وكالة الصحافة المستقلة:
2025-04-23@17:22:32 GMT

يا رب عندما تبكي قلوب الاطباء

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

يناير 21, 2024آخر تحديث: يناير 21, 2024

الدكتورة أروى محمد الشاعر

في أرض غزة العزة، أرض العنقاء ، تتصارع رشقات ألحرب والموت

مع نبضات الحياة، في تلك الأرض المعجزة تتكشف ملحمة بطولية تتخطى حدود المعقول، تسطرها أيدي الأطباء والطاقم الطبي. يخوض هؤلاء الأبطال معركة يومية لا تقل وطأة عن الحرب نفسها. إنهم جنود الجيش الأبيض حاملوا سلاح الشفاء، يحاربون في معركة لا تعرف الهدوء، أبطال يرتدون

معاطفهم الطبية كدروع، مسلحين بإرادة لا تلين وعزيمة لا تنكسر في وجه المحن.

يقفون كحراس للحياة وشهود على قيم الإنسانية التي تتفوق على كل الويلات.

يعمل جنود الإنسانية من الأطباء والممرضون والممرضات وأبطال

سيارات الإسعاف بلا كلل ولا ملل وبلا توقف، يواجهون الموت كل يوم، لكنهم لا يتوقفون عن النضال من أجل إنقاذ حياة إنسان . ينسجون أسطورة مؤثرة عن الشجاعة والمثابرة في وجه المعاناة اللامتناهية. يتحدون النقص الصارخ في الإمكانيات، ويجابهون الجروح العميقة والصرخات المدوية،

محاولين بكل ما أوتوا من قوة إعادة الحياة لأجساد معذبة، متحدين الظروف القاسية بروح لا تعرف الاستسلام، في بيئة تعد فيها الأدوية والتخدير ترفًا نادرًا إلى حد الغياب، ويصبح العمل الجراحي معجزة في حد ذاته، ومحاولة جبارة لإنقاذ مصابين على حافة الموت . رغم كل ذلك يواصلون مهمتهم الشريفة، يعالجون جراح المرضى التي لم يشهد مثلها تاريخ الحروب، بينها كثير من حالات بتر أطراف وحروق من الدرجة الرابعة وإصابات في الرأس،  ويجرون عمليات جراحية دقيقة أينما استطاعوا– على الأرض، في الممرات، في غرف مكتظة بعشرات المرضى ، بكل ما يمكنهم العثور عليه: الملابس للضمادات، والخل للمطهر، وإبر الخياطة كإبر جراحية، مستخدمين مهاراتهم الطبية لتجاوز نقص الأدوية والتخدير والمعقمات، زارعين الأمل في قلوب يعتصرها الألم والجوع والعطش.

تتجلى المأساة في أشد صورها عندما يُجبر الطبيب على إجراء عملية جراحية نتيجة الإصابات الخطيرة لأحد أفراد عائلته، أو عندما يكتشف أن الجريح الذي يحاول إنقاذه هو قريب أو صديق عزيز ، هذه المواقف القاسية تُعد اختبارات لقوة التحمل النفسي، وهنا تأتي لحظات التحدي للخوف وفظاعة الجراح التي أمامه، وذلك بقوة الصبر والإرادة في وجه أقسى محرقة لم يشهد مثلها تاريخ الحروب، تتمزق روحه بين مهنته وعاطفته، يحاول الحفاظ على هدوءه وتماسكه في مواجهة أفظع الظروف، فهل هناك أقسى من تلك الفاجعة من مشهد الطبيب الفلسطيني ماهر بسيسو الذين رأيناه يقوم ببتر قدم إبنة أخيه الممزقة عهد البالغة من العمر ١٦ عاماً نتيجة القصف الصهيوني الوحشي في بيتهم المحاصر بالدبابات على طاولة السفرة بدون تخدير لإنقاذ حياتها مستخدماً ليفة وصابون الجلي للتطهير ، كانت اللحظة مؤلمة وهو يحاول تهدئتها مواسياً إياها : قولي يا رب ، وهي بكل صبر ترد عليه يا رب الحمد لله وقلبه يبكي وهو يقول:  ربنا منزل عليها الصبر،  وبينما يهرع الطبيب أحمد أبو موسى لاستقبال الجرحى في المستشفى، يكتشف بصدمة أن من بينهم جثة ابنه وأبيه.، والدكتور إياد شقورة في غرفة الطوارئ يتفاجأ بجثامين أطفاله وأمه وإخوانه وأخته وأبنائها وأقاربه، وطبيب آخر يبحث عن ابنه بين المصابين في المستشفى برفقة زوجته قبل أن يعرض عليه أحد المصورين صورته ليخبره أنه بين الشهداء، وطبيب اَخر كان يهدئ من روع المصابين في المستشفى، عندما تفاجأ بابنه جثة ممددة أمامه. والكثير الكثير من المآسي الأخرى التي لا يمكن ذكر جميعها في هذا المقال.

