دستوبيا حظر الصلاة على المسلمين في المدارس البريطانية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
يصلي المسلمون خمس مرات في اليوم، ابتداء بصلاةٍ قبل شروق الشمس وانتهاء بصلاة بعد مغيبها. والصلاة عماد من أعمدة عقيدتنا، ونحن نؤمن بأنها ستكون من أوائل ما يسألنا عنه الله بعد أن نموت.
وبوصفي معلمة مسلمة في مدرسة ثانوية، فإنني أصلي في الفصل في وقت الغداء، وفي الشتاء، حينما يقصر النهار، أصلي صلاة أخرى بعد انتهاء الحصص.
في قضية بالمحكمة العليا رفعها طالب مسلم سعيا إلى إلغاء هذا الحظر «التمييزي»، تبين أن طلبة ميكايلا كانوا يصلون في الملعب، ساجدين على ستراتهم لقرابة خمس دقائق من وقت الغداء، وذلك لأن المدرسة لا توفر لهم غرفة للصلاة. غير أن ذلك ـ في ما رأت المدرسة ـ يهدد التماسك الاجتماعي و«يفرق» بين الطلاب. قال مركز كيه سي القانوني الممثل لإدارة المدرسة إن معلمين رأوا بعض الأطفال المسلمين يفرضون ضغطا على آخرين ليكونوا أكثر التزاما. وهكذا اتخذ قرار بحظر جميع الصلوات في المكان.
حسن، إنني أقول «جميع الصلوات». لكن الحقيقة هي أن الحظر ـ مثلما يوضح محامي القضية المرفوعة من طالب مدرسة ميكايلا ـ لم يمنع عمليا طالبا مسيحيا جالسا في هدوء على مقعد من الصلاة في صمت. لا، فهذا الحظر بالذات مخصص لـ«شعائر الصلاة» الواضحة الظاهرة. وهذا بالطبع، بعمد أو بغير عمد، يعني صلاة المسلمين بالذات.
في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، دافعت بيربالسينغ عن هذا القرار بقولها إن هذه السياسة ضرورية لضمان «ازدهار الأطفال من جميع الأعراق والأديان». وبغض النظر عن الافتراض المهين المقيت بأننا لا بد أن نتحول جميعا إلى روبوتات بلا عقائد أو أفكار تخصنا لكي نعيش جميعا في تناغم، يثير هذا سؤالا عن البيئة المدرسية التي يسهل على جماعة من الطلبة أن يدمروها بمجرد تعبيرهم علنا عن إيمانهم لبضع دقائق في اليوم؟ وهل بيئة كهذه صحية لشباب الراشين الذين يوشكون أن يدخلوا عالما يحظى الناس فيه بحرية التعبير عن معتقداتهم علنا؟ وفي حين أنه لا يجب فرض ضغط على أحد من أجل الصلاة، فهل بوسع مدرسة أن تجد سبيلا إلى إفساح غرفة لم يريدون التعبير علنا عن معتقدهم الديني؟
لقد كتبت بيربالسينغ في بيانها قائلة إن «أطفالنا، مهما تكن خلفيتهم، بريطانيون». وباسم الهوية البريطانية، لا تقترح بيربالسينغ علينا إلا الدستوبيا، أو هي نسخة شائهة من التعددية الثقافية قد تكون لنا فيها سمات عرقية مختلفة لكننا نكون من الداخل خاوين مهيئين لأن تطبع علينا الدولة ألوان علم الاتحاد، ثم تثني على نفسها بنفسها فخورة بمدى تنوع أمتنا. وليس في هذا نفع لنا على المستوى العرقي. والحق أنه لا نفع فيه لنا على مستوى الأمة كلها. وبرغم ذلك، أفترض أنه لا عجب في أن يصدر هذا عن ناظرة مدرسة يبدو أنها قالت ذات يوم إن الآباء يجب أن يدعموا معلمي أبنائهم حتى عندما يقول الطفل إن أولئك المعلمين يمارسون عليه تمييزا عنصريا.
وبرغم كل ما يحيد من الجدل بـ«مديرة المدرسة الأكثر صرامة في بريطانيا»، ليست بيربالسينغ إلا أحد أعراض الدولة الرامية إلى ترويج نسخة أحادية ومطلقة من الهوية البريطانية. فليس من قبيل المصادفة أن بيربالسينغ شخصية مؤسسية، محببة لدى الحكومة التي تعدها نموذجا لقائد المدرسة الذي يرفض ـ بحسب الطلب ـ نظرية العرق، ويبدو أنها أيضا تجسيد للنموذج التاتشري المحافظ الصغير الذي يقول إن العمل الجاد فقط هو الذي يمكن أن يخرجك من الفقر.
