ما يلزم لبناء المؤسسات الديمقراطية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
توجد من حولنا وفرة من النماذج الواقعية التي يمكن الاستعانة بها لمساعدة كل من البلدان النامية والصناعية على بناء مؤسسات ديمقراطية أفضل. لكن تشيلي تقدم لنا، بمحاولاتها العقيمة لصياغة دستور جديد، درسا حول ما ينبغي تجنبه.
فبرغم كونها واحدة من أغنى الدول في أمريكا اللاتينية، لا تزال تشيلي تعاني من إرث دكتاتورية الجنرال أوجستو بينوشيه الوحشية وأوجه التفاوت التاريخية.
مع اتساع فجوات التفاوت في عدد كبير من البلدان وتزايد قوة الشركات العالمية، من المعقول أن تقدم الديمقراطيات قدرا أكبر من إعادة التوزيع وتدابير حماية أقوى للفئات المحرومة. ولكن مرة أخرى، يتعامل كل من اليمين واليسار مع الأمر بطرق مختلفة.
في حالة تشيلي، تبدو أجندة اليسار المتشددة المناهضة للأعمال غير حكيمة. والبديل الأفضل هو النموذج الذي ابتكرته الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في الدول الإسكندنافية، والتي وصلت إلى السلطة بعد انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929 وأزمة الكساد العظيم، عندما كان الاحتياج واضحا إلى تغييرات سياسية ومؤسسية كبرى لاستعادة الاقتصاد إلى الصحة والحد من التفاوت. يحيط بأصول الديمقراطية الاجتماعية في بلدان الشمال كثير من المفاهيم الخاطئة. ففي حين يبدو أن بعض المعلقين يعتقدون أن هذه البلدان كانت دائما ميالة نحو المساواة والتعاون، ينظر آخرون إليها باعتبارها قدوة «للديمقراطية الاشتراكية». لا يبدو أن أيا من التصورين صحيح. كانت كل من السويد والنرويج تعاني من عدم المساواة إلى حد كبير في بداية القرن العشرين. وكان معامل جيني للدخل قبل الضريبة في النرويج (وهو مقياس للتفاوت على مقياس من صفر إلى واحد) 0.57 في عام 1930، هذا يعني أن التفاوت بين الناس هناك آنذاك كان أكبر من أي مكان في أمريكا اللاتينية اليوم. كما شهد كل من البلدين صراعات صناعية متكررة.
كانت أحزاب العمال، التي أصبحت فيما بعد أحزابا ديمقراطية اجتماعية، تضرب بجذورها في الفِكر الماركسي. ولكن بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى السلطة، كانت بدأت تتحرك بعيدا عن التزاماتها السابقة بالثورة والأيديولوجية الصارمة. وبدلا من ذلك، أدارت حملاتها تحت مظلة واسعة، ووعدت بإدارة الاقتصاد الكلي على الوجه السليم والإصلاح العادل لسوق العمل والتعليم. من جانبه، تحول حزب العمال النرويجي في الاتجاه المعاكس لأجندته الماركسية المتشددة بعد أدائه الهزيل في انتخابات النرويج عام 1930. ومثله كمثل الأحزاب العمالية الدنماركية والسويدية في ذلك الوقت، أعاد الحزب توجيه تركيزه نحو مسائل أكثر عملية، فنفذ السياسات التي أرادها الناس. كما وعد الحزب بإصلاح تعليمي كبير لتحسين جودة التعليم في المناطق الريفية التي كانت متخلفة عن الركب. وبعد وصوله إلى السلطة مرة أخرى في عام 1935، تحرك الحزب بسرعة لتنفيذ «قانون المدرسة الشعبية» في العام التالي.
في عمل بحثي أخير مع توماس بيكارينن، وكجيل سالفانيس، وماتي سارفيماكي، أظهرنا أن إصلاح المدارس في النرويج حقق أكثر من مجرد تحسين جودة التعليم في المناطق الريفية. فقد خلف أيضا تأثيرا عميقا على السياسة النرويجية؛ لأن كثيرين من أولئك الذين استفادوا من الإصلاح (بدءا بالآباء) حولوا ولاءاتهم إلى حزب العمال، الأمر الذي ساعد بالتالي على إنشاء التحالف الكفيل بدعم نموذج الديمقراطية الاجتماعية المشهور الآن في النرويج. ببساطة، قدم الحزب الخدمات التي أرادها الناخبون، وكافأه الناخبون بالدعم الانتخابي. الحالة السويدية مشابهة في عموم الأمر. فبعد فوزه الانتخابي الأول عام 1932، حقق الحزب الديمقراطي الاجتماعي السويدي وعده بزيادة الأجور، والسلام الصناعي، وبيئة الاقتصاد الكلي المستقرة. ثم كوفئ في صناديق الاقتراع على مدى عقود عديدة تالية. ينطوي كل هذا على دروس لأولئك الذين يريدون تعزيز الديمقراطية وبناء مؤسسات جديدة لمكافحة التفاوت بين الناس وحماية المحرومين. يجب أن تكون الخطوة الأولى إظهار نجاح الديمقراطية من خلال صياغة أجندة إصلاحية تنجح في تقديم الخدمات للسكان. أما محاولات فرض سياسات متطرفة (من اليسار أو اليمين) على الناخبين فمصيرها الفشل -ومن المرجح أن تُـفـضي إلى تقليص الثقة في المؤسسات الديمقراطية بدرجة أكبر.
دارون عاصم أوغلو، أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف مشارك (مع جيمس أ. روبنسون) لكتاب لماذا تفشل الأمم: أصول القوة والازدهار والفقر.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المؤسسات الدیمقراطیة
إقرأ أيضاً:
المنجم: أتقبل أي خسارة ولكن ليست بهذا الشكل المؤلم جداً ..فيديو
نواف السالم
وصف رئيس نادي الشباب، محمد المنجم، هزيمة فريقه من نظيره الاتحاد بنتيجة (3-2) في المباراة التي أقيمت بينهما مساء اليوم، في نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، بالمؤلمة جدا.
وقال المنجم في حديث لممثلي وسائل الإعلام، عقب انتهاء المباراة: “في الكرة أنت معرض للفوز وخسارة، لكن ليست خسارة بهذا الشكل أو بالطريقة التي شاهدناها اليوم”.
وتابع: “اليوم ما نستحق الخسارة، حرام يطلع جمهور الشباب بهذه الطريقة بعد أن كانت أماله متعلقة بكأس الملك”.
وأضاف رئيس نادي الشباب: “أتقبل أي خسارة إذا كنت سيء ولكن ليست بهذا الشكل المؤلم جداً، من الصعب جداً أن تنتصر على 15 لاعب”.
وأجاب المنجم عن سؤال هل كان يتوقع بأن يكون أداء حكام المباراة بشكل أفضل، قائلا:” اعتقد جميعكم شاهدتم التحضيرات الخاصة بنا منذ بداية الموسم وكنا نخشي من شيء واحد هو الحكام ونقلته لرئيس لجنة الحكام”.
وأشار المنجم إلي أنه طالب رئيس لجنة الحكام، بتواجد حكام نخبة، قائلا: “لجنة الحكام قالت لنا أن حكام النخبة لا يمكن حضورهم إلا بعد تاريخ 4 أو 5 أبريل بسبب ارتباطات”.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/04/eiBszRfK-L9rC_Fn.mp4