في اليوم المشؤوم، عندما جاء الأمر من الاحتلال الصهيوني إلى هؤلاء الأطباء بإخلاء المستشفيات، في لحظة فارقة، كان الخيار يعني إما النجاة أو التضحية، اختار أطباء غزة الوقوف بثبات إلى جانب مرضاهم. لم يتزحزحوا، بل أصروا على أن يظلوا معهم . تلك القرارات كانت محفوفة بالتضحيات، ولكنهم قرروا أن يتحولوا إلى دروع بشرية من أجل إنقاذ من يحتاجونهم، مصرين على الوفاء بالقسم الطبي الذي أقسموه.

 

لقد حُوِّلَتْ المستشفيات من قبل آلة البطش الصهيونية والتي هي في الأحوال العادية ملاذًا للراحة والشفاء إلى ساحات مواجهة حيث الحياة والموت يتلاقيان. إن قرار أطباء غزة ليس مجرد موقف بطولي، بل هو رسالة حية تشهد على أن في الإنسان قوة تتجاوز حدود الذات، قوة تسمو فوق المخاوف والأهواء. لقد أرسوا صوت الضمير وأعطوا مثالاً حياً للعالم على معنى الشجاعة الحقيقية والتضحية النبيلة، تلك اللحظات التي اختاروا فيها البقاء، لم تكن مجرد لحظات في التاريخ، بل كانت إعلانًا عن أسمى القيم الإنسانية والبطولات الخارقة، إنها قصة أسطورة لا تُنسى، تحكي عن أطباء اختاروا الوقوف في وجه العاصفة، متسلحين  بإيمانهم وتفانيهم، متحدين كل الصعاب من أجل الحفاظ على حياة مرضاهم والمصابين. لقد أصبحت تلك الأيدي التي تتفانى في إنقاذ الأرواح رغم انها مقيدة بنقص المعدات والأدوية رمزًا للأمل والإصرار على الاستمرار، وصورة حقيقية لما يعنيه أن تكون طبيبًا في ظل الأزمات، ليس فقط معالجًا للأجساد، بل معززًا للروح، ومنارة أمل في بحر من اليأس.

لقد دمرت الكثير من المستشفيات والمراكز الطبية، وأصبح النجاح في إنقاذ حياة واحدة إنجازًا عظيمًا. الخسائر البشرية، سواء بين المدنيين أو الأطباء والطاقم الطبي، تضع عبئًا ثقيلًا على قلوبنا. فقد قُتل وشُرد مئات الأطباء والمسعفين، ومع ذلك، لا يتردد من تبقى منهم على قيد الحياة في السعي وراء كل فرصة لإنقاذ حياة.

إن تضحياتهم وجهودهم لا تقاس بمقاييس عادية. كل يوم يمثل نضالًا جديدًا، تحديًا آخر يتطلب شجاعة لا تُصدق وقوة نفسية هائلة. وعلى الرغم من الظروف المروعة التي يعملون فيها، يظلون مصدر إلهام وفخر لنا جميعًا.

