيبة برادلي كوبر السابقة: الانفصال لم يكن سهلاً على الإطلاق
  • هذا ما يحصل عندما يراقب الذكاء الاصطناعي أداء الموظفين.. تزداد الشكاوى ويسوء الأداء
  • سالم تبوك.. عندما يتحول التشجيع الكروي إلى شغف لتوثيق "اللحظات التاريخية"
  • حكم مباراة البرتغال وفرنسا في ربع نهائي يورو 2024