حرب غزة تدخل منعطفا جديدا وسط خلافات «أمريكية إسرائيلية» بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
عواصم-«د.ب.أ»:دخلت الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس في قطاع غزة مرحلة جديدة مع تواتر تقارير عن إعادة تموضع وانتشار للقوات الإسرائيلية شملت العديد من المناطق التي كانت قد انسحبت منها قبل أسابيع.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إنه ينظر بخطورة بالغة لانتقال إسرائيل إلى «مرحلة إفراغ مدينة غزة من سكانها عنوة وبقوة السلاح في إطار جريمة التهجير القسري والإبادة الجماعية المتواصلة في القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي».
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه تلقى إفادات توثق إجبار الجيش الإسرائيلي عائلات فلسطينية مكونة من عشرات الأفراد، غالبيتهم من النساء والأطفال، على النزوح القسري إلى وسط وجنوب قطاع غزة بعد اقتحام منازلهم ومراكز إيواء لجأوا إليها يومي الأربعاء والخميس الماضيين.
وذكر المرصد أن عمليات التهجير عنوة جرت بعد إعادة قوات الجيش الإسرائيلي معززة بآليات عسكرية مداهمة مناطق واسعة في مدينة غزة، لاسيما أحياء تل الهوى ودوار أنصار والشيخ عجلين وإجبار من تبقى من عائلات فيها على النزوح قسريا.
وقال المرصد الأورومتوسطي: إن إحصاءاته الأولية تفيد بنزوح مليون و995 ألف فلسطيني من مناطق سكنهم، من بينهم كثيرون نزحوا عدة مرات، حيث اضطرت عائلات بأكملها للتنقل مرارًا وتكرارًا دون أن تجد ملجأ آمنا لها.
وشدد المرصد على أن قوانين الحرب تحظر تحت أي مسوغ استهداف المدنيين عمدا وتعدّ تهجيرهم قسريا انتهاكًا جسيمًا يرقى إلى حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
يأتي هذا بينما نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أمس إنذارًا جديدًا لسكان قطاع غزة يدعوهم فيه إلى ضرورة النزوح إلى رفح عبر شارع الرشيد - البحر، الذي قال: إنه سيظل مفتوحًا أمام الانتقال من شمال القطاع إلى جنوبه حصرًا خلال سبع ساعات حددها من الصباح حتى العصر.
وتنسجم الإجراءات الإسرائيلية مع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على المضي قدمًا في حربه المعلنة ضد حركة حماس، على الرغم مما يواجهه من انتقادات داخلية وخارجية حتى من أقرب حلفائه.
فالحرب المستمرة للشهر الرابع لم تحقق أيا من أهدافها المعلنة حتى الآن، حسب مراقبين، فهي لم تقض على حركة حماس، ولم تستطع جعل إسرائيل في مأمن من الصواريخ التي لا تزال تطلق من القطاع، ولم تتمكن حتى من تحرير الرهائن المحتجزين في غزة.
ومع ارتفاع فاتورة تلك الحرب اقتصاديًا، وفي ظل انتقادات بعض وزراء مجلس الحرب الإسرائيلي نفسه لقرارات نتانياهو، وسخط أهالي الرهائن ومطالبتهم برحيله تزداد الضغوط على الرجل الذي يفقد كل يوم نصيبا كبيرا من الدعم الذي حظي به في بداية الحرب حتى من قبل الولايات المتحدة، الحليف الأقوى والأقرب لإسرائيل.
فالخلافات الأمريكية الإسرائيلية عادت لتطفو على السطح من جديد بشأن حرب غزة، بعدما أثار رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن إقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب، عاصفة انتقادات من قبل مسؤولين أمريكيين.
وقال نتانياهو عبر حسابه على موقع إكس: «لن أتنازل عن سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على كل الأراضي الواقعة غرب الأردن»، وذلك بعد تأكيد مكتبه على رغبته في سيطرة أمنية إسرائيلية على قطاع غزة. وجاء هذا الموقف غداة إعلان البيت الأبيض عن تفاصيل اتصال هاتفي هو الأول منذ نحو شهر بين بايدن ونتانياهو، تردد أنه تناول الحلول الممكنة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتي رأى الرئيس الأمريكي أن أحد هذه الحلول قد يتضمن دولة منزوعة السلاح.
إلا أن مكتب نتانياهو قال في بيان: «خلال محادثته مع الرئيس بايدن، أكد رئيس الوزراء نتانياهو مجددا على سياسته التي تنص على أنه بعد تدمير حماس يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان أنها لن تمثل تهديدا بعد الآن على إسرائيل، وهو ما يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية».