قصة الأطباء في غزة تستحق أن يسمعها كل العالم. فهي تحكي عن الإنسانية في أصعب أحوالها، وتظهر كيف يمكن للروح البشرية أن تتجاوز الحدود وتصمد في وجه المحن. إنها قصة بطولة لا تقاس بالكلمات، قصة أمل ينبثق من الألم، وضوء يتلألأ في الظلام.

كطبيبة، أشعر بروابط عميقة مع هؤلاء الأبطال. الذين يغلقون جراح الوطن بخيوط الأمل تحت ضوء شموع خافت بأياديهم التي تتساقط منها الدموع على الأطفال الأبرياء في كل لحظة يخوضونها، يتحول هؤلاء الأطباء إلى أسطورة في حرب لا ترحم، ينقذون الأرواح البريئة من براثن الموت الزاحف.

كل يوم أتأمل في معاناة تلك الأرواح التي تصارع الموت، وأشعر بالأسى كوني طبيبة عاجزة عن تقديم يد العون لهم من البعد، هذا الشعور يعتصر قلبي، ويحول كل لحظة سكون إلى صرخة ألمٍ.

طبيبة أنا في وحدتي أحادث نفسي

أتأمل صور غزة ودموعي تتساقط على خدي.

أسمع صدى الأنين ودوي البكاء والفقد

كيف يمكنني أن أحتمل كطبيبة عجزي

وأنا لا أقوى على شفاء المحتاجين من البعد

عجز يؤلمني أكثر من جرح في جسدي

يثقل كاهلي ويحاصر روحي لا ينتهي.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: فی وجه

إقرأ أيضاً:

الهجرة والاستقالة.. أزمة نقص الأطباء إلى أين؟

إحصائيات مفزعة: 11 ألف طبيب يستقيلون في 3 سنوات

دراسة وزارية: عدد المرخص لهم بمزاولة المهنة يوضح الفجوة

مقترحات غير عملية: حلول العقوبات التي لا تحل الأزمة

الخطط الحكومية: هل تكفي لوقف نزيف الهجرة الطبية؟

نقص الأعداد يحول شباب الأطباء إلى بطل بلا جيش

تعرضت شقيقتي لأزمة صحية كبيرة، فقمنا بنقلها على الفور إلى معهد القلب القومي، بامبابة (محافظة الجيزة)، وذلك لقرب مقر المعهد من المنزل، عند دخولنا إلى قسم الطوارئ، وجدنا عددًا من المرضى يجلسون على الكراسي، وبسبب أزمة شقيقتي التي جعلتها غير قادرة على التنفس، ذهبنا إلى موظف الأمن الذي ينظم دخول مرضى الطوارئ كل منهم بالدور، وتحدثنا معه بضرورة دخول شقيقتي للطبيب للكشف عليها.

قال موظف الأمن: «محدش بيدخل إلا بالدور، روحوا هاتوا تذكرة دخول»، وأثناء حديثنا معه ومناقشته بأن حالتها قد تسوء، وقع أحد المرضى على الأرض فاقدًا الوعي، فالتف حوله المرضى وموظفو الأمن، وبسبب الشجار وارتفاع الصوت خرج الطبيب ليكشف على المريض الملقى على الأرض.

قال الطبيب الشاب: «شيلوا الحالة وهاتوها جوه عشان أكشف عليها»، وبادر بعض الأهالي بحمل المريض، وإدخاله للطبيب الذي قام بالكشف عليه وأوصى بـ«ضرورة حجزه تمهيدًا لإجراء عملية جراحية على الفور»، كان الطبيب الشاب بمفرده، ومسئولاً عن الكشف على المرضى في الطوارئ، الذي يُعد من أخطر الأقسام في المستشفيات، حيث يستقبل المئات من المرضى، وأغلبهم حالات حرجة.