ليس من قبيل المصادفة أيضا أن يستهدف الحظر المسلمين عمليا، فنحن نعيش في مناخ يسعى إلى تجريم الممارسة الإسلامية على كل المستويات. من استراتيجية بريفنت لمقاومة الإرهاب التي تعد أطفال المسلمين غير آمنين ومسيَّسين للغاية في المدرسة، إلى تصوير المظاهرات المناصرة للفلسطينيين (وهي المليئة فعليا بالناس من جميع الخلفيات) «مسيرات كراهية» مثلما قال وزير الوطن السابق سويلا بريفرمان، إلى قول ريشي سوناك لعضوة البرلمان زارا سلطانة إن «تدعو حماس والحوثيين إلى عدم تصعيد» الوضع في غزة (وكأنما رقم هاتف حماس موجود على هواتف المسلمين جميعا) فلا يكاد يوجد قطاع في الحياة العامة يصور الهوية البريطانية والهوية الإسلامية في حالة من التناغم.
وفيما ننتظر ما ستسفر عنه قضية المحكمة العليا، من المهم أن ننظر إلى الصورة الأوسع. وبقدر ما أرجو لطلبة مدرسة ميكايلا أن يفوزوا بالحق في الصلاة في المدرسة، لا بد أن نسائل البيئة التي سمحت بأن تظهر في إحدى أكثر مناطق العاصمة تنوعا، ناظرة مدرسة تؤمن أن الطريق إلى التناغم الاجتماعي يكمن في منع جزء أساسي من هوية بعض طلبتها. لماذا قبلنا هذه الفكرة القائلة إن الهوية البريطانية هي طريقة معينة في النطق والتفكير والعمل؟ لماذا سمحنا للدراسة في المدارس أن تكون عملية غسيل أدمغة للأطفال وحشو برؤية قاصرة لمعنى الهوية البريطانية؟ ولو أن بالإمكان أن نقول للأطفال، في مدرسة شاملة في لندن لا غيرها، إن الصلاة في العلن هي بطريقة ما أمر مناف للبريطانية، فأي رسالة هذه التي نبعثها إلى الجيل القادم عمن هو البريطاني ومن هو غير البريطاني؟
نادين عسبلي معلمة في مدرسة ثانوية بلندن
عن صحيفة الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
وزيرة المالية البريطانية تنوي خفض تكاليف إدارة الحكومة بـ15%
أعلنت وزيرة المالية البريطانية ريتشل ريفز الأحد عزمها خفض تكاليف إدارة الحكومة بنسبة 15 بالمئة خلال أربع سنوات وسط صعوبات في المالية العامة.
وجاءت تصريحاتها قبل أيام على "بيان الربيع" الحاسم الذي ستلقيه الأربعاء، والمتوقع أن تحدد فيه تخفيضات في الإنفاق بمليارات الجنيهات الإسترلينية في مختلف الإدارات الحكومية.
وقالت لشبكة بي بي سي "بحلول نهاية هذا البرلمان سنلتزم بخفض تكاليف إدارة الحكومة بنسبة 15 بالمئة".
وأفادت الشبكة أن هذا الهدف سيُترجم إلى توفير سنوي قدره 2.2 مليار جنيه إسترليني (2.8 مليار دولار) في القطاع العام البريطاني الذي يُوظّف أكثر من 500 ألف شخص.
أضافت ريفز أن تحديد عدد الموظفين المدنيين الذين سيفقدون وظائفهم يعود لكل إدارة على حدة، لكنها أضافت أنه يُمكن خفض عددهم بمقدار 10 آلاف موظف.
كما قالت لشبكة سكاي نيوز "أُفضّل أن يعمل الناس في الخطوط الأمامية في مدارسنا ومستشفياتنا وفي الشرطة بدلا من العمل في المكاتب الخلفية".
وأكدت أنها ستلتزم بقواعدها المالية الخاصة عند تقديم تحديثها المالي الأربعاء.
تنص هذه القواعد على عدم الاقتراض لتمويل الإنفاق اليومي وخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عامي 2029-2030.
ونظرا لالتزامها أيضا بعدم زيادة الضرائب، فإن التقيّد بالقواعد يثير احتمالات خفض الإنفاق في بعض الوزارات.
أخفقت حكومة حزب العمال في تحفيز الاقتصاد البريطاني منذ وصولها إلى السلطة في يوليو الماضي، وهي مهمة ازدادت تعقيدا مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وقالت ريفز لشبكة سكاي إن "العالم قد تغير".
وتابعت "نرى ذلك جميعا أمام أعيننا والحكومات ليست متقاعسة، سنستجيب للتغيير ونواصل الالتزام بقواعدنا المالية".
أظهرت بيانات رسمية نشرت الجمعة أن صافي اقتراض القطاع العام، أي الفرق بين الإنفاق وإيرادات الضرائب، ارتفع الشهر الماضي ما لا يترك مجالا كافيا أمام ريتشل ريفز للالتزام بقواعدها.
وُضعت هذه القيود لضمان حفاظ خطط الإنفاق الحكومية على مصداقيتها في الأسواق المالية.
وأعلنت الحكومة الثلاثاء عن تخفيضات مثيرة للجدل في مبالغ إعانات ذوي الإعاقة، سعيا لتوفير أكثر من 5 مليارات جنيه إسترليني سنويا بحلول نهاية العقد.
رغم ذلك، أكدت ريفز الأحد أنه ستظل هناك زيادات "فعلية" في إجمالي الإنفاق العام في كل عام من أعوام هذا البرلمان المقرر أن ينتهي في 2029.