عربي21:
2025-03-18@03:31:58 GMT

حرية الملاحة من قناة السويس إلى باب المندب

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

لا تزال البحار تحتفظ بموقعها المتميز على خريطة التفاعلات الجيوسياسية في العالم وقدرتها على إعادة رسم مسار الأحداث الكبرى، فمن يسيطر على البحار الكبرى يمتلك أوراقا هامة في السياسية والاقتصاد؛ حدث هذا مع دور روسيا في البحر الأسود ومحاولة الولايات المتحدة السيطرة على بحر قزوين، وهو ما تحاول أن تقوم به جماعة أنصار الله الحوثية في البحر الأحمر الآن.



خصوصية دخول البحار في الصراع الدائر حاليا في غزة أنه يُدخل طرفا مهما في القانون الدولي في أتون هذا الصراع، وهو القانون الدولي للبحار. فهذا القانون هو تعبير عن أحد فروع القانون الدولي والذي له حساسية؛ لكونه يمس من جهة حركة التجارة العالمية ومن جهة أخرى لأنه يتحرك داخل فضاء مشاع هو المياه الإقليمية والدولية. ونظرا لطبيعة المصالح المشتركة لكافة الدول في انتظام حركة الملاحة الدولية، بقيت البحار خارج معظم دوائر الصراع إلا حين تتعاظم الأمور.

لم تكن هناك أية إرادة دولية للبلدان المطلة على البحر الأحمر في أن تستخدم نفوذها لتحقيق أية مكاسب سياسية دولية نظرا لهذا الموقع الاستراتيجي، وبقي الاستخدام الوحيد لهذه الميزة الجغرافية الفريدة هو تعبير الدول عن حماية حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر كنوع من تقديم أوراق اعتماد لدى القوى الكبرى والمؤسسات الدولية. كان هذا حتى أتت عمليات جماعة أنصار الله الحوثية ضد السفن التي لديها تعامل مع إسرائيل لتقلب هذه المعادلة
أحد التعبيرات المهمة عن هذا الأمر هو افتتاح قناة السويس في مصر ودورها الرئيس في الاقتصاد المصري حاليا، وهو فرع من سلاحها ذي الحدين في التعبير عن الاستقلال الوطني من جهة، وبما تمثله من مطمع استعماري ودولي نظرا لموقعها الاستراتيجي، من جهة أخرى. الأمر نفسه ينطبق على مضيق باب المندب الآن بعد أن امتدت الحرب الدائرة في غزة إليه.

وإذا كانت قناة السويس هي البوابة الشمالية للبحر الأحمر وباب المندب هو البوابة الجنوبية له، فنحن هنا نتحدث عن بحيرة عربية إسلامية خالصة فيما عدا جزء صغير تحاول إسرائيل أن يكون لها منفذ عليه، إذا أخذنا في الاعتبار حكم الواقع فيما يخص مسلمي إريتريا البالغ عددهم نصف عدد السكان. وهذا يشابه إلى حد بعيد وضع البحر المتوسط إبان الخلافة الأموية التي استطاعت أن تجعل منه بحيرة إسلامية بعد أن استفاد المسلمون من خبرتهم ما قبل الإسلام في الأمور البحرية، والتي زاد منها تأسيس أول أسطول بحري في عهد الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان.

لم تكن هناك أية إرادة دولية للبلدان المطلة على البحر الأحمر في أن تستخدم نفوذها لتحقيق أية مكاسب سياسية دولية نظرا لهذا الموقع الاستراتيجي، وبقي الاستخدام الوحيد لهذه الميزة الجغرافية الفريدة هو تعبير الدول عن حماية حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر كنوع من تقديم أوراق اعتماد لدى القوى الكبرى والمؤسسات الدولية. التفكير الغربي في مصير باب المندب لن ينفصل عن تفكيره في مصير قناة السويس، وذلك لأن الأمر أكثر ارتباطا بالحاضر منه بالتاريخ. ولهذا فإن الهجمات الأمريكية والبريطانية على جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن تحمل تفكيرا سياسيا جديدا في التعامل مع هذين المنفذين؛ لأن المعادلة السياسية الإقليمية القديمة يبدو أنها تغيرت الآن وتحتاج إلى تعامل مختلف كان هذا حتى أتت عمليات جماعة أنصار الله الحوثية ضد السفن التي لديها تعامل مع إسرائيل لتقلب هذه المعادلة.

يختلف الوضع الراهن عن مشكلة القراصنة في الصومال قديما، وذلك لأن هذه المشكلة كانت مرتبطة بغياب شبه كامل للدولة في الصومال وغياب أي تسيس لعمليات القرصنة، ناهيك عن عدم ارتباط الفاعلين الأساسيين في الصومال آنذاك بقوى كبرى مثل ارتباط جماعة أنصار الله الحوثية بإيران، بالإضافة إلى أن الاحتلال الإنجليزي لمصر ولليمن كان في جزء كبير منه هو محاولة السيطرة على هذين المنفذين البحريين المهمين واللذين لا يزالان يحملان أهمية كبيرة في حركة الشحن والتجارة الدولية.،