كان الطبيب يكتب التقارير الطبية للحالات التي تستدعي الدخول والحجز بالمعهد، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان يقوم بمتابعة الحالات الموجودة على أسِرّة الاستقبال وملاحظة ما إذا كانت قد تحسنت أم لا. المشهد الذي كنت أحد الشهود عليه، مر بذاكرتي عندما أعلن نقيب أطباء مصر، الدكتور أسامة عبد الحي، عن هجرة 7 آلاف طبيب إلى الخارج خلال عام واحد.

وأوضح نقيب الأطباء أن «هناك طبيبًا لكل 1162 مواطنًا، بينما طبقًا للمعدل العالمي يجب أن يكون هناك طبيب لكل 435 مواطنًا»، وفي عام 2024، أصدرت نقابة الأطباء 8000 شهادة باللغة الإنجليزية، بين شهادات حسن السير والسلوك أو القيد بدرجة أخصائي أو استشاري، وتُستخدم هذه الشهادات في التقديم للسفر للخارج، وهي أحد المؤشرات الهامة التي شهدت معدلات متزايدة خلال السنوات الأخيرة، مما يوضح حجم الأزمة.

ناقوس الخطر

السؤال الذي يطرح نفسه، وسط هذه الملابسات: هل هجرة الأطباء إلى الخارج وما نشهده من نقص في الأطباء في عدد من المستشفيات هو أمر وليد اللحظة؟.. الإجابة: لا. فقد بدأ دق ناقوس خطر هجرة الأطباء منذ عام 2019، حين أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان دراسة عن مدى احتياج مصر للأطباء البشريين مقارنة بالمعدلات العالمية.

ذكرت الدراسة أن عدد الأطباء البشريين المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى نهاية عام 2018، دون احتساب الأطباء على المعاش- يقدر بـ212، 835 طبيبًا، بينما كان يعمل فعليًا في مصر وقتها في الجهات المختلفة، التي تشمل وزارة الصحة، والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة، وجامعة الأزهر، والمستشفيات الشرطية، عدد يقارب 82 ألف طبيب فقط، بنسبة 38% من القوة الأساسية المرخص لها بمزاولة المهنة.

وأشارت الدراسة إلى أن معدل الأطباء في مصر يبلغ 8.6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل العالمي هو 23 طبيبًا لكل 10 آلاف مواطن. وقد طرحت الدراسة عدة توصيات، من بينها: تبني مؤسسات الدولة خطة لاسترجاع الأطباء للعمل بالقطاع الحكومي، تقوم على رفع المستوى التدريبي، وتأمين بيئة العمل، ورفع المستوى المادي والاجتماعي للأطباء. وتستهدف الخطة خلال السنوات الخمس القادمة عودة 60 ألف طبيب للعمل بالقطاع الصحي الحكومي.

كما نصت الدراسة على ضرورة العمل على زيادة عدد الطلاب المقبولين بكليات الطب البشري بالجامعات الحكومية، والخاصة عن 10 آلاف طالب سنويًا، بما لا يتعارض مع إمكانيات الكليات والمستشفيات الجامعية في توفير مستوى جيد من التعليم الطبي. كما أوصت بالتوسع في إنشاء كليات طب بشري جديدة، حكومية أو خاصة أو أهلية، بما لا يخل بمعايير الالتحاق، أو التدريب الطبي فيها.

إحصائية مفزعة

في سياق الأزمة المتزايدة التي يعاني منها القطاع الطبي في مصر، كشفت النقابة العامة للأطباء عن إحصائية مفزعة تتعلق بهجرة الأطباء واستقالاتهم. ففي الشهور الأولى من عام 2022، حتى تاريخ 20 مارس، تقدم نحو 934 طبيبًا بالاستقالة، ليصل إجمالي عدد الأطباء المستقيلين منذ بداية عام 2019 وحتى 20 مارس 2022 إلى 11، 536 طبيبًا. هذا العدد الكبير يعكس حجم الأزمة التي يواجهها القطاع الصحي في البلاد.

