ماذا لو أسلم نابليون بونابرت؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
فى مذكرات نابليون بونابرت والتى صدرت فى المركز القومى للترجمة مؤخراً بترجمة عباس أبوغزالة مؤخراً إشارة تفصيلية إلى أنه فكر بعد استقراره فى القاهرة نهاية القرن التاسع عشر فى إشهار إسلامه.
كان حلم القائد العسكرى الطموح أن يسيطر على الشرق، فى إطار مزاحمة الهيمنة البريطانية، وكان على استعداد لفعل كل ما يوصله لحلمه، حتى إنه حرص بذكاء على إرضاء العاطفة الدينية للمصريين فى بداية وصوله بإعلانه أنه يحب النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ويحترم الإسلام والقرآن، وأن الله أرسله لإنقاذ المحروسة من الظلم.
وقبلها أوصى نابليون جنوده وهم فى طريقهم إلى الإسكندرية باحترام دين أهل البلاد، واعتبار أنفسهم بالفعل حماة لشهادة «لا إله إلا الله» مكرراً بأن الجيوش العظيمة هى التى تحمى كافة العقائد.
وتكشف مذكرات نابليون أنه قال للمشايخ فى الأزهر: «لماذا تخضع الأمة العربية للأتراك؟ وكيف تخضع مصر الخصبة والجزيرة العربية لشعوب جاءت من القوقاز. إذا نزل محمد اليوم إلى الأرض، أين سيذهب؟ إلى مكة أم القسطنطينية؟ أقول لكم: سيفضل ماء النيل المبارك، وسيأتى إلى جوار الأزهر».
ثم قال نابليون أيضاً: «أريد أن أشيد الجزيرة العربية من جديد، وعندما يدرك شعب مصر كل ما أريد له من خير فسوف يتمسك بى بإخلاص وسأعيد أمجاد الفاطميين».
المهم أن الشيخ الشرقاوى شيخ الأزهر وقتها، قال لنابليون إنه يُمكن أن ينشئ أكبر إمبراطورية فى الشرق لو أشهر إسلامه، وأنه يضمن له مشاركة مائة ألف مصرى معه.
وذكر نابليون أنه قال للمشايخ إن هناك عقبتين تحولان بينه وبين اعتناق الإسلام الأولى هى الختان، والثانية شرب الخمر، فقد اعتاد جنوده منذ الصغر شرب الخمر ولن يستطيع إقناعهم بالامتناع عنه.
واجتمع المشايخ وتدارسوا ثم جاء أربعة منهم إلى القائد الفرنسى وأخبروه بأنهم انتهوا إلى أن الختان عبارة عن إتمام للطهارة وإنه وصية واجبة وليس حكماً قطعياً، ويمكن أن يكون الإنسان مسلماً بغير الختان. وبالنسبة لشرب الخمر فإن مَن يفعله يرتكب إثماً يستوجب التكفير عنه بالإكثار من الخيرات.
واختلف أهل الدين فيما بينهم، لكنهم فرحوا باعتناق الجنرال مينو، وهو أحد المقربين من نابليون للإسلام، واستبشروا خيراً بمشاركة الفرنسيين فى الاحتفال بالمولد النبوى بشكل منظم، حيث ارتدوا الملابس الرسمية، وأطلقوا الألعاب النارية واستقبلوا المشايخ وسط مدائح نبوية صاخبة.
لكن اعلان الباب العالى الجهاد رسمياً ضد فرنسا قلب الأمر رأساً على عقب، وجاء ذلك متزامناً مع ضرائب جديدة فرضت على الناس، وانتشار أخبار بزحف عبدالله الجزار والى عكا بجيش كبير، وهو ما دفع المصريين إلى إنكار إدعاء نابليون اعتناق الإسلام، والثورة عليه، وقتل عدد من قادته، فيما عرف «اصطلاحاً» بثورة القاهرة الأولى، والتى كانت بمثابة انقضاء لشهر العسل بين القائد الذكى والمصريين.
وقطعاً، فإن نابليون كان رجلاً ذكياً لكن إشارات عديدة فى مذكراته حول الإسلام تفيد أنه عانى من تناقضات القراءة الغربية المبكرة للإسلام، فنجده مثلاً يقول: «كان محمد أميراً، جمع حوله عشيرته وخلال سنوات قليلة احتل المسلمون نصف العالم». وفى موضع آخر يقول: «كان محمد رجلاً عظيماً، وكان يمكن أن يكون إلها لولا أن ثورته لم تتهيأ لها الظروف». ولأنه قائد عسكرى فقد تصور أن نجاح الإسلام وانتشاره حدث بسبب الحروب والقادة العظام فيقول: «لو كانت معارك اليرموك والقادسية قد انتهت بهزيمة المسلمين، ولو انهزم حلفاء خالد وعمرو لبقى العرب رحلاً ولعاشوا مثل آبائهم فقراء، ولما عرف العالم أسماء محمد وعمر وعلى». ثم نجده فى موضع آخر يشير إلى أن الإسلام دين تشدد وأنه لا يمكن للمسلمين أن يدينوا بالولاء لحاكم كافر. وفى تصورى الشخصى، فإن إسلام نابليون لم يكن ليغير كثيراً من المعادلة الجارية فى الشرق لأنه إسلام شكلى، مثلما كان الحال مع مينو، والذى رحل إلى بلاده فور انتهاء المهمة العسكرية ومعه زوجته المصرية المسلمة، غير أن الأمر برمته يستحق البحث.
والله أعلم.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد المركز القومى للترجمة القائد العسكرى
إقرأ أيضاً:
شاهد | جهود إعلامية ستواكب تشييع شهيد الإسلام والإنسانية
???? شاهد | جهود إعلامية ستواكب تشييع شهيد الإسلام والإنسانية 19-08-1446هـ 17-02-2025م
???? تقرير: زهراء حلاوي – لبنان#إنا_على_العهد #السيد_حسن_نصرالله #شهيد_الإسلام_والإنسانية #شاهد_المسيرة pic.twitter.com/oBYIu122hr
— شاهد المسيرة (@ShahidAlmasirah) February 17, 2025