ترجمة: أحمد شافعي -

يصلي المسلمون خمس مرات في اليوم، ابتداء بصلاةٍ قبل شروق الشمس وانتهاء بصلاة بعد مغيبها. والصلاة عماد من أعمدة عقيدتنا، ونحن نؤمن بأنها ستكون من أوائل ما يسألنا عنه الله بعد أن نموت.

وبوصفي معلمة مسلمة في مدرسة ثانوية، فإنني أصلي في الفصل في وقت الغداء، وفي الشتاء، حينما يقصر النهار، أصلي صلاة أخرى بعد انتهاء الحصص.

ولم يحدث قط أن كان في هذا العمل الروحاني الشخصي تهديد لتماسك المدارس التي عملت فيها، ولا كان فيه انتقاص من هويتي البريطانية. ومع ذلك، فهذه تحديدا هي الحجة التي احتجت بها مديرة المدرس المثيرة للجدل كاثرين بيربالسنغ هذا الأسبوع وهي تدافع عن قرار حظر «شعائر الصلاة» في مدرستها الثانوية الواقعة بغرب لندن وهي مدرسة ميكايلا.

في قضية بالمحكمة العليا رفعها طالب مسلم سعيا إلى إلغاء هذا الحظر «التمييزي»، تبين أن طلبة ميكايلا كانوا يصلون في الملعب، ساجدين على ستراتهم لقرابة خمس دقائق من وقت الغداء، وذلك لأن المدرسة لا توفر لهم غرفة للصلاة. غير أن ذلك ـ في ما رأت المدرسة ـ يهدد التماسك الاجتماعي و«يفرق» بين الطلاب. قال مركز كيه سي القانوني الممثل لإدارة المدرسة إن معلمين رأوا بعض الأطفال المسلمين يفرضون ضغطا على آخرين ليكونوا أكثر التزاما. وهكذا اتخذ قرار بحظر جميع الصلوات في المكان.

حسن، إنني أقول «جميع الصلوات». لكن الحقيقة هي أن الحظر ـ مثلما يوضح محامي القضية المرفوعة من طالب مدرسة ميكايلا ـ لم يمنع عمليا طالبا مسيحيا جالسا في هدوء على مقعد من الصلاة في صمت. لا، فهذا الحظر بالذات مخصص لـ«شعائر الصلاة» الواضحة الظاهرة. وهذا بالطبع، بعمد أو بغير عمد، يعني صلاة المسلمين بالذات.

في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، دافعت بيربالسينغ عن هذا القرار بقولها إن هذه السياسة ضرورية لضمان «ازدهار الأطفال من جميع الأعراق والأديان». وبغض النظر عن الافتراض المهين المقيت بأننا لا بد أن نتحول جميعا إلى روبوتات بلا عقائد أو أفكار تخصنا لكي نعيش جميعا في تناغم، يثير هذا سؤالا عن البيئة المدرسية التي يسهل على جماعة من الطلبة أن يدمروها بمجرد تعبيرهم علنا عن إيمانهم لبضع دقائق في اليوم؟ وهل بيئة كهذه صحية لشباب الراشين الذين يوشكون أن يدخلوا عالما يحظى الناس فيه بحرية التعبير عن معتقداتهم علنا؟ وفي حين أنه لا يجب فرض ضغط على أحد من أجل الصلاة، فهل بوسع مدرسة أن تجد سبيلا إلى إفساح غرفة لم يريدون التعبير علنا عن معتقدهم الديني؟