وفي هذا الصدد، ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم الأحد بأعمال القتل «المفجعة» التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، ووصف اعتراض سبيل إقامة دولة للشعب الفلسطيني بأنه غير مقبول.
وقال جوتيريش في افتتاح قمة لمجموعة الدول السبع والسبعين زائد الصين في العاصمة الأوغندية كمبالا: «العمليات العسكرية الإسرائيلية عمت دمارًا شاملًا، وقتلت مدنيين على نطاق غير مسبوق خلال فترة عملي أمينا عاما للأمم المتحدة». وأضاف: «هذا أمر مفجع وغير مقبول على الإطلاق. منطقة الشرق الأوسط منطقة ملتهبة، وعلينا أن نبذل كل ما بوسعنا لمنع الصراع من التأجج في جميع أنحاء المنطقة».
وقال جوتيريش: إن رفض حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين أمر غير مقبول على الإطلاق، مضيفا أن حرمان الفلسطينيين من حق إقامة دولة «من شأنه أن يطيل أمد الصراع الذي صار تهديدا كبيرا للسلام والأمن العالميين إلى أجل غير مسمى».
ويزور جوتيريش كمبالا لحضور قمتي مجموعة الدول السبع والسبعين زائد الصين وحركة عدم الانحياز. وشارك في القمتين زعماء ومسؤولون كبار من عشرات الدول من بينها جنوب إفريقيا وإيران والصين وتركيا وكوبا والهند وفيتنام.
وتضم مجموعة السبع والسبعين زائد الصين حاليا 134 دولة نامية تدافع عن المصالح المشتركة لدول الجنوب العالمي.
وتضمنت وثيقة صدرت أمس في ختام قمة حركة عدم الانحياز تنديدا «بالعدوان العسكري الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة والهجمات العشوائية على المدنيين الفلسطينيين والأهداف المدنية والتهجير القسري للسكان الفلسطينيين» ودعت إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
ويرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية ربما تبحث عن حل ينهي هذه الحرب من أجل إحراز بعض النقاط لصالحها في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، لاسيما في ظل تزايد التنديد الشعبي دوليا بما تقترفه القوات الإسرائيلية في غزة. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن نتانياهو يسعى لـ«استرضاء أعضاء ائتلافه اليميني الحاكم بتكثيف الحرب ضد حماس، بينما يعارض دعوات ضبط النفس من جانب الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل».
وردا على تصريحات نتانياهو الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، دعت الرئاسة الفسلطينية واشنطن إلى «الاعتراف بدولة فلسطين، وليس فقط الحديث عن حل الدولتين، وهذا هو الوقت المناسب للقيام لذلك».
وقال الناطق باسم الرئاسة الفسلطينية نبيل أبو ردينة: إن «حكومة الاحتلال غير معنية بالسلام والاستقرار، وما زالت ترفض الاعتراف بحقيقة أن السلام لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967»، مؤكدا أن «الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه المشروعة، وعن القدس ومقدساتها، وعن إقامة دولته الفلسطينية المستقلة مهما طال الزمن».
وما بين بحث نتانياهو عن تحقيق «النصر الكامل» وضرورة التأكد من أن «حماس لم تعد تمثل تهديدا» لأمن إسرائيل، تتواصل الحرب ليس فقط في غزة ولكن على جبهات عدة أخرى، وتتزايد معها المخاوف من اتساع رقعة الصراع وانزلاق المنطقة المشتعلة بالفعل إلى دوامة من الفوضى ربما يخرج الكل خاسرا فيها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إقامة دولة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
حزب الجيل: لجنة الإسناد الفلسطينية قد تجبر إسرائيل على السلام وإنهاء الحرب
قال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، إن لجنة الإسناد الفلسطينية لها دور مهم، مشيرًا إلى أن مصر تبذل قصارى جهدها لتجد حلا لهذا الخلاف الفلسطيني بين حركة حماس وفتح.
وأضاف «الشهابي»، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن مصر ماضية بكل قوة في كشف ما يقوم به الاحتلال من جرائم في حق أطفال ونساء وشعب فلسطين، لافتًا إلى أن الجهود المصرية متواصلة منذ السابع من أكتوبر عام 2023 وحتى الآن للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولة الوصول إلى اتفاق حقيقي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
مصر تريد تنفيذ القرارات الدوليةوتابع: «مصر تريد تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحل الدولتين وإقامة دول فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية»، مشيرًا إلى أن من أهم نتائج هذه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عودة التعامل بين حركتي حماس وفتح مرة أخرى، وأن لجنة الإسناد الفلسطينية يمكن أن تكون وسيلة إجبار للحكومة الإسرائيلية أن تتجه إلى السلام وتنهي هذه الحرب.