عمير بن الماس العشيت **

alashity4849@gmail.com

 

تعد الحماية الاجتماعية ركنًا أساسيًا وجوهريًا في المجتمعات المعاصرة، والتي تسعى بدورها إلى تحسين وتطوير ومساعدة كافة الفئات المحتاجة للمعونات المالية الضرورية، والشاهد من القول أن وزارة الشؤون الاجتماعية كانت لها أدوار واسعة في هذا الجانب منذ تأسيسها؛ حيث شاركت وساهمت في تقديم العون والمساعدات لأغلب الفئات المحتاجة في السلطنة التي تتوافر لديها شروط الاستحقاق والمساعدات وفقاً للقوانين، منها المعاشات والإعفاءات والمنح الدراسية والعلاوات والمساعدات النقدية في الأعياد وشهر رمضان وأيضًا تغطية مصارف الحج وصرف تذاكر السفر والمستلزمات المدرسية وغيرها.

وجاء ذلك إيمانًا منها بأنَّ الحماية الاجتماعية تعد أحد الأهداف الاستراتيجية المهمة والملحة لكل أفراد المجتمع، وهي مطلب وطني لا مناص منه، فعندما تتوافر متطلبات الشعوب من الحياة الكريمة في بلدانها، فإن ذلك يعني الاستقرار والأمان للأوطان.

ومنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، سلطان المساواة والإنسانية، مقاليد الحكم في البلاد، فقد أخذ على عاتقه العناية الكاملة بالإنسان العماني؛ كونه يمثل الركن الأساسي في التنمية وبناء الوطن، ولتحقيق هذه الأهداف السامية فقد تم توسيع نطاق الحماية الاجتماعية في الفترة الأخيرة من العام الماضي إلى نطاق أكثر شمولية، تناول كافة الشرائح المجتمع المحتاجة للمساعدة في السلطنة نظرا للتقلبات الاقتصادية العالمية، ومنه تم صدور المرسوم السلطاني الشامل بقانون الحماية الاجتماعية والذي يحمل رقم 52/2023، الصادر بتاريخ 19 من يوليو 2023، ولقد أحدث هذا المرسوم وقعا جميلا في نفوس المنتفعين بعد تسلمهم المبالغ المصروفة خلال هذا الشهر، أدخل في قلوبهم البهجة والفرحة والسعادة وكأنه يوم عيد عندهم، ومما لا شك فيه أن المنفعة ستخفف على المنتفعين كاهل الالتزامات والمصروفات المرتفعة.

وبناءً عليه، فقد حدد المرسوم السلطاني في نص المادة (13) بقانون الحماية الاجتماعية، والتي جاء فيها: "يتولى المجلس تنظيم وتحديد تاريخ العمل بأحكام منفعة الباحثين عن عمل لأول مرة، ومنفعة الأمومة وفرع التأمين الصحي وأي فروع منافع أو تأمين أخرى يتم إقرارها، وذلك وفقًا للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار المجلس بعد موافقة مجلس الوزراء". وفي المادة رقم (14) من المرسوم السلطاني نقرأ: "تتولى وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية وجهات الاختصاص كل حسب اختصاصه، صرف المساعدات الاجتماعية وتقديم الخدمات التأهيلية والإشراف على دور الرعاية الاجتماعية وبرامج التمكين وبرامج الدعم الأخرى التي تقرها الحكومة وبرامج الادماج الاقتصادي والاجتماعي وبرامج حقوق الطفل والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم من الفئات، ويجوز لمجلس الوزراء أن يسند إدارة أي من هذه البرامج أو غيرها إلى الصندوق".

ونظرًا لنص هاتين المادتين اللتين تناولتا- نصًا- المستحقين للمنفعة الاجتماعية، فمن هنا يُطرح السؤال التالي: لما لا يتم إدراج فئة الشباب المعسرين وغير القادرين على تحمُّل مصروفات الزواج ليكونوا ضمن المستحقين للمنفعة الاجتماعية؟ فهم غير قادرين على تحمل تكاليف مصاريف غلاء المهور وحفلات الأعراس وارتفاع إيجارات الشقق، وقضاء شهر العسل وغيرها، وكذلك العادات والتقاليد التي هي الأخرى كبّلت نطاق زواج الشباب، وجعلتهم مقيدين بزواج الأقارب غير المحمود لأنه قد يخلف الكثير من الأمراض لدى الأجيال الجديدة.

نأمل أن تكون هذه الفئة ضمن الفئات المستحقة للمنفعة من خلال موافقة مجلس الوزراء على إدخال برنامج التسهيلات المالية لمشروع الزواج في بنك التنمية لمساعدة مثل هذه الفئات بواسطة الحصول على قرض الضمان الاجتماعي المعمول به في بنك التنمية، وبالتالي يستطيع الفرد أخذ تسهيلات وقروض ميسرة دون فوائد، شأنه شأن الفئات الأخرى المستفادة من بنك التنمية؛ كالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصيادين والمزارعين والحرفين وذوي الدخل المنخفض وغيرهم، لا سيما وأن الحافز الداعم لهؤلاء الشباب أن أغلبيتهم يعملون في شركات ولهم رواتب وعلاوات، إلّا أن هذه الشركات غير مسجلة في البنوك التجارية ولا يستحقون القروض منها. وعليه فإنه لا توجد هناك عوائق مالية في إجراءات السداد لبنك التنمية كونهم موظفين منتظمين، كما إن الجمعيات التي ينفذها الأفراد فيما بينهم لا تستطيع القيام بدعم صندوق الزواج كونها مرتبطة بمشاركة الأعضاء المساهمين فيها، ناهيك عن النظام البيروقراطي المعقد فيها سواء من الناحية الإدارية والمالية أو التصويت؛ فالجمعيات يديرها ويراقبها أعضاؤها، وتهدف الى تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها. كما أن تقديم المساعدات المالية من الجمعية للراغبين في الزواج دون مقابل لن تكون إلا في حالات التبرعات وهذا لم يحدث حتى الآن. 

المؤسسات المدنية هي الأخرى لم تنجح في وضع الحلول الناجعة لظاهرة غلاء المهور ومناسبات الأعراس منذ عشرات السنين، وأيضا جمعيات الأفراد والعوائل التي كان لها دور في التسعينات من القرن الماضي في فك كرب الكثير من الناس ومنها في زواج الشباب، إلّا أنها الآن لم تعد تكسب ثقة المساهمين والمشاركين نتيجة انسحاب بعض من أعضائها بعد تسلمهم مستحقاتهم وعدم دفع الأقساط المتبقية.

بهذه المبادرة المقترحة، نأمل تحقيق الكثير من المصالح الاجتماعية والوطنية، منها الحد من ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج، والحد من الجرائم، وتعزيز التماسك الأسري وتخفيف الديون عن الأسر، ومن ناحية أخرى سيتم الحفاظ على التوازن في التركيبة السكانية من خلال زيادة عدد المواليد، وذلك مقارنة بالعمالة الوافدة المتزايدة، وبالتالي فإن تبنى الجهات الحكومية مبادرة دمج فئة الشباب الراغبين في الزواج مع فئة المنتفعين في بنك التنمية سيكون له أثر كبير على التنمية المجتمعية والوطن.

** كاتب وباحث

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«التضامن»: مضاعفة مخصصات الإنفاق على الحماية الاجتماعية لـ635 مليار جنيه خلال 2024

 

أكدت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن مصر تفخر بما حققته في مجال الضمان والحماية الاجتماعية في ظل تحديات عالمية غير مسبوقة، حيث حرصت الدولة على توسيع قاعدة المستفيدين، وتعزيز آلية الاستهداف لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، ويعكس ما تحقق خلال العقد الماضي قفزة هائلة، تفوق عشرات أضعاف ما تم تحقيقه في مجال الحماية الاجتماعية منذ الخمسينيات، كما أنه للمرة الأولى تم استحداث منصب نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وهو ما يعكس الإرادة السياسية للدولة، لتضع المواطن والمواطنة في قلب جهودها التنموية.

وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي، خلال مشاركتها في جلسة استعراض التقرير الدوري الشامل UPR لملف حقوق الإنسان للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا، أنه تم مضاعفة مخصصات الإنفاق العام على الحماية الاجتماعية التي تشمل دعم الغذاء والتأمين الاجتماعي والصحي والإسكان والتحويلات النقدية، لتصل إلى 635 مليار جنيه عام 2024، ووصل برنامج الدعم النقدي المشروط تكافل وكرامة، الذي مر عقد كامل على تنفيذه، إلى 4 ملايين و700 ألف أسرة، بالإضافة إلى 500 ألف أسرة بالتعاون مع المجتمع المدني بواقع 22 مليون فرد بتكلفة بلغت 45 مليار جنيه سنويًا، بالإضافة إلى تخارج أكثر من 3 ملايين أسرة بسبب تحسن أو تغير أحوالهم المعيشية في نفس الفترة.

قانون الضمان الاجتماعي

وأضافت وزيرة التضامن، أنه تم الموافقة على قانون الضمان الاجتماعي في البرلمان بهدف مأسسة واستدامة المساندة الاجتماعية النقدية وتحويلها إلى حق تشريعي، ويتضمن تدابير إضافية لمواجهة الزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

إنشاء منظومة مالية للتمكين الاقتصادي

وأشارت الدكتورة مايا مرسي إلى أن الحكومة تعمل حاليا على إنشاء منظومة مالية استراتيجية للتمكين الاقتصادي، تستهدف 5 ملايين أسرة، كما حصل المشروع القومي حياة كريمة، أكبرُ مشروع تنموي شامل مستدام في تاريخ مصر، على إشادة أُممية حيث تم تسجيله على منصة مسرعات accelerator لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في 2020، وعلى منصةِ أفضل الممارسات الدولية في 2021.

مقالات مشابهة

  • مناقشة الصُّعوبات التي تُواجه الطلاب «ذوِي الإعاقة» خلال الامتحانات
  • انطلاق المؤتمر الإقليمي للرعاية البديلة ودور التنمية المستدامة.. «الحماية الاجتماعية للأطفال والشباب والتمكين الاجتماعي والاقتصادي والاستدامة وبناء مؤسسات معاصرة» أبرز المحاور
  • مدبولي: إعلان حزمة الحماية الاجتماعية للمواطنين قريبًا
  • الحكومة تعلن حزمة الحماية الاجتماعية خلال أسابيع.. تفاصيل
  • «التضامن»: إشادة دولية بجهود مصر في ملف حقوق الإنسان وبرامج الحماية الاجتماعية
  • وزيرة التضامن: الدولة ضاعفت مخصصات الإنفاق على الحماية الاجتماعية إلى 635 مليار جنيه في 2024
  • وزيرة التضامن: استعرضنا في جنيف ما حققته مصر بملف الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي
  • «التضامن»: مضاعفة مخصصات الإنفاق على الحماية الاجتماعية لـ635 مليار جنيه خلال 2024
  • عاجل - الحكومة تعلن موعد تطبيق حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة
  • وزيرة التضامن: مصر تفخر بما حققته في مجال الحماية الاجتماعية