توزعت الاستقالات على السنوات الماضية كالتالي: في عام 2016، تقدم 1044 طبيبًا للاستقالة، وفي عام 2017 ارتفع العدد إلى 2549 طبيبًا. أما في 2018، فقد تقدم 2612 طبيبًا، وفي عام 2019 وصل العدد إلى 3507 أطباء. وفي عام 2020، تقدم 2968 طبيبًا، وفي عام 2021 وصل العدد إلى أعلى مستوى له، حيث بلغ 4127 طبيبًا، ما يعكس تزايدًا ملحوظًا في معدلات الاستقالات.

ووفقًا لسجلات النقابة، بلغ عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي نحو 93، 536 طبيبًا، وهو ما يشكل نسبة 40.8% من الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش. ولكن هذه النسبة لا تعكس التحديات التي يواجهها القطاع، إذ أنها لم تشهد سوى زيادة طفيفة بمقدار 2.8% فقط منذ بداية عام 2019.

ورغم من الزيادة الطفيفة في عدد الأطباء العاملين، فإن المعدل ما زال بعيدًا عن المعدل العالمي الذي يقدر بـ23 طبيبًا لكل 10 آلاف مواطن. وفي مصر، هناك 9.2 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، مقارنة بـ 8.6 في بداية عام 2019. وللتأكيد على حجم الفجوة، تشير دراسة أعدتها لجنة المجلس الأعلى للجامعات إلى أن هناك طبيبًا لكل 1162 مواطنًا في مصر، في حين أن النسبة العالمية هي طبيب لكل 434 مواطنًا.

تحديات.. وحلول

أثار مقترح أحد النواب بمنع سفر الأطباء إلى الخارج لمدة خمس سنوات عقب التخرج حالة من الغضب في الأوساط الطبية، حيث اعتبرت نقابة الأطباء هذا المقترح خطوة غير مبررة. وفي بيان لها، أبدت النقابة رفضها لفكرة منع الأطباء من السفر، أو اشتراط سداد "فاتورة التعليم" كأداة للحد من هجرتهم، مؤكدة أن هذه الطروحات ليست فقط غير دستورية، بل غير عملية أيضًا ولا تمثل حلاًّ حقيقيًا للمشكلة.

وقالت النقابة إن معالجة أزمة هجرة الأطباء من خلال فرض قيود على حرياتهم الشخصية تُعد إغفالاً عمدًا للأسباب الجوهرية التي تدفع الأطباء للهجرة، مثل تدني الرواتب، وسوء بيئة العمل، والتعرض المستمر لحوادث الاعتداء، فضلًا عن غياب التأمين الفعلي للمستشفيات، ونقص التقدير المهني والمعنوي لهم. ووصفت النقابة هذه الحلول المقترحة بأنها عقوبات غير مناسبة، ولا تعكس فهمًا حقيقيًا للأزمة.

وأكدت النقابة أن الحلول الفعالة لهذه المشكلة تتطلب سياسات إصلاحية شاملة، تضمن بيئة عمل محفّزة، تعيد الاعتبار لمهنة الطب، وتمنح الأطباء المكانة التي يستحقونها، مشيرة إلى أن الحق في التنقل والسفر مكفول بالدستور المصري ولا يمكن فرض قيود عليه تحت أي ذريعة.

وأضافت النقابة أنه بدلاً من تحميل الطبيب أعباء إضافية فوق معاناته، كان من الأفضل توجيه الجهود نحو معالجة الأسباب الجذرية للهجرة. وأشارت إلى ضرورة توفير بيئة عمل تحترم مهنة الطب، من خلال دعم ملموس يشمل زيادة الرواتب، تحسين بيئة العمل، توفير الحماية للأطباء، وزيادة فرص التعليم والتدريب لتسهيل مسارهم المهني.

وحذرت النقابة من أن مثل هذا المقترح من شأنه أن يُفاقم أزمة هجرة الأطباء ويُعمق الشعور بالاغتراب المهني داخل الوطن. وأوضحت أن النقابة تعمل على تحسين بيئة العمل وزيادة الرواتب وتوفير حماية حقيقية للأطباء، وهي مطالب أساسية لضمان استمرارية الأطباء في العمل داخل البلاد.

وفي ذات السياق، أكد الدكتور طارق منصور، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، أن نقابة الأطباء كانت وما زالت في طليعة المنظمات التي حذرت مرارًا من أزمة هجرة الأطباء. وقال إن النقابة قدمت حلولًا واقعية وعملية لهذه الأزمة، بما في ذلك زيادة الرواتب، وتحسين بيئة العمل، وفتح فرص التدريب والتعليم، وهي سبل ضرورية للحفاظ على الكفاءات الطبية داخل مصر.

هل لدينا عجز؟

طبقًا للإحصائيات المتوفرة، بلغ عدد الأطباء المقيدين في النقابة العامة للأطباء 365، 744 طبيبًا، في حين أن عدد الأطباء المسجلين كمتوفين بلغ 35، 170 طبيبًا، مما يعني أن العدد الإجمالي للأطباء الفعليين يُقدّر بـ330، 574 طبيبًا. إذا قارنّا هذا العدد بعدد سكان مصر البالغ 110 ملايين نسمة، فإن النتيجة تكون 3.3 طبيب لكل ألف مواطن، أي طبيب لكل 303 مواطنين، وهو ما يفوق المعدل العالمي.

وقد أكد الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء، أن النقابة طالما حذرت من مقترحات زيادة عدد الخريجين من كليات الطب، مشددًا على أنه لا يوجد عجز في عدد الأطباء المسجلين في النقابة مقارنة بعدد السكان. ومع ذلك، أشار إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في هجرة الأطباء إلى الخارج بسبب الظروف المحيطة.

وأضاف الدكتور القاضي أن زيادة أعداد كليات الطب والخريجين ستضيف عبئًا ماليًا إضافيًا على الدولة، محذرًا من أن الحل الأمثل يكمن في زيادة موازنة القطاع الصحي بدلًا من زيادة الإنفاق على إنشاء كليات جديدة.

وفي السياق ذاته، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن خطط لزيادة أعداد دارسي الطب في مصر من 9 آلاف خريج إلى 15 ألف خريج هذا العام، مشيرًا إلى أن كليات الطب ستقوم بتخريج 29 ألف طبيب سنويًا بعد مرور 6 سنوات. وأوضح أن الدولة لا تمانع هجرة 10 آلاف طبيب سنويًا، معتبرًا أن ذلك يساهم في زيادة إيرادات الدولة من العملة الأجنبية، وهو ما يُعد دليلًا على جودة التعليم الطبي في مصر.

اقرأ أيضاًهجرة الأطباء "من جديد"

نقابة الأطباء لـ«الأسبوع»: تدني الأجور يدفع الآلاف للهجرة سنويًا.. ولا نتقاضى رسومًا مقابل سفرهم

مقالات مشابهة

  • رحيل البابا فرنسيس وأثره في قلوب السجناء
  • قطرة تربك قلوب الأمهات الجدد.. متى يشرب رضيعي الماء؟ وما الكمية الآمنة؟
  • وفاة الإعلامي صبحي عطري بعد مسيرة لامست قلوب النجوم
  • بحضور رئيس الجمهورية.. وزيرالأوقاف يحتفل بتخريج دفعة الإمام محمد عبده
  • الهجرة والاستقالة.. أزمة نقص الأطباء إلى أين؟
  • البابا فرنسيس.. الكاردينال الذي باع ثروته واشترى قلوب الفقراء
  • الراعي مار بندكتوس يونان حنو يوعز يقرع أجراس الحزن في كنائس الأبرشية
  • العاهل الأردني معزيا البابا فرنسيس: رجل سلام ستبقى ذكراه خالدة في قلوب الملايين
  • ماكرون: البابا فرنسيس كان متواضعا وعمل على نشر الأمل في قلوب البسطاء
  • والدة إمام صلاة التراويح الكفيف بالجامع الأزهر تبكي على الهواء.. تعرف على السبب -(فيديو)