إن التفكير الغربي في مصير باب المندب لن ينفصل عن تفكيره في مصير قناة السويس، وذلك لأن الأمر أكثر ارتباطا بالحاضر منه بالتاريخ. ولهذا فإن الهجمات الأمريكية والبريطانية على جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن تحمل تفكيرا سياسيا جديدا في التعامل مع هذين المنفذين؛ لأن المعادلة السياسية الإقليمية القديمة يبدو أنها تغيرت الآن وتحتاج إلى تعامل مختلف. ولا يتعلق الأمر باحتلال مباشر على النهج القديم، ولكنه يفرض إعادة التفكير في المخاطر الجيوسياسية في هذين الملفين واحتمالات إفلاتهما من الوضع القائم المسالم والدخول على خط المواجهة والضغط، وهو ما لا تسمح به القوى الكبرى التي تملك نفوذا على معظم دول البحر الأحمر.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الملاحة قناة السويس الحوثيين قناة السويس البحر الاحمر الملاحة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قناة السویس باب المندب تعامل مع فی مصیر من جهة

إقرأ أيضاً:

انفجارات جديدة في باب المندب: تصعيد يمني مفاجئ بعد قرار حظر الملاحة الإسرائيلية

ممر بابا المندب (وكالات)

شهدت منطقة باب المندب، السبت، سلسلة من الانفجارات العنيفة التي هزت الممر الملاحي الأهم في البحر الأحمر، في خطوة قد تكون دليلاً على تصعيد جديد من قبل القوات اليمنية، وذلك في أعقاب إعلانها عن قرار حظر الملاحة البحرية إلى الموانئ الإسرائيلية.

وأفادت مصادر ملاحية بأن الانفجارات وقعت في ساعات الفجر، مرجحة أن تكون ناتجة عن عملية عسكرية يمنية جديدة. ورغم أن تفاصيل الانفجارات لا تزال غامضة، لم يتضح ما إذا كانت هذه الانفجارات تحذيرية موجهة إلى السفن العابرة، أو إذا كانت قد استهدفت فعلاً بوارج أو سفن تابعة للعدو.

اقرأ أيضاً تجدد القصف الأمريكي على العاصمة صنعاء.. المناطق المستهدفة 15 مارس، 2025 تحذيرات الطقس: أمطار متفرقة ورياح مثيرة للأتربة على هذه المحافظات في الساعات القادمة 15 مارس، 2025

إلا أن هذه الحادثة تعد الثانية من نوعها منذ أن دخل قرار القوات اليمنية بحظر الملاحة إلى الموانئ الإسرائيلية حيز التنفيذ في البحر الأحمر وصولًا إلى البحر العربي.

في هذه الأثناء، تركز القوات اليمنية في المرحلة الأولى من عملياتها على استهداف السفن التابعة للاحتلال الإسرائيلي أو تلك المتجهة نحو موانئه، ما يشير إلى استمرار التصعيد في هذا الممر الاستراتيجي المهم.

وفي خطوة لافتة، نشر القيادي البارز في حركة أنصار الله، عبدالقادر المرتضى، صورة عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، تظهر عدداً من القيادات العسكرية خلال اطلاعهم على سير عمليات الرقابة على الملاحة في الممرات البحرية المحددة.

وأشار المرتضى إلى أن أي سفينة إسرائيلية لم تمر في الأيام الأخيرة عبر هذه الممرات، مما يعكس التزام الشركات الملاحية بقرار حظر الملاحة الذي فرضته اليمن.

في ذات السياق، نصحت هيئة العمليات التجارية البريطانية الشركات الملاحية بمراجعة الشروط الخاصة التي وضعتها اليمن لتجنب أي استهداف في المنطقة. وتعد هذه العمليات جزءاً من سلسلة من العمليات العسكرية التي نفذتها القوات اليمنية خلال الأشهر الماضية في إطار دعمها للمقاومة الفلسطينية في غزة.

وقد أسفرت هذه العمليات عن استهداف أكثر من مائتي سفينة، بالإضافة إلى بوارج وحاملات طائرات، مما أدى إلى إغراق سفينة والاستيلاء على أخرى، بينما تعرضت العديد من السفن لضربات متفرقة.

مع تصاعد هذه العمليات، يبدو أن اليمن عازمة على تنفيذ تهديداتها بمواصلة استهداف الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، مما يضيف مزيدًا من التعقيد والتوتر في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تعيد التهديد للملاحة الدولية بعسكرة البحر الأحمر وتجديد العدوان على اليمن
  • "البنتاجون": هدف الضربات على الحوثيين استعادة حرية الملاحة وترسيخ الردع الأمريكي
  • معارك البحر الأحمر تشتعل بين أنصار الله والولايات المتحدة.. ودعوات دولية للتهدئة والحوار
  • أنصار الله الحوثي تعلن تنفيذ هجوما على حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر
  • جماعة «أنصار الله» تردّ على أمريكا: استهداف حاملة طائرات في البحر الأحمر
  • هيئة السويس تبحث مع شركة شحن كبرى عبور القناة في ظل الوضع باليمن
  • ناطق الحوثيين: الغارات الأمريكية الأخيرة عودة لعسكرة البحر الأحمر
  • ناطق أنصار الله يتحدى ترامب أن يثبت هذا الأمر
  • رئيس الوفد الوطني المفاوض: الغارات الأمريكية عودة لعسكرة البحر الأحمر وذلك هو التهديد الفعلي للملاحة الدولية
  • انفجارات جديدة في باب المندب: تصعيد يمني مفاجئ بعد قرار حظر الملاحة الإسرائيلية