لقد كتبت بيربالسينغ في بيانها قائلة إن «أطفالنا، مهما تكن خلفيتهم، بريطانيون». وباسم الهوية البريطانية، لا تقترح بيربالسينغ علينا إلا الدستوبيا، أو هي نسخة شائهة من التعددية الثقافية قد تكون لنا فيها سمات عرقية مختلفة لكننا نكون من الداخل خاوين مهيئين لأن تطبع علينا الدولة ألوان علم الاتحاد، ثم تثني على نفسها بنفسها فخورة بمدى تنوع أمتنا. وليس في هذا نفع لنا على المستوى العرقي. والحق أنه لا نفع فيه لنا على مستوى الأمة كلها. وبرغم ذلك، أفترض أنه لا عجب في أن يصدر هذا عن ناظرة مدرسة يبدو أنها قالت ذات يوم إن الآباء يجب أن يدعموا معلمي أبنائهم حتى عندما يقول الطفل إن أولئك المعلمين يمارسون عليه تمييزا عنصريا.

وبرغم كل ما يحيد من الجدل بـ«مديرة المدرسة الأكثر صرامة في بريطانيا»، ليست بيربالسينغ إلا أحد أعراض الدولة الرامية إلى ترويج نسخة أحادية ومطلقة من الهوية البريطانية. فليس من قبيل المصادفة أن بيربالسينغ شخصية مؤسسية، محببة لدى الحكومة التي تعدها نموذجا لقائد المدرسة الذي يرفض ـ بحسب الطلب ـ نظرية العرق، ويبدو أنها أيضا تجسيد للنموذج التاتشري المحافظ الصغير الذي يقول إن العمل الجاد فقط هو الذي يمكن أن يخرجك من الفقر.

ليس من قبيل المصادفة أيضا أن يستهدف الحظر المسلمين عمليا، فنحن نعيش في مناخ يسعى إلى تجريم الممارسة الإسلامية على كل المستويات. من استراتيجية بريفنت لمقاومة الإرهاب التي تعد أطفال المسلمين غير آمنين ومسيَّسين للغاية في المدرسة، إلى تصوير المظاهرات المناصرة للفلسطينيين (وهي المليئة فعليا بالناس من جميع الخلفيات) «مسيرات كراهية» مثلما قال وزير الوطن السابق سويلا بريفرمان، إلى قول ريشي سوناك لعضوة البرلمان زارا سلطانة إن «تدعو حماس والحوثيين إلى عدم تصعيد» الوضع في غزة (وكأنما رقم هاتف حماس موجود على هواتف المسلمين جميعا) فلا يكاد يوجد قطاع في الحياة العامة يصور الهوية البريطانية والهوية الإسلامية في حالة من التناغم.

وفيما ننتظر ما ستسفر عنه قضية المحكمة العليا، من المهم أن ننظر إلى الصورة الأوسع. وبقدر ما أرجو لطلبة مدرسة ميكايلا أن يفوزوا بالحق في الصلاة في المدرسة، لا بد أن نسائل البيئة التي سمحت بأن تظهر في إحدى أكثر مناطق العاصمة تنوعا، ناظرة مدرسة تؤمن أن الطريق إلى التناغم الاجتماعي يكمن في منع جزء أساسي من هوية بعض طلبتها. لماذا قبلنا هذه الفكرة القائلة إن الهوية البريطانية هي طريقة معينة في النطق والتفكير والعمل؟ لماذا سمحنا للدراسة في المدارس أن تكون عملية غسيل أدمغة للأطفال وحشو برؤية قاصرة لمعنى الهوية البريطانية؟ ولو أن بالإمكان أن نقول للأطفال، في مدرسة شاملة في لندن لا غيرها، إن الصلاة في العلن هي بطريقة ما أمر مناف للبريطانية، فأي رسالة هذه التي نبعثها إلى الجيل القادم عمن هو البريطاني ومن هو غير البريطاني؟

نادين عسبلي معلمة في مدرسة ثانوية بلندن

عن صحيفة الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

المدرسين غايبين.. مهزلة في مدرسة بالفيوم واستبعاد المديرة وفتح تحقيق

شهدت مدرسة محمد صبري البكباشي الإعدادية بنين التابعة لإدارة غرب الفيوم التعليمية، زيارة مفاجئة من الدكتور خالد قبيصي، وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم.

غياب 5 مدرسين و“الباقي متأخرين” 

خلال الزيارة، فوجئ الدكتور خالد قبيصي بغياب 5 معلمين بدون عذر، وتأخر 6 معلمين آخرين عن الحضور في الوقت المحدد لطابور الصباح.

وعلى الفور، قرر وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم إحالة الـ 11 معلما للتحقيق بسبب تغيب 5 وتأخر 6 عن الحضور في الوقت المناسب لطابور الصباح وتحية العلم.

غياب الطلاب.. وتأخر الطابور.. واستبعاد المديرة

كما قرر قبيصي أيضًا استبعاد مديرة المدرسة، بسبب عدم بدء طابور الصباح في المواعيد المحددة، وعدم انضباط المدرسة، وارتفاع نسبة تأخر الطلاب عن الحضور للمدرسة، وارتفاع نسبة غياب الطلاب عن المدرسة الأسبوع الماضي.

وأكد وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم أهمية الالتزام بالمواعيد والانضباط في جميع المدارس، مشيرًا إلى أن هذا يعد جزءًا من مسئولية الجميع في الحفاظ على بيئة تعليمية جادة وفاعلة.

كما تفقد وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم المدرسة والفصول الدراسية، ومعمل الوسائط المتعددة، وحضر حصة لغة عربية بالصف الأول الإعدادي، وحصة دراسات بالصف الثاني الإعدادي، وناقش الطلاب للوقوف على المستوى الدراسي.

ونبه وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم على ضرورة انضباط المدرسة والفصول الدراسية وحضور جميع العاملين بالمدرسة والطلاب طابور الصباح وتحية العلم، وضرورة انضباط جدول الحصص الدراسية، وبذل مزيد من الجهد داخل الفصول الدراسية مع الطلاب من أجل رفع نسبة تفوق الطلاب وتحقيق بيئة تعليمية مثالية.

كانت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أصدرت تعليمات عاجلة لجميع المدارس الموجودة على مستوى الجمهورية مع بدء الترم الثاني 2025، شددت خلالها على الالتزام بـ تسجيل غياب الطلاب أولاً بأول بدون أي تهاون.

وقالت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، إن إجراءات تسجيل الغياب في المدارس خلال الترم الثاني 2025 تتم إلكترونيا للمراحل التعليمية المتاح لها ذلك، وكذلك بالسجلات التقليدية المخصصة لذلك.

وشددت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني على أنه سيتم إخطار أولياء الأمور بصفة دورية بموقف غياب أبنائهم، مشيرةً إلى أنه سيتم تخصيص رقم هاتف للتواصل والشكاوى.

مقالات مشابهة

  • مشادة كلامية.. حقيقة وقوع مشاجرة بالأسلحة في مدرسة بالساحل
  • الداخلية تكشف حقيقة وقوع مشاجرة داخل مدرسة بالقاهرة
  • محافظ الدقهلية يفتتح مدرسة عزبة أبو غانم بديسط بمركز طلخا بتكلفة 11 مليون جنيه
  • محافظ الدقهلية يفتتح مدرسة عزبة أبو غانم بديسط بتكلفة 11 مليون جنيه |صور
  • المدرسين غايبين.. مهزلة في مدرسة بالفيوم واستبعاد المديرة وفتح تحقيق
  • «علمنا عليك».. تفاصيل إصابة طفل بـ موس خلال مشاجرة داخل مدرسة بسوهاج
  • فرصة لخريجي الإعدادية | شروط التقديم في مدرسة صناعة الطائرات ومدة الدراسة
  • «أمن القاهرة» يكشف ملابسات فيديو خناقة داخل مدرسة البساتين
  • صورة تاريخية لـ طالبات مدرسة دار الحنان خلال إجراء تجربة معملية قبل 58 عامًا
  • محكمة الأسرة تلزم الزوج المخلوع بـ8 آلاف مصاريف مدرسة